إعداد: فؤاد حسن إعلان اقرأ المزيد

منذ الإعلان يوم السبت 16 كانون الأول/ديسمبر عن مقتل سيدتين هما ناهدة خليل بولس أنطون وابنتها سمر كمال أنطون اللتان تنتميان للطائفة المسيحية الكاثوليكية داخل كنيسة العائلة المقدسة في القطاع برصاص قناص إسرائيلي، بدأت الأنظار حول العالم تتجه إلى هذه الطائفة الصغيرة.

وأصدرت البطريركية اللاتينية في القدس بيانا جاء فيه "ظهيرة يوم 16 كانون الأول/ديسمبر 2023، اغتال قناص من الجيش الإسرائيلي سيدتين مسيحيتين داخل رعية العائلة المقدسة في غزة حيث لجأت غالبية العائلات المسيحية منذ بداية الحرب" بين إسرائيل وحركة حماس.

اقرأ أيضاالضفة الغربية: تضامنا مع غزة..."الدمار" في ساحة كنيسة المهد بدل إضاءة شجرة الميلاد

وأضاف البيان "استُشهدت ناهدة وابنتها سمر رميا بالرصاص أثناء ذهابهما إلى دير الراهبات" من دون تحديد سنيهما. ونقلت وكالة أنباء الفاتيكان عن الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا بطريرك القدس اللاتيني، أن الضحيتين "امرأة مسنة" وابنتها.

صورة #الشهيدة المرحومة ناهدة خليل بولس أنطون "أم عماد"، وابنتها المرحومة سمر كمال أنطون، اللتين استشهدتا على يدي قناص من جيش الاحتلال الاسرائيلي في محيط #كنيسة العائلة المقدسة للاتين في غزة. pic.twitter.com/zxxVs5JhRL

— الأب رفعــت بدر Fr Rifat Bader (@BaderRifat) December 16, 2023

وعشية عيد الميلاد اتصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هاتفيا بالكاردينال بيتسابالا وعبر له عن "قلقه العميق" إزاء "الوضع المأسوي" للمسيحيين الكاثوليك في قطاع غزة.

وقال قصر الإليزيه في بيان إن ماكرون أعرب للكاردينال عن "قلقه العميق إزاء الوضع المأسوي لرعية اللاتين في غزة"، حيث "يعيش مئات المدنيين من جميع الأديان (...) تحت القنابل والرصاص منذ أكثر من شهرين".

وقدم الرئيس الفرنسي للبطريرك "تعازيه بمقتل اثنتين من أبناء الرعية بطريقة جائرة قبل أيام قليلة" على الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو نفى مسؤولية جيش بلاده عن مقتل السيدتين.

ونقلت شبكة إن بي سي نيوز عن جون كيربي، منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي للاتصالات الاستراتيجية، إن الولايات المتحدة "عبرت عن مخاوفنا بشأن هذا الحادث بالذات مع الحكومة الإسرائيلية وبشأن حاجة من أصيبوا إلى الإجلاء بأمان حتى يتمكنوا من تلقي العلاج الطبي المناسب.

احتفالات باهتة بالميلاد في بيت لحم

من جانبه عبر البابا فرنسيس خلال قداس عيد الميلاد للمسيحيين الكاثوليك الأحد عن أسفه لأن رسالة السلام التي نشرها المسيح تضيع تحت وطأة "منطق الحرب الخاسر" في نفس الأرض التي ولد فيها.

وقبل قليل من منتصف ليلة عيد الميلاد في الأراضي المقدسة، قال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن ما لا يقل عن 70 شخصا قتلوا بغارة جوية إسرائيلية على وسط قطاع غزة.

وسط هذه الأجواء غابت مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد في مدينة بيت لحم مقارنة بما جرت عليه العادة خلال السنوات الماضية بسبب الحرب في غزة.

وقال بابا الفاتيكان خلال قداس رسمي عشية عيد الميلاد في كاتدرائية القديس بطرس "قلبنا الليلة في بيت لحم، حيث لا يزال أمير السلام يتعرض للرفض من قبل منطق الحرب الخاسر، مع هدير الأسلحة الذي يمنعه اليوم أيضا من أن يكون له موضع في العالم".

ولم توضع شجرة الميلاد في ساحة كنيسة المهد ببيت لحم ولم تعزف فرق الكشافة لدى دخول بطريرك اللاتين ساحة الكنيسة بسبب الحرب.

وبدلا من أن يحمل أعضاء فرق الكشافة الآلات الموسيقية في المسيرة السنوية التقليدية مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد، رفعوا لافتات تدعو إلى وقف الحرب على قطاع غزة.

أقلية صغيرة

يشكل المسيحيون في غزة أقلية صغيرة لا تتجاوز نسبتها واحدا بين كل ألفي مواطن، إذ يبلغ عددهم نحو ألف، وهم موزعون على الطائفتين الأرثوذوكسية والكاثوليكية.

ويخشى هذا المجتمع المسيحي الصغير خطر الإبادة في ظل استمرار الهجوم الإسرائيلي المكثف، والذي أسفر عن مقتل 20 شخصا منهم على الأقل.

فقبل مقتل السيدتين في 16 كانون الأول/ديسمبر، قتل 18 شخصا على الأقل في 21 تشرين الأول/أكتوبر، عندما هز انفجار مروع كنيسة القديس بورفيريوس، أقدم كنيسة أرثوذكسية في غزة، وفقا لحكومة حركة حماس.

ونفى الجيش الإسرائيلي حينها استهداف الكنيسة وقال إن طائراته المقاتلة استهدفت مركزا للقيادة والسيطرة تابعا للحركة.

ونشر موقع "ميدل إيست آي" الإخباري، تصريحات لأحد المسيحيين الفلسطينيين، واسمه همام فرح، يقول فيها إنه فقد العديد من أقاربه جراء الهجمات الإسرائيلية.

وأشار فرح إلى أن المسيحيين في قطاع غزة من أقدم المجتمعات المسيحية على الأرض، واعتبر أنهم يواجهون خطر الإبادة في الوقت الراهن.

وأكد أن 3 آلاف مسيحي كانوا يعيشون في غزة قبل حصار إسرائيل، وهذا العدد تراجع إلى حوالي 1000 شخص في السنوات الأخيرة بسبب "الظروف غير الإنسانية" وإلى 800 بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر.

بينما نقل موقع الحرة عن متري الراهب قوله "أعتقد أن المجتمع المسيحي لن ينجو من هذه الفظائع. حتى أولئك الذين سيبقون على قيد الحياة بعد الحرب، لست متأكدا من أنهم سيستطيعون العيش في مكان لا يمكن العيش فيه".

مخاوف

لعب المسيحيون الفلسطينيون دورا مهما في منظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها، وشارك عدد منهم في قيادتها. ولكن منذ توقيع اتفاق أوسلو للسلام وبالأخص منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، تراجع دورهم بشكل كبير.

وقد أدى استيلاء حماس على السلطة في غزة عام 2007 إلى بث الخوف في صفوف المسيحيين. لكن حماس تسامحت بشكل عام مع وجود هذه الطائفة في غزة، وفقا لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2022 حول الحرية الدينية.

ونشرت قناة الجزيرة القطرية تقريرا مصورا عن قداس الميلاد في كنيسة العائلة المقدسة للكاثوليك في غزة، بدت فيه الأجواء شاحبة والوجوه مكفهرة. وأكد المشاركون في الاحتفال أن فرحة العيد غابت هذا العام عن الاحتفالات، بل خيم عليها الحزن بعد مقتل سيدتين وإصابة كثيرين داخل الكنيسة.

وقال جورج أنطون، المدير الإداري لكاريتاس القدس، الذي لجأ إلى كنيسة العائلة المقدسة مع زوجته وأطفاله: "لا نريد أن تصبح الكنيسة كومة من الأنقاض... الكنيسة هي حجر الزاوية في وجودنا كمسيحيين في غزة".

بعد قصف كنيسة القديس بورفيريوس انتقلت بعض العائلات إلى كنيسة العائلة المقدسة، حيث يحيي المؤمنون القداس مرتين يوميا ويصلون من أجل إنهاء الحرب. وقالت جانيت ماهر، التي غادرت غزة إلى مصر مع أطفالها: "في بعض الأحيان، استسلموا لليأس، متذكرين آية من العهد القديم مفادها أن غزة سيتم التخلي عنها" وفق ما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال.

وبينما ألغت عدة كنائس فلسطينية في الضفة الغربية أجزاء كبيرة من مراسم الاحتفال، لا يزال القتال مستمرا في القطاع، وأعلنت حركة حماس الإثنين في يوم عيد الميلاد أن حصيلة القتلى الفلسطينيين في غزة قد ارتفعت إلى 20674 شخصا.

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج المسيحية إسرائيل حماس عيد الميلاد الحرب بين حماس وإسرائيل فلسطينيون إسرائيل الضفة الغربية عيد الميلاد المسيحيون حماس غزة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل المغرب دبلوماسية الجزائر مالي الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا کنیسة العائلة المقدسة عید المیلاد المیلاد فی قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

حكومة البرهان والانقلاب-ما بين خوف القصاص واستثمار الحرب لتحقيق مكاسب سياسية

في مشهد يجسد التناقض الصارخ والازدواجية السياسية، أعلنت حكومة البرهان-الكيزان الانقلابية ابتهاجها بفشل مشروع وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وهو قرار أيده 14 عضواً من أصل 15 في مجلس الأمن، بينما عارضته روسيا فقط. هذا الموقف يسلط الضوء على عقلية سلطة ترى في استمرار الحرب وسيلة للبقاء، وتخشى نهاية الحرب لأنها تعني بداية الحساب.
فرحة بالحرب وخوف من النهاية
قيادات حكومة الأمر الواقع تعيش حالة من الرعب من نهاية الحرب، ليس لأنها تخشى على الوطن أو المواطنين، بل لأنها تعلم أن أي نهاية للصراع ستفتح الباب أمام القصاص والمحاسبة. استمرار الحرب يعني بقاء السلطة والانفلات من العدالة، بينما توقفها يهدد بانهيار غطاء الشرعية الزائف الذي يتدثرون به.
الاستقواء بروسيا ومعاداة العالم
في موقف يشكك في التزام حكومة البرهان بسيادة السودان وكرامته، قدمت شكرها لروسيا على استخدام "الفيتو" ضد قرار حماية المدنيين. هذا الدعم الروسي يمثل تأييداً ضمنياً لمزيد من المذابح، الجوع، والتشريد. أما بقية العالم، بما في ذلك ممثلو القارة الإفريقية الثلاثة في مجلس الأمن، فقد أيدوا القرار، مما يجعل حكومة السودان في عزلة سياسية وأخلاقية حتى أمام أقرب جيرانها.
روسيا، التي تزعم دعم دول الجنوب وإفريقيا، تجاهلت صوت القارة الإفريقية في هذا القرار، واختارت أن تدعم استمرار الصراع. هذا يثير تساؤلات حول مصداقية روسيا كحليف لدول العالم الثالث ونياتها الحقيقية في المنطقة.
الترويج للأكاذيب واستثمار الحرب
تحاول حكومة البرهان تصوير معارضة القرار الدولي على أنها "حفاظ على سيادة السودان"، ولكن الواقع يقول عكس ذلك. إن تذرعها بحجج كالوطنية واحترام القانون الدولي هو تضليل يهدف إلى تغطية سياساتها القمعية وتجاهلها للأرواح التي تُزهق يومياً.
الحرب بالنسبة لهذه الحكومة ليست مأساة بل فرصة، إذ توفر لها الذريعة للاستمرار في السلطة تحت غطاء "حالة الطوارئ"، بينما تستغل دعم حلفائها الدوليين مثل روسيا لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الشعب السوداني.
مناصرة الإسلاميين: خداع للوصول إلى السلطة
دعم حكومة البرهان للإسلاميين ليس إلا وسيلة لتأمين بقائها. هذا الدعم ليس دليلاً على التزام أيديولوجي، بل هو تحالف مؤقت لتحقيق مآرب السلطة، واستغلال لشعارات الإسلاميين لحشد تأييد داخلي. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية لن تكون مستدامة؛ لأن كل تحالف يقوم على المصالح الذاتية لا على المبادئ، سينهار مع أول اختبار حقيقي.
من يدفع الثمن؟
بينما تنشغل حكومة البرهان بحساباتها السياسية وتحالفاتها المشبوهة، يدفع المواطن السوداني الثمن الباهظ من دمائه ومعاناته. استمرار الحرب ليس قدراً محتوماً، بل نتيجة مباشرة لسياسات قيادة لا ترى في الشعب إلا وسيلة لتحقيق أهدافها.
المستقبل لن يكون رحيمًا بمن يصر على معاداة إرادة الشعب والعالم. الحرب ستنتهي، وحينها لن تنفع الأكاذيب، ولن يكون هناك مهرب من المحاسبة.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • حكومة البرهان والانقلاب-ما بين خوف القصاص واستثمار الحرب لتحقيق مكاسب سياسية
  • نائب:أمريكا تسعى لتوسيع دائرة الحرب في الشرق الأوسط
  • استمرار الإبادة والمجازر وحرب التجويع منذ 48 يومًا شمالي قطاع غزة
  • بريطانيا تبدي استعدادها لحماية إسرائيل مرة أخرى.. استمرار الحرب لا يدمر حماس
  • مع استمرار الهجمات على إسرائيل.. هل فشل العراق في تفادي الحرب؟
  • الجيش الإسرائيلي يعترف بعدم استطاعته السيطرة على قطاع غزة
  • رئيس الوزراء يؤكد استمرار جهود الدولة في دعم وتطوير قطاع الصناعة
  • إعلام إسرائيلي: نزيف متواصل وإنجاز محدود بغزة والصفقة هي الحل
  • إبراهيم العنقري: أخضر باهت بدون عمل المدرب
  • احتجاجات في بسماية ضد إجراءات البوابات الإلكترونية ومخاوف من تداعيات أمنية