لا حديث يعلو الآن فى كل بيت فوق غلاء الأسعار، بعد انفلات عقالها فطال معظم السلع الأساسية، وعلى رأسها السكر والأرز والزيت والبصل والخضراوات، ولا نقول اللحوم أو الدواجن، وإنما نتحدث عن سلع ضرورية ننتج معظمها بل نصل إلى حد الاكتفاء الذاتى من بعضها بنسب كبيرة كالأرز والسكر على سبيل المثال.
والمثير للدهشة أن وزارة التموين لا تترك مناسبة، إلا وتؤكد خلالها أن السلع متوافرة بالأسواق والمخزون آمن، والفترة المقبلة ستشهد استقرارا فى الأسعار، وينتظر المستهلك تلك الفترة التى لم تأت، فيما تواصل الأسعار صعودها بجنون فى غياب الرقابة الواجبة.
إن انعدام الرقابة واقع يؤكده حسن الفندى رئيس شعبة السكر باتحاد الصناعات بقوله: إن صناعة السكر تعتمد على 87% من الإنتاج المحلى، ومن السهل التحكم فى أسعاره من خلال ضبط الأسواق متوقعا أن سبب ارتفاع الأسعار يعود لتراجع كميات السكر التى تضخها المصانع بالسوق، مما سهل على التجار ممارسة الاحتكار وشجع الرغبة فى الجشع.
سلعة أخرى كالأرز الذى سجل أعلى معدل سعر منذ 15 عاما، بينما سعره ليس له علاقة بالأسعار العالمية، فهناك وفرة من إنتاجه تكفى حتى سبتمبر القادم مع دخول المحصول الجديد، ومع ذلك لا زالت أسعاره تزيد على 30 جنيها للكيلو، فى الوقت الذى تراجع فيه سعر طن أرز الشعير من (20000 جنيه إلى 17.5) ألف جنيه مما يكشف غياب دور الأجهزة الرقابية!
لذلك قد يكون هذا وراء ما أعلنته اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب عن مناقشة ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأسبوع القادم، بعد أن فشلت الحكومة فى السيطرة على أسعارها، وحتى السكر المدعم أعاد ظاهرة الطوابير أمام السلاسل التجارية الكبرى، التى تفرض على المشترى أن يأخذ السكر (المسعر بـ27 جنيها) للكيلو، مع سلع أخرى لا تقل قيمتها عن 150 جنيها الأمر الذى يحمل المواطن أعباء جديدة!
وحتى لا ننسى فقد أعلنت وزارة التموين فى 14 أكتوبر الماضى مبادرة لخفض أسعار سبع سلع أساسية بنسبة تخفيض 25%، ورغم نجاح التجربة بضعة أيام، إلا أن التجار عادوا إلى رفع الأسعار مما يؤكد مغالاتهم فى الربح، لذلك ينبغي ضرورة التوسع فى الشوادر الحكومية والأسواق الصغيرة التى تبيع من خلالها الحكومة منتجاتها مباشرة، دون وسطاء من التجار (جملة أو تجزئة) حتى لا يقع المستهلك فريسة بينهما.
باختصار إن ارتفاع الأسعار يرجع لعدة أسباب من أبرزها، احتكار التجار للسلع، وقلة المعروض منها مع زيادة الطلب عليها، فضلا عن السبب الأهم وهو الرقابة الغائبة عن الأسواق!!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عبدالعظيم الباسل الأسعار ضبط الأسواق
إقرأ أيضاً:
«الجارديان»: «ترامب» يهدد آمال «غزة» فى إعادة الإعمار
سلطت صحيفة الجارديان البريطانية الضوء أمس على الأسباب التى تضيع الآمال الفلسطينية فى التخلص من آثار الحرب المدمرة التى لحقت بهم، وذكرت افتتاحية الصحيفة عدة أسباب من شأنها ضياع ذلك الحلم فى إعادة الإعمار، وأضافت: يعود الفلسطينيون إلى الشمال – لكن رغبة الرئيس الأمريكى فى «تطهير» القطاع، على الرغم من عدم واقعيتها، تثير قلقًا عميقًا.
وتابعت: «يعود الفلسطينيون إلى ديارهم فى شمال غزة، على الرغم من أن القليل من منازلهم ما زالت قائمة. لقد دمرت المستشفيات والمدارس والبنية الأساسية الأخرى. بالنسبة للبعض، كانت هناك لقاءات حزينة؛ بينما يبحث آخرون عن جثث أحبائهم. إنهم يبحثون عن الأمل وسط أنقاض حياتهم السابقة. ولكن هناك تهديدات جديدة تلوح فى الأفق. فإسرائيل والأمم المتحدة فى مواجهة بشأن مستقبل وكالة الأونروا، وكالة الإغاثة للفلسطينيين. ومن المقرر أن يدخل قانون إسرائيلى ينهى كل أشكال التعاون مع الوكالة حيز التنفيذ اليوم ــ فى الوقت الذى تتدفق فيه المساعدات التى تشتد الحاجة إليها أخيراً على غزة. ويقول خبراء المساعدات إن أى كيان آخر لا يملك القدرة على توفير الدعم الطويل الأجل اللازم للسكان.
ولفتت إلى القضية الثانية المتعلقة باستمرار وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى. قائله «فالانتقال إلى المرحلة الثانية ـ والتى من المفترض أن تنسحب فيها إسرائيل بالكامل، وأن تنزع حماس سلاحها ـ سوف يكون أكثر صعوبة».
وفى الوقت نفسه هناك مخاوف بشأن الهجوم الإسرائيلى على جنين فى الضفة الغربية المحتلة، والذى وصفه المسئولون الإسرائيليون بأنه تحول فى أهداف الحرب. وفى لبنان، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على 26 شخصًا احتجاجًا على استمرار وجودها وقد تم تمديد الموعد النهائى لانسحابها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار حتى الثامن عشر من فبراير.
ولكن التهديد الجديد هو اقتراح ترامب برغبته فى «تطهير هذا الشيء بأكمله»، مع مغادرة مليون ونصف المليون فلسطينى غزة مؤقتًا أو على المدى الطويل، ربما إلى الأردن أو مصر. ونظرًا لتاريخهم من النزوح القسرى، ليس لدى الفلسطينيين أى سبب للاعتقاد بأنهم سيعودون على الإطلاق. ويبدو هذا وكأنه نكبة أخرى.
وأضافت: طرح الرئيس الأمريكى الفكرة مرة أخرى، وورد أن إندونيسيا كانت وجهة بديلة وهذا أكثر من مجرد فكرة عابرة. فقد أبدى قلقه على الفلسطينيين، قائلًا إنهم قد يعيشون فى مكان أكثر أمانًا وراحة. لقد أوضحوا رعبهم بوضوح. ولا يغير تغليف الهدايا من حقيقة أن الإزالة القسرية ستكون جريمة حرب.
وأكدت الجارديان أن هذه التعليقات البغيضة هى موسيقى فى آذان أقصى اليمين الإسرائيلى. وربما تكون مقصودة فى المقام الأول لمساعدة بنيامين نتنياهو على إبقاء شركائه فى الائتلاف على متن الطائرة. فقد رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي- الذى من المقرر أن يلتقى ترامب فى الأسبوع المقبل - خطط «اليوم التالي» فى غزة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى سعيه إلى تأجيل مثل هذا اليوم. وإن طرد الفلسطينيين من الشمال سيكون أكثر صعوبة الآن بعد عودة مئات الآلاف. ولا تريد مصر والأردن استقبالهم لأسباب سياسية وأمنية. وقد أوضح لاعبون أقوياء آخرون معارضتهم - ولا يزال ترامب يأمل فى تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية فى إطار صفقة إقليمية أوسع. ومع ذلك، قد تأمل إدارته أن يؤدى الضغط الكافى على المساعدات إلى تحويل أصغر داخل المنطقة، أو ربما تحويل أكبر فى مكان آخر.
وأشارت الصحيفة إلى أنه لا يحتاج اقتراح ترامب إلى أن يكون قابلًا للتطبيق ليكون ضارًا. فهو يعزز اليمين المتطرف فى إسرائيل- الذى حفزه بالفعل إلغاء العقوبات الأمريكية على المستوطنين العنيفين فى الضفة الغربية - ويزيد من نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين. يبدو أن ترامب ينظر إليهم باعتبارهم عقبة أمام تطوير العقارات وصفقته الكبرى التى ناقشها منذ فترة طويلة، وليس بشرًا لهم الحق فى إبداء رأيهم فى حياتهم. غالبًا ما بدا التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين نظريًا إلى حد كبير. لكنه لا يزال مهمًا. ولا يزال الفلسطينيون بحاجة إلى مستقبل طويل الأجل فى دولة خاصة.