العشوائية والعبث في «الكهرباء»
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
تحدثنا من قبل عن تأثير الأزمة الحالية لانقطاع الكهرباء يومياً لمدة ساعتين على كافة مناحى الحياة، خاصة فى المحافظات، الأمر الذى لم يعد يعرف له المواطن المصرى حلا حتى الآن، ولا نعرف موعد نهاية الظلام اليومي، وإلى متى ستظل الحياة بهذا الشكل الذى لا يليق بدولة بحجم وتاريخ مصر؟!.
والحقيقة التى يجب أن يعلمها الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، وقيادات الشركة القابضة لكهرباء مصر أن انقطاع الكهرباء فى القرى تحكمه العشوائية والعبث فى مواعيد انقطاع التيار ليصل الأمر إلى التفرقة الواضحة والتمييز فى المعاملة بين القرى وبعضها دون مراعاة للكثير من الاعتبارات.
والواقع الذى نعيشه فى قرى مصر يؤكد عدم مراعاة القائمين على الأمر لمصالح البلاد والعباد، بعد أن تم تعديل مواعيد الانقطاع فى بعض القرى التى يوجد بها الوحدات الخدمية، خاصة الإنترنت ومحطات المياه وغيرها، مع الإبقاء على نفس المواعيد لقرى مجاورة تستمد خدماتها عبر المنشآت الخدمية من القرى الأم.
وبالتأكيد جاءت العشوائية فى القرارات لتحرم بعض القرى من الخدمات لمدة أربع ساعات يومياً، ساعتان لانقطاع الكهرباء عن القرى المجاورة التى بها موطن الخدمات، وساعتان لانقطاع الكهرباء فى القرى التابعة، وكأن القرى التابعة للوحدات المحلية تعيش فى كوكب آخر، وفى مثال صارخ على التفرقة فى المعاملة بين أبناء الوحدة المحلية الواحدة.
المثال الواضح على ما أذكره تعيشه قرية دمنكة مركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ، مسقط رأس كاتب السطور، والتى ينقطع التيار الكهربائى فيها من الحادية عشرة مساءً حتى الواحدة صباحاً، فى حين أصبحت القرى المجاورة للقرية من الناحيتين تنقطع فيها الكهرباء من الثالثة وحتى الخامسة عصراً، مع العلم بالارتباط الكامل بين القرى وبعضها فى كل مظاهر الحياة الاجتماعية.
كما أنه من غير المقبول حرمان الطلاب، خاصة طلاب الثانوية العامة من استغلال وقت المساء، وهو الوقت المفضل لهم للمذاكرة فى إنجاز ما يريدونه أسوة بأقرانهم فى القرى المجاورة وهم جميعا فى مدارس ومعاهد واحدة رغم كونهم من قرى مختلفة، فهل يعقل قطع الكهرباء عن قرية تتبع وحدة محلية إداريا، وتتبع وحدة محلية أخرى خدميا فى موعد مخالف للوحدتين المحليتين المجاورتين لها؟!.
ومن غير المقبول أن يعيش طلاب المرحلة الثانوية، خاصة الثانوية العامة والأزهرية هذه المأساة وهم على مشارف تحديد مستقبلهم، كذلك طلاب الدبلومات الفنية فى ظل ما نسمعه مراراً وتكراراً من الدكتور رضا حجازى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، والدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى والبحث العلمى عن تشجيع هؤلاء الطلاب وغيرهم للالتحاق بالجامعات التكنولوجية. وهؤلاء الطلاب الآن أقل حظا من الطلاب السابقين، وهو ما يمكن أن نطلق عليهم فعلياً «ثانوية الظلام».
إن هناك تفرقة واضحة فى التعامل مع أبناء القرى يجب أن تعلمها الحكومة جيداً، ولابد من التدخل العاجل لإنهاء هذا الأمر، ويجب أن تكون كل وحدة محلية مرتبطة ببعضها البعض، تحسباً لأى طارئ مثل الحرائق وغيرها من الطوارئ، وهو ما لم يكن فى الحسبان، لتبقى بعض القرى حائرة تعانى الأمرين نتيجة عدم التخطيط الجيد للأزمة وإدارتها بشكل جيد.
خلاصة القول. إن استمرار الأزمة يشعرنا بالتفرقة والتمييز وعدم المساواة بين المواطنين وبعضهم، خاصة الطلاب، كما نشعر بالقلق تجاه ما تحمله الأيام القادمة مع قرب امتحانات نهاية العام لتحديد مستقبل الطلاب، وقرب حلول شهر رمضان المبارك، فالمواطن لن يتحمل أى موعد لانقطاع الكهرباء من ناحية، ولا الحكومة تتحمل دعاء المواطنين عليها أثناء الصيام من ناحية أخرى.. وللحديث بقية إن شاء الله.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزير التعليم العالى البحث العلمي المواطن المصري وزير الكهرباء والطاقة المتجددة لانقطاع الکهرباء
إقرأ أيضاً:
السرطان الكِيزَانِي
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
لا يوجد فرق ما بين جماعة الإخوان المسلمين (الكيزان) و السرطان من حيث أن كلاهما مرض عضال ، فتاك و مميت ، و معلومٌ أن من طبيعة ذلك المرض الخبيث و خصآئصه إحداث: الأعطال و الأعطاب و التلف البليغ المفضي إلى موت الخلايا و الأنسجة ، و يحدث الضرر عن طريق إنشطار الخلايا و تكاثرها المتسارع و الغير خاضع للسيطرة ، و كذلك الإنتقال و الإنتشار في الجوار و أنحآء مختلفة من الجسم ، هذا الإنشطار و التكاثر المتنامي و الإنتشار السريع يؤدي إلى إختلال في الموازين ما بين المطلوب و المتاح (الطلب يفوق العرض) للخلايا و الأنسجة و الأجهزة من الإمدادات و الغذآء و بقية العناصر الأساسية/الضرورية للحياة ، هذا الإختلال و النقصان/الحرمان من أساسيات الحياة يفضي في نهاية الأمر إلى ”موات“ الخلايا المنشطرة و المتكاثرة بصورة متناهية السرعة مما يؤدي إلى إعطال و إعطاب الأجهزة المختلفة و فسادها و تلفها فتفشل و تعجز عن القيام بمهام وظآئفها و تتوقف عن العمل و تموت ، و لهذا فإن السرطان قاتل...
و إن كان الأمر كذلك فمن البديهي/الضروري أن تتشابه طرق التعامل معهما: السرطان و جماعة الكيزان الفاسدة من حيث سبل العلاج و التخلص منهما...
إن تعامل مؤسسات جماعة الكيزان العسكرية و الأمنية و التنظيمات التي أنشأتها الجماعة من مليشيات الجَنجَوِيد العشآئرية (الدعم السريع) و كتآئب الظل الجهادية و سلسلة المنظومات الإقتصادية و الواجهات السياسية و المنظمات المدنية و المنصات الإعلامية المتعددة مع ثورة ديسمبر ٢٠١٨ ميلادية و ما تلاها من فترة إنتقالية و مع مؤسسات الدولة السودانية عموماً يماثل/يطابق تعامل مرض السرطان مع خلايا و أنسجة و أعضآء و أجهزة الكآئنات الحية من حيث التكاثر و الإنتشار و ما يعقب ذلك من الأعطال و الأعطاب و التلف و الفساد و الإعاقة عن العمل و أدآء الوظآئف ثم القضآء عليها في نهاية الأمر بالموت ، و هذا التعامل السرطاني الكيزاني مع الثورة السودانية لم يتوقف على مؤسسات الجماعة و منظماتها و تنظيماتها و مليشياتها و كتآئبها فحسب ، بل قد مارسه الحلفآء في الكتلة ”الديمقراطية“ التي تضم العديد من الحركات المسلحة و الأحزاب و المسارات الجهوية و النظارات القبلية و التجمعات الدينية التي سلكت و نحت ذات النحو السرطاني الكيزاني في تعاملها مع الثورة و القوى المدنية المساندة للحرية و التغيير...
و مما يعقد الأمور و يربكها و يزيد من ضراوة و خبث المرض السرطاني الكيزاني حقيقة أن الجماعة و أذرعها القمعية في الأجهزة العسكرية و الأمنية من: قوات مسلحة و إستخبارات و أجهزة أمن: خآصة و عمليات و كتآئب و مليشيات و حلفآء مسلحين قد تدججوا جميعهم بالأسلحة الفتاكة إلى أسنانهم فأذهبوا الأمن و الطمأنينة في جميع بلاد السودان ، و أشاعوا الرعب و الخوف بين المواطنين ، و ساقوا البلاد إلى الإحتراب و الدولة إلى الفوضى و الإنهيار ، و في هذه الأثنآء أودوا بحياة الألاف من السودانيين ، و أعاقوا ألافاً أخرى جسدياً و نفسياً ، و دمروا المساكن و المنشأت ، و أضاعوا الممتلكات/المقتنيات ، و أرهبوا و شردوا الملايين و دفعوهم إلى الفرار و النزوح و الشتات في بقاع الأرض داخل و خارج حدود بلاد السودان و في صحبتهم/معيتهم الألام المختلفة و المآسي و حزم الأمراض و الهموم و كذلك المسغبة و نقص الغذآء...
و معلومٌ أن أمراض السرطان عضالٌ و فتاكة و تفضي في نهاية الأمر إلى موت عدد من المصابين بها ، و أن محاولات علاجها و القضآء عليها لم تكلل بالنجاح المطلوب/المرجو ، حيث أنها في بعض من الأحوال لم تفلح في إيجاد العلاج الناجع ما عدا في أنواع محددة و حالات معينة ، و أن الحالات التي تم علاجها بنجاح أو التي تم فيها الحد من إنتشار المرض إلى فترات زمنية متباينة و متفاوتة تطلبت الإكتشاف المبكر و إتباع إستراتيجيات علاجية معقدة و مركبة و مكلفة لا تخلو من التعقيدات و المضاعفات و الأضرار و الألام المبرحة ، إستراتيجيات يستخدم فيها خليط و تراكيب مختلفة من العلاج الجراحي الإستئصالي و التداوي بالإشعاع الذري و العقاقير الكيماوية و الهرمونات و العلاج بالخلايا الجذعية...
و رغم الجهود الطبية الحثيثة و البحوث العلمية المكثفة إلا أن الشواهد تشير إلى أن هنالك حالات من أمراض السرطان تستعصي على جميع إستراتيجيات العلاج و ينتهي بها الأمر إلى العلاج عن طريق الرفق و الرعاية التلطيفية/الملطفة التي تعتمد على تسكين ألام المريض و التعامل مع مضاعفات المرض و إفرازته و توفير الراحة النفسية للمريض و أهله و أقربآءه مع الحرص على الحفاظ على كرامة المريض حتى حلول قضآء الموت...
و على الرغم من أن قرآئن الأحوال و الإدلة تشير إلى البطء في التعامل مع السرطان الكيزاني المتكاثر و المنتشر في أجساد الشعوب و مرافق الدولة السودانية ، و أن المرض في العقود الأربعة الماضية ربما قد تجاوز المرحلة الرابعة من حيث الإنتشار ، و رغم هذه القتامة و الإحباط العظيم إلا أنه لا بد/مناص/مفر من التفآؤل و الإيمان بأنه ما زال هنالك أمل كبير في العلاج و الشفآء ، و خصوصاً إن عُلِمَ أن هنالك حالات سرطانية قد تم لها الشفآء التآم ، و إن كان الأمر كذلك فإن الشعوب السودانية الثآئرة و الصابرة تأمل أن تكون من ضمن تلك الإحصآئيات المفرحة/الإيجابية التي يكون فيها العلاج ناجحاً و ناجعاً!!!...
و مما تقدم ، و إن كانت هنالك رغبة صادقة في علاج السرطان الكيزاني الذي أصاب جسد الثورة السودانية و تكاثر و انتشر في أنسجتها و أجهزتها ، و إن كان هنالك حرص على تفادى الرفق و الرعاية التلطيفية/الملطفة و مسكنات ما قبل الموت!!! ، فإن الأمر بالضرورة يستلزم التدخل العاجل و ذلك حتى لا يستفحل المرض أكثر مما كان بحيث يصعب/يستحيل علاجه ، و هذا يستدعي إعمال جميع الإستراتيجيات العلاجية المجربة من: الإستئصال الجراحي و التداوي بالإشعاع الذري و العقاقير الكيماوية و الهرمونات و العلاج بالخلايا الجذعية ، و لا ضير في إضافة الرقية الشرعية و تفعيل سلاح الدعآء!!! ، و ذلك حتى تزداد فرص و نسبة إحتمالات النجاح و الشفآء التآم...
و على الرغم من أن العلاج ليس بالسهل ، لكنه ليس بالمستعصي أو المستحيل ، و ليس هنالك إستئصال أنجح و أنجع من الثورة السودانية الدآئمة الإشتعال ، خصوصاً إذا علمنا أن السرطان الكيزاني و ملحقاته قد بلغوا مرحلة الوهن أو هم على أعتابها/مشارفها!!! ، و قد دلت التجارب أن في هذه المرحلة ، الوهن ، يكون السرطان في أضعف حالته و تكون إستجابته للتدخلات و العلاجات أفضل ، هذا مع ملاحظة أن الشعوب السودانية قد إستخدمت العلاج الإستئصالي و إستراتيجيات علاجية أخرى و جربتها مراراً و أثبتت نجاحها و نجوعها في إقتلاع طواغيت من العسكر تعاقبوا على الإستيلآء على السلطة و برعوا كثيراً في إستخدام شتى أدوات القمع و البطش و التنكيل...
و الحمدلله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com