لجريدة عمان:
2024-11-24@03:48:34 GMT

هجمات البحر الأحمر وصعوبات استمرارها !!

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

مع كل يوم يمر على الحرب الهمجية الإسرائيلية في غزة يزداد المأزق الذي يواجهه رئيس الوزراء الإسرائيلي داخليا وخارجيا، ففي حين يقوم نتانياهو بتصعيد جرائم الحرب ضد المواطنين الفلسطينيين وممارسة أعمال القتل الميداني ضد الشباب أمام ذويهم وشن المزيد من الهجمات الجوية العشوائية، فإنه فشل حتى الآن على الأقل في العثور على المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.

بل إن حماس التي رفضت الاستجابة للتفاوض مع إسرائيل حول هدنة إنسانية وأعلنت قبل أيام ترجيحها مقتل خمسة من المحتجزين الإسرائيليين لديها نتيجة فقدها -أي حماس- الاتصال مع المجموعة التي كانت تتولى الإشراف على احتجازهم وهو ما يزيد من ضغوط أهالي المحتجزين على الحكومة.

ومن جانب آخر فإنه في حين يزداد التوتر والانتقادات المتبادلة بين زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد وبين نتانياهو، حيث أكد أن الحكومة لم تضع هدفا استراتيجيا للحرب في غزة حتى الآن، فقد هدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير بأنه سينسحب من الحكومة إذا توقفت الحرب مع حماس دون إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وأنه ينبغي التفكير في حل مجلس الحرب، والعودة إلى الحكومة العادية، كما جرت مناقشة حادة بين بن غفير ورئيس الأركان الإسرائيلي حول القواعد الحاكمة لسلوك الجنود الإسرائيليين في الميدان، وما إذا كان ذلك يحدده الجيش الإسرائيلي، أم من اختصاص وزارة الأمن القومي، ومما له دلالة أن خلافا على هذا المستوى حدث خلال اجتماع مغلق للحكومة مما اضطر نتانياهو للتدخل لإنهائه.

ومما له دلالة أيضا أن يبرز رئيس الوزراء الإسرائيلي علنا دعم الرئيس الأمريكي لإسرائيل في مجلس الأمن الدولي، وإحباط بايدن باستخدام الفيتو ضد التعديلات الروسية التي حاولت روسيا إدخالها على مشروع القرار الذي وافق عليه مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي.

وأفرغت مشروع القرار من جوهره وجعلته غير كاف بالنسبة للغرض منه، ولعل من المفارقات الغريبة أن مجلس الأمن الدولي وهو الجهاز الرئيس للأمم المتحدة المعني بالعمل من أجل تحقيق السلام والأمن الدوليين ووقف الحروب لم يدع في مشروع القرار إلى وقف الحرب في غزة ولو لأسباب إنسانية كأضعف الإيمان، وتباهى البيت الأبيض بأن مشروع القرار لم يتضمن مثل هذه الدعوة وهو ما يؤخذ في الواقع ضد مجلس الأمن والأمم المتحدة الذي أصر في جوهره على أن مشروع القرار اقتصر على زيادة المساعدات الإنسانية التي تقدم إلى غزة وأن تشارك جهات دولية في توزيعها. وردا على الإشارات المتتالية حول تدخل واشنطن في توجيه المواقف الإسرائيلية ومعارضة واشنطن للدعوة لوقف القتال ولو لأسباب إنسانية أكد نتانياهو قبل أيام أن إسرائيل هي التي تدير الحرب حسب خطتها ورؤيتها لها وحسب مصالحها وأن الحرب ستتواصل حتى تحقق كل أهدافها على حد قوله، ويبدو أن ذلك لن يتحقق بسهولة ولا سريعا أيضا.

ومن شأن ذلك كله أن يفسر حجم الارتباك الذي تمر به إسرائيل خاصة في ظل الخسائر المتزايدة في القوات والمعدات وقيام الجيش بسحب بعض من وحدات النخبة فيه لإعادة تشكيلها وتأهيلها مرة أخرى بعد ازدياد خسائرها واهتزاز معنويات أفرادها خشية انتقال العدوى إلى وحدات أخرى.

ومما له مغزى أن تتزامن تصريحات نتانياهو ووزير الخارجية الأمريكي بلينكن حول وقف الحرب وشروطها معا وبالنص تقريبا، فبينما تحدث نتانياهو عن «الشرط البسيط لوقف الحرب هو استسلام حماس أو الموت» تولى بلينكن تفسير ذلك من أجل وقف الحرب فورا إذا أرادت حماس، وذلك مقابل «تسليم السلاح والمقاتلين من حماس والقادة إلى إسرائيل وتسليم المحتجزين وبعد ذلك سنوقف الحرب» أما رد حماس على ذلك فإنه معروف وتضحيات الفلسطينيين الضخمة ورفض استجداء إسرائيل لهدنة إنسانية أخرى بالغة المعنى..

وبينما يؤكد قادة إسرائيل وبشكل يومي تقريبا على أن الحرب في غزة لن تتوقف إلا بعد تحقيق كل أهدافها، يتحول البحر الأحمر إلى منطقة تتسع فيها الحرب في الفترة القادمة. ومن شأن اتساع واستمرار الحرب في البحار والممرات البحرية في المنطقة أن يفتح المجال أمام مواجهات وحروب لا يمكن لأحد أن يتوقع متى تنتهي ولا بأي كيفية ولا بأية نتائج، ليس فقط لاتساع البحار والممرات المائية حولها ولكن أيضا للترابط الجغرافي بين دول المنطقة ومخاطر الامتداد المسلح للحرب عبر الحدود المشتركة من ناحية والمخاطر التجارية والاقتصادية على دول وشعوب المنطقة وعلى خطوط الملاحة والنقل والاقتصاد التي ستمتد بالضرورة إلى الكثير من الدول، والتجربة خلال أزمة كورونا كانت بالغة الوضوح ولا تزال دول وصناعات وأطراف دولية تعاني من الانعكاسات الدولية لها بعد مرور نحو أربع سنوات. ومن شأن اتساع واستمرار الحرب في البحار والممرات البحرية في المنطقة أن يفتح المجال أمام مواجهات وحروب لا يمكن لأحد أن يتوقع متى تنتهي ولا بأي كيفية ولا بأية نتائج.

وإذا كانت الفترة الممتدة من تاريخ السابع من أكتوبر الماضي لم تنجح فيها أمريكا وأوروبا وإسرائيل في توريط إيران في الحرب في غزة وهو ما يعود في الواقع إلى حرص إيران على عدم التورط ونفيها الدائم أي صورة من صور التورط العملي في دعم حماس من خلال الحوثيين، فإنه يبدو أن هناك إصرارا غربيا على البحث عن أي ثغرة أو نافذة يمكن أن يتم من خلالها إيجاد شواهد ما تدعم مثل هذه الفرضية لتوريط إيران بشكل أو بآخر إنما يعود الفضل فيه إلى موقف واشنطن الذي أكد باستمرار على أنه ليس هناك ما يثبت عمليا وجود شواهد ذات مصداقية تثبت تورط إيران كما زعمت إسرائيل منذ بداية الحرب، فإن الأمر لن يكون مختلفا كثيرا هذه المرة، صحيح أن الأمر ارتبط بشكل ما بالموقف والعلاقات الأمريكية الإيرانية والمفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني والانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر القادم.

ولكن الطرح هنا هو هل للدعم غير المحدود لإسرائيل في الحرب ضد حماس ورفض بايدن وقف الحرب أو الحث عليها سيظل قائما طالما استمر أمل بايدن في تحقيق مكسب في الانتخابات أو بما يمكن توظيفه في الانتخابات بشكل أو بآخر.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو هل مصادفة أن تنشأ وتتسع تدريجيا الهجمات المسيرة والصاروخية من جانب الحوثيين مع التصعيد في غزة؟ في السنوات السابقة أو منذ اندلاع حرب غزة وإذا كان قد تكرر سيناريو اتهام إيران بدعم الحوثيين فنيا وتقنيا وتسليحيا لدعم حماس وإنكار طهران ونفيها للاتهامات الأمريكية فهل يمكن لإيران أن تكون أقل حذرا هذه المرة أو أن تترك لواشنطن ما يمكنها اتخاذه حجة أو دليلا ضدها للإيقاع بها ؟ من المؤكد أن طهران تتمتع بالحرص والذكاء والقدرة على المناورة وحماية نفسها ومصالحها المباشرة وغير المباشرة سواء في السنوات السابقة أو منذ اندلاع حرب غزة، فإنه من المؤكد أن ليس من مصلحة إيران ولا من مصلحة دول وشعوب المنطقة أن تشهد المنطقة توسعا في الحرب في المنطقة أيا كانت الدوافع والأسباب فالنتائج يصعب التنبؤ بها أو حسم توقعات الحرب غدا أو بعد غد.

وإذا كانت إيران دولة بحرية تملك أسطولين بحريين للجيش والحرس الثوري يضمان نحو مائة قطعة بحرية واستطاعت بحريتها أن تدور حول العالم إلا أنها امتنعت عن المناورة بإغلاق الممرات البحرية في فترات وظروف مختلفة في المنطقة رغم قدرتها عليها والتهديد بها في فترات وظروف مختلفة. ولذا فإن التهديد بإغلاق البحر المتوسط والممرات المائية حوله لن يكون مختلفا عن التهديدات السابقة سوى في حالة قررت واشنطن الدخول في مواجهة مع طهران أو دفعها إلى ذلك في إطار حسابات تخصها هي ولصالح إسرائيل بشكل أو بآخر ولا تجد واشنطن ما يدفعها لذلك حتى الآن على الأقل.

أما الحوثيون فإن البعد السياسي والرمزي له أهمية كبيرة خاصة في الظروف التي تمر بها المنطقة الآن وفي المستقبل، وإذا كانت أوروبا تعاني بسبب نفقات الحروب واستنزاف مخزونات السلاح فما بال القوى والأطراف المستنزفة في حروب محلية وإقليمية منذ سنوات فهل تحتاج مزيدا من الاستنزاف ولصالح من؟

د. عبدالحميد الموافي كاتب وصحفي مصري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مشروع القرار مجلس الأمن فی المنطقة وقف الحرب الحرب فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

بريطانيا تبدي استعدادها لحماية إسرائيل مرة أخرى.. استمرار الحرب لا يدمر حماس

أكد السفير البريطاني في "إسرائيل" سيمون والترز، أن المملكة المتحدة مستعدة لـ"حماية إسرائيل مرة أخرى إذا هاجمتها إيران، وستكون حليفا وثيقا وهي مستعدة لوضع طائراتها وأفرادها في خطر للدفاع عن إسرائيل".

وقال والترز متحدثًا إلى الصحفيين الإسرائيليين في مقر إقامته في رامات غان: إن "سلاح الجو الملكي البريطاني حلّق إلى جانب طيارين إسرائيليين وأمريكيين خلال هجوم الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية على إسرائيل في نيسان/ أبريل".

وأضاف أنه "دون الخوض في التفاصيل، لعبت القوات المسلحة البريطانية في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر دورا مرة أخرى في محاولة تعطيل الهجوم الإيراني على إسرائيل".

ورغم ذلك، قال والترز إن الضغط العسكري على حماس لن يحرر الرهائن ولن يدمر الحركة في قطاع غزة.


وأوضح "أسمع الناس يدعون إلى استمرار الحرب حتى يتم تدمير حماس وأعتقد أنهم يخدعون أنفسهم. إنهم يتخيلون نتيجة لن تأتي أبدًا، لذلك من الضروري أن ندرك ذلك ونركز جهودنا على الحصول على صفقة رهائن لأنها الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها إعادتهم إلى ديارهم".

واعتبر أن حماس مسؤولة في استمرار ما أسماه بـ"الصراع"، قائلا: "إن حماس قادرة على إنهاء هذه المعاناة بالموافقة على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح جميع الرهائن على الفور ودون شروط، ويتعين علينا أن ندرك أن المسؤولية عن هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر واختطاف الرهائن تقع بالكامل على عاتق حماس".

وفيما يتصل بتعليق بعض تراخيص الأسلحة البريطانية لـ"إسرائيل"، أوضح والترز إن "خطر انتهاك القانون الدولي موجود هنا بوضوح".

وأشار إلى حقيقة مفادها أن "إسرائيل لم تسمح للصليب الأحمر بزيارة السجناء الذين تم أسرهم من غزة.. لو قام الصليب الأحمر بزيارة السجناء بانتظام، لكان ذلك ليطمئن الناس إلى الظروف، ولن يحمي السجناء فحسب".

وأضاف أن ذلك من شأنه أيضاً أن "يحمي الحراس من الاتهامات، والمنظمات غير الحكومية البريطانية تقاضي الحكومة في المحكمة في محاولة لفرض المزيد من القيود على الأسلحة على إسرائيل، وأن الحكومة تحارب هذه المحاولات في المحكمة".


وعلى الرغم من جرائم الإبادة والدمار الهائل في غزة، فشلت "إسرائيل" حتى الآن في تحقيق أي من الأهداف المعلنة للحرب، ولا سيما استعادة أسراها من القطاع والتدمير الكامل لقدرات حركة حماس.

وبدعم أمريكي، أسفرت حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة عن نحو 148 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

مقالات مشابهة

  • قائد القوات البحرية الأمريكية في البحر الأحمر يكشف تفاصيل هجمات “جو-جو” لطائرات الحوثي المسيرة
  • لابيد: حكومة إسرائيل تطيل أمد الحرب بلا داع وحان وقت التحرك
  • لا إيران تنهي الحزب ولا إسرائيل تنهي الحرب
  • تركيا تدين هجوما صاروخيا للمتمردين الحوثيين استهدف سفينة شحن في البحر الأحمر
  • إسرائيل: الظروف تغيرت ونقترب لاتفاق يوقف الحرب في غزة قبل تنصيب ترامب
  • النقد الدولي: مصر تفقد 70 بالمئة من إيرادات قناة السويس بسبب هجمات الحوثيين
  • النقد الدولي: قناة السويس تفقد 70% من الإيرادات بسبب هجمات الحوثيين
  • ميليشيا حشدوية:سنقاتل إسرائيل حتى الموت من أجل الدفاع عن إيران
  • بريطانيا تبدي استعدادها لحماية إسرائيل مرة أخرى.. استمرار الحرب لا يدمر حماس
  • أنقرة تندد باستهداف الحوثيين سفينة تركية بالبحر الأحمر