رئيس «الصحة النفسية»: 280 ألف طفل يعانون من فقدان التركيز والرعب الليلي
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
قال الدكتور عرفات أبومشايخ، رئيس الصحة النفسية بمستشفى شهداء الأقصى بقطاع غزة، إنّ أطفال القطاع يعانون من صدمات نفسية وعصبية خطيرة ومعقّدة نتيجة العدوان الإسرائيلى الغاشم الذى يستهدف المدنيين، بما فى ذلك النساء والأطفال الذين تمزّقوا إلى أشلاء بعد استهدافهم بأطنان من المتفجرات، لافتاً إلى أنّ الأطفال تظهر عليهم أعراض نفسية متعدّدة ظاهرة للعيان.
وأضاف «أبومشايخ»، فى حوار لـ«الوطن»، أنّ أطفال غزة لا يشعرون بالأمان ومرعوبون من تدمير مساكنهم فى أى لحظة، مشيراً إلى تقديم الفريق الطبى للصحة النفسية بالمستشفى نصائح وتمارين للأهالى وأطفالهم للخروج من الحالة النفسية السيئة التى أصابتهم جرّاء الحرب.
ما الآثار النفسية للحرب على الأطفال؟
- العدوان الإسرائيلى الغاشم تسبّب فى إصابة عشرات الآلاف من الأطفال بمشكلات نفسية معقّدة، ومن خلال ملاحظاتنا الميدانية للأطفال المصابين، أو حتى المرضى الذين يأتون إلى المستشفى، فإن إطلاق كلمة كارثة على ما يمرون به قليل، مقارنة بما يحدث، وما يعمّق معاناة الأطفال هو أنهم أصبحوا بلا مأوى وبلا مأمن ودون طعام أو شراب، وجرّاء ذلك فقد ظهرت آثار تلك الظروف القاسية بشكل نفسى عليهم، وأصبحوا يعانون من الأمراض النفسية، ومن المعروف أن الأمراض النفسية لها أوجه كثيرة وعديدة.
ما هى أوجه الأمراض النفسية العديدة التى يعانى منها أطفال قطاع غزة بسبب استمرار العدوان الإسرائيلى؟
- لا بد أن نُؤكد أنّ الأطفال الآن يعانون من نوبات الهلع بمجرد رؤية أو سماع أصوات الطائرات والقصف أو صوت أجهزة التنبيه الخاصة بسيارات الإسعاف، وأجريت مع الفريق الطبى النفسى جولة ميدانية فى خيام النازحين بالمنطقة التى يعيش فيها عدد من الأطفال، ورأينا جميع أعراض الصدمات النفسية عليهم، فالأطفال خائفون، ولديهم سلوكيات تعبّر عن ذلك، مثل لعق الإصبع، وإصابة عدد منهم بسلس البول، ورأيت أطفالاً عندهم نوبات قلق متزايدة على الأبوين خوفاً من فقدهما.
كيف تؤثر المشكلات النفسية على الأطفال داخل قطاع غزة وخاصة فى الأماكن المعرضة للقصف المستمر؟
- هناك آثار على المدى القريب والبعيد بالنسبة للأطفال الذين يعيشون ظروفاً دموية ومدمّرة كالتى يشهدها قطاع غزة، ولذلك فنحن نحذّر من هذه التداعيات النفسية الخطيرة، وهناك أكثر من 280 ألف طفل من القطاع يعانون من مشكلات نفسية وبحاجة إلى المساعدة والدعم، ومن أهم هذه الآثار اضطراب ما بعد الصدمة، الذى يُعد من أبرز أعراضه فقدان القدرة على التركيز، ومشكلات فى النوم، والرعب الليلى، والميل للعزلة، ونوبات الغضب والسلوك العدوانى، وهذا كله يحدث بسبب العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة الذى لا يفرق بين طفل أو مريض بالمستشفى أو طالب فى مدرسة.
نعمل على التخفيف عنهم بتمارين التنفّس العميق والرسم وتفريغ الطاقة السلبيةما المبادرات والنصائح التى يقدمها الأطباء النفسيون لأطفال غزة؟
- الوضع فى قطاع غزة أصبح كارثياً بالفعل بسبب العدوان المستمر على القطاع فأى طفل غزاوى لا يشعر بالأمان فى أى مكان بالقطاع، فهو معرّض لأن يغادر مسكنه فى أى لحظة جراء عدوان الاحتلال، ليعود فيجد أن بيته قد سوىّ بالأرض، وهى مأساة لا تغيب عن معظم سكان غزة.
وقد نظمنا مجموعات من الأطباء والمعالجين والإخصائيين النفسيين لتقديم الرعاية والنصائح للأهالى والأطفال، وذلك فى سبيل التخفيف من معاناتهم، ووضعت فرقنا برامج ترفيهية ونفسية لشغل وقت النازحين للخروج من الحالة السيئة التى يشعرون بها، وأعطينا الأطفال نماذج لتمارين التنفّس العميق والرسم وكيفية تفريغ أى طاقة سلبية لديهم.
معاناة أطفال «غزة»وضعت أصوات القنابل والانفجارات والرصاص المفاجئ الذى لا يعرف موعداً الأطفال فى القطاع المحاصر فى حالة مستمرة من الخوف الدائم والرهبة والقلق، فتلك الأصوات ترتبط مباشرة إما بفقدانهم منازلهم، وإما بمعايشتهم لفقدان أفراد العائلة والأصدقاء المحيطين بهم، وهنا أشير إلى أنّه وفق اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة فإنه يحق للأطفال الحصول على الحماية الكاملة أثناء الحروب وضمان سلامتهم، والتى تكفل للأطفال الحصول على الغذاء الكافى والماء والخدمات الصحية المناسبة، وهو الأمر الذى لم يتم تطبيقه.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة طلاب غزة العدوان الإسرائیلى یعانون من قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
اللجوء.. وكرم شعب
على خلفية مشاهدتي لبعض أفلام مهرجان القاهرة السينمائي الدولى الذى اختتم فعاليات دورته الخامسة والأربعين يوم الجمعة الماضي، ناقش أحد الأفلام المعروضة قضية اللجوء إلى الدول الأوروبية هربا من الحروب والويلات وعدم الاستقرار فى بعض البلدان، الفيلم الفرنسي "قابل البرابرة" يدور حول اضطرار بلدة فرنسية بقبول عدد من اللاجئين من أوكرانيا، ولما لم يتبق منهم أحد بعد لجوئهم إلى مدن أخرى تبقت أسرة قادمة من سوريا، فاضطر المجلس المحلي للبلدة على التصويت على قبولهم بالرغم من تحفظات البعض.
واجهت الأسرة السورية الكثير من المتاعب والتنمر والاضطهاد الذى كاد أن يتسبب فى طردهم، قبل أن يحدث موقف إنساني لحالة ولادة طارئة تتدخل فيه ابنتهم الطبيبة لتنقذ الأم والوليد، ليضطر رب الأسرة الذى كان كارها لوجود الأسرة السورية، إلى تقبلهم على مضض نزولا على رغبة زوجته وتهديدها له بأن عليه الاختيار بينها وبين بقاء هؤلاء اللاجئين.
ذكرني ما حدث مع هذه الاسرة السورية ومع ما حدث ومازال يحدث من حوادث عنصرية فى بعض البلدان الأوروبية تجاه اللاجئين وحتى بعض المقيمين هناك، وبين ما يحدث فى مصر من فتح ذراعيها لكل لاجئ لها رغبة فى العيش بأمن وأمان للفارين من هول النزاعات والانقسامات والحروب، وإذا كانت مصر الدولة التى لا تتخلى أبدا عن دورها باعتبارها لأخت الكبرى لكل الأشقاء، فإن هذا الدور ينسحب أيضا على الشعب بأكمله، الذى لم يتذمر ولم يتعامل بقسوة مع من اعتبرهم ضيوفه حتى لو تجاوز عددهم 9 ملايبن، وهو ما يعادل تعداد بعض الدول.
قبل سنوات طويلة استقبلت مصر الأشقاء من الكويت عقب الغزو العراقي للكويت فى أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وبعدها استقبلت الأشقاء من العراق، وهم حتى الآن مازالوا جيراننا ويتملكون عقارات، ثم بعد ذلك الأشقاء من اليمن وسوريا، أما بالنسبة للأخوة من فلسطين فهم على مر السنين يعيشون بيننا، وأخيرا هذه الأعداد الكبيرة من النازحين من السودان بعد الاضطرابات التى سادتها منذ عامين تقريبا.
كل من يعيش على أرض مصر فهو آمن، فلا اضطهاد ولا تنمر ولا مضايقات تذكر، وهؤلاء جميعا يعيشون ويعملون ويتعلم أبناؤهم فى المدارس المصرية، بل إنهم لديهم مشروعات استثمارية ومحلات ولنا فى المطاعم السورية المنتشرة فى معظم أحياء القاهرة خير دليل، وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار والتضخم المتزايد الذى يعاني من آثاره المصريون، إلا أنهم لم يضيقوا بالضيوف، الذين تسبب وجودهم فى ارتفاع الإيجارات بشكل غير مسبوق وكذا ارتفاع أسعار العقارات والمواد الغذائية، وكما قال النائب علاء عابد أثناء مناقشة قانون لجوء الأجانب الأسبوع الماضي، فإن العقارات زادت بنسبة كبيرة والشقة التى كان سعرها مليون جنيه أصبح الآن سعرها خمسة ملايين جنيه، ومع ذلك مصر "لا قفلت ولا هتقفل بابها فى وش حد".
سلوكيات الناس فى الشارع مع الأشقاء من السودان الذين نزحوا بأعداد كبيرة، تنم عن كرم وإنسانية، فتجد من يدلهم عن الطريق وعن المواصلات ويساعد كبار السن منهم ويتعاطف مع صغارهم، هذه هى مصر وهذا شعبها.. صدق بها قوله سبحانه وتعالى "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".