حلف دولي ومبادرة عسكرية.. كيف يسعى الغرب لكبح سيطرة الحوثي على باب المندب؟.. تقرير
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
تواصل جماعة الحوثي اليمنية استهداف السفن الإسرائيلية العابرة مضيق باب المندب، وفق قرار الجماعة إعلان الحرب على إسرائيل في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، "نصرةً لإخواننا في فلسطين"، حسبما قاله المتحدث العسكري باسم الجماعة العميد يحيى سريع.
وأثّرت هذه العمليات العسكرية الحوثية على حركة الملاحة البحرية في مضيق باب المندب، الذي يعد أحد أهم المعابر البحرية في العالم.
وفي وجه هذا الواقع، تحرّكت الدول الغربية لكبح سيطرة الحوثيين على باب المندب. وأعلنت الولايات المتحدة، رفقة عشر دول أخرى، تشكيل حلف عسكري من أجل حفظ الأمن في البحر الأحمر.
حلف دولي ومبادرة عسكرية
أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الاثنين، بدء عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر، أطلق عليها اسم "حارس الازدهار"، في أعقاب سلسلة من الهجمات شنها الحوثيون على سفن الشحن الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل.
وقال أوستن، خلال زيارته البحرين التي تستضيف الأسطول الأمريكي في الشرق الأوسط، إن هذا التحالف سيضم 10 دول هي، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا. وأضاف أنهم سينفذون دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.
يأتي هذا عقب تصريحات أدلى بها مسؤول رفيع في البنتاغون، يوم الأحد، رأى فيها أن تهديدات الحوثيين اليمنيين في البحر الأحمر "عالمية وتشكل تحدياً دولياً"، وأن "الولايات المتحدة خلال الأسابيع الماضية، عملت مع الحلفاء والشركاء على معالجة التهديد، عبر توسيع فرقة العمل 153 المعنية بأمن البحر الأحمر، في إطار القوات البحرية المشتركة".
وقالت صحيفة لوموند الفرنسية، إنه "ملامح هذا التحالف البحري الجديد لا تزال غير واضحة. لكن في هذه المرحلة، تعد المبادرة مجرد امتداد لواحدة من قوات العمل المشتركة الخمس التي كانت الولايات المتحدة تقودها بين البحر الأحمر والخليج العربي منذ نحو 20 عاماً".
وأردفت الصحيفة الفرنسية أن هذه المبادرة تواجه عقبات عدة، على رأسها تهديدها السلام في منطقة الشرق الأوسط والتسبب في انقسامات بين الأطراف هناك. وفي هذا السياق، قال وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان ليكورنو: "علينا أن نرى كيف سيجري تجميع الأمور. يمكننا أن نفعل المزيد، لكنّ هذا التحالف لا ينبغي أن يتكون من دول غربية فقط".
وكان هناك تحدٍّ آخر حول مسألة تزوُّد القوات البحرية المشاركة في العملية بالوقود والذخائر، ما قد يكون موضوع نقاش طويل مع دول حوض البحر الأحمر غير الراغبين في المشاركة في التحالف. ونقلت الصحيفة عمّن سمّته مصدراً مقرباً من الأمر، قوله: "في مواجهة الحساسيات المتعددة لدول المنطقة، فإن الوصول إلى الطائرات والصواريخ، ثم تحديد الموانئ التي تزوِّد السفن بالوقود، ليس بالأمر السهل بأي حال من الأحوال".
رد الحوثي
ورداً على المبادرة العسكرية الغربية، توعّد زعيم جماعة الحوثي اليمنية، عبد الملك الحوثي، الأربعاء، باستهداف البوارج الأمريكية. وقال الحوثي في خطاب متلفز: "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام أي توجه أمريكي للتصعيد، أو ارتكاب حماقة باستهداف بلدنا أو شن حرب عليه".
وأضاف مهدداً بأن "أي تصعيد من هذا النوع سيجعل البوارج وحركة الملاحة الأمريكية هدفاً لصواريخنا وطائراتنا المسيّرة وعملياتنا العسكرية (...) فالولايات المتحدة تقوم بعسكرة البحر الأحمر، بهدف حماية السفن الإسرائيلية والسعي لتوريط دول أخرى معها".
وحذر زعيم الجماعة اليمنية "الدول المطلة على البحر الأحمر" بأنها "ستكون متضررة من التدخل الأمريكي"، ونصح "الدول التي يسعى الأمريكيون لتوريطها في البحر الأحمر، بأن لا تضحّي بمصالحها وحرية ملاحتها، خدمةً للعدو الصهيوني (إسرائيل)".
ما تأثير هجمات الحوثيين في التجارة الدولية؟
وفي بيان مصور له في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، تعهد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، بمواصلة الهجمات وضرب السفن الإسرائيلية التي تمر عبر الممرات التجارية الاستراتيجية وناقلات النفط. وهكذا كثّف الحوثيون من مهاجمتهم السفن الإسرائيلية، مع استمرار الحرب الجارية على قطاع غزة.
وفي ظل هذه التطورات، يطرح عدد من المتابعين أسئلة حول تأثيرها في النشاط الملاحي والاقتصادي الإسرائيلي في البحر الأحمر، وما إذا كان استهداف السفن الإسرائيلية يؤثر في الملاحة الدولية في أحد أهم المعابر البحرية في العالم.
ويعد معبر باب المندب أحد أهم الممرات البحرية في العالم، إذ إنه المعبر الوحيد من المحيط الهندي إلى مياه البحر الأحمر، وبالتالي إلى قناة السويس. ويعد الطريق التجاري الرئيسي للسلع والواردات النفطية، من شرق آسيا والخليج نحو أوروبا ودول شمال إفريقيا.
ووفق التقديرات، فإن 12% من مجمل التجارة الدولية تمر من مضيق باب المندب، إضافة إلى 30% من تجارة الحاويات، بقيمة تزيد على تريليون دولار. ويمر عبره ما يقرب من 6.2 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات النفطية باتجاه أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، إضافةً إلى أكثر من 50 مليون طن منرالمتتجات الزراعية كل عام.
وبالتالي، فحدوث أي أعمال عسكرية تهدد الملاحة البحرية عبر المضيق يهدد الأمن الطاقيّ والغذائيّ العالميّ، لما قد تؤدي إليه من اضطراب في سلاسل التوريد وتضخم في أسعار السلع بسبب ارتفاع تكلفة الشحن.
وبدأت شركات الملاحة الدولية بتحويل مسارات سفنها بعيداً عن باب المندب، والمرور عِوَض ذلك عبر رأس الراء الصالح في جنوب إفريقيا. وأكدت تصريحات لرئيس هيئة قناة السويس المصرية، الفريق أسامة ربيع، أن 55 شركة نقل بحري حوَّلت مساراتها منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لتجنب هجمات جماعة الحوثي اليمنية في البحر الأحمر.
وبالتزامن مع ذلك بدأت شركات عالمية في رفع تكلفة كل حاوية بنسبة تصل إلى 46%، بعد قرار المرور بعيداً عن مضيق باب المندب، وبالتالي ارتفاع تكلفة النقل والتأمين. كما أعلنت 5 شركات كبرى تحويل مسار تجارتها إلى رأس الرجاء الصالح.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: السفن الإسرائیلیة الولایات المتحدة مضیق باب المندب فی البحر الأحمر البحریة فی
إقرأ أيضاً:
هل ستدعم أمريكا عملية عسكرية خاطفة ضد الحوثيين من بوابة الحديدة؟ تقرير
استنفار عسكري متبادل وتحركات سياسية داخلية وخارجية متزايدة، كلها مؤشرات على عمل عسكري مرتقب قد يشهده اليمن، خلال الفترة المقبلة، من بوابة الحديدة الواقعة غربي البلاد.
فالمليشيات الحوثية الايرانية رفعت من جاهزيتها القتالية على طول الشريط الساحلي الواقع تحت سيطرتهم غربي اليمن، في الوقت الذي يتحدث فيه قادة الجماعة الارهابية عن مخططات تُعد لمهاجمة الحديدة، وربما فتح أكثر من جبهة في الداخل، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية.
الإدارة الأمريكية هي الأخرى صعدت لهجتها ضد الحوثيين، وأرسلت قاذفات وأسلحة ومدمرات إلى المنطقة، في الوقت الذي تجري فيه مباحثات مع الأطراف اليمنية والإقليمية لحشد الدعم ضد الجماعة.
ويبدو أن عمليات الحوثيين الداعمة لغزة، وتأثيراتها على الملاحة الدولية وسلاسل التوريد، تقف وراء تغيير واشنطن موقفها من الجماعة، فهل تدعم الولايات المتحدة عملية عسكرية تخوضها أطراف يمنية لحرمان الحوثيين من منفذهم البحري الوحيد؟
استنفار حوثي
وفق مصادر عسكرية مقربة من الجماعة، فقد وجهت قيادتها العسكرية برفع الجاهزية القتالية في المعسكرات الساحلية في الحديدة، التي تعتبر نافذة الجماعة الوحيدة على البحر الأحمر، ومنها تنطلق عملياتها التي تستهدف السفن الإسرائيلية والمتوجهة إلى "إسرائيل".
وبحسب مصادر يمنية في محافظة الحديدة، كثفت الجماعة الارهابية من تحركاتها العسكرية، وأرسلت مزيداً من التعزيزات إلى المحافظة الساحلية، وسط مخاوف تسود الجماعة من احتمال تدشين عملية عسكرية مفاجئة لقوات موالية للحكومة اليمنية المعترف بها لاستعادة الحديدة.
وفي 27 أكتوبر، نفذت الجماعة مناورة عسكرية واسعة في الساحل الغربي، وقالت إن هذه المناورة تُحاكي التصدي لأربع موجات هجومية واسعة بحراً وجواً.
وبحسب بيان الجماعة، فقد شارك في تلك المناورة قوات التعبئة العامة التي شكلتها الجماعة خلال الأشهر الماضية، للتصدي لما أسمته أي "عدوان" على اليمن.
تحركات الحوثيين ودفعهم بمزيد من القوات إلى الساحل الغربي دفع القوات الموالية للحكومة اليمنية إلى تعزيز صفوفها على خطوط التماس من جهة المخا والخوخة ومواقع أخرى غربي البلاد.
قوات الحكومة
على الطرف الآخر رفعت قوات المقاومة الوطنية، التي يقودها نجل الرئيس السابق عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، من جاهزيتها القتالية على طول خطوط التماس مع الحوثيين في الحديدة.
كما رفعت "ألوية العمالقة" السلفية من جاهزيتها القتالية في مناطق تمركزها في الحديدة، وكذلك ألوية المقاومة التهامية، وهي وحدات عسكرية شُكلت خلال سنوات الحرب بدعم من المملكة العربية السعودية والإمارات.
ونقل موقع "يمني مونيتور" المحلي عن مصدر عسكري قوله إن المقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى الخطوط الأمامية لجبهات القتال، كما فعلت قوات العمالقة والقوات الحكومية.
وسبق أن وصلت القوات الحكومية إلى محيط ميناء الحديدة الاستراتيجي في 2018، إلا أن ضغوطاً قيل إنها أمريكية حالت حينها دون استعادة المدينة الساحلية، التي تعتبر ثاني أهم ميناء في البلاد، بعد ميناء عدن جنوبي البلاد.
وانسحبت القوات الموالية للحكومة في ظروف غامضة، أواخر 2021، من مناطق شاسعة في الحديدة؛ ما سمح للحوثيين بالتمدد مجدداً في تلك المناطق، لتتحول المنطقة إلى ساحة للتمدد والتحشيد الحوثي.
تحركات دبلوماسية
سياسياً تبذل الولايات المتحدة الأمريكية جهوداً كبيرة لتوحيد القوى اليمنية، في خطوة يرى سياسيون أنها بمنزلة تحول في الموقف الأمريكي تجاه الجماعة، بسبب هجمات الأخيرة البحرية، وفشل واشنطن في التصدي لها.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، نشط المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، والسفير الأمريكي ستيفن فاغن، دبلوماسياً في محاولة لإقناع الأطراف اليمنية والإقليمية بضرورة الوقوف في وجه الحوثي.
وأجرى المبعوث الأمريكي مباحثات في السعودية، وكذلك في مصر، وقد نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مصادرها الخاصة أن ليندركينغ فشل في انتزاع إدانة سعودية ومصرية لعمليات الحوثيين.
كذلك نشطت قيادة الشرعية في اليمن دبلوماسياً، وزار رئيس هيئة الأركان العامة قائد العمليات المشتركة الفريق الركن صغير بن عزيز الولايات المتحدة مرتين خلال عام، آخرها في أكتوبر الماضي، وهناك بحث التعاون المشترك، وسبل دعم الحكومة للقيام بدورها في التصدي لتهديد الحوثيين المستمر للملاحة الدولية.
تقرير الخبراء
واللافت في المشهد اليمني الحالي ما تضمنه تقرير الخبراء التابع لمجلس الأمن الأخير، الذي قدم تفاصيل ومعلومات كثيرة حول قدرات الحوثيين، وتحولهم إلى قوة عسكرية تشكل خطراً على أمن المنطقة.
التقرير الذي أثار غضب الحوثيين استعرض هجمات الجماعة والمخاطر التي يفرضونها على الملاحة الدولية، كما تطرق بالتفصيل إلى علاقتهم الخطيرة مع إيران، واضعاً توصيات بضرورة التصدي لهم ووقف خطرهم.
جماعة الحوثي، الارهابية وعلى لسان العديد من قياداتها، اعتبروا التقرير بمنزلة ضوء أخضر وتبرير لأي عملية عسكرية قد تشنها الولايات المتحدة و"إسرائيل" ضدهم، بحسب قولهم.
عملية خاطفة
وبالنظر إلى المعطيات الراهنة، يتضح أن الأطراف الداخلية اليمنية تتحضر لعملية لا تُعرف حدودها، وما إذا كانت ستشمل كافة الجبهات أم ستقتصر على الحديدة وحدها.
ووفقاً للخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور علي الذهب، فإن هناك سيناريوهين اثنين لتلك التحركات، "الأول قد يكون في إطار محاولات الضغط على الحوثيين في إطار عملية السلام الحاصلة، والحد من هجماتهم على خطوط الشحن البحري، وإضعافهم، بحيث لا يتضاعف خطرهم".
وأما السيناريو الثاني فيرى الذهب في بـ أن الهدف قد يكون "معركة خاطفة، يُزاح من خلالها الحوثيون من الحديدة لضمان عدم تشكيلهم خطراً على الملاحة الدولية"، مؤكداً أن هناك مؤشرات حقيقية على هذا الأمر، إلا أنه يرى أن الانتخابات الأمريكية ربما تعيق مثل هذا التحرك.
وقال الذهب: "لا أتصور أن الولايات المتحدة قد تخوض حرباً في مثل أوضاع كهذه، لكن ليس مستبعداً أن تكون هناك معركة خاطفة يزاح فيها الحوثيون من الحديدة إلى ما بعد منطقة باجل، ومن ثم تحييدهم والحيلولة بينهم وبين البحر الأحمر، والحد من تأثيرهم فيه".
ضربة للحوثيين
ويرى الذهب أنه في حال إطلاق عملية عسكرية خاطفة ضد الحوثيين، فإنه سيكون لها تأثير كبير عليهم، خصوصاً من الناحية الاقتصادية، كما ستؤثر كثيراً على مجهودهم الحربي.
وتابع: "ستنتزع منهم قطاعاً كبيراً من الساحل الغربي؛ لأن المعركة لن تكون في الحديدة فقط، بل ستكون في المنطقة الممتدة ما بين الخوخة وما بعد مدينة الحديدة، ومن ثم سيفقدون أهم منافذ الشحن، وأهم المناطق الحضرية، التي توجد فيها مرافق عسكرية وحضرية وتجارية وسياسية".
ونوّه بأن العملية ستكون ضربة مؤثرة على الجماعة، مشيراً إلى أنها سارعت إلى الاستعداد؛ من خلال نصب منصات لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة في جبال حصوصت في حدود ريمة، والمناطق المحيطة، لمواجهة أي عملية محتملة في الحديدة.
وفيما يتعلق بجاهزية الأطراف اليمنية لخوض معركة محتملة في الحديدة قال الخبير العسكري والاستراتيجي: إن "تلك الأطراف ليست جاهزة لخوض معركة طويلة المدى"، لافتاً إلى أن مثل هذه المعركة تحتاج إلى دعم خارجي "وربما أمريكي".
وقال الذهب: "إذا كان هناك دعم أمريكي يسبق عملية الاجتياح، من خلال التمهيد الجوي والبحري، ودعم لوجستي ومعلوماتي، فأعتقد أنه من الممكن خوض هذه المعركة بـ6 إلى 8 ألوية، وهذه الألوية موجودة على الأرض، شريطة أن تكون مسلحة بشكل كامل بمختلف أنواع الأسلحة، وسبق أن خاضت معارك في هذه المناطق، ولديها القدرة على التعويض المادي والبشري، ومدعومة لوجستياً واستخبارياً".