بعد تصدره الترند.. محمد فراج عن “بطن الحوت”: تجربة صعبة بنكهة مصرية خالصة
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
نقلنا لكم – بتجــرد: تمكن مسلسل “بطن الحوت” من أن يحصد نسبة مرتفعة من المشاهدات بسبب فكرته وأحداثه المتلاحقة، وإيقاعه السريع الذي جذب فئة عريضة من المشاهدين، بين الشباب والكِبار، وفكرة أن العمل مأخوذ عن أحداث واقعية.
وتصدر المسلسل المرتبة الأولى، ضمن المسلسلات الأكثر مشاهدة عبر منصة “شاهد”، ويقدم الفنان محمد فراج خلال العمل شخصية جديدة كما وصفها في حواره مع “العربية.
المسلسل كان سيعرض في موسم رمضان الماضي ولكنه خرج من السباق.. فما شعورك؟
بعدما خرج العمل من موسم دراما رمضان الماضي، لم أحزن أو أشعر بضيق، فبعد تأجيل المسلسل، شعرت بأنه سيعرض في التوقيت المناسب، وهذا ما حدث، فقد حقق المسلسل نجاحا كبيرا، وهو الأمر الذي لم أتوقعه. فأنا دائمًا لا أستطيع أن أتوقع النجاح الكبير لأعمالي، فقد أشعر بالنجاح ولكن ليس بهذا الحجم الذي أراه في النهاية. وهذا حدث معي في مسلسل “لعبة نيوتن” الذي كان يضم كل عوامل النجاح، ولكنه كسر الدنيا. ونفس الأمر بالنسبة لمسلسلي “الغرفة 207”.
ومسلسل “بطن الحوت” أصبح العمل الأكثر مشاهدة على المنصة وبين الأعمال المعروضة في الساحة حاليا، بالإضافة إلى الإشادات التي يحصل عليها مع عرض كل حلقة سواء من الجمهور أو النقاد، بالإضافة إلى تصدر العديد من أحداثه الترند، وهو ما جعلني أشعر بالسعادة والرضا.
عندما عُرض عليك المسلسل للمرة الأولى.. كيف كان رد فعلك؟
أول شيء فكرت فيه عندما تواصل معي المخرج أحمد فوزي وشرح لي تفاصيل المسلسل وقصته، تحمست على الفور. فمسلسل “بطن الحوت” صعب وحقيقي وتجربة صعبة، ولكن الفكرة حمستني أني أقدم هذه التوليفة، خاصة أن القصة ملتهبة من أول حلقة وحتى آخر حلقة بشكل طبيعي إلى حد كبير على مستوى الصورة والشخصيات، وهو ما جعلني أنبهر بالرغم من صعوبتها. فيمكن توصيف العمل على أنه دراما واقعية تشويقية. فشعار الحكاية الأساسي هو صراع أخوين، بنكهة مصرية خالصة في عمل درامي صعب الكتابة والتنفيذ، حيث يطرح العمل قصة حقيقية عن الصراع بين الجماعات السلفية وتجار المخدرات والبني آدمين الذين يعيشون تحت خط الفقر في البلد، والعلاقات التي تجمع أبطال الحكاية.
وكيف كانت التحضيرات لشخصية “ضياء العمري”؟
حرصت على مذاكرة ودراسة تفاصيل شخصية “ضياء” التي أقدمها في العمل، وأن أتعايش مع إحساسها بشكل حقيقي، فهي شخصية حقيقية جدا، وهي نموذج لشخصيات موجودة بكثرة في المجتمع، وأنا أعشق تجسيد أدوار هذه الشخصيات، وحيث يأخذني الفضول لمعرفة تفاصيل حياتها وسلوكها، وطريقة تعاملها مع الآخرين، ومع الأمور الحياتية. فهو شخص متدين يعمل مع شقيقه في صناعة الفخار ولكنه يعيش في جو مشحون وأحداث غير مستقرة تجعله دائما يدخل في مشاكل ويرتكب الأخطاء لتبرير أفعاله، فهي شخصية معقدة ومركبة وتمر حياته بمجموعة من الأزمات، لذلك نجد أن الدور فيه واقعية وينسجم مع اختياراتي، خاصة أنني أحاول دائما التنويع في أدواري لكن بشرط أن يكون الدور مؤثرا في أحداث العمل.
ومن هو “ضياء العمري”؟
“ضياء العمري” وهو شقيق “هلال العمري” الذي يقدم دوره باسم سمرة والابن الأصغر لأفراح -الفنانة سماح أنور-، وهو عن قصة واقعية كما ذكرت، ودرجة التشويق فيها تزيد تباعًا خلال الأحداث، وستكشف الحلقات لماذا قررت الأم أن تكون قاسية على أحد الأبناء وحنونة على الآخر، وما الذي ولّد هذه المشاعر عندها؟، بينما تجسد أسماء أبواليزيد شخصية طليقة “هلال”، الذي يجد نفسه ضمن ظروف الحكاية مضطرًا للزواج بها من أجل تيسير مصالح العمل إثر سجن “هلال”.
المسلسل تدور أحداثه في 15 حلقة فكيف تجد فكرة المسلسلات القصيرة؟
الفكرة تخدم العمل والممثل من حيث المجهود، ويفضل الاعتماد عليها تفاديا للإطالة والمط في الأحداث في الدراما، فأحيانا المسلسلات التي تكون طويلة تعتمد على 30 حلقة أو أكثر تبقى عرضة للمطّ ما يضعف قيمة العمل، في حين أن العمل على 15 حلقة تجعلك حريصا من حيث تسلسل الأحداث التي تكون مباشرة، ولا تجعل الجمهور يدخل في زاوية الملل.
هل سحبت الأعمال الفنية التركية والكورية البساط من الدراما المصرية؟
الأعمال الفنية التركية والكورية لم تسحب البساط من نظيرتها المصرية لدى الجمهور العربي، ظهورها بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة لا يعني بأن مساحة الفن المصري قد قلت، فمن حق جميع الإنتاجات الفنية رغم اختلاف جنسياتها أن تشارك في ما يمكن وصفه بـ”الماراثون” داخل الساحة الفنية العربية لأن ذلك يصب في صالح الفن بشكل عام، ولكن الفن المصري هو الرائد في الشرق الأوسط.
شارك فيلمك الأخير “فوي فوي فوي” في مهرجان مراكش السينمائي.. حدثنا عن هذه التجربة؟
الحقيقة أنها لم تكن المرة الأولى التي أزور فيها المغرب، ولكنها أول مرة أشارك فيها بفيلم في المسابقة الرسمية بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ولقد سعدت بلقائي بالجمهور المغربي بعد عرض الفيلم، فقد كان الأمر أكثر من رائع، لدرجة أنني شعرت أن العرض كان في مصر، لا أعني أني شعرت بالغربة في المغرب، لأني أعتبر المغرب بلدي الثاني، ولكنني كنت أقصد اختلاف اللهجة والتقاليد، فقد تفاعل الجمهور مع الفيلم بشكل كبير، وهو ما أسعدني بشدة. فقد أيقنت أن الجمهور فهم رسالة الفيلم، فهو يتحدث عن هجرة بعض الشباب إلى الخارج، بحثا عن مستقبل أفضل.
وكيف تقدم أدوارك في الأعمال الفنية لتظهر بهذا الاختلاف؟
الأدوار التي جسدتها في مختلف أعمالي، سواء السينمائية أو التلفزيونية، استغرق وقتا في التحضير لكل دور، حيث يتطلب مني ذلك بحثا، وتخطيطا، خاصة بالنسبة للأدوار المركبة، والحقيقة أنني أشتاق أحيانا للعديد من الشخصيات التي جسدتها، كشخصية “الشيخ مؤنس”، في مسلسل “لعبة نيوتن”، وشخصية “علي بحر” في مسلسل “أهو ده إللي صار”، وشخصية “سوني” في مسلسل “هذا المساء”، وشخصية “علي الروبي” في مسلسل”تحت السيطرة” وغيرها من الشخصيات.
main 2023-12-25 Bitajarodالمصدر: بتجرد
كلمات دلالية: بطن الحوت فی مسلسل
إقرأ أيضاً:
منال الشرقاوي تكتب: مسلسل «Adolescence» دراما تحاكم المجتمع
كنت أنوي الكتابة عن المسلسل من زاوية فنية خالصة؛ عن الأرقام القياسية التي حققها في نسب المشاهدة خلال وقت وجيز، عن براعة الكاميرا في تقنية الـ"وان شوت" التي خلقت تواصلًا بصريًا حيًا مع المشاهد، عن الأداء التمثيلي الذي تجاوز حدود النص، وعن الإخراج الذي التقط اللحظة قبل أن تنفلت.
لكن قلبي سبق قلمي،
فوجدت نفسي لا أكتب عن "نجاح عمل" فقط، وإنما عن قيمة أبعد من الأرقام.
لا أتوقف عند "مشهد جميل"، وإنما أتتبع أثرًا تركه في الوجدان ولا يزال حاضرًا.
وجدتني أقرأ المسلسل من منظور تربوي، قبل أن أقرأه بعين ناقدة.
رأيت في المراهقين الذين على الشاشة، وجوهًا حقيقية نراها كل يوم في بيوتنا ومدارسنا وشوارعنا.
في زمن تتسابق فيه المسلسلات على اقتناص انتباه المشاهد، نجح هذا العمل في الرهان على الحصان الذي غالبًا ما يخشاه صناع الدراما: المراهقة.
ليست كل جريمة نهاية قصة، أحيانًا، تكون الجريمة بداية لأسئلة أكبر بكثير من القاتل والمقتول، هكذا يفتتح مسلسل Adolescence حكايته، بجريمة مروعة يرتكبها فتى في الثالثة عشرة من عمره، لكنها ليست سوى البوابة إلى عوالم داخلية معقدة.
فقد يبدو للوهلة الأولى أن المسلسل يقدم دراما ذات طابع بوليسي، لكن سرعان ما يتضح أن ما يُروى ليس عن الجريمة، وإنما عن السياقات التي سمحت لها أن تحدث.
الثيمة الأعمق هنا هي العزلة الرقمية، وكيف يمكن لطفل أن يضيع أمام أعين الجميع وهو متصل دائمًا، كيف أصبح الإنترنت وطنًا بديلًا للمراهقين حين غابت الأسرة والمدرسة عن احتضانهم.
يعالج المسلسل ببراعة مفهوم "الذكورة السامة"، ليس من خلال الخطاب المباشر أو التلقين، وإنما عبر تتبع التغير التدريجي في شخصية البطل "جيمي".
فتى يعاني من قلق داخلي، يبحث عن صورة لذاته في مرآة معطوبة، ويتلقى وابلًا من الرسائل الرقمية التي تشكل وعيه دون رقابة أو حوار.
جيمي ليس شريرًا، لكنه ضحية لفجوة بين الواقع والواقع الافتراضي؛ حيث تتحول مفاهيم القوة والقبول إلى معايير مشوهة تفرض عبر ضغط الأقران الرقمي.
المسلسل يدين فشل الأسرة والمدرسة في لعب دور الحامي والموجه، فرغم أن جيمي ينشأ في بيت محب، إلا أن الحوار الحقيقي غائب، واليقظة العاطفية مؤجلة.
المدرسة، بدورها، تبدو مشغولة بالإدارة اليومية، غافلة عن مراهقين يتشكل وعيهم في أماكن أخرى لا يراها الكبار.
هذا الإخفاق المؤسسي لا يقدم بتجريم مباشر، وإنما كصورة متكررة لأب يحاول، لكن لا يرى، ومدرسة تحاول، لكن لا تسمع.
وكأن الرسالة تقول إن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي حين تكون أدوات التواصل مفقودة.
يتعمق المسلسل أكثر من خلال اعتماده على أسلوب السرد المتعدد؛ إذ تروى كل حلقة من منظور مختلف: الأسرة، الشرطة، الطبيب النفسي، والأصدقاء، هذا التنوع يقدم رؤية فسيفسائية دقيقة لأثر العزلة الرقمية، حيث تتكامل الأصوات لتشكل صورة شاملة لأزمة جيل بأكمله.
فنحن لا نرى جريمة، وإنما سلسلة من الفراغات، كل واحدة منها تساهم في صنع النتيجة النهائية.
من أبرز ما يميز مسلسل Adolescence هو تسليطه الضوء على التناقض العميق بين الارتباط الرقمي والانفصال الاجتماعي.
فالمراهقون في هذا العمل لا يفتقرون إلى الاتصال؛ على العكس تمامًا، فهم يغرقون فيه، لكنهم يفتقرون إلى الحضور الحقيقي، إلى من يُصغي، لا من يراقب.
"Adolescence" مسلسل يخلخل يقيننا اليومي ويعيد توجيه البوصلة نحو جيل يعيش في عزلة مزدحمة بالضجيج الرقمي.
هو تذكير صارخ بأن الاتصال الدائم لا يعني الحضور، وأن المراقبة لا تعني الرعاية.
في كل مشهد نواجه حقيقة مريرة، هناك مراهقون يتشكل وعيهم في فراغ، تعيد صياغتهم خوارزميات بلا قلب، وتهملهم مؤسسات فقدت قدرتها على الإصغاء.
حتى أدوات الإخراج لم تكن عبثية؛ فـتقنية الـ"وان شوت" تجاوزت حدود الإبهار البصري، ونجحت في إيصال عزلة جيمي إلى المشاهد بصدق مباشر، دون فواصل أو فلاتر.
المسلسل لا يُنهي الحكاية، وإنما يفتح نقاشًا نحتاجه بشدة.
لأن السؤال الأصعب لم يعد: ماذا فعل الطفل؟
بل: أين كنا نحن حين كان يبحث عمن يسمعه؟