خطوة على طريق الاستقرار.. اليمن يتجاوز أحزانه باتفاق تاريخي بين أطراف النزاع
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
وضع اليمن السعيد قدمه الأولى على طريق الاستقرار وعودة الهدوء بعد توصل أطراف النزاع داخل البلد العربي الشقيق إلى اتفاق للالتزام بمجموعة من التدابير تشمل وقفاً لإطلاق النار بعموم البلاد، فيما يمني المراقبون النفس بأن يكون وقف إطلاق النار دائمًا، وذلك بعد 10 سنوات من النزاع المسلح تكبد فيها البلد خسائر فادحة في كل شيء.
وأعلن هانز جروندبرج، المبعوث الأممي لليمن، السبت الماضي، توصل أطراف النزاع في اليمن إلى اتفاق للالتزام بمجموعة من التدابير تشمل وقفاً لإطلاق النار يشمل عموم البلاد، وإجراءات لتحسين الظروف المعيشية، والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة، معرباً عن ترحيبه بتلك التدابير.
إنهاء الحرب باليمنوقال جروندبرج، في بيان، إن ذلك الالتزام جاء بعد سلسلة اجتماعات مع الأطراف في السعودية وسلطنة عُمان، بما في ذلك مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وكبير مفاوضي جماعة "الحوثي" محمد عبد السلام.
وأشار المبعوث الأممي إلى أنه سيعمل مع الأطراف في المرحلة الراهنة لوضع خارطة طريق تحت رعاية الأمم المتحدة تتضمن هذه الالتزامات وتدعم تنفيذها.
وقال جروندبرج، إن خارطة الطريق التي سترعاها الأمم المتحدة ستشمل، من بين عناصر أخرى، التزام الأطراف بتنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ودفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة. ستنشئ خارطة الطريق أيضاً آليات للتنفيذ، وستعد لعملية سياسية يقودها اليمنيون برعاية الأمم المتحدة.
من جانبه، اعتبر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية باتفاق الأطراف اليمنية على الالتزام بعدد من التدابير تشمل وقف إطلاق النار، وتنفيذ إجراءات لتحسين الظروف المعيشية، فضلا عن العمل على استئناف عملية سياسية جامعة "خطوة ايجابية".
وقال جمال رشدي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، إن أبو الغيط يرى أن اتفاق الأطراف اليمنية يعد فرصة جديدة في طريق الاستجابة لتطلعات الشعب اليمني، وأنها تبعث الأمل في تخفيف المعاناة الإنسانية في اليمن، وفي خلق الظروف المساعدة لإطلاق حوار سياسي يمني- يمني يؤدي إلى سلام دائم، مؤكدا أن الأولية هي مواجهة الأزمات الإنسانية، وضمان استقرار الوضع الأمني في البلاد، وعدم تشكيله تهديدات على الجيران.
ودعا الأمين العام للجامعة جميع الأطراف اليمنية إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في هذه المرحلة من أجل إنجاح الاتفاق وتجاوز التحديات الخطيرة التي تهدد اليمن وكل المنطقة.
اتفاق الأطراف اليمنيةوأشاد أبو الغيط بالجهود المبذولة من جانب المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والأمم المتحدة في دعم ومواكبة الأطراف اليمنية للوصول إلى هذه النتائج بأمل أن تتأسس عليها تسوية شاملة للأزمة اليمنية المستمرة منذ عقد.
وحذرت جماعة أنصار الله الحوثية، اليوم الاثنين، من أن ملايين السكان في مناطق سيطرتها شمالي اليمن، عرضة لخطر الجوع والموت جراء استمرار توقف المساعدات الأممية منذ مطلع الشهر الجاري.
وقالت وزارة حقوق الإنسان في حكومة الحوثيين، عبر بيان صحفي “نعرب عن أسفنا البالغ لإيقاف برنامج الأغذية العالمي المساعدات الغذائية العامة في كافة المناطق الواقعة تحت سلطات المجلس السياسي الأعلى”.
وأضاف البيان أن أكبر العقبات التي تتعرض لها آلية المساعدات الدولية وتؤدي إلى تقليص دورها هي الهيمنة الامريكية على القرار الأممي، وأيضا فرض المانحين شروطهم على هذه المساعدات، وحضور الابتزاز السياسي على حساب الجوانب الإنسانية الملحة.
وحذر البيان من تبعات الاستمرار في تسييس الملف الإنساني والمساعدات الإنسانية على حياة الملايين المعرضين لخطر المجاعة والموت في اليمن.
ولفت البيان إلى أن برنامج الأغذية العالمي أوقف أنشطته الإنسانية في المحافظات الواقعة تحت سلطات الجماعة فقط، وهذا السلوك لا يتعلق بانخفاض الموارد على الإطلاق، وإنما يأتي تماهياً مع الأجندة السياسية التي تضطلع بها الولايات المتحدة في سياق مساعيها لتقسيم البلد والنيل من وحدته واستقلاله.
جدير بالذكر، أن اليمن تشهد نزاع مسلح منذ منتصف عام 2014، وتراجعت حدة القتال في اليمن بشكل ملحوظ بعد وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيز التنفيذ في إبريل 2022. ولا تزال الهدنة سارية حتى بعد انتهائها في أكتوبر 2022، لكن الأزمة الإنسانية كانت بدأت في التزايد مع تراجع المساعدات الإنسانية بسبب نقص التمويل.
تسلسل زمني للصراعوهناك محطات عدة مرّ بها الصراع في اليمن منذ دخول جماعة أنصار الله الحوثية العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، إذ استولى الحوثيون على مقر الحكومة في صنعاء بعد مصادمات مع القوات الحكومية استمرت لأيام وأسفرت حينها عن سقوط نحو 270 شخصا.
ووقع الفرقاء السياسيون اتفاقا عُرف باسم "السلم والشراكة" برعاية أممية في 22 سبتمبر 2014، ينص على أن يجري الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي محادثات سعيا وراء تشكيل حكومة كفاءات تتضمن جميع ألوان الطيف السياسي اليمني في غضون شهر من توقيع الاتفاق، إضافة إلى تعيين مستشارين للرئاسة من الحوثيين والحراك الجنوبي مع استمرار حكومة محمد سالم التي استقالت ثم كُلفت بتصريف الأعمال في البلاد.
وتحالف الحوثيون مع الوحدات العسكرية الموالية للرئيس السابق، علي عبد الله صالح، واستولوا في أكتوبر 2014، على ميناء الحديدة على البحر الأحمر، والذي يمثِّل نقطة دخول حيوية للواردات والمساعدات الإنسانية إلى المدن الشمالية من البلاد.
وتصاعد الصراع في اليمن عام 2015، عندما بدأت السعودية وعدد من حلفائها شن ضربات جوية لمنع الحوثيين من السيطرة على المزيد من المدن اليمنية، واستعادة سلطة الحكومة المعترف بها دوليا.
واستولى الحوثيون على القصر الرئاسي في صنعاء في يناير 2015، وحاصروا مقر إقامة الرئيس عبد ربه منصور هادي وتحفظوا عليه، إلا أن الرئيس هادي لجأ إلى عدن جنوبي البلاد بعد إفلاته من أيدي الحوثيين مؤكداً شرعيته وأحقيته في الحكم من مسقط رأسه في الجنوب.
وقد أصدر الحوثيون في فبراير 2015 إعلاناً دستورياً نص على عزل الرئيس هادي، وتعطيل الدستور، وتشكيل المجلس الثوري أو الرئاسي.
في 25 مارس 2015، أطلق تحالف عسكري من عشر دول تقوده السعودية يُعرف بـ التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن مستهدفا ما سماه التحالف "معاقل الحوثيين" غارات جوية على المطارات والقواعد العسكرية، ومراكز القيادة والسيطرة التي استولى عليها الحوثيون في العاصمة صنعاء، ومحافظات أخرى تخضع لسيطرة الجماعة، وجاء تدخل التحالف بناء على طلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لاستعادة الشرعية في اليمن، عقب سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، ومعظم محافظات الشمال اليمني وزحفهم نحو المحافظات الجنوبية.
اتفاق نوفمبر 2019في الخامس من نوفمبر 2019 وقعت الأطراف المتمثلة في قوات الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي على اتفاق برعاية السعودية في العاصمة الرياض يتضمن ترتيبات اقتصادية وإدارية وعسكرية وأمنية، أبرزها تشكيل حكومة محاصصة، ودمج قوات المجلس الانتقالي في وزارتي الدفاع والداخلية، وقضى الاتفاق كذلك بانسحاب قوات المجلس من مدينة عدن كبرى مدن الجنوب، كل ذلك تمهيداً للإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة وعودتها لممارسة مهامها من عدن "العاصمة المؤقتة" المفترضة للبلاد.
وفي مارس2020، وصل المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، مدينة مأرب، في أول زيارة له للمدينة منذ توليه المنصب، وذلك في مسعى لوقف القتال بين القوات الحكومية والحوثيين على أطراف المدينة الغنية بالنفط.
وأكد محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي لجماعة أنصار الله الحوثية في اليمن، في أبريل 2023، توصل الحوثيين إلى تفاهم مع السعودية لوقف الحرب اليمنية، ووصل وفدان من السعودية وسلطنة عُمان إلى العاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، وذلك لإجراء مباحثات مع المسؤولين في جماعة أنصار الله الحوثية بهدف التوصل إلى اتفاق شامل يؤدي إلى وقف إطلاق النار بشكل دائم وإنهاء الحرب المستمرة منذ حوالي عقد من الزمن
وأودت الحرب اليمنية بحياة عشرات الآلاف حتى الآن، تبعا لمنظمة الصحة العالمية، إذ تسبب الصراع الدائر في اليمن في حدوث أزمة إنسانية كبيرة في البلاد حيث أصبح نحو أربعة عشر مليون شخص يواجهون خطر المجاعة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اليمن اتفاق الأطراف اليمنية الأطراف اليمنية الحوثي الحوثية جماعة انصار الله الحوثيون الأطراف الیمنیة وقف إطلاق النار الأمم المتحدة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
إغلاق منصة البنك المركزي العراقي: خطوة نحو الاستقرار أم تهديد للاقتصاد؟
يناير 16, 2025آخر تحديث: يناير 16, 2025
المستقلة/- في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات، أكد البنك المركزي العراقي أن إغلاق منصة الحوالات لن يؤثر بشكل كبير على حركة التحويلات المالية، مشيرًا إلى أن التحويلات عبر هذه المنصة تمثل أقل من 7% من إجمالي مبيعات العملة في العراق حتى تاريخ 23 ديسمبر 2024. وبينما بدا للبعض أن هذه الخطوة هي جزء من استراتيجية لضبط العمليات المالية والامتثال للمعايير الدولية، فإنها أثارت جدلًا واسعًا حول تأثيراتها على الاقتصاد العراقي، وخاصة على العمليات التجارية اليومية.
دوافع البنك المركزي: تعزيز الاستقرار أم تقليص الرقابة؟البنك المركزي العراقي أشار إلى أن الهدف من إغلاق المنصة هو تحسين آليات التحويلات المالية، عبر اعتماد أسلوب البنوك المراسلة التي تعمل وفقًا للمعايير الدولية. هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز استقرار القطاع المالي في العراق، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. من جهته، يعتقد البعض أن هذه التغييرات ستؤدي إلى مزيد من الاستقرار المالي في البلاد، مما يسهم في الحفاظ على استقرار الدينار العراقي وتلبية احتياجات التجارة الخارجية.
لكن في المقابل، يثير الخبراء الماليون تساؤلات حول جدوى هذه الآلية الجديدة. هل سيكون من السهل على المصارف العراقية التكيف مع النظام الجديد؟ وهل سيسهم فعلاً في تحسن بيئة الأعمال والاقتصاد العراقي؟ البعض يعتبر أن هذه التغييرات قد تؤدي إلى مزيد من التعقيد في عملية التحويلات المالية، مما يزيد من صعوبة وصول التجار والمستوردين إلى الأموال التي يحتاجونها للقيام بأعمالهم.
التأثيرات على الاستيراد والتجارة الخارجيةمن جهة أخرى، يعترف البنك المركزي أن التغيير في آلية تعزيز أرصدة المصارف العراقية قد يكون له تأثير مباشر على استيراد السلع والبضائع. يتم الآن تعزيز أرصدة المصارف عبر حسابات مباشرة في البنوك المراسلة، بدلاً من الحسابات التي كانت تتم عبر البنك المركزي. هذا التغيير في الآلية قد يساهم في تسريع عمليات الدفع والتحويل، لكنه في الوقت نفسه قد يعقد العملية بالنسبة للمستوردين الذين لم يتأقلموا بعد مع هذه الآلية الجديدة.
ومع هذا، يظل السؤال الأبرز: هل ستكون هذه التغييرات إيجابية على المدى الطويل أم ستؤدي إلى إرباك السوق؟ وقد يُنظر إلى هذه التغييرات كفرصة للمصارف العراقية للاندماج أكثر مع النظام المالي الدولي، لكن البعض يرى أنها قد تكون ضربة قاصمة للقطاع المالي في العراق إذا لم تُدار بشكل صحيح.
قلق من التأثيرات السلبيةوفي الوقت الذي يؤكد فيه البنك المركزي أن هذه التغييرات لن تؤثر على عمليات بيع العملة، يشعر بعض الخبراء الماليين بالقلق من إمكانية تزايد الضغوط على السوق السوداء للعملة، والتي قد تتسبب في المزيد من التضخم وارتفاع الأسعار. في ظل الوضع الراهن، قد تصبح الحاجة إلى العملة الأجنبية أكثر إلحاحًا، وبالتالي قد يزداد الضغط على النظام المالي في العراق.
الخلاصةبينما يسعى البنك المركزي إلى تحسين إدارة العمليات المالية وضبط التحويلات الخارجية وفق المعايير الدولية، تظل هناك مخاوف من التأثيرات السلبية التي قد تترتب على إغلاق المنصة وتغيير آليات بيع العملة. هل سيتمكن العراق من تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي الذي يطمح إليه، أم أن هذه التغييرات ستؤدي إلى المزيد من التحديات؟ هذا السؤال سيظل يشغل بال الكثيرين في العراق والعالم خلال الفترة المقبلة.