رام الله- هناك من يتساءل، خاصة خارج فلسطين، عن أسباب غياب أجهزة أمن السلطة الفلسطينية عن التصدي لاعتداءات الاحتلال والمستوطنين بالضفة الغربية، وأصبح السؤال أكثر إلحاحا بعد معركة طوفان الأقصى واستمرار العدوان على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وترتبط الإجابة بأكثر من عامل، لكن الأساس فيها اتفاقيتا أوسلو (1993 و1995) بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية التي قسّمت الضفة إلى مناطق أقلها يخضع للسيطرة الفلسطينية، وأغلبها للسيطرة الإسرائيلية، فضلا عن غياب الإرادة السياسية، وفق محللين.

وفي أكثر من مناسبة توعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أجهزة السلطة الأمنية، وقال في تصريحات -سربتها وسائل إعلام إسرائيلية عنه أمام لجنة الخارجية والأمن بالكنيست يوم 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري- إن إسرائيل جاهزة لسيناريو تقلب فيه قواتها فوهات البنادق، وتوجهها نحو قوات السلطة.

وإضافة إلى جهاز الشرطة الذي نصّت اتفاقية أوسلو على تأسيسه حصرا، فإن لدى السلطة الفلسطينية أجهزة أخرى أبرزها الأمن الوطني، والمخابرات، والأمن الوقائي.

عام 1995 قسمت الضفة الغربية المحتلة إلى 3 مناطق "أ" و"ب" و"ج" في إطار اتفاق أوسلو (الجزيرة) قيود أوسلو

من بين ما تنص عليه اتفاقية أوسلو أن تكون "الشرطة مسؤولة عن معالجة قضايا النظام العام والتي يتورط بها الفلسطينيون فقط" وأن "يأخذ الطرفان (الفلسطيني والإسرائيلي) الإجراءات الضرورية لمنع أعمال "الإرهاب، والجريمة، والأعمال العدوانية الموجهة ضد الطرف الآخر، أو ضد أفراد واقعين تحت سلطة الطرف الآخر".

وقسّمت الاتفاقية، التي كان يفترض أنها مرحلية لـ5 سنوات وتمهّد لإنشاء الدولة الفلسطينية، أراضي الضفة الغربية إلى ثلاثة أقسام "أ" و"ب" و"ج".

وتشكل المنطقة "أ" نحو 17.5% من مساحة الضفة وهي مراكز المدن وتخضع مدنيا وأمنيا للسلطة الفلسطينية، لكنها ليست كذلك منذ اجتياح الضفة عام 2002، بينما تشكل المنطقة "ب" نحو 18.5% من أراضي الضفة، وهي ضواحي المدن وامتدادها الريفي، وتدير شؤونها المدنية السلطة وتخضع أمنيا للاحتلال.

ويسكن في "أ" و"ب" نحو 92% من الفلسطينيين، حيث تعد مناطق مكتظة، بينما أبقت اتفاقية أوسلو أكثر من 60% من أراضي الضفة تحت سيطرة إسرائيل مدنيا وأمنيا في المناطق المصنفة "ج" والتي تشهد عمليات هدم وتهجير واستيطان ازدادت بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول.

عقيدة وطنية

اتصلت الجزيرة نت بالناطق باسم الأجهزة الأمنية اللواء طلال دويكات للحصول على إجابة عن دورهم في مواجهة اعتداءات المستوطنين، لكنه لم يرد على هاتفه، فلجأت إلى مقابلة سابقة معه أجراها تلفزيون فلسطين.

فعندما سألته المذيعة عن الأصوات المشككة بعقيدة الأجهزة الأمنية، أجاب دويكات أن "الأمن الفلسطيني ليس بحاجة لشهادات من أحد في الوطنية والانتماء (..) وقدم تضحيات بأكثر من ألفي شهيد، ولدينا أكثر من 300 أسير محكومون بالمؤبدات".

وتابع أن "الغالبية العظمى من منتسبي الأجهزة الأمنية أسرى سابقون أمضوا عشرات السنوات في سجون الاحتلال" مضيفا "لدينا انتماء عميق لهذا الوطن".

وعن واقع الأجهزة الأمنية في ظل التصعيد الإسرائيلي، قال دويكات "ظروف الشعب الفلسطيني داخل الضفة اليوم صعبة، وهناك تقطيع لأوصالها، وكل محافظة لا تستطيع الاتصال بقراها، والمحافظات لا تستطيع التواصل مع بعضها".

وتابع أن أعدادا كبيرة من أفراد الأجهزة الأمنية "يتعرضون لسياسة التنكيل ولا يستطيعون الالتحاق بدوامهم (..) وهناك مبالغة في توصيف حالة الأمن الفلسطيني بالضفة وكأن لدينا جيشا جرارا، ونمتلك عتادا وأسلحة ونقف متفرجين، هذا فيه تجنٍ كبير على الأمن الفلسطيني".

غياب الإرادة

التقسيمات التي أحدثتها أوسلو حالت دون وجود أجهزة الأمن الفلسطينية في أغلب مناطق الضفة، وفق مؤسس تجمع "شباب ضد الاستيطان" عيسى عمرو الذي قال للجزيرة نت "لا يوجد أجهزة أمنية في المنطقة (ج) ولا يمكن للأجهزة أن تقوم  بدورها في الحماية سواء ضد الجريمة أو ضد المستوطنين".

وأوضح أن من أسباب غيابها -عن التصدي لاعتداءات لمستوطنين- عدم وجود إرادة سياسية، وخاصة أن الأجهزة الأمنية تستطيع وبلباس مدني وطرق شعبية أن تتصدى للمستوطنين على شكل مجموعات منظمة تتضامن مع الأهالي فتعطيهم شعورا بالأمان.

ويشير عمرو إلى "تأثير الاتفاقيات والتنسيق الأمني (بين السلطة وإسرائيل) وعدم جود حافز شخصي لدى أفراد الأجهزة الأمنية وشعورهم بأن الاحتلال أقوى منهم، وأن ما يقدموه قد يذهب سدى".

وتحدث عن تأثير "الفساد المستشري في القيادة، وعدم الثقة، الأمر الذي أدى إلى فجوة بين القيادة وحتى بين أفراد الأجهزة الأمنية".

وما ينطبق على التصدي لاعتداءات المستوطنين، ينسحب على مواجهة اقتحامات الجيش الإسرائيلي للمدن الفلسطينية، فحسب عمرو "هناك تنسيق مباشر بين الاحتلال والأجهزة الفلسطينية لحفظ الوضع الأمني، تنسيق مباشر لكل عملية اقتحام".

وتابع "هناك اعتقالات لمعارضي السلطة سهلتها أجهزة الاحتلال للأجهزة الأمنية الفلسطينية، وأشهرها اعتقال المعارض نزار بنات من منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية".

رغم التصعيد الإسرائيلي في غزة والضفة، رجّح عمرو وجود تنسيق أمني بين الجانبين، وقال إنه "لم يتوقف بل هو قائم وربما في ازدياد".

وفي 26 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت القيادة الفلسطينية أن التنسيق الأمني مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي "لم يعد قائما" إثر مجزرة إسرائيلية في مخيم جنين.

خيار متاح

من جهته، يوضح الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني جهاد حرب أن دور الأجهزة الأمنية جزء من اتفاق موقّع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.

وأشار إلى أن انتقال الأجهزة الأمنية من منطقة إلى أخرى يحتاج -وفق الاتفاقيات- تنسيقا مع الجيش الإسرائيلي حتى لا يتعرض أفراد الأمن والشرطة المسلحون وبزيهم الرسمي للاعتقال أو إطلاق النار.

وعن مبررات عدم تدخل الأجهزة لحماية المواطنين، يوضح أن اعتداءات المستوطنين موجودة غالبا في مناطق "ج" وقليل منها في مناطق "ب" حيث لا وجود للمراكز الأمنية الفلسطينية، إضافة إلى أن نوعية التسليح لأجهزة الأمن خفيفة مقارنة مع تسليح جيش الاحتلال والمستوطنين.

مع ذلك، يرى حرب أن بإمكان الأجهزة الأمنية الفلسطينية العمل بدون زي رسمي وأسلحة "كأن يتم تشكيل ما يشبه لجان حماية تكون مشتركة بين الأجهزة الأمنية والمجالس المحلية والبلديات، بحيث يكون جزء منها أفراد تلك الأجهزة وبساعات دوام ومناوبات واضحة".

وقال إن وجود تلك اللجان، ولو كانت بدون سلاح، يساعد في الإنذار المبكر من أي هجمات للمستوطنين خاصة في مناطق الاحتكاك والاشتعال الدائمة.

وشد على "حاجة المواطنين لمن يحميهم ويدافع عنهم، وبمثل هذه الخطوة يحدث التكامل بين المؤسسة الأمنية والمواطنين، ويستطيع السكان البقاء وحماية أراضيهم وقطف أشجار الزيتون". وتابع أن مثل هذه الخطوة تتطلب اهتماما من المؤسسة الأمنية وقرارا سياسيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأمن الفلسطینی الأجهزة الأمنیة أجهزة الأمن أکثر من

إقرأ أيضاً:

إعلام عبري: موقف جالانت قريب من موقف الأجهزة الأمنية وهناك فرصة لتحقيق الهدنة

كشف إعلام عبري نقلا عن مصادر اليوم الخميس 4 يوليو 2024 أن موقف جالانت قريب من موقف الأجهزة الأمنية ويعتقد أن هناك فرصة لتحقيق تقدم في مفاوضات صفقة التبادل، حسبما ذكرته قناة القاهرة الإخبارية في نبأ عاجل.

وأضاف أن الأجهزة الأمنية تعتقد أن ثمن رفض الصفقة هو مقتل محتجزين إضافيين واستمرار القتال في غزة وربما تصعيد آخر مع حزب الله.

وفي سياق آخر كشف حزب الله عن استهداف مبنى يستخدمه جنود الاحتلال في مستعمرة أدميت بالأسلحة المناسبة وأصبناه إصابة مباشرة، مما أدى إلى اشتعال النيران فيه وأوقعنا من فيه بين قتيل وجريح.

عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة

ولا يزال الاحتلال الإسرائيلي مستمرا في عدوانه على قطاع غزة حتى اليوم الخميس 4 يوليو 2024، الذي يوافق اليوم ال272 منذ بداية عدوانه، الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023، بعدما أطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية، شارة البداية لمعركة طوفان الأقصى.

وارتفع عدد شهداء غزة جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى38011 شهيدا، حسبما أعلنت الصحة الفلسطينية، وأضافت أن عدد الإصابات ارتفع إلى 87445 مصابا.

مقترح بايدن لوقف إطلاق النار

وحثّ الرئيس الأمريكي، جو بايدن في وقت سابق، حركة حماس، والاحتلال الإسرائيلي على دعم مقترح يتضمن التالي:

- عودة الفلسطينيين في غزة إلى منازلهم، في المرحلة الأولى.

- وفي المرحلة الثانية يتم تبادل كل الأسرى الأحياء بما في ذلك الجنود الإسرائيليين.

- المرحلة الثالثة تشمل إعادة إعمار قطاع غزة.

آخر التطورات في اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل

ولكن الاحتلال الإسرائيلي، رفض المقترح المقدم من قِبل الولايات المتحدة لمجلس الأمن الدولي، بعدها.. زاعمًا أن أمريكا غيرت موقفها بشأن مصالح إسرائيل.

وكشفت الإدارة الأمريكية في وقت سابق عن تعديل المقترح الذي قدّم لحماس بحيث يتم التعامل معه بإيجابية.

وفي المقابل أكدت حماس استعدادها للتعامل بشكل إيجابي مع أي مقترح يتضمن وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية.

إصابات جيش الاحتلال

وفي وقت سابق من اليوم كشف جيش الاحتلال الإسرائيلي عن ارتفاع حصيلة الإصابات إلى 4066 جنود الاحتلال منذ بدء العدوان على غزة، منهم 2069 منذ العدوان البري.

اقرأ أيضاًالفصائل الفلسطينية تقصف قوات الاحتلال بمناطق مختلفة في «الشجاعية»

قصف إسرائيلي يستهدف مناطق وسط مدينة رفح الفلسطينية

جميعهم قُتلوا.. المقاومة الفلسطينية تستدرج قوة للاحتلال لعين نفق مفخخ

مقالات مشابهة

  •  تصاعد محاولات المستوطنين الاستيلاء على "نبع غزال" بالأغوار الفلسطينية
  • تصاعد محاولات المستوطنين الاستيلاء على نبع غزال بالأغوار الفلسطينية
  • إعلام عبري: موقف جالانت قريب من موقف الأجهزة الأمنية وهناك فرصة لتحقيق الهدنة
  • حجة.. لقاء في كشر لمناقشة التحشيد للدورات العسكرية وتعزيز المبادرات المجتمعية
  • الضفة بمواجهة مجرفة الاستيطان والضم .. ما المطلوب فعله؟
  • الضفة أمام مجرفة الاستيطان والضم .. ما المطلوب فعله؟
  • منظمة: إسرائيل توافق على أكبر عملية مصادرة لأراض بالضفة الغربية منذ اتفاقيات أوسلو
  • مظاهرات إسرائيلية تطالب برحيل نتنياهو بعد مقتل ضابط من جيش الاحتلال
  • أمنية المهرة تشدد على فرض هيبة الدولة وبسط نفوذها
  • هيئة مقاومة الاستيطان تندد بمصادقة الاحتلال على وحدات استيطانية جديدة  بالضفة الغربية