استيراد الأسماك من سلطنة عمان يثير جدلا واسعا في فرنسا.. لماذا؟
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
أثار استيراد ميناء لوريان، ثاني أكبر مرافئ الصيد في فرنسا، للأسماك من سلطنة عُمان بطائرات الشحن، انتقادات واسعة في باريس من جانب الصيادين والناشطين البيئيين المحليين، في فترة حساسة لقطاع الصيد الفرنسي.
ويعود الجدل إلى اتفاق شركة "ساس كير-أومان" على مشروع مشترك لاستدراج عروض لتصميم وإدارة ميناء الدقم، الواقع في بحر العرب في جنوب سلطنة عمان، وعندما حصلت الشركة على العقد في نهاية عام 2020، لم يُحدث الخبر ضجة كبيرة، إلى أن وصل في خريف العام الحالي وفد عماني إلى معرض إيتشمير التجاري في لوريان (غرب)، ليعلن رئيس بلدية لوريان، فابريس لوهير، ترحيبه بما اعتبره "فرصة لاستيراد الأسماك”، حسبما أوردت صحيفة "ويست-فرانس" اليومية.
وتحدث بنويش عن إمدادات بالأسماك الطازجة تصل على متن طائرة شحن من سلطنة عمان، وأوضح أن "ثمة ممول محتمل أراد تسيير خط جوي لاستيراد الأسماك إلى لوريان"، مؤكداً في الوقت ذاته أن استيراد الأسماك لم يكن على الإطلاق هدف الشراكة الأساسي مع السلطنة.
وأضاف: "يتعلق الأمر بتقديم خبرتنا في الموانئ"، مستشهداً ببناء السفن وإصلاحها وبيع معدات الصيد والتدريب.
وتابع بنويش: "بعد ذلك، إذا أراد تجار الأسماك ذلك، سيكون لهم وصول إلى عُمان لم يكن متوافراً أمامهم سابقاً. فالطائرة هي وسيلة نقل عادية للأسماك اليوم".
غير أن ناشطين بيئيين يحذرون من أن هذا الأسلوب في النقل يزيد "البصمة الكربونية للأسماك بمقدار 10 مرات"، ويعتبرون أن الشراكة مع سلطنة عمان في هذا الإطار تمثل "رمزا للتنمية الاقتصادية التي تقتل المناخ".
اقرأ أيضاً
انطلاق أول تمرين عسكري بحري بين الإمارات والهند وفرنسا بخليج عمان
وفي السياق، قلا داميان جيرار، زعيم اليساريين والناشطين البيئيين في لوريان: "نحن نضحي بصيادي لوريان من خلال إنشاء هيكل ينافسهم"، مضيفاً: "السؤال هو: هل ما زلنا نريد ميناء صيد في لوريان؟".
واصطف الصيادون مع دعاة حماية البيئة في الخندق نفسه، وهو ما عبر عنه، دافيد لو كينتريك، وهو صياد من لوريان، الذي وصف استيراد الأسماك من منطقة الخليج بأنه "كلام فارغ وهراء تام".
ويشعر البحارة بالانزعاج الشديد لأن ميناء لوريان، الذي يؤدي دوراً مركزياً في الشراكة مع سلطنة عمان، يرأسه، أوليفييه لو نيزيه، الذي يتولى أيضاً رئاسة لجنة مصايد الأسماك في منطقتي موربيان وبريتاني وأيضاً اللجنة الوطنية.
ويوضح ستيفان بوشيك، وهو مالك سفينة في لوكتودي، غرب فرنسا: "من خلال تولي مهمات متعددة، ينسى (لو نيزيه) دوره الرئيسي: الدفاع عن الصيادين الفرنسيين".
غير أن الشخص المعني لا يبدو مكترثاً بهذه الانتقادات، وهو ما عبر عنه قائلا: "ليس أوليفييه لو نيزيه هو الذي سيجلب السمك من عمان"، مندداً بما وصفه بأنه "زوبعة في فنجان".
وأكد لو نيزيه: "نحن هنا لنجلب المهارات، والباقي كلام بكلام"، مشيراً إلى أن استيراد الأسماك "خيار عائد إلى شركة خاصة. ولن أقرّر عن شركة لتجارة الأسماك. فإذا أرادوا القيام بذلك، فهذا خيارهم".
يذكر أن ميناء لوريان يستورد بالفعل كميات كبيرة من الأسماك للتجار ومصانع المعالجة، ويعالج ما بين 80 ألف إلى 100 ألف طن من المأكولات البحرية سنوياً، مقابل 18109 أطنان فقط من الأسماك المصطادة من الصيادين الفرنسيين في عام 2022.
اقرأ أيضاً
إسرائيل تهاجم الصيادين الفلسطينيين على شواطئ غزة
المصدر | الخليج الجديد +يست-فرانسالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: سلطنة عمان فرنسا قطاع الصيد استیراد الأسماک سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
نهاية الأمل للسودانيين في سلطنة عمان
في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها السودان بسبب الحرب والتهجير القسري، وجد العديد من السودانيين في سلطنة عمان ملاذًا لهم، حيث كانوا يأملون في بناء حياة جديدة بعيدًا عن المعاناة. ولكن مع مرور الوقت، أصبحت هذه الآمال تتلاشى تدريجيًا، خاصة بعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها السلطات العمانية، والتي كانت بمثابة ضربة قوية لجميع الذين كانوا يطمحون إلى استقرار حياتهم هناك.
لقد شهدت الفترة الأخيرة توقف جميع انواع التأشيرات للسودانيين، وهو ما أثر بشكل كبير على كل من كان يسعى لتحقيق أحلامه في عمان. لا سيما أن القرارات شملت أيضًا توقف الالحاق العائلي، وهو ما فاقم معاناة العديد من الأسر السودانية التي كانت قد بدأت في رحلة لم شمل أفرادها بعد تهجيرهم قسرًا بسبب الحرب. هذه الإجراءات كانت بمثابة خيبة أمل جديدة لكل من كان يتطلع إلى لم شمل أسرته وإعادة الحياة إلى طبيعتها في أرض جديدة.
تعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها عمان بمثابة ضربة قوية لمجتمع السودانيين المقيمين في السلطنة، حيث شملت المقيمين لعدة سنوات قبل الحرب، وهو ما يزيد من عمق توهان السودانيين الذين كانوا قد استقروا هناك لفترات طويلة. العديد منهم دفعوا ثمن الاستقرار في بلد آخر، لكنهم تفاجؤوا بأن حياتهم العملية والشخصية أصبحت في مهب الريح بعد هذه القرارات المفاجئة.
أحد القرارات الأكثر تأثيرًا كان توقف اجراءات السجلات التجارية حتى للذين سددوا الرسوم واستلموا شهادة السجل التجاري، مما عطل العديد من المشروعات التي كانت تعتمد على استمرار هذه الإجراءات. هذه الإجراءات كانت قد بدأت وفقًا للنظام، ولكن تم ايقاف اجراءاتهم عند هذا الحد، ما تسبب في حالة من تضرر كبير لأصحاب المشاريع الذين كانوا يراهنون على هذه الفرص لتحسين أوضاعهم الاقتصادية بعد ما عانوا من ويلات الحرب في وطنهم.
بالإضافة إلى ذلك، تم توقف اجراءات استقدام الزوجة والابناء، وهو ما جعل العديد من الأسر السودانية التي كانت قد بدأت الاستثمار في عمان غير قادرة على لم شمل أفرادها. هؤلاء كانوا قد بدأوا إجراءات الاستقدام بتفاؤل، على أمل أن تبدأ حياتهم في عمان بشكل جديد ومثمر، لكنهم وجدوا أنفسهم اليوم عالقين في حلقة مفرغة من الإجراءات المتوقفة التي وضعتهم أمام واقع مرير.
ومنذ بدء الحرب، اتجه السودانيون للاستقرار بالعديد من الدول، حيث سعوا إلى إنشاء مشاريعهم واستثماراتهم في محاولات لتأمين حياة أفضل بعيدًا عن النزاع. الجدير بالذكر أن للسودانيين إسهامات واضحة في بناء العديد من دول الخليج، إذ استعانت بهم هذه الدول في الماضي لدورهم البارز في التأسيس والبناء في قطاعات متعددة.
وفي ظل هذه القرارات، لم تقم السفارة السودانية بأي خطوات ملموسة للتوضيح أو معالجة الموقف، مما زاد من حالة الغموض التي تحيط بالموضوع. حتى الآن، لم تصدر السفارة أي بيانات رسمية تشرح تفاصيل الأسباب الكامنة وراء هذه الإجراءات أو تقدم حلولًا للمتضررين. هذا الصمت دفع العديد من السودانيين إلى الشعور بأنهم تُركوا يواجهون مصيرهم المجهول وحدهم، مما زاد من معاناتهم الاجتماعية والاقتصادية.
وفي النهاية، لم يتوقف الأمر عند هذه القرارات وحدها. لم يتم استرداد المبالغ للذين بدؤا اجراءاتهم وتوقفت بسبب القرارات، مما زاد من الضغط المالي على العديد من الأسر التي كانت قد بدأت بالفعل في دفع رسوم لهذه الإجراءات. هذا الموقف أضاف معاناة جديدة للمقيمين الذين كانوا يعولون على تلك المبالغ لإكمال مشروعاتهم وتطوير حياتهم.
كل هذه القرارات، التي جاءت في وقت كان يعاني فيه السودانيون من آثار الحرب والنزوح، ساهمت في تضرر كبير للعديد منهم، وأدت إلى زيادة معاناتهم النفسية والاجتماعية. ومع ذلك، تبقى الأسئلة دون إجابة: هل ستستمر هذه القيود على السودانيين في عمان؟ وهل ستتغير هذه القرارات في المستقبل؟ ما يزال الكثيرون يترقبون في أمل أن يعيد الأفق المستقبلي فرصًا جديدة للعديد من الأسر التي كانت قد تعلق آمالها على هذه الدولة كمصدر للأمان والاستقرار.
إنضم لقناة النيلين على واتساب