لجريدة عمان:
2024-11-17@21:29:28 GMT

حرب غزة تقضي على حلم التطبيع الإسرائيلي

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

ترجمة ـ أحمد شافعي -

في 14 ديسمبر، أجاز الكونجرس الأمريكي القانون الوطني للتفويض بالدفاع، متضمنا بندا مثيرا للاهتمام: للرئيس أن يعين مبعوثا خاصا لاتفاقيات إبراهام، ومنتدى النقب، والمنتديات الأخرى ذات الصلة.

جاءت هذه الإضافة في وقت تشعر فيه الحكومة بقلق عميق بسبب انهيار كامل أجندتها المتعلقة بالشرق الأوسط، وكذلك بسبب التهديدات التي تواجهها إسرائيل من لبنان واليمن.

حتى أشهر قليلة مضت، كان كبار المسؤولين في الولايات المتحدة يفكرون في إجراء مناورات سياسية لحمل الدول العربية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتقليل نفوذ الصين في المنطقة. ثم انهارت كل هذه المخططات وسط أنقاض حملة القصف الإسرائيلية العدوانية على الفلسطينيين في غزة.

والآن، يبدو أن جميع الهياكل التي أنشأتها الولايات المتحدة ـ بدءا باتفاقات أبراهام ـ قد فقدت صلابتها. ففي حين أن القضية الفلسطينية كانت قد بدأت تنزاح بعيدا عن رادار الدول العربية، فإنها الآن قد أعيدت قسرا إلى المركز بسبب ما قامت به حماس وفصائل فلسطينية مسلحة أخرى في السابع من أكتوبر.

اتفاقيات ابراهيم

لم يكن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مهتما قط بالقانون الدولي أو تعقيدات الدبلوماسية. وفي ما يتعلق بإسرائيل، كان واضحا أن ترامب يرغب في تسوية الصراع مع الفلسطينيين، الذين بدا أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية وعزل غزة قد أضعفتهم بما يصب في صالح النظام الإسرائيلي.

في يناير 2020، أصدر ترامب خطة «السلام من أجل الازدهار»، فجاءت وهي تتجاهل عمليا مطالب الفلسطينيين وتعزز دولة الأبارتيد الإسرائيلية. وكان رمز هذه السياسة المتشددة هو نقل ترامب السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في خطوة استفزازية أجهزت على المطالبة الفلسطينية بأن تكون المدينة مركزية لدولتهم.

وفي مؤتمر صحفي في 28 يناير لإعلان هذه الخطة، قال ترامب ـ بينما يقف بجانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ـ «إنني فعلت الكثير من أجل إسرائيل». وقال «لن يُقتلع فلسطيني أو إسرائيلي من بيته»، بالرغم من أن خطته أشارت إلى أن «تبادل الأراضي الذي تقوم به دولة إسرائيل قد يشمل المناطق المأهولة وغير المأهولة بالسكان».

لم يكن التناقض مهما. إذ كان واضحا أن ترامب سيدعم ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة مهما حدث.

بعد أشهر قليلة، أعلن ترامب عن الاتفاقيات الإبراهيمية، وهي مجموعة من الصفقات الثنائية بين إسرائيل وأربع دول (البحرين والمغرب والسودان والإمارات العربية المتحدة). وقد تعهدت هذه الاتفاقيات بمواصلة الدول العربية لعملية التطبيع التي بدأت مع مصر عام 1978 ثم الأردن عام 1994.

وفي يناير 2023، مضت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بهذا الزخم قدما بإنشاء مجموعة عمل منتدى النقب التي جمعت هذه الدول (البحرين ومصر والمغرب والإمارات العربية المتحدة) مع إسرائيل في منتدى يرمي إلى «بناء الجسور» في المنطقة.

وواقع الأمر أن هذا المنتدى كان جزءا من المشروع الشامل لقيادة عملية قيام الدول العربية بإقامة علاقة عامة مع إسرائيل. ولم يستعص على إسرائيل والولايات المتحدة إلا المملكة العربية السعودية، وهي الدولة كبيرة النفوذ في المنطقة. فلو انضم السعوديون إلى هذه العملية، وإذا انضم القطريون، لتضاءلت القضية الفلسطينية إلى حد كبير.

الطريق الهندي

في يوليو 2022، ذهب بايدن إلى القدس وجلس بجوار رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك يائير لابيد لاستضافة اجتماع افتراضي مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وفي هذا الاجتماع، أعلن الرجال الأربعة عن إنشاء «I2U2»، وهو منتدى للمشاريع التجارية يتم إنشاؤها بالاشتراك بين الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة.

وقد أدخل هذا المنتدى الهند مباشرة في خطط تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.

في العام التالي، على هامش اجتماع مجموعة العشرين في دلهي، أعلن العديد من رؤساء الحكومات إنشاء الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا. وكان نية هذا الممر المعلنة هي منافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية، فضلا عن كونه أداة لإدخال المملكة العربية السعودية في مسار التطبيع مع إسرائيل.

كان الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا يبدأ في ولاية جوجارات وينتهي في اليونان، مع طريق يمر عبر المملكة العربية السعودية وإسرائيل. وبما أن المملكة العربية السعودية وإسرائيل كانتا جزءا من هذا الممر، فذلك بمثابة اعتراف فعلي من المملكة العربية السعودية بإسرائيل.

بدأ مسؤولون دبلوماسيون إسرائيليون يسافرون إلى المملكة العربية السعودية، بما يشير إلى أن التطبيع كان واردا (حيث قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لشبكة فوكس نيوز في سبتمبر إن التطبيع بات «أقرب»).

ثم أوقفت حرب غزة العملية برمتها. وأجرى محمد بن سلمان مكالمة هاتفية مع بايدن أواخر أكتوبر قال فيها إن على الولايات المتحدة أن تدعو إلى وقف لإطلاق النار، وكان ذلك غير مرجح.

وقال مسؤولون سعوديون إن ولي العهد أشار في إطار تلك المكالمة إلى إمكانية استئناف حوار التطبيع بعد الحرب. ولكن أصواتهم لم تحمل الكثير من الحماس.

وبعد أيام قليلة من هذه المكالمة، قال بايدن «إنني على قناعة بأن من أسباب هجوم حماس، وإن لم يكن لدي دليل على ذلك، إلا ما ينبئني به حدسي، هو التقدم الذي كنا نحرزه نحو دمج إسرائيل في المنطقة». وفي اليوم التالي، قال البيت الأبيض إن بايدن قد أسيء فهمه.

أنصار الله وحزب الله

بعد أيام من بدء إسرائيل في قصف غزة، انفتحت جبهتا قتال جديدتان. في جنوب لبنان، بدأ مقاتلو حزب الله يطلقون الصواريخ على إسرائيل، مما أدى إلى إجلاء ثمانين ألف إسرائيلي. وردت إسرائيل، مستعملة ضمن ما استعملته في ردها الفسفور الأبيض غير المشروع.

وفي أوائل نوفمبر، قال زعيم حزب الله حسن نصر الله لأتباعه إن لدى مقاتليهم أسلحة جديدة لا يمكنهم من خلالها تهديد إسرائيل فحسب، بل وداعمتها الولايات المتحدة أيضا. وقال نصر الله إن السفن الحربية الأمريكية المتمركزة في شرق البحر الأبيض المتوسط «لا تخيفنا ولن تخيفنا».

وقال إن مقاتليه «استعدوا للأساطيل التي تهددوننا بها». ومن المؤكد أن وجود صواريخ ياخونت روسية الصنع يمنح حزب الله المصداقية، إذ يقول إنه قادر على ضرب سفينة حربية أمريكية تقبع على بعد أقل من ثلاثمائة كيلومتر من ساحل الشام.

وفي خطبته، وجه نصر الله التهنئة لأنصار الله ـ المعروفين أيضا بالحوثيين ـ على الصواريخ التي أطلقوها باتجاه إسرائيل وتجاه السفن المبحرة إلى قناة السويس. وقد أوقفت هجمات أنصار الله تلك يد العديد من شركات الشحن، التي ببساطة لا تريد الدخول في هذا الصراع، (فقد قررت شركة OOCL في هونج كونج على سبيل المثال أن تتفادى سفنها المنطقة ولا تزود إسرائيل بالإمدادات).

وردا على ذلك، أعلنت الولايات المتحدة عن تحالف بحري للقيام بدوريات في البحر الأحمر. وردت أنصار الله بأنها ستحول المياه إلى «مقبرة» لأن هذا التحالف لا يرمي إلى الحرية البحرية بل إلى السماح بإعادة الإمداد «غير الأخلاقي» لإسرائيل.

لقد كانت تصرفات حزب الله وأنصار الله بمثابة رسالة إلى العواصم العربية مفادها أن بعض القوى السياسية على الأقل مستعدة لتقديم تضامن ملموس مع الفلسطينيين. وسوف يلهم هذا الشعوب العربية لممارسة مزيد من الضغط على حكوماتهم.

يبدو أن التطبيع مع إسرائيل أصبح غير مطروح. بل إنه في حال تصاعد هذه الضغوط قد تضطر مصر والأردن إلى إعادة النظر في معاهدات السلام الخاصة بهما.

فيجاي براشاد مؤرخ ومحرر وصحفي هندي.

الترجمة لـ عمان عن «آسيا تايمز»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المملکة العربیة السعودیة الولایات المتحدة العربیة المتحدة الدول العربیة مع إسرائیل فی المنطقة حزب الله

إقرأ أيضاً:

"الجامعة العربية”: تل أبيب أخلت بالتزامات قبولها عضوا في الأمم المتحدة

قال السفير حسام زكي، أمين عام مساعد الجامعة العربية، إن مسألة تعليق مشاركة إسرائيل في أنشطة الجمعية العامة للأمم المتحدة في غاية الأهمية وخطوة غير مسبوقة، وليس المبتغى منه المحاولة فقط، ولكن الهدف موجود ونسعى لتحقيقه بالفعل.

محافظ المنيا: توفير طبق بيض المائدة بسعر 150 جنيهافى الأسواق لتلبية احتياجات المواطنين فان دايك يقود تشكيل هولندا أمام المجر في دوري الأمم الأوروبية

وأضاف “زكي”، خلال لقاء خاص مع الإعلامية أمل الحناوي، ببرنامج “عن قرب مع أمل الحناوي”»، المذاع على قناة القاهرة الإخبارية، أن الدولة الإسرائيلية عندما قبلت في الأمم المتحدة منذ أكثر من 75 سنة كانت قلبت بناء على تفاهمات والتزامات من جانبها باحترام ميثاق الأمم المتحدة واحترام منظمة الأمم المتحدة وهيئاتها ووكالاتها، فعندما نرى الآن هذه الدولة تقوم بحظر عمل وكالة أونروا واتهامها بالإرهاب عن طريق برلمانها فهذه الحالة نكون أمام عملية إخلال بالتزامات هذه الدولة التي سبق وأن التزمت بها في توقيت قبولها عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتابع: «عندما يقولون إن الأمين العام للأمم المتحدة شخص غير مرغوب فيه ولا يمكن أن يدخل إسرائيل، وعندما يقومون بعمليات التجويع المستمرة ومنع المنظمات الأممية أنها تقوم بدورها في إغاثة الفلسطينيين، وكل هذا كلام يستند إليه في هذا الطلب، وسنرى هذا المسعى سيصل إلى ماذا، والدول الأعضاء في القمة العربية الإسلامية استطاعت أنها تصيغ موقف سياسي متماسك، وتستند فيه إلى أسس قانونية وسياسية واضحة، والإجراءات المطلوب اتخاذها من القمة نجد أنها ستساهم في تخفيف الضغط على الاحتلال».

مقالات مشابهة

  • "الجامعة العربية”: تل أبيب أخلت بالتزامات قبولها عضوا في الأمم المتحدة
  • السفير حسام زكي: أساس عمل الجامعة العربية بناء موقف مناوئ لسياسات إسرائيل
  • السفير حسام زكي: أساس عمل الجامعة العربية بناء موقف مناوئ لسياسة إسرائيل
  • أمين مساعد الجامعة العربية: مصر أجهضت مخطط إسرائيل لتهجير الفلسطينيين قسرا
  • واشنطن بوست: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان رغم جهود وقف إطلاق النار
  • لبنان يطالب إيران بتأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله
  • أدعية الرسول في جوف الليل.. 50 دعاء تقضي حوائجك وترزقك من حيث لا تحتسب
  • المقترح الأميركي.. هذه بنود مسودة الاتفاق بين إسرائيل ولبنان
  • اليوم.. عرض فيلم "غزة التي تطل على البحر" ضمن مسابقة آفاق السينما العربية
  • 9 كلمات تقضي حاجتك يوم الجمعة.. داوم عليها