خبراء ومحللون: نتنياهو يواجه تنامي الرفض داخليا بالإصرار على مواصلة الحرب
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
اتفق خبراء ومحللون على أن تأكيد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استمرار الحرب بقطاع غزة حتى تحقيق أهدافها المعلنة، يأتي لمواجهة تنامي التيار الرافض له والمطالب باستقالته في ظل فشله في إدارة الحرب وتحقيق أي إنجاز حقيقي على الأرض.
وأمام ذوي بعض المحتجزين في غزة، ومع تعالي أصواتهم المستهجنة في أثناء إلقائه كلمته في الكنيست، قال نتنياهو إن إسرائيل لن تتمكن من إطلاق سراح الرهائن من دون ضغط عسكري، متعهدا بمواصلة الحرب وتعميق نطاقها حتى تحقيق أهدافها، مؤكدا حاجته إلى مزيد من الوقت، لتحقيق انتصار حاسم، وفق قوله.
وقال الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي إنه في ظل عدم تحقق أي من الأهداف التي أعلنها نتنياهو للحرب في قطاع غزة بعد نحو 80 يوما من بدئها، يجد نتنياهو والجيش أنفسهم في خطر حقيقي مع انحسار التأييد الشعبي للحرب، والتحرك المتزايد لقيادات المعارضة ضدها.
وكان زعيم المعارضة يائير لبيد قد انتقد أداء الحكومة في ملف المحتجزين، وقال إنها لا تفعل ما يكفي حتى يعودوا من غزة ودعا إلى وضع إعادة المحتجزين كأولوية، وأكد دعمه موقف عائلاتهم، وطالب الحكومة بالعمل الفوري من أجل تحريرهم ضمن صفقة تبادل.
تحرك المعارضةويرى مكي أن الوقت الذي بدأ فيه لبيد بالتحرك ضد نتنياهو يأتي متناغما مع تزايد سخط الشارع ضد الأخير، إذ يلعب على وتر فشله في إدارة الحرب وعدم تحقيقه أهدافها المتعارضة كما أصبح يراها كثير من المراقبين في الداخل.
ولفت إلى أن صفقات التسوية تتم في ضوء النتائج على الأرض، حيث يفرض المنتصر شروطه ويستجيب المهزوم رغما عنه، وهو أحد أسباب إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب، إذ إن توقفها في هذه المرحلة بمثابة انتحار له، ويدفع لخروجه السريع من المشهد، وربما كذلك اليمين الإسرائيلي.
لكن مكي يرى أن الأمر لا يزال معقدا، ففي ظل صمود حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يُتوقع أن تعمل الإدارة الأميركية على خطة لإخراج نتنياهو من المشهد، والمجيء بحكومة جديدة تكون غير ملزمة بوعود نتنياهو السابقة، لكن هذه الخطة تتضمن استمرار الضغط على القطاع في محاولة لإجبار حماس على الرضوخ.
وفي سياق زيادة حدة مطالب رحيل نتنياهو، يشير الخبير في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة إلى اتساع استخدام مفردات في الإعلام والشارع الإسرائيلي ذات دلالة، ومنها "وحل غزة"، و"لا نريد أن تتحول غزة لفيتنام أخرى"، و"إعادة صياغة أهداف الحرب"، لافتا إلى تزايد التيار المتبني سردية مغايرة للسردية السائدة في الشارع بشأن الحرب.
نبذ الخلافوأشار هلسة في هذا السياق إلى اضطرار رئيس الاحتلال إسحاق هرتسوغ للحديث عن ضرورة نبذ الخلاف والتأكيد على سردية المعركة، مضيفا أنه كلما شعر نتنياهو بضغوط داخل المجتمع الإسرائيلي رفع وتيرة التهديد والهروب للأمام عبر تأكيد عدم إمكانية توقف الحرب حتى تحقيق أهدافها.
ويرى أن ما يطمئن نتنياهو في هذا السياق أنه لم يسبق أن استجاب رئيس وزراء لمطلب الاستقالة إلا بعد تشكيل لجان تحقيق وحوكمة القضية التي يواجه فيها، وتحت ضغط حراك واسع لتيار جارف لم يكتمل بعد، وهو الأمر الذي يتيح له مرونة في التعامل مع المشهد.
بدوره، يشير الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا إلى أن الإنجازات التي تحققها المقاومة الفلسطينية، وقدرتها على أن تكبد الاحتلال خسائر بشرية كبيرة، تأتي ضمن عوامل الضغط على الشارع الإسرائيلي، وهو ما دفع نتنياهو للخروج مرتين خلال 24 ساعة لتأكيد استمرار الحرب ومضيه فيها.
كما أن قدرة المقاومة على منع الجبهة الداخلية من الشعور بالأمان عبر القصف المتواصل لمديات مختلفة في الأراضي المحتلة يزيد من هذا الضغط الذي يواجهه نتنياهو بتصعيده المتزايد.
وشدد القرا على أن نهاية نتنياهو ستكون قبل ما يأمله البعض من إنهاء سيطرة حماس على غزة، سواء كان ذلك في ظل وقف لإطلاق النار أو دونه، فلم يعد المجتمع الإسرائيلي يتحمل استمرار نتنياهو في الحكم، بينما تبدي حماس مرونة بشأن مستقبل سيطرتها على القطاع بعد إنهاء العدوان الإسرائيلي.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
هآرتس: نتنياهو يُشبِّه نفسه بتشرشل والتاريخ يقول إنه ميلوسوفيتش
سخر كاتب إسرائيلي من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومعجبيه الذين يشبهونه بالسياسي العسكري البريطاني ونستون تشرشل الذي قاد بلاده إبان الحرب العالمية الثانية من حافة الهزيمة إلى النصر.
وأشار إيتان نيتشين -في مقاله بصحيفة هآرتس- إلى أن نتنياهو ومعجبيه يحبون مقارنته بتشرشل في قدراته القيادية زمن الحرب، ومهاراته في الخطابة. وقد تولى تشرشل رئاسة الحكومة في بلاده خلال الحرب مرتين، الأولى بين عامي 1940 و1945 والثانية بين عامي 1951 و1955.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2من دير ياسين إلى غزة.. آلة القتل الإسرائيلية مستمرة بحق الفلسطينيينlist 2 of 2تنديد بجريمة اغتيال إسرائيل 5 صحفيين بغزة ومطالبة بمساءلة دوليةend of listلكن الكاتب يرى أن مسار نتنياهو -الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية– يشبه إلى حد كبير نموذج الزعيم الصربي الراحل سلوبودان ميلوسوفيتش الذي تولى رئاسة جمهورية يوغسلافيا أواخر تسعينيات القرن الماضي قبل تفككها.
أعطونا الأدواتووصف الكاتب كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الكونغرس الأميركي، في يوليو/تموز الماضي، بأنها لم تكن استعراضا لقوته فحسب، بل جرى تأطيرها في سياق تاريخي، إذ احتفى المحللون بإنجازه المتمثل في تحطيم الرقم القياسي الذي حققه تشرشل في عدد الدعوات التي تلقاها لإلقاء كلمة أمام أكبر هيئة تشريعية بالولايات المتحدة.
وفي تلك الكلمة، وهي رابع خطاب له هناك، اقتبس نتنياهو من تشرشل مقولته الشهيرة التي وجهها إلى الولايات المتحدة -خلال الحرب العالمية الثانية- بأن "اعطونا الأدوات وسننهي المهمة سريعا" في إشارة من رئيس حكومة الاحتلال إلى حربه على قطاع غزة.
إعلانواعتبر الكاتب أن ذلك لم يكن من قبيل الصدفة، فلطالما كان نتنياهو -وهو ابن مؤرخ- مهووسا بإرثه وصورته الشخصية، وكثيرا ما كان يعقد مقارنات بينه وبين تشرشل، فهو مثله رئيس حكومة في زمن الحرب، وكاتب وخطيب مُفوَّه، وسد منيع أمام الفاشية.
وحتى بعد أن فرغ من إلقاء خطابه في الكونغرس، توقف نتنياهو عند تمثال تشرشل النصفي لالتقاط صورة تذكارية له، للتأكد من أن المقارنة لم تغب عن بال أحد.
لا وجه للشبهويقول الكاتب الإسرائيلي إن العاملين بأجهزة الإعلام من المعجبين بنتنياهو يعملون على ترسيخ هذا التشبيه في أذهان الناس. ففي الأسبوع الماضي، تحدث نافيه درومي -وهو مقدم برنامج إذاعي- لمدة 4 دقائق مقارنا بين نتنياهو وتشرشل ومدعيا أن السياسي العسكري السابق "هزم النازيين بدعم من الولايات المتحدة، أما نتنياهو فقد قضى على المحور الإيراني رغما عن الولايات المتحدة".
ولكن بعد عام من الحرب والقتل والتشريد في غزة، وبعد صدور مذكرة اعتقال بحقه من الجنائية الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فإن كاتب المقال يرى أن النهج الذي تبناه نتنياهو لا يتسق مع مسيرة تشرشل بقدر ما يتماهى مع أسلوب الزعيم الصربي ميلوسوفيتش.
فكما حال نتنياهو، لم يكن ميلوسوفيتش يُعد، في سنواته الأولى، متطرفا لكنه كان مثله في تمكينه الحركات القومية المتطرفة في صربيا مستغلا تطرفها لمآرب شخصية. وكان أن انهار العقد الذي أبرمه مع تلك الحركات عندما انفلتت من قبضته، مما أدى نهاية المطاف إلى إسقاط دولته في الهاوية، طبقا لمقال هآرتس.
انتهازيةوأوضح المقال في هآرتس أن ميلوسوفيتش كان قد نأى بنفسه في البداية عن المتطرفين الصرب بل وأدان أفعالهم علنا، في حين تعهد نتنياهو ذات مرة بعدم الانحياز أبدا إلى اليميني المتطرف إيتمار بن غفير أو حركة المستوطنين اليمينيين المتشددين، رافضا ومنددا بآرائهم المتطرفة.
إعلانوأعلن أيضا أن بن غفير لن يصبح وزيرا في حكومته، ورفض أن يشاركه المنصة خلال إحدى محطات حملته الانتخابية. لكن عندما انقلبت حظوظهما السياسية تغير موقفهما، وبات تشكيل تحالف مع "القوميين العنيفين" سبيله الوحيد للاحتفاظ بالسلطة.
ودافع نتنياهو عن قراره تعيين بن غفير وزيرا للأمن الداخلي بقوله للإذاعة العامة "لقد عدّل الكثير من آرائه" مقللا من أهمية هذه الخطوة بقوله "هم الذين انضموا إليّ، ولست أنا من انضم إليهم".
ويخالف الكاتب هذا الرأي، إذ يقول إن نتنياهو ما إن برزت مشاكله القانونية للعيان حتى لجأ إلى اليمين المتشدد، وتوسط لدخولهم في تيار السياسة السائد ضمن ائتلاف حاكم محتمل، وشوهد نهاية المطاف مبتسما في صورة انتخابية مع بن غفير.
ضد الإسلاموسواء كانت نزعة نتنياهو القومية، مثل ميلوسوفيتش، نابعة -برأي كاتب المقال- من قناعة صادقة أو انتهازية جبانة، فإن ازدراءه الحقيقي للفلسطينيين والعرب واضح. وعلى غرار الزعيم الصربي، يعتبر نفسه قائدا في طليعة الحرب ضد الإسلام، وينصّب نفسه مدافعا عن الغرب. وهي نفس مبررات ميلوسوفيتش بأن أفعاله دفاع عن أوروبا ضد ما سماها "جحافل المسلمين".
وعلى عكس ميلوسوفيتش الذي حوَّل خسارته كوسوفو إلى انتصار على الغرب، فإن الكاتب يعتقد أن نتنياهو أتقن هو الآخر فن التلاعب بالواقع أمام مؤيديه، محولا الهزائم إلى انتصارات متصورة. وعلى الرغم من الحروب التي خسرها، فقد نجح في البقاء سياسيا من خلال إعادة صياغة الإخفاقات على أنها انتصارات.
وبقدر ما غرس كلا الزعيمين النزعة القومية الوحشية، فإن نظاميهما اتسما أيضا بالمحسوبية والفساد. وكان يُنظر إلى ميرا ماركوفيتش (زوجة ميلوسوفيتش) على أنها القوة الدافعة وراء سياساته المتشددة ومقاومة التنازلات، تماما مثل ما هي سارة نتنياهو اليوم.