لجريدة عمان:
2025-03-04@16:21:01 GMT

حرب غزة تقضي على حلم التطبيع الإسرائيلي

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

ترجمة ـ أحمد شافعي -

في 14 ديسمبر، أجاز الكونجرس الأمريكي القانون الوطني للتفويض بالدفاع، متضمنا بندا مثيرا للاهتمام: للرئيس أن يعين مبعوثا خاصا لاتفاقيات إبراهام، ومنتدى النقب، والمنتديات الأخرى ذات الصلة.

جاءت هذه الإضافة في وقت تشعر فيه الحكومة بقلق عميق بسبب انهيار كامل أجندتها المتعلقة بالشرق الأوسط، وكذلك بسبب التهديدات التي تواجهها إسرائيل من لبنان واليمن.

حتى أشهر قليلة مضت، كان كبار المسؤولين في الولايات المتحدة يفكرون في إجراء مناورات سياسية لحمل الدول العربية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتقليل نفوذ الصين في المنطقة. ثم انهارت كل هذه المخططات وسط أنقاض حملة القصف الإسرائيلية العدوانية على الفلسطينيين في غزة.

والآن، يبدو أن جميع الهياكل التي أنشأتها الولايات المتحدة ـ بدءا باتفاقات أبراهام ـ قد فقدت صلابتها. ففي حين أن القضية الفلسطينية كانت قد بدأت تنزاح بعيدا عن رادار الدول العربية، فإنها الآن قد أعيدت قسرا إلى المركز بسبب ما قامت به حماس وفصائل فلسطينية مسلحة أخرى في السابع من أكتوبر.

اتفاقيات ابراهيم

لم يكن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مهتما قط بالقانون الدولي أو تعقيدات الدبلوماسية. وفي ما يتعلق بإسرائيل، كان واضحا أن ترامب يرغب في تسوية الصراع مع الفلسطينيين، الذين بدا أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية وعزل غزة قد أضعفتهم بما يصب في صالح النظام الإسرائيلي.

في يناير 2020، أصدر ترامب خطة «السلام من أجل الازدهار»، فجاءت وهي تتجاهل عمليا مطالب الفلسطينيين وتعزز دولة الأبارتيد الإسرائيلية. وكان رمز هذه السياسة المتشددة هو نقل ترامب السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في خطوة استفزازية أجهزت على المطالبة الفلسطينية بأن تكون المدينة مركزية لدولتهم.

وفي مؤتمر صحفي في 28 يناير لإعلان هذه الخطة، قال ترامب ـ بينما يقف بجانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ـ «إنني فعلت الكثير من أجل إسرائيل». وقال «لن يُقتلع فلسطيني أو إسرائيلي من بيته»، بالرغم من أن خطته أشارت إلى أن «تبادل الأراضي الذي تقوم به دولة إسرائيل قد يشمل المناطق المأهولة وغير المأهولة بالسكان».

لم يكن التناقض مهما. إذ كان واضحا أن ترامب سيدعم ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة مهما حدث.

بعد أشهر قليلة، أعلن ترامب عن الاتفاقيات الإبراهيمية، وهي مجموعة من الصفقات الثنائية بين إسرائيل وأربع دول (البحرين والمغرب والسودان والإمارات العربية المتحدة). وقد تعهدت هذه الاتفاقيات بمواصلة الدول العربية لعملية التطبيع التي بدأت مع مصر عام 1978 ثم الأردن عام 1994.

وفي يناير 2023، مضت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بهذا الزخم قدما بإنشاء مجموعة عمل منتدى النقب التي جمعت هذه الدول (البحرين ومصر والمغرب والإمارات العربية المتحدة) مع إسرائيل في منتدى يرمي إلى «بناء الجسور» في المنطقة.

وواقع الأمر أن هذا المنتدى كان جزءا من المشروع الشامل لقيادة عملية قيام الدول العربية بإقامة علاقة عامة مع إسرائيل. ولم يستعص على إسرائيل والولايات المتحدة إلا المملكة العربية السعودية، وهي الدولة كبيرة النفوذ في المنطقة. فلو انضم السعوديون إلى هذه العملية، وإذا انضم القطريون، لتضاءلت القضية الفلسطينية إلى حد كبير.

الطريق الهندي

في يوليو 2022، ذهب بايدن إلى القدس وجلس بجوار رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك يائير لابيد لاستضافة اجتماع افتراضي مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وفي هذا الاجتماع، أعلن الرجال الأربعة عن إنشاء «I2U2»، وهو منتدى للمشاريع التجارية يتم إنشاؤها بالاشتراك بين الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة.

وقد أدخل هذا المنتدى الهند مباشرة في خطط تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.

في العام التالي، على هامش اجتماع مجموعة العشرين في دلهي، أعلن العديد من رؤساء الحكومات إنشاء الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا. وكان نية هذا الممر المعلنة هي منافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية، فضلا عن كونه أداة لإدخال المملكة العربية السعودية في مسار التطبيع مع إسرائيل.

كان الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا يبدأ في ولاية جوجارات وينتهي في اليونان، مع طريق يمر عبر المملكة العربية السعودية وإسرائيل. وبما أن المملكة العربية السعودية وإسرائيل كانتا جزءا من هذا الممر، فذلك بمثابة اعتراف فعلي من المملكة العربية السعودية بإسرائيل.

بدأ مسؤولون دبلوماسيون إسرائيليون يسافرون إلى المملكة العربية السعودية، بما يشير إلى أن التطبيع كان واردا (حيث قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لشبكة فوكس نيوز في سبتمبر إن التطبيع بات «أقرب»).

ثم أوقفت حرب غزة العملية برمتها. وأجرى محمد بن سلمان مكالمة هاتفية مع بايدن أواخر أكتوبر قال فيها إن على الولايات المتحدة أن تدعو إلى وقف لإطلاق النار، وكان ذلك غير مرجح.

وقال مسؤولون سعوديون إن ولي العهد أشار في إطار تلك المكالمة إلى إمكانية استئناف حوار التطبيع بعد الحرب. ولكن أصواتهم لم تحمل الكثير من الحماس.

وبعد أيام قليلة من هذه المكالمة، قال بايدن «إنني على قناعة بأن من أسباب هجوم حماس، وإن لم يكن لدي دليل على ذلك، إلا ما ينبئني به حدسي، هو التقدم الذي كنا نحرزه نحو دمج إسرائيل في المنطقة». وفي اليوم التالي، قال البيت الأبيض إن بايدن قد أسيء فهمه.

أنصار الله وحزب الله

بعد أيام من بدء إسرائيل في قصف غزة، انفتحت جبهتا قتال جديدتان. في جنوب لبنان، بدأ مقاتلو حزب الله يطلقون الصواريخ على إسرائيل، مما أدى إلى إجلاء ثمانين ألف إسرائيلي. وردت إسرائيل، مستعملة ضمن ما استعملته في ردها الفسفور الأبيض غير المشروع.

وفي أوائل نوفمبر، قال زعيم حزب الله حسن نصر الله لأتباعه إن لدى مقاتليهم أسلحة جديدة لا يمكنهم من خلالها تهديد إسرائيل فحسب، بل وداعمتها الولايات المتحدة أيضا. وقال نصر الله إن السفن الحربية الأمريكية المتمركزة في شرق البحر الأبيض المتوسط «لا تخيفنا ولن تخيفنا».

وقال إن مقاتليه «استعدوا للأساطيل التي تهددوننا بها». ومن المؤكد أن وجود صواريخ ياخونت روسية الصنع يمنح حزب الله المصداقية، إذ يقول إنه قادر على ضرب سفينة حربية أمريكية تقبع على بعد أقل من ثلاثمائة كيلومتر من ساحل الشام.

وفي خطبته، وجه نصر الله التهنئة لأنصار الله ـ المعروفين أيضا بالحوثيين ـ على الصواريخ التي أطلقوها باتجاه إسرائيل وتجاه السفن المبحرة إلى قناة السويس. وقد أوقفت هجمات أنصار الله تلك يد العديد من شركات الشحن، التي ببساطة لا تريد الدخول في هذا الصراع، (فقد قررت شركة OOCL في هونج كونج على سبيل المثال أن تتفادى سفنها المنطقة ولا تزود إسرائيل بالإمدادات).

وردا على ذلك، أعلنت الولايات المتحدة عن تحالف بحري للقيام بدوريات في البحر الأحمر. وردت أنصار الله بأنها ستحول المياه إلى «مقبرة» لأن هذا التحالف لا يرمي إلى الحرية البحرية بل إلى السماح بإعادة الإمداد «غير الأخلاقي» لإسرائيل.

لقد كانت تصرفات حزب الله وأنصار الله بمثابة رسالة إلى العواصم العربية مفادها أن بعض القوى السياسية على الأقل مستعدة لتقديم تضامن ملموس مع الفلسطينيين. وسوف يلهم هذا الشعوب العربية لممارسة مزيد من الضغط على حكوماتهم.

يبدو أن التطبيع مع إسرائيل أصبح غير مطروح. بل إنه في حال تصاعد هذه الضغوط قد تضطر مصر والأردن إلى إعادة النظر في معاهدات السلام الخاصة بهما.

فيجاي براشاد مؤرخ ومحرر وصحفي هندي.

الترجمة لـ عمان عن «آسيا تايمز»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المملکة العربیة السعودیة الولایات المتحدة العربیة المتحدة الدول العربیة مع إسرائیل فی المنطقة حزب الله

إقرأ أيضاً:

الضربات التي أوجعت الولايات المتحدة!!

يمانيون../
فرضت المواجهات العسكرية بين القوات المسلحة اليمنية المساندة لغزة وقوات دول العدوان الأمريكي – البريطاني – الغربي والعربي المدافعة عن “إسرائيل”، لأكثر من 14 شهراً، معادلات جديدة في المنطقة، وهذا التساؤل؛ ماذا يعني إسقاط الطائرات الأمريكية “MQ-9 Reaper” في اليمن!؟

الجواب وفق تقرير خبراء “المجلس الأطلسي للأبحاث الدولية”، أكد تطوّر قدرات الأسلحة الدِّفاعية والهجومية اليمنية، وتمكنها من إسقاط 14 طائرة أمريكية بدون طيار نوع “MQ-9″، التي تعتبر رمز قوة سلاح الجو والعمود الفقري للولايات المتحدة.

المجلس الأطلسي، ‏وهو مؤسسة بحثية أمريكية، تمتلك 10 مراكز بحثية تهتم في شؤون الأمن والاقتصاد بالعالم، ولها تأثير على الساحة الدولية، أكد أيضاً كشف أنظمة الدفاع اليمنية ضعف قدرات طائرات “إم كيو 9″، وأضعفت التفوّق القتالي لجيش واشنطن.

دقّة غير مسبوقة

وقال: “تشكِّل عمليات إسقاط الطائرات الأمريكية نقلة نوعية في الأداء العسكري للدِّفاعات اليمنية في مهارات التصويب والاستهداف بدقّة غير مسبوقة في معركة إسناد غزة، بشكل يلفت اهتمام الباحثين الإستراتيجيين والعسكريين الأمريكيين”.

وأضاف: “تلك الضربات اليمنية ليست مجرد نجاح تكتيكي، بل تحمل أبعاداً إستراتيجية مهمة، أدت إلى إضعاف أنظمة الاستخبارات والاستهدافات الأمريكية، وحدّت من قُدرات واشنطن على تنفيذ عمليات دقيقة في المنطقة، كما شكَّلت ضغطاً متزايداً على كفاءة تفوِّقها الجوي”.

مخاطر عمليات الإسقاط

في السياق، اعتبر موقع “أتلانتك كانسل” نجاح اليمنيين في إسقاط طائرات “ريبر أم كيو 9” الأمريكية يمثل ضربة لأنظمة الاستخبارات والاستهداف للجيش الأمريكي وحلفائه في المنطقة.

“أتلانتك كانسل”، وهو موقع أمريكي متخصص في الدراسات الجيوسياسية والعسكرية، حذَّر من مخاطر إسقاط المسيّرات الأمريكية المتطوّرة بوصول تقنياتها إلى خصوم الولايات المتحدة.

وفق الخبراء بالنسبة للقوات اليمنية، تحمل عمليات الإسقاط قيمة رمزية؛ فالخسائر الفادحة، التي ألحقتها في الأسطول الجوي الأمريكي، قد حققت أهدافاً تكتيكية وإستراتيجية ورمزية على المستويين المحلي والإقليمي.

وتكمن عواقب تلك العمليات على طائرات “إم كيو 9″، التي تبلغ تكلفة واحدة منها أكثر من 30 مليون دولار، بكونها تعد مؤشراً سلبياً لامتداد الهجمات اليمنية على الأصول العسكرية لواشنطن إلى ما وراء الحدود.

عمود أمريكا

بالنسبة للولايات المتحدة، تعتبر طائرات “إم كيو 9” العمود الفقري؛ لدورها اللوجستي المهم وعُمقها التكتيكي في عمليات الرَّصد والتجسس والمراقبة وجمع المعلومات، للعسكريين الأمريكيين، وقدرتها على تحمّل ظروف التضاريس الوعرة في اليمن لأكثر من 24 ساعة، والتحليق بارتفاع 50 ألف قدم.

ومُنذ العام 2002، تنفذ الولايات المتحدة عبر الطائرات بدون طيار؛ مثل “إم كيو 9” عمليات مراقبة وجمع معلومات استخباراتية، وتوجيه ضربات جوية على عملاء ما يسمى “تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية”، بعذر مكافحة الإرهاب.

المحسوم في قناعة عساكر الغرب هو أن قوات صنعاء حوَّلت ضعف قدرات طائرات “إم كيو9” إلى أغنية ساخرة بعنوان “بورت” (أصبحت عديمة الفائدة).

الخلاصة، تنتهي بنصيحة خبراء البحوث والدراسات العسكرية للولايات المتحدة بعد اكتشاف نقاط ضعف أنظمة الـ”إم كيو 9″، هي أن عليها استغلال هدوء الهجمات اليمنية لتعزيز أنظمة الحماية الذاتية لطائراتها؛ لضمان عدم تعرُّضها للهجمات؛ وخوفاً من استغلال خصومها.

السياســـية – صادق سريع

مقالات مشابهة

  • الديمقراطية العربية التي يجب أن نبني
  • برلماني: الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة تقضي على مخطط التهجير
  • وزير الدفاع الأمريكي لنظيره الإسرائيلي: واشنطن ملتزمة بالكامل بأمن إسرائيل
  • شيخ الأزهر: ندعو الله أن يوفِّق القادة العرب في القمة العربية ووضع حدٍّ للغطرسة والفوضى التي يتعامل بهما الداعمون للكيان المحتل
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • المغرب الدولة العربية الوحيدة التي أعلنت الأحد أول أيام رمضان
  • التطبيع بين لبنان وإسرائيل... مُجرّد حلم أميركيّ
  • هل اقترب التطبيع بين لبنان وإسرائيل؟
  • عن التطبيع بين لبنان وإسرائيل.. ماذا يُقال في تل أبيب؟
  • الضربات التي أوجعت الولايات المتحدة!!