لجريدة عمان:
2025-04-25@23:53:14 GMT

هجمات البحر الأحمر وصعوبات استمرارها !!

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

مع كل يوم يمر على الحرب الهمجية الإسرائيلية في غزة يزداد المأزق الذي يواجهه رئيس الوزراء الإسرائيلي داخليا وخارجيا، ففي حين يقوم نتانياهو بتصعيد جرائم الحرب ضد المواطنين الفلسطينيين وممارسة أعمال القتل الميداني ضد الشباب أمام ذويهم وشن المزيد من الهجمات الجوية العشوائية، فإنه فشل حتى الآن على الأقل في العثور على المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.

بل إن حماس التي رفضت الاستجابة للتفاوض مع إسرائيل حول هدنة إنسانية وأعلنت قبل أيام ترجيحها مقتل خمسة من المحتجزين الإسرائيليين لديها نتيجة فقدها -أي حماس- الاتصال مع المجموعة التي كانت تتولى الإشراف على احتجازهم وهو ما يزيد من ضغوط أهالي المحتجزين على الحكومة.

ومن جانب آخر فإنه في حين يزداد التوتر والانتقادات المتبادلة بين زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد وبين نتانياهو، حيث أكد أن الحكومة لم تضع هدفا استراتيجيا للحرب في غزة حتى الآن، فقد هدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير بأنه سينسحب من الحكومة إذا توقفت الحرب مع حماس دون إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وأنه ينبغي التفكير في حل مجلس الحرب، والعودة إلى الحكومة العادية، كما جرت مناقشة حادة بين بن غفير ورئيس الأركان الإسرائيلي حول القواعد الحاكمة لسلوك الجنود الإسرائيليين في الميدان، وما إذا كان ذلك يحدده الجيش الإسرائيلي، أم من اختصاص وزارة الأمن القومي، ومما له دلالة أن خلافا على هذا المستوى حدث خلال اجتماع مغلق للحكومة مما اضطر نتانياهو للتدخل لإنهائه.

ومما له دلالة أيضا أن يبرز رئيس الوزراء الإسرائيلي علنا دعم الرئيس الأمريكي لإسرائيل في مجلس الأمن الدولي، وإحباط بايدن باستخدام الفيتو ضد التعديلات الروسية التي حاولت روسيا إدخالها على مشروع القرار الذي وافق عليه مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي.

وأفرغت مشروع القرار من جوهره وجعلته غير كاف بالنسبة للغرض منه، ولعل من المفارقات الغريبة أن مجلس الأمن الدولي وهو الجهاز الرئيس للأمم المتحدة المعني بالعمل من أجل تحقيق السلام والأمن الدوليين ووقف الحروب لم يدع في مشروع القرار إلى وقف الحرب في غزة ولو لأسباب إنسانية كأضعف الإيمان، وتباهى البيت الأبيض بأن مشروع القرار لم يتضمن مثل هذه الدعوة وهو ما يؤخذ في الواقع ضد مجلس الأمن والأمم المتحدة الذي أصر في جوهره على أن مشروع القرار اقتصر على زيادة المساعدات الإنسانية التي تقدم إلى غزة وأن تشارك جهات دولية في توزيعها. وردا على الإشارات المتتالية حول تدخل واشنطن في توجيه المواقف الإسرائيلية ومعارضة واشنطن للدعوة لوقف القتال ولو لأسباب إنسانية أكد نتانياهو قبل أيام أن إسرائيل هي التي تدير الحرب حسب خطتها ورؤيتها لها وحسب مصالحها وأن الحرب ستتواصل حتى تحقق كل أهدافها على حد قوله، ويبدو أن ذلك لن يتحقق بسهولة ولا سريعا أيضا.

ومن شأن ذلك كله أن يفسر حجم الارتباك الذي تمر به إسرائيل خاصة في ظل الخسائر المتزايدة في القوات والمعدات وقيام الجيش بسحب بعض من وحدات النخبة فيه لإعادة تشكيلها وتأهيلها مرة أخرى بعد ازدياد خسائرها واهتزاز معنويات أفرادها خشية انتقال العدوى إلى وحدات أخرى.

ومما له مغزى أن تتزامن تصريحات نتانياهو ووزير الخارجية الأمريكي بلينكن حول وقف الحرب وشروطها معا وبالنص تقريبا، فبينما تحدث نتانياهو عن «الشرط البسيط لوقف الحرب هو استسلام حماس أو الموت» تولى بلينكن تفسير ذلك من أجل وقف الحرب فورا إذا أرادت حماس، وذلك مقابل «تسليم السلاح والمقاتلين من حماس والقادة إلى إسرائيل وتسليم المحتجزين وبعد ذلك سنوقف الحرب» أما رد حماس على ذلك فإنه معروف وتضحيات الفلسطينيين الضخمة ورفض استجداء إسرائيل لهدنة إنسانية أخرى بالغة المعنى..

وبينما يؤكد قادة إسرائيل وبشكل يومي تقريبا على أن الحرب في غزة لن تتوقف إلا بعد تحقيق كل أهدافها، يتحول البحر الأحمر إلى منطقة تتسع فيها الحرب في الفترة القادمة. ومن شأن اتساع واستمرار الحرب في البحار والممرات البحرية في المنطقة أن يفتح المجال أمام مواجهات وحروب لا يمكن لأحد أن يتوقع متى تنتهي ولا بأي كيفية ولا بأية نتائج، ليس فقط لاتساع البحار والممرات المائية حولها ولكن أيضا للترابط الجغرافي بين دول المنطقة ومخاطر الامتداد المسلح للحرب عبر الحدود المشتركة من ناحية والمخاطر التجارية والاقتصادية على دول وشعوب المنطقة وعلى خطوط الملاحة والنقل والاقتصاد التي ستمتد بالضرورة إلى الكثير من الدول، والتجربة خلال أزمة كورونا كانت بالغة الوضوح ولا تزال دول وصناعات وأطراف دولية تعاني من الانعكاسات الدولية لها بعد مرور نحو أربع سنوات. ومن شأن اتساع واستمرار الحرب في البحار والممرات البحرية في المنطقة أن يفتح المجال أمام مواجهات وحروب لا يمكن لأحد أن يتوقع متى تنتهي ولا بأي كيفية ولا بأية نتائج.

وإذا كانت الفترة الممتدة من تاريخ السابع من أكتوبر الماضي لم تنجح فيها أمريكا وأوروبا وإسرائيل في توريط إيران في الحرب في غزة وهو ما يعود في الواقع إلى حرص إيران على عدم التورط ونفيها الدائم أي صورة من صور التورط العملي في دعم حماس من خلال الحوثيين، فإنه يبدو أن هناك إصرارا غربيا على البحث عن أي ثغرة أو نافذة يمكن أن يتم من خلالها إيجاد شواهد ما تدعم مثل هذه الفرضية لتوريط إيران بشكل أو بآخر إنما يعود الفضل فيه إلى موقف واشنطن الذي أكد باستمرار على أنه ليس هناك ما يثبت عمليا وجود شواهد ذات مصداقية تثبت تورط إيران كما زعمت إسرائيل منذ بداية الحرب، فإن الأمر لن يكون مختلفا كثيرا هذه المرة، صحيح أن الأمر ارتبط بشكل ما بالموقف والعلاقات الأمريكية الإيرانية والمفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني والانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر القادم.

ولكن الطرح هنا هو هل للدعم غير المحدود لإسرائيل في الحرب ضد حماس ورفض بايدن وقف الحرب أو الحث عليها سيظل قائما طالما استمر أمل بايدن في تحقيق مكسب في الانتخابات أو بما يمكن توظيفه في الانتخابات بشكل أو بآخر.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو هل مصادفة أن تنشأ وتتسع تدريجيا الهجمات المسيرة والصاروخية من جانب الحوثيين مع التصعيد في غزة؟ في السنوات السابقة أو منذ اندلاع حرب غزة وإذا كان قد تكرر سيناريو اتهام إيران بدعم الحوثيين فنيا وتقنيا وتسليحيا لدعم حماس وإنكار طهران ونفيها للاتهامات الأمريكية فهل يمكن لإيران أن تكون أقل حذرا هذه المرة أو أن تترك لواشنطن ما يمكنها اتخاذه حجة أو دليلا ضدها للإيقاع بها ؟ من المؤكد أن طهران تتمتع بالحرص والذكاء والقدرة على المناورة وحماية نفسها ومصالحها المباشرة وغير المباشرة سواء في السنوات السابقة أو منذ اندلاع حرب غزة، فإنه من المؤكد أن ليس من مصلحة إيران ولا من مصلحة دول وشعوب المنطقة أن تشهد المنطقة توسعا في الحرب في المنطقة أيا كانت الدوافع والأسباب فالنتائج يصعب التنبؤ بها أو حسم توقعات الحرب غدا أو بعد غد.

وإذا كانت إيران دولة بحرية تملك أسطولين بحريين للجيش والحرس الثوري يضمان نحو مائة قطعة بحرية واستطاعت بحريتها أن تدور حول العالم إلا أنها امتنعت عن المناورة بإغلاق الممرات البحرية في فترات وظروف مختلفة في المنطقة رغم قدرتها عليها والتهديد بها في فترات وظروف مختلفة. ولذا فإن التهديد بإغلاق البحر المتوسط والممرات المائية حوله لن يكون مختلفا عن التهديدات السابقة سوى في حالة قررت واشنطن الدخول في مواجهة مع طهران أو دفعها إلى ذلك في إطار حسابات تخصها هي ولصالح إسرائيل بشكل أو بآخر ولا تجد واشنطن ما يدفعها لذلك حتى الآن على الأقل.

أما الحوثيون فإن البعد السياسي والرمزي له أهمية كبيرة خاصة في الظروف التي تمر بها المنطقة الآن وفي المستقبل، وإذا كانت أوروبا تعاني بسبب نفقات الحروب واستنزاف مخزونات السلاح فما بال القوى والأطراف المستنزفة في حروب محلية وإقليمية منذ سنوات فهل تحتاج مزيدا من الاستنزاف ولصالح من؟

د. عبدالحميد الموافي كاتب وصحفي مصري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مشروع القرار مجلس الأمن فی المنطقة وقف الحرب الحرب فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

إقــــرار أمــريــكي بـالـفـشل

معهد واشنطن للدراسات:” خيارات النقل العسكري مكلف ومعرض للخطر

 

الثورة  / متابعات

رغم استعراض القوة العسكرية الأكبر خلال ولاية ترامب الثانية أعلنت أمريكا فشل حملتها العسكرية التي تنفذها على اليمن ، كما فشلت في إيقاف هجمات القوات اليمنية ضد الكيان الصهيوني وتأمين ملاحة سفنها في البحر الأحمر، رغم إنفاق وزارة الدفاع الأمريكية مليارات الدولارات، إلا أن النتائج جاءت صادمة لصنّاع القرار الأمريكي، فالهجمات المستمرة للقوات اليمنية ولم تتوقف، والملاحة في البحر الأحمر لا تزال معطّلة، فيما تجد الولايات المتحدة نفسها محاصرة بتكتيكات يمنية محكمة تُربك حساباتها العسكرية والتجارية على حد سواء.

هذا ما أكده مجلتا «فورين بوليسي ومعهد واشنطن في تقريرين منفصلين، خلصا إلى نتيجة واحدة: اليمن بات يمثل تهديدًا نوعيًا على تفوّق واشنطن البحري، ويقوّض جدوى الإنفاق العسكري الأمريكي في المنطقة.

ففي تقريرها، وصفت فورين بوليسي الحملة الأمريكية في اليمن بأنها استنزاف بلا إنجاز، مؤكدة أن أهدافها الرئيسية – إعادة حرية الملاحة البحرية وفرض الردع على الحوثيين – لم تتحقق. بل على العكس، شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيدًا متزايدًا في هجمات صنعاء على السفن الحربية الأمريكية والإسرائيلية، بينما واصلت القوات اليمنية استهداف خطوط الملاحة العالمية في البحر الأحمر.

التقرير سلّط الضوء أيضًا على الغياب الفاضح للشفافية، حيث لا تُعقد مؤتمرات صحفية رسمية حول العمليات، ويقتصر الإعلام العسكري على فيديوهات دعائية من حاملات الطائرات، في المقابل، تتواصل الضربات باستخدام ذخائر دقيقة التوجيه، ما يستهلك موارد بحرية توصف بـ»المحدودة»، وفق خبراء عسكريين تحدثوا للمجلة.

وحذّر تقرير لمعهد واشنطن للدراسات أعده جيمس إي. شيبارد، المقدم في القوات الجوية الأمريكية، من أن «الحظر البحري اليمني لا يُهدد فقط الملاحة التجارية، بل يُعيق قدرة الولايات المتحدة على تحريك قواتها وإمداداتها بسرعة عبر مناطق النزاع».

وأوضح التقرير، أن مضيق باب المندب يمثل شريانًا حيويًا للتجارة العالمية واللوجستيات العسكرية، حيث تمر عبره بضائع بأكثر من تريليون دولار سنويًا، إلى جانب 30% من حركة الحاويات العالمية. ولفت إلى أن أي انقطاع في هذا الطريق يُربك العمليات الأمريكية في الشرق الأوسط وأفريقيا والمحيطين الهندي والهادئ.

كما أشار إلى أن تكتيكات صنعاء الدقيقة – باستخدام طائرات مسيّرة، وصواريخ كروز وباليستية – دفعت بشركات الشحن إلى سلوك طريق رأس الرجاء الصالح، وهو مسار أطول بـ15 يومًا وأكثر كلفة بمليون دولار إضافي لكل شحنة.

فيما اعتبر تقرير معهد واشنطن أن القدرة المحدودة للبحرية الأمريكية على مرافقة السفن، حتى في ظل التهديدات المتصاعدة، تزيد من خطورة الموقف. وذكر أن بعض السفن تعرّضت للهجوم رغم وجود مرافقة عسكرية، ما يعني أن الردع الأمريكي فعليًا في حالة انهيار.

وأضاف أن النقل البحري هو العمود الفقري للعمليات اللوجستية العسكرية الأمريكية، وأن تعطيله سيؤثر بشكل مباشر على قدرات واشنطن في تنفيذ عمليات طوارئ، وإعادة الانتشار في مناطق التوتر، وهو ما يتطلب «إعادة نظر جذرية في العقيدة العسكرية البحرية الأمريكية».

ما بيّن الفشل الميداني وارتباك السلاسل اللوجستية، تشير المؤشرات بوضوح إلى أن الولايات المتحدة تواجه تحديًا نوعيًا لم تعهده منذ عقود. صنعاء لا تملك حاملات طائرات، لكنها تمتلك معادلة ردع مرنة وفعالة أربكت واشنطن وحلفاءها، وأجبرتهم على إعادة النظر في حساباتهم الاستراتيجية.

وأكد التقرير، أن “الحوثيين بفضل قدراتهم الصاروخية والطائرات المسيرة، سيستطيعون استهداف سفن الشحن في جميع أنحاء البحر الأحمر، ومعظم بحر العرب، وشمال المحيط الهندي، مع أن إصابة السفن المتحركة من مسافات بعيدة أمرٌ صعب” وبناءً على ذلك، فإن استخدام مجموعة متنوعة من طرق النقل، بالإضافة إلى باب المندب، قد يُسهم في تخفيف خطر الحوثيين”.

واقترحت شبكة عبر الجزيرة العربية (TAN) التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية إنشاء 300 مركز لوجستي – مطارات وموانئ بحرية ومراكز برية – عبر شبه الجزيرة العربية لتنويع خيارات الشحن. على سبيل المثال، يُمكن لبعض السفن تجاوز المضيق والرسو في جدة؛ ومن ثم يُمكن نقل حمولتها جوًا أو برًا. وكما ذُكر سابقًا، تقع جدة ضمن نطاق نيران الحوثيين، لكن إدخال هذه الطرق البديلة وغيرها من الطرق سيُسبب معضلات استهداف للجماعة، ويُتيح مرونة أكبر في عملية صنع القرار الأمريكية، بهدف تعزيز السلامة العامة والمرونة”. كما تم اقتراح خيار آخر هو “الممر البري بين الإمارات وإسرائيل، وهو طريق تجاري يمتد من ميناء حيفا «الإسرائيلي» عبر الأردن والمملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة، ليصل إلى الخليج العربي متجنبًا البحر الأحمر تمامًا”. و”تعمل شركتا نقل بالفعل على طول هذا الطريق، وهما شركة “تروك نت” الإسرائيلية وشركة “بيور ترانس” الإماراتية، وقد تكونان من أبرز المرشحين للتعاقد مع الجيش الأمريكي”. كون الممر “مجهز حاليًا لاستيعاب ما يصل إلى 350 شاحنة يوميًا ، وهو ما ينافس أو حتى يتجاوز شبكة “تان” العاملة بكامل طاقتها.

مقالات مشابهة

  • كيف تبدو خريطة إسرائيل لـاليوم التالي في غزة؟
  • غلق ميناء الغردقة بسبب سوء الأحوال الجوية
  • أمريكا وسياستها في البحر الأحمر
  • الخارجية الإيطالي: التصعيد في البحر الأحمر يكبد دول المنطقة خسائر كبيرة
  • إقــــرار أمــريــكي بـالـفـشل
  • لبنان.. العفو الدولية تتهم إسرائيل بشن هجمات عشوائية على المدنيين
  • حزب المؤتمر: زيارة الرئيس السيسي إلى جيبوتي تدشن ‏شراكة استراتيجية جديدة
  • قوات أوروبية تجري تدريباً لإخلاء الضحايا في البحر الأحمر
  • 3 ملفات مهمة تتصدر القمة المصرية الجيبوتية
  • بـ"قرار الفرصة الأخيرة".. إسرائيل تحدد موقفها من مفاوضات غزة