لجريدة عمان:
2024-07-04@04:05:47 GMT

هجمات البحر الأحمر وصعوبات استمرارها !!

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

مع كل يوم يمر على الحرب الهمجية الإسرائيلية في غزة يزداد المأزق الذي يواجهه رئيس الوزراء الإسرائيلي داخليا وخارجيا، ففي حين يقوم نتانياهو بتصعيد جرائم الحرب ضد المواطنين الفلسطينيين وممارسة أعمال القتل الميداني ضد الشباب أمام ذويهم وشن المزيد من الهجمات الجوية العشوائية، فإنه فشل حتى الآن على الأقل في العثور على المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.

بل إن حماس التي رفضت الاستجابة للتفاوض مع إسرائيل حول هدنة إنسانية وأعلنت قبل أيام ترجيحها مقتل خمسة من المحتجزين الإسرائيليين لديها نتيجة فقدها -أي حماس- الاتصال مع المجموعة التي كانت تتولى الإشراف على احتجازهم وهو ما يزيد من ضغوط أهالي المحتجزين على الحكومة.

ومن جانب آخر فإنه في حين يزداد التوتر والانتقادات المتبادلة بين زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد وبين نتانياهو، حيث أكد أن الحكومة لم تضع هدفا استراتيجيا للحرب في غزة حتى الآن، فقد هدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير بأنه سينسحب من الحكومة إذا توقفت الحرب مع حماس دون إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وأنه ينبغي التفكير في حل مجلس الحرب، والعودة إلى الحكومة العادية، كما جرت مناقشة حادة بين بن غفير ورئيس الأركان الإسرائيلي حول القواعد الحاكمة لسلوك الجنود الإسرائيليين في الميدان، وما إذا كان ذلك يحدده الجيش الإسرائيلي، أم من اختصاص وزارة الأمن القومي، ومما له دلالة أن خلافا على هذا المستوى حدث خلال اجتماع مغلق للحكومة مما اضطر نتانياهو للتدخل لإنهائه.

ومما له دلالة أيضا أن يبرز رئيس الوزراء الإسرائيلي علنا دعم الرئيس الأمريكي لإسرائيل في مجلس الأمن الدولي، وإحباط بايدن باستخدام الفيتو ضد التعديلات الروسية التي حاولت روسيا إدخالها على مشروع القرار الذي وافق عليه مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي.

وأفرغت مشروع القرار من جوهره وجعلته غير كاف بالنسبة للغرض منه، ولعل من المفارقات الغريبة أن مجلس الأمن الدولي وهو الجهاز الرئيس للأمم المتحدة المعني بالعمل من أجل تحقيق السلام والأمن الدوليين ووقف الحروب لم يدع في مشروع القرار إلى وقف الحرب في غزة ولو لأسباب إنسانية كأضعف الإيمان، وتباهى البيت الأبيض بأن مشروع القرار لم يتضمن مثل هذه الدعوة وهو ما يؤخذ في الواقع ضد مجلس الأمن والأمم المتحدة الذي أصر في جوهره على أن مشروع القرار اقتصر على زيادة المساعدات الإنسانية التي تقدم إلى غزة وأن تشارك جهات دولية في توزيعها. وردا على الإشارات المتتالية حول تدخل واشنطن في توجيه المواقف الإسرائيلية ومعارضة واشنطن للدعوة لوقف القتال ولو لأسباب إنسانية أكد نتانياهو قبل أيام أن إسرائيل هي التي تدير الحرب حسب خطتها ورؤيتها لها وحسب مصالحها وأن الحرب ستتواصل حتى تحقق كل أهدافها على حد قوله، ويبدو أن ذلك لن يتحقق بسهولة ولا سريعا أيضا.

ومن شأن ذلك كله أن يفسر حجم الارتباك الذي تمر به إسرائيل خاصة في ظل الخسائر المتزايدة في القوات والمعدات وقيام الجيش بسحب بعض من وحدات النخبة فيه لإعادة تشكيلها وتأهيلها مرة أخرى بعد ازدياد خسائرها واهتزاز معنويات أفرادها خشية انتقال العدوى إلى وحدات أخرى.

ومما له مغزى أن تتزامن تصريحات نتانياهو ووزير الخارجية الأمريكي بلينكن حول وقف الحرب وشروطها معا وبالنص تقريبا، فبينما تحدث نتانياهو عن «الشرط البسيط لوقف الحرب هو استسلام حماس أو الموت» تولى بلينكن تفسير ذلك من أجل وقف الحرب فورا إذا أرادت حماس، وذلك مقابل «تسليم السلاح والمقاتلين من حماس والقادة إلى إسرائيل وتسليم المحتجزين وبعد ذلك سنوقف الحرب» أما رد حماس على ذلك فإنه معروف وتضحيات الفلسطينيين الضخمة ورفض استجداء إسرائيل لهدنة إنسانية أخرى بالغة المعنى..

وبينما يؤكد قادة إسرائيل وبشكل يومي تقريبا على أن الحرب في غزة لن تتوقف إلا بعد تحقيق كل أهدافها، يتحول البحر الأحمر إلى منطقة تتسع فيها الحرب في الفترة القادمة. ومن شأن اتساع واستمرار الحرب في البحار والممرات البحرية في المنطقة أن يفتح المجال أمام مواجهات وحروب لا يمكن لأحد أن يتوقع متى تنتهي ولا بأي كيفية ولا بأية نتائج، ليس فقط لاتساع البحار والممرات المائية حولها ولكن أيضا للترابط الجغرافي بين دول المنطقة ومخاطر الامتداد المسلح للحرب عبر الحدود المشتركة من ناحية والمخاطر التجارية والاقتصادية على دول وشعوب المنطقة وعلى خطوط الملاحة والنقل والاقتصاد التي ستمتد بالضرورة إلى الكثير من الدول، والتجربة خلال أزمة كورونا كانت بالغة الوضوح ولا تزال دول وصناعات وأطراف دولية تعاني من الانعكاسات الدولية لها بعد مرور نحو أربع سنوات. ومن شأن اتساع واستمرار الحرب في البحار والممرات البحرية في المنطقة أن يفتح المجال أمام مواجهات وحروب لا يمكن لأحد أن يتوقع متى تنتهي ولا بأي كيفية ولا بأية نتائج.

وإذا كانت الفترة الممتدة من تاريخ السابع من أكتوبر الماضي لم تنجح فيها أمريكا وأوروبا وإسرائيل في توريط إيران في الحرب في غزة وهو ما يعود في الواقع إلى حرص إيران على عدم التورط ونفيها الدائم أي صورة من صور التورط العملي في دعم حماس من خلال الحوثيين، فإنه يبدو أن هناك إصرارا غربيا على البحث عن أي ثغرة أو نافذة يمكن أن يتم من خلالها إيجاد شواهد ما تدعم مثل هذه الفرضية لتوريط إيران بشكل أو بآخر إنما يعود الفضل فيه إلى موقف واشنطن الذي أكد باستمرار على أنه ليس هناك ما يثبت عمليا وجود شواهد ذات مصداقية تثبت تورط إيران كما زعمت إسرائيل منذ بداية الحرب، فإن الأمر لن يكون مختلفا كثيرا هذه المرة، صحيح أن الأمر ارتبط بشكل ما بالموقف والعلاقات الأمريكية الإيرانية والمفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني والانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر القادم.

ولكن الطرح هنا هو هل للدعم غير المحدود لإسرائيل في الحرب ضد حماس ورفض بايدن وقف الحرب أو الحث عليها سيظل قائما طالما استمر أمل بايدن في تحقيق مكسب في الانتخابات أو بما يمكن توظيفه في الانتخابات بشكل أو بآخر.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو هل مصادفة أن تنشأ وتتسع تدريجيا الهجمات المسيرة والصاروخية من جانب الحوثيين مع التصعيد في غزة؟ في السنوات السابقة أو منذ اندلاع حرب غزة وإذا كان قد تكرر سيناريو اتهام إيران بدعم الحوثيين فنيا وتقنيا وتسليحيا لدعم حماس وإنكار طهران ونفيها للاتهامات الأمريكية فهل يمكن لإيران أن تكون أقل حذرا هذه المرة أو أن تترك لواشنطن ما يمكنها اتخاذه حجة أو دليلا ضدها للإيقاع بها ؟ من المؤكد أن طهران تتمتع بالحرص والذكاء والقدرة على المناورة وحماية نفسها ومصالحها المباشرة وغير المباشرة سواء في السنوات السابقة أو منذ اندلاع حرب غزة، فإنه من المؤكد أن ليس من مصلحة إيران ولا من مصلحة دول وشعوب المنطقة أن تشهد المنطقة توسعا في الحرب في المنطقة أيا كانت الدوافع والأسباب فالنتائج يصعب التنبؤ بها أو حسم توقعات الحرب غدا أو بعد غد.

وإذا كانت إيران دولة بحرية تملك أسطولين بحريين للجيش والحرس الثوري يضمان نحو مائة قطعة بحرية واستطاعت بحريتها أن تدور حول العالم إلا أنها امتنعت عن المناورة بإغلاق الممرات البحرية في فترات وظروف مختلفة في المنطقة رغم قدرتها عليها والتهديد بها في فترات وظروف مختلفة. ولذا فإن التهديد بإغلاق البحر المتوسط والممرات المائية حوله لن يكون مختلفا عن التهديدات السابقة سوى في حالة قررت واشنطن الدخول في مواجهة مع طهران أو دفعها إلى ذلك في إطار حسابات تخصها هي ولصالح إسرائيل بشكل أو بآخر ولا تجد واشنطن ما يدفعها لذلك حتى الآن على الأقل.

أما الحوثيون فإن البعد السياسي والرمزي له أهمية كبيرة خاصة في الظروف التي تمر بها المنطقة الآن وفي المستقبل، وإذا كانت أوروبا تعاني بسبب نفقات الحروب واستنزاف مخزونات السلاح فما بال القوى والأطراف المستنزفة في حروب محلية وإقليمية منذ سنوات فهل تحتاج مزيدا من الاستنزاف ولصالح من؟

د. عبدالحميد الموافي كاتب وصحفي مصري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مشروع القرار مجلس الأمن فی المنطقة وقف الحرب الحرب فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

ضربات أميركية في البحر الأحمر تنهي تفاخر الحوثي بزوارقه المسيرة

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، تدمير عدد من الزوارق المسيرة التي أطلقتها مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، لاستهداف السفن التجارية المارة في مياه البحر الأحمر. وذلك غداة تفاخر حوثي بدخول زوارق مسيرة ضمن ترسانة الأسلحة المقدمة من إيران لضرب أمن وسلامة الملاحة الدولية في مضيق باب المندب.

وقالت القيادة المركزية الأميركية، في تحديثها اليوم على منصة "إكس": خلال الـ24 ساعة الماضية، استطاعت قوات القيادة المركزية الأمريكية تدمير ثلاث زوارق مسيّرة تابعة للحوثيين المدعومين من إيران في البحر الأحمر ضمن إجراء للدفاع عن النفس، موضحة أن الزوارق المسيّرة تمثل تهديداً وشيكًا للقوات الأمريكية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، واتخاذ هذه الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية محمية وأكثر أمناً.

وأوضحت القيادة أن هذا السلوك الخبيث والمتهور المستمر من قبل الحوثيين المدعومين من إيران يهدد الاستقرار الإقليمي ويعرض حياة البحارة في البحر الأحمر وخليج عدن للخطر.

الضربات الأميركية جاءت عقب يوم من تفاخر مليشيا الحوثي بدخول ما أسمته زوارق مسيرة متطورة ضمن عملياتها الإرهابية التي تستهدف السفن التجارية والقطع الحربية التابعة للتحالف الأميركي والأوروبي.

وأطلقت المليشيا على الزوارق المسيرة اسم "طوفان المدمر" وادعت أن الزوارق صنع محلي وتتميز بقدرة تدميرية عالية وتكنولوجيا متقدمة، على حد وصفها. إلا أن عمليات التدمير المتواصلة التي تقوم بها القوات الأميركية والقوات الأوروبية في البحر الأحمر تكشف زيف الادعاءات الحوثية.

ونشرت المليشيا معلومات حول الزوارق الجديدة والتي قالت عنها إنها تمتلك قدرة تدميرية عالية ويمكنها حمل رأس حربي يزن 1000- 1500 كجم، ومزود بتكنولوجيا متقدمة، بتحكم يدوي وتحكم عن بعد، وتبلغ سرعته 45 ميلا بحريا في الساعة ويعمل في جميع الظروف البحرية".

خبراء عسكريون قالوا إن الزوارق الجديدة المعلنة من قبل الحوثيين والتي جرى تطويرها من قبل خبراء إيرانيين في الحرس الثوري وحزب الله، لن يكون لها أثر في المواجهات العسكرية البحرية، مشيرين إلى أن القوات الأميركية والقوات الأوروبية المشاركة في تأمين البحر الأحمر دمرت عشرات القوارب المسيرة، وهو ما يؤكد أن هذه الأسلحة تم رصدها من قبل السفن الحربية وتدميرها بسهولة.

مقالات مشابهة

  • نشاط القراصنة في الصومال يتزايد بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
  • قناة أمريكية: هجمات حماس ورد الاحتلال يخلق مأساة جديدة في خان يونس
  • إيطاليا تؤكد تضرر نظامها التجاري بسبب هجمات البحر الأحمر‎
  • رُب ضارة نافعة.. هجمات البحر الأحمر تُدر الملايين على سفن الحاويات
  • هجمات 7 أكتوبر.. دعوى قضائية على 3 دول
  • لم نخض مثلها منذ الحرب العالمية.. قبطان أمريكي يكشف خطورة الوضع بالبحر الأحمر
  • ضربات أميركية في البحر الأحمر تنهي تفاخر الحوثي بزوارقه المسيرة
  • سيناريو الرعب.. مخاوف اسرائيلية من هجمات للحوثيين في البحر المتوسط وتوسيع نفوذ إيران
  • بنك الولايات المتحدة يحذر: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تُعيق سلسلة التوريد وتهدد الاقتصاد الأمريكي
  • ستدفع إيران ثمن حرب صنعتها