وسط دعوات لحماية المهاجرين.. وفد أوروبي يزور تونس للمرة الثانية لمناقشة ملف الهجرة
تاريخ النشر: 15th, July 2023 GMT
دعت منظمتان تونسيتان، الجمعة، إلى حماية مهاجرين غير نظاميين بعد طردهم من محافظة صفاقس جنوبي البلاد، في حين أعلن مسؤولون أوروبيون أنهم سيلتقون بالرئيس التونسي قيس سعيد الأحد لمناقشة إقامة شراكة تتعلق بالهجرة.
وقال رمضان بن عمر الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (مستقل مختص بقضايا الهجرة)، إنه "تم طرد عدد من المهاجرين غير النظاميين من جنسيات دول إفريقيا جنوب الصحراء من محافظة صفاقس باتجاه حدود تونس مع الجزائر أو ليبيا، على أساس اللون (البشرة السوداء)".
وأشار بن عمر في كلمة خلال لقاء صحفي في مقر نقابة الصحفيين وسط تونس العاصمة، إلى أن الحكومة التونسية نقلت ما بين 500 و700 مهاجر غير نظامي إلى أماكن قريبة من حدود تونس مع جارتيها ليبيا والجزائر بعد ضغوط من منظمات مدنية وحقوقية، لكن نحو 150 شخصًا آخرين لا يزالون على الحدود نفسها في ظروف إنسانية صعبة.
وبحسب بن عمر، فقد تم نقل 165 مهاجرا غير نظامي إلى وجهات "غير معلومة"، مطالبا بكشف أماكنهم.
وقال إن تعامل الدولة مع أزمة المهاجرين غير النظاميين وفق مقاربة أمنية لا تراعي الحقوق الإنسانية، بحسب تعبيره.
من جهتها، أعربت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات (مستقلة)، نائلة الزغلامي، خلال اللقاء الصحفي نفسه، عن تخوفها من "تفاقم أزمة المهاجرين غير النظاميين في تونس وخاصة النساء والأطفال منهم، مع تصاعد حملات الترحيل والعنف تجاههم".
فيما لم يصدر عن السلطات التونسية تعليق فوري على ما جاء في اللقاء الصحفي.
وسبق أن أعربت 24 منظمة غير حكومية بينها "محامون بلا حدود" فضلا عن أحزاب سياسية ونقابات عن استيائها من تدهور الأوضاع في البلاد، واعتبرت خطاب سعيد "مفعما بالكراهية ومحرضا على ارتكاب الجرائم وأعطى الضوء الأخضر لارتكاب الانتهاكات الخطيرة التي استهدفت المهاجرين".
وقد رصدت كاميرا الجزيرة، جانب من المعاناة التي عاشها هؤلاء المهاجرين خلال الأسبوعين الأخيرين على الحدود التونسية الليبية، فيما قامت جمعية "الهلال الأحمر" التونسي بتوفير الحاجات الضرورية لهم ونقل بعضهم إلى المستشفى.
وعبّر مئات المهاجرين غير النظاميين عن رغبتهم في مغادرة تونس عبر قوارب الصيد للوصول إلى مدن أوروبية أو العودة طوعًا إلى بلدانهم، وذلك بعد اشتباكات بين عدد منهم ومواطنين في صفاقس أسفرت عن مقتل شاب تونسي، ما دفع الكثيرين بينهم إلى المغادرة نحو محافظات أخرى.
خطة شراكةوفي سياق متصل، أعلنت المفوضية الأوروبية الجمعة أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته، سيلتقون بالرئيس التونسي قيس سعيّد في تونس الأحد بهدف مناقشة ملف شراكة تتعلق بالهجرة.
وأكدت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية دانا سبينانت، أن مسؤولين أوروبيين قدموا في 11 يونيو/حزيران الماضي، عرضا "لشراكة إجمالية" مع تونس، مصحوبة بدعم مالي يصل إلى أكثر من مليار يورو.
وأضافت المتحدثة أن الشراكة التي لا تزال في مرحلة المفاوضات ستشمل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والتعاون في مجال الطاقة النظيفة، فضلاً عن ملف يتعلق بإدارة مسألة الهجرة.
وأكدت أن الشراكة تهدف إلى منع عبور المهاجرين غير القانونيين من السواحل التونسية نحو السواحل الأوروبية، ومكافة المهربين وتسهيل عودة المهاجرين إلى تونس من دول الاتحاد الأوروبي.
وتتعرض تونس لضغوط أوروبية متصاعدة لممارسة مزيد من الرقابة على شواطئها ومنع قوارب الهجرة ، حيث مثلت شواطئها في الأشهر الأخيرة نقطة انطلاق أساسية نحو القارة الأوروبية، خاصة مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية فيها وفي دول المنطقة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ليبيا: دعوات تحريض ضد المهاجرين تضاعف أوجاع السودانيين الفارين من ويلات الحرب
القاهرة: الشرق الأوسط: ضاعفت دعوات تحريض ضد المهاجرين غير النظاميين في ليبيا من أوجاع السودانيين الفارين من الحرب، الذين يقيمون في مدينة الكفرة (جنوب البلاد)، ويأتي قلق السودانيين على وقع جدل سياسي وشعبي في ليبيا، بشأن توطين المهاجرين غير النظاميين، وهو ما نفته السلطات الليبية على لسان مسؤولين حكوميين.
وانتشرت أخيراً على بعض صفحات التواصل الاجتماعي في ليبيا دعوات تحريضية لـ«ترحيل المهاجرين غير النظاميين»، ودافع بعض المدونين، خلال اليومين الماضيين، عن هذه الدعوات بالحديث عن «عدم الترحيب بالمهاجرين».
كما رصد حقوقيون، ومن بينهم الناشط الليبي طارق لملوم، ما قال إنها «دعايات وحملات تحريض»، متحدثاً عن «منع وصول العمال والمهاجرين المسلمين إلى ساحة الشهداء في العاصمة طرابلس للاحتفال بعيد الفطر، بحجة عدم حملهم أوراق هوية».
وأعاد لملوم عبر حسابه بـ«فيسبوك» نشر صور متداولة لحافلات، تابعة لجهاز «مكافحة الهجرة غير الشرعية»، وهي تطوق ساحة الشهداء، فيما لم يصدر تعليق رسمي عن الجهاز بشأن هذا الإجراء.
وسبق أن هيمنت على السودانيين الشهر الماضي مخاوف وهواجس من «الاعتقال والزج بهم في مراكز الاحتجاز وترحيلهم»، وفق بيان السفارة السودانية في ليبيا، التي حاولت أيضاً تهدئة مواطنيها، قائلة إن «سياسات الحكومة الليبية المعلنة تجاه الوافدين السودانيين تُقدم التسهيلات والمساعدات لهم، بوصفهم ضيوفاً».
الناطق باسم بلدية الكفرة، عبد الله سليمان، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجتمع المحلي يرحب بالنازحين السودانيين، ولا يكن أي عداء تجاههم»، لكنه تحدث عن «ضغوط قاسية على مرافق المدينة، مثل الكهرباء والصرف الصحي والمستشفيات».
وسبق أن نشرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بياناً، حذرت فيه مما وصفته بـ«المعلومات المضللة وخطاب الكراهية» ضد اللاجئين، وشددت على أن ذلك «لا يؤدي سوى إلى تفشي الخوف وحالة العداء».
ولم تفارق مشاعر الحنين لأجواء «العيد» في السودان قطاعاً واسعاً من النازحين إلى ليبيا، ومنهم خالد العاقب (48 عاماً)، الذي حل عليه «العيد» بمشاعر «خوف وحنين إلى الوطن»، فهو «عيد جديد من أعياد الأحزان ووجع الغربة والنزوح»، على حد وصفه.
وتذكر العاقب جانباً من ذكريات عيده في الخرطوم، التي نزح منها منذ 3 أعوام، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «أشتاق لتجمعات الأهل والأصدقاء والحلوى، ومشاهد لعب الأطفال ومعايدتهم، ومطعم شهير كنت أرتاده».
ويحرص النازح السوداني، وكما في الأعياد السابقة بالكفرة، على التواصل مع من تبقى من أهله في السودان والاطمئنان على أحوالهم، علماً أن بعض أفراد عائلته يوجدون أيضاً في مصر، وفي هذا السياق يقول: «شتتت الحرب شملنا ومزقت فرحة أعيادنا».
وتذهب تقديرات الأمم المتحدة إلى اعتبار مدينة الكفرة باتت نقطة عبور رئيسية للفارين السودانيين إلى ليبيا، حيث استقبلت 240 ألف شخص منذ اندلاع الصراع في أبريل (نيسان) 2023، وهو رقم شكك الناطق باسم بلدية الكفرة في صحته، قائلاً: «يستحيل حصر أعداد اللاجئين القادمين عبر الحدود الليبية-السودانية لأنها لا تخضع لمراقبة دقيقة»، ورجح دخولهم «عبر مسارات التهريب»، مبرزاً أن البلدية أصدرت أكثر من 120 ألف شهادة صحية للاجئين حتى الآن.
وخلال أيام عيد الفطر، لم يطرأ تحسن على الأوضاع الإنسانية للسودانيين الموجودين في ليبيا، حيث تشكو شرائح واسعة منهم، ومن بينهم النازح العاقب، من «صعوبة أوضاعهم المعيشية، حيث يعمل بعضهم في مهن متواضعة، وأيضاً من تصاعد دعوات التحريض ضد المهاجرين».
وفي شهر رمضان الماضي، تداول سودانيون في الكفرة عبر صفحات تواصل خاصة بهم منشور نداء من إحدى السيدات، تدعى «م.م»، تطلب فيه سلة مساعدات فيها «دقيق وعدس وفول»، وكتبت: «نحن نازحون وأيتام ونحتاج إلى المساعدة من فاعل خير».
وهنا يقر المتحدث باسم بلدية الكفرة بصعوبة الوضع الإنساني للسودانيين في بلاده، لكنه يشير إلى «مبادرات من البلدية وأهالي الكفرة والمجتمع المدني لمساعدتهم».
ووزعت بلدية الكفرة 3 آلاف سلة غذائية على السودانيين في رمضان، تشمل الحليب والأرز والزيت والطماطم والدقيق، إلى جانب تجهيز 7 موائد إفطار، وفق الناطق باسم البلدية.
لكن رغم تلك الجهود، فإن «السودانيين في الكفرة استقبلوا (العيد) في خيام ضيقة، مصنوعة من القماش في مزارع على أطراف المدينة أو مستودعات تحولت إلى أعشاش، لا تقيهم حر الصيف أو برد الشتاء».
وسبق أن أعدت الأمم المتحدة خطة استجابة إنسانية للسودانيين في ليبيا، عبر جمع 106.6 مليون دولار أميركي يغطي قطاعات الصحة والتغذية والتعليم، والأمن الغذائي والمياه والصرف الصحي والحماية.
ويقر عبد الله سليمان بما قال إنها «وقفات استجابة إنسانية من جهات دولية، تقدم مواد غذائية وأدوات تنظيف وطهي»، ضارباً المثل بكل من «منظمات الأغذية العالمية، والهجرة الدولية، واليونيسف».
ومع ذلك، توجه بلدية الكفرة «انتقاداً» للأمم المتحدة، بحجة أن «ما تم تقديمه للاجئين غير كافٍ»، وقال الناطق باسمها: «نحتاج إلى دعم للاجئين والمجتمع المضيف، بناء على الاحتياج وليس الاجتهاد». مطالباً «بدعم المؤسسات الخدمية التي تواجه ضغطاً شديداً في مدينة كان يبلغ عدد سكانها 60 ألف نسمة قبل موجة النزوح».