تقرير: أنا سند نفسي بنفسي لا أتكئ على أحد
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
أنا سند نفسي بنفسي.. شعار رفعته نجلاء (الفتاة العشرينية) بعد أن تحررت من زواج حول حياتها إلى كابوس مليئ بالعنف والإكراه والسطو على ذات الآخر، متسبباً في انقلاب حياتها رأساً على عقب.
تنحدر نجلاء من بلد سِمة أهله الفقر وزادهم الصبر، ما حال بينها وتعليمها الجامعي، لتختار مهنة الخياطة والتدرب عليها حتى أجادتها فتصبح حرفة تمتهنها لإعالة نفسها وأسرتها، تحينا لقدوم فارس أحلامها والزفاف بفستان أبيض إلى قفص ذهبي، والبدء فيه بناء أسرة ملؤها الحب والسعادة والتعاون.
صبرت نجلاء، حتى جاء من كانت تحسبه -مثل أي فتاة- فارس الأحلام والفرصة الذهبية، وأقيمت مراسم الزفاف وسط سعادة غامرة، وما هي إلا أشهر معدودة حتى أطفأت الاعتداءات المتكررة من الزوج شموع المساءات الحميمية في عينيها.
وتؤكد "نجلاء"، تحوّل هذا الزواج إلى قطعة من جهنم، فالزوج لم يكتف بتعنيفها وانتزاع حقوقه الزوجية بالإكراه فقط، بل بلغ حد نهبها مجوهراتها وما ادخرته من مزاولة مهنة الخياطة قبل الزواج.
فقدان طفل
وذكرت "نجلاء"، أن زوجها طردها ذات يوم من المنزل ليلاً، دون رحمة أو شفقة، بينما كانت تجبرها أسرتها على العودة إليه كلما ذهبت إلى منزل شقيقتها غاضبة منه احتجاجا على عدم جنيه للمال وإعالتها.
تفاقم الوضع أكثر مع فقدان نجلاء طفلها البكر بسبب مرض ألم به، وازدادت وتيرته أكثر مع زوج بلغ به الأمر أن يسلبها مجوهراتها ومالاً سبق وادخرته من مهنة الخياطة، وفوق ذلك إهانة عائلته لها وتدخلها في كل صغيرة وكبيرة، وما يمكن لها فعله أو لا.
نفد صبر "نجلاء" وعادت إلى منزل عائلتها لتعلم لاحقاً أنها تحمل في احشائها جنينا، وحينها قررت العودة إلى مزاولة مهنتها السابقة "الخياطة"، لإعالة نفسها، وقامت ببيع خاتم ذهبي هو كل ما تمتلكه، واقترضت من شقيقتها ومن جارتها، حتى تتمكن من شراء آلة (ماكينة) خياطة.
تنازلات
نجحت في شراء (الماكينة)، وبدأت تعمل بوتيرة عالية وجهد مضاعف، سعياً في استعادة زبائنها الذين فقدتهم بسبب انقطاعها عن المهنة طيلة الفترة الماضية، ما تسبب لها بالإجهاض، وزاد من احباطها ويأسها ليصبح الاستمرار في هذا الزواج أمرا مستحيلا بالنسبة لها، ما دفعها إلى طلب الطلاق الذي رفض الزوج منحها إياه إلا بعد تنازلها عن جميع حقوقها بما فيها مهرها المؤخر، حد تعبيرها.
عاشت نجلاء أياما صعبة، ولكن برباطة جأش وعزم وقوة واجهت ذلك، ونهضت من جديد حينما سمعت بان منظمة تعمل في مجال تمكين المرأة وخصوصاً النساء المعنفات، اتخذت من مبنى مجاور لمنزل شقيقتها مقراً لها، فقدمت فيها ملف توظيف وتم قبولها في وظيفة عاملة نظافة، بسبب عدم حصولها على مؤهل جامعي.
صعوبات
قبلت نجلاء هذا التحدي بهذه الوظيفة، إلى أن زار مقر المنظمة ذات يوم المدير المسؤول عن هذه المنظمة، وقابل كادرها العامل، وحين حان دور "نجلاء" اطّلع على ملفها الوظيفي وسألها إن كان لديها شهادة دبلوم سكرتارية، وما إن كانت تجيد استخدام جهاز الحاسوب، وعند اجابتها بـ"نعم"، وعدها بترقيتها في أقرب فرصة إلى وظيفة تناسب خبرتها ومؤهلاتها.
حصلت "نجلاء" على ترقية، وأصبحت تعمل بوظيفة تناسب خبرتها، وتلقت عدة دورات تدريبية في مجالات إدارية وأعمال وحرف يدوية متنوعة.
وذكرت نجلاء في نهاية حديثها، أنه في سبيل استكمال استقلالها وتأمين مستقبلها اشترت قطعة أرض وتقوم حالياً في البناء عليها، واما عن خططها واهدافها المستقبلية فتقول: إكمال الدراسة الجامعية، وعمل مشروع تجاري لتحسين مستوى الدخل، ما يضمن مواجهة التحديات رافعة شعار "أنا سند نفسي بنفسي ولا أستند على أحد في الحياة".
مراكز تأهيل
وشدد الأكاديمي حسن عمر المطري رئيس جامعة الحديدة، في تصريح لوكالة خبر، على ضرورة إكمال الفتيات للتعليم قبل الزواج كونه يفتح امامهن فرص حياة أفضل، لافتاً إلى اهمية زرع الآباء والأمهات ثقتهم في الفتيات في سبيل تطوير قدراتهن والاستفادة من الامكانات المتاحة والفرص السانحة.
ونوه المطري إلى ضرورة توعية أولياء الأمور بمخاطر مثل هذا الزواج للحد من آثاره السيئة، وتوعية الفتيات بأهمية الحماية ومخاطر العنف الأسري والحد من أضراره.
ودعا إلى إنشاء مراكز لتأهيل المعنفات للتخفيف من معاناتهن وتأهيلهن، وتفعيل دور الإعلام في التوعية بمخاطر العنف الأسري لتخفيف آثاره السلبية على الأسرة والمجتمع.
تحديات وقيود
وبحسب تقارير أممية حديثة، تعيش في اليمن الكثير من النساء بعد الطلاق أو النزوح جراء الحرب التي اندلعت في البلاد جراء الانقلاب الحوثي، ظروفا صعبة، حيث يعلن تقريباً 26% من العائلات النازحة، ما يضعهن في موقف صعب يتطلب منهن تحمل مسؤولية كبيرة في توفير احتياجات العائلة. ومع ذلك، تستمر سلوكيات التمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي في إعاقة قدرتهن على دعم أنفسهن وعائلاتهن.
ويُقدر بأن هناك نحو 7.1 مليون امرأة بحاجة ماسة في الوصول إلى خدمات توفر الدعم والمساعدة في مواجهة وتخفيف آثار العنف الجنسي والعرقلة.
وتتعرض النساء في اليمن، لانتهاكات متكررة، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والتهديد والتعذيب، وتحديات في قيود الحركة والتمييز في المشاركة السياسية والمجتمعية.
وتسبب تصاعد الحرب وتداعياتها الإنسانية بإضعاف مكانة النساء والفتيات في المجتمع، ما أدى إلى تآكل شبه تام في آليات الحماية الخاصة بهن وزيادة تعرضهن للعنف وسوء المعاملة.
وأكد تقرير حديث صادر عن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، أن اليمن لا يزال أحد أسوأ الأماكن للنساء في العالم منذ أن أدرج في هذا التصنيف في عام 2017.
وبحسب التقرير، تعد اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وتتميز بوجود تهديدات كبيرة على الحماية المرتبطة بالنوع الاجتماعي، وأن العنف القائم على هذا النوع يعد قضية رئيسية على الصعيد الوطني، «حيث احتل اليمن باستمرار المرتبة الأخيرة أو الثانية قبل الأخيرة في مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين».
في حين أكد المنتدى الاقتصادي العالمي ولجنة الإنقاذ الدولية أن العنف القائم على النوع الاجتماعي هو أيضاً قضية حقوق إنسان وقضية صحة عامة.
وبحسب تقديرات تحتاج حوالي ربع نساء اليمن لخدمات الوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، حيث ضاعف النزوح وانهيار آليات الحماية بسبب الصراع، من استضعاف النساء والفتيات وتعرضهن للعنف والإساءة بشكل كبير، ما يدفعهن إلى اللجوء المتزايد لأساليب تكيف ضارة من أجل البقاء.
ويقود صندوق الأمم المتحدة للسكان تنسيق وتقديم خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي في أنحاء البلاد، كما يُعد الصندوق المزود الرئيسي لأدوية الصحة الإنجابية المنقذة للحياة في اليمن، ومن أجل استمرار الوصول إلى النساء والفتيات الأشد استضعافا.
* تم إنتاج هذه المادة ضمن مخرجات برنامج التغطية الإعلامية الجيدة لقضايا الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي، الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: العنف القائم على النوع الاجتماعی فی الیمن
إقرأ أيضاً:
بعثة الأمم المتحدة تطلق حملة لحماية حقوق النساء وإنهاء العنف ضدّهم
أطلقت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، حملة لحماية حقوق النساء وإنهاء العنف ضد النساء والفتيات.
وقالت البعثة في بيان لها: “إن حملة 16 يوماً لمناهضةً للعنف ضد النساء والفتيات هي حملة دولية سنوية تبدأ في 25 نوفمبر، الموافق لليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتنتهي في 10 ديسمبر، وتدعو مبادرة اتحدوا بحلول عام 2030 لإنهاء العنف ضد المرأة (UNiTE)، والتي تجري تحت قيادة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى اتخاذ إجراءات عالمية لزيادة الوعي وحشد جهود المناصرة ومشاركة المعرفة والابتكارات لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات إلى الأبد”.
وأضاف البيان: “تؤكد الأمم المتحدة في ليبيا على دعمها الثابت لليبيين في إنهاء جميع أشكال العنف، بما في ذلك ضد النساء والفتيات. وندعو السلطات الوطنية والمحلية إلى معالجة أي شكل من أشكال العنف ضد النساء والفتيات بشكل عاجل وتعزيز حماية حقوق المرأة وتمكينها بما يتماشى مع الالتزامات الدولية لهذه السلطات”.
وقال البيان: “توضح التقارير الزيادة المقلقة للعنف عبر الإنترنت، بما في ذلك التحرش والتهديد والابتزاز الجنسي، وخاصة ضد الناشطات والشخصيات العامة، بما يؤكد أكثر وأكثر على الحاجة إلى حماية أقوى لحقوق المرأة بما في ذلك في الفضاء الرقمي”.
وتابع البيان: “تظل الأمم المتحدة في ليبيا ملتزمة بنهج شامل، بما في ذلك من خلال الوقاية والحماية ودعم الناجيات والمساءلة، لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات في ليبيا. وفي هذا السياق، ندرك أهمية الدور الحاسم لتمكين المرأة في منع العنف ضد المرأة”.
وأضاف: “مع بدء حملة 16 يوماً لمناهضةً للعنف ضد النساء والفتيات، تود الأمم المتحدة في ليبيا أن تشيد بالتقدم المحرز من خلال التعاون بين الدولة وكيانات الأمم المتحدة في حماية وتمكين النساء والفتيات. وسنواصل العمل مع الحكومة والشركاء المحليين والمجتمع المدني لضمان أن تتمتع كل امرأة وفتاة في ليبيا بحقوقها الكاملة وأن تعيش في مأمن من العنف”.
آخر تحديث: 25 نوفمبر 2024 - 16:45