أخطر قاتل في بريطانيا يحطم رقماً قياسياً في السجن الانفرادي بـ16 ألف يوماً
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
قالت إدارة سجن بريطاني إن أخطر قاتل في بريطانياً سيبقى في زنزانته الانفرادية تحت الأرض في أعياد الميلاد، خوفاً على حياة السجناء الآخرين.
وأمضى القاتل المتسلسل روبرت مودسلي، 70 عاماً، عيد الميلاد في زنزانة منفرداً تحت الأرض، بعدما قتل ثلاثة نزلاء في السجن.
ويقبع مودسلي في السجن منذ أن كان عمره 21 عاماً، بعد إدانته بجريمة قتل في 1974.
وفي وقت سابق هذا العام، سجل القاتل سيئ السمعة رقماً قياسياً عالمياً جديداً بأكبر عدد أيام في الحبس الانفرادي، بـ 16600.
وفي 2021، رفض القضاء السماح له بتمضية عيد الميلاد مع سجناء آخرين.
ويعتبر مودسلي خطيراً جداً لدرجة أنه لم يعد مسموحاً له بالاختلاط بالسجناء الآخرين أو الحراس، ويقضي كل وقته بمفرده داخل زنزانة زجاجية مضادة للرصاص، حتى نهاية حياته.
وبحسب ميرور البريطانية، فإن الزنزانة شبيهة بزنزانة قاتل آكلي لحوم البشر “هانيبال ليكتر” في فيلم صمت الحملان. ويعتقد أن مودسلي هو أقدم سجين بريطاني بعد أيان برادي الذي توفي في 2017 بعد أن قضى 51 عاماً في السجن.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة بريطانيا فی السجن
إقرأ أيضاً:
سامح قاسم يكتب | "أم كلثوم.. من الميلاد إلى الأسطورة".. سيرة على مقام القصيدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ليس من السهل أن تكتب عن صوتٍ صار وطنًا. أن تروي حكاية امرأةٍ تجاوزت جسدها وصارت تجسيدًا لعصر، وذاكرة جمعية لعشاقٍ، وثوّار، وملوك، ومهزومين. لكن حسن عبد الموجود لم يدخل إلى أم كلثوم من بوابة التوثيق، بل من نوافذ الحنين، ومن ممرات الحكاية، ومن شرفات اللغة. في كتابه "أم كلثوم: من الميلاد إلى الأسطورة"، لا نجد السرد التقليدي لسيرة فنانة، بل نصًا هجينًا بين الأدب والتاريخ، بين القصيدة والأرشيف، بين النشيد والمناجاة.
هذا الكتاب لا يسير على خطى الزمن، بل يعيد ترتيبه على إيقاع خاص، كما لو أن الكاتب أعاد توزيع حياة أم كلثوم على خمسين مقامًا سرديًا، حيث يتكرر اللحن، لكن لا تتكرر الحكاية. إنه لا يكتب عن سيدة الغناء العربي بقدر ما يستحضرها كأيقونة تتقاطع فيها العاطفة والفن والسياسة والقدر.
لا يبدأ حسن عبد الموجود من القاهرة، ولا من الميكروفون، بل من الطمي. من قريتها طماي الزهايرة، كأنه يبحث عن بذور الصوت، عن الماء الأول الذي شربته الحنجرة، عن الحقول التي سمعت ترتيلها الطفولي. لا يتعامل الكاتب مع الريف كمعلومة، بل كفضاء شعري، كأرضٍ تمهّد لقدَر. وهناك، في الحكايات الأولى، تبدأ أم كلثوم كامرأة لا تعرف أنها ستحكم السمع والمزاج العربي لعقود، بل كابنة إمام، تسكنها البدايات لا النهايات.
ومع تقدم الفصول، يتغير الإيقاع، لكن لا تفقد اللغة شغفها. يرصد الكاتب لحظات التحوّل: انتقالها إلى القاهرة، مواجهتها الأولى مع الذكور الذين يحرسون الميدان الفني، توترها بين الشرقي الأصيل والتجديد، وقبل كل ذلك، حذرها من الحب، من الرجل، من الضعف.
يأخذ عبد الموجود على عاتقه تفكيك صورة أم كلثوم الأسطورية دون أن يمسّ بهالتها، يعريها ليزيدها رهبة. يقترب منها لا كناقد بل كعاشق، يشكّك أحيانًا، يندهش غالبًا، ويترك الباب مفتوحًا للتأويل دائمًا. يظهر الجانب الإنساني الذي نادرًا ما يُرى: صرامتها، حساباتها الدقيقة، حسّها السياسي، وربما حتى وحدتها. يكتب عنها لا ليُحاكمها، بل ليجعلنا نفكر فيها على نحوٍ أعمق: ماذا يعني أن تكون صوتًا لجيل؟ كيف تحتمل امرأة أن تصبح رمزًا بلا لحظة ضعف علني؟
ومن هذا المنطلق، لا يفصل الكاتب بين أم كلثوم الفرد وأم كلثوم المؤسسة. هي التي غنّت للثورة كما غنّت للغرام، غنّت للزعيم كما غنّت للدمعة التي تنام على خدّ أرملة في قريةٍ لا تعرف أسماء الوزراء. بذلك، تصبح أم كلثوم مرآة عصرها، لا مجرد موسيقاه.
ما يميز هذا العمل ليس فقط ما يقوله، بل كيف يقوله. اللغة هنا ليست وسيلة نقل، بل أداء فني بحد ذاته. جملٌ طويلة كجملة موسيقية تتهادى، واستعارات تنبت من قلب الحكاية، وصور تتراكم مثل نغمات "ألف ليلة وليلة". لا نجد الحياد الصحفي، بل التورط الأدبي، ولا نجد الخطابة، بل همس عاشق يعرف أن الأسطورة لا تكتب بمداد الحبر فقط، بل بارتجاف القلب.
يتركنا الكتاب كما تتركنا أم كلثوم في نهاية كل حفل: مشبعين، لكن غير مكتفين. نغلق الصفحة، ونشعر أن الصوت لا يزال في الداخل. ربما لأن الكاتب لم يكتب النهاية، بل ترك الأسطورة مفتوحة. وربما لأن أم كلثوم نفسها لا تنتهي: كلما ظننا أننا سمعناها بما يكفي، فاجأتنا مرة أخرى من عمق الذاكرة.
"من الميلاد إلى الأسطورة" هو كتاب لا يُقرأ مرة واحدة، ولا يُقرأ كوثيقة، بل يُقرأ كما يُستمع إلى أغنية طويلة تُحيا كلما أُعيد غناؤها. حسن عبد الموجود كتب شيئًا لا نعرف كيف نصنّفه، لكنه كتب ما يشبه أم كلثوم: لغزًا، صوتًا، ذاكرة، ومقامًا لا يُعاد.