يرتقب أن يتواصل تراجع النمو العالمي، خلال عام 2024 مع استمرار ارتفاع معدلات الفائدة الصادرة عن البنوك المركزية، ضمن مساعيها لكبح نسب التضخم، بحسب تقارير مؤسسات مالية دولية عدة.

ويتوقع أن يتباطأ النمو العالمي من 3.5 بالمئة في عام 2022 إلى بالمئة في عام 2023 ثم 2.9 بالمئة في خلال العام القادم، مسجلا تراجعا ملحوظا عن المتوسط التاريخي البالغ 3.

8 بالمئة (بين عامي 2000 - 2019)، بحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر عن صندوق النقد الدولي.

ورغم من هذا التباطؤ، يرى محللون وخبراء اقتصاديون تحدثوا لموقع "الحرة"، أن العام المقبل، سيشهد "تحسنا متباينا" في أداء الاقتصاد العالمي الذي لازال يعاني من تبعات الجائحة والحرب في أوكرانيا، مع تسجيل تراجع في معدلات التضخم العالمي التي ستنتقل من 6.9 بالمئة، خلال العام الجاري، إلى نحو 5.8 بالمئة السنة المقبلة.

في هذا الجانب، يرى المحلل الاقتصادي، إسماعيل بن دويسة، أن التباطؤ المتوقع في نمو الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل، يرجع أساسا إلى ارتفاع سعر الفائدة، بعد أن رفعت البنوك المركزية معدلاته خلال العام الجاري، مشيرا إلى أن موجة انخفاضها لن تسجل إلا في النصف الثاني من العام المقبل، بعد أن تتأكد (البنوك المركزية) من عودة مستويات التضخم إلى المستويات المأمولة، عند 2 بالمئة.

ويؤدي ارتفاع سعر الفائدة إلى انخفاض الطلب على القروض، كما يؤثر على نفقات الاستهلاك والاستثمارات بالنسبة للأسر والشركات.

ويكشف المحلل الاقتصادي، في تصريح لموقع "الحرة"، أن دفع نمو الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل، سيقع على عاتق البلدان الآسيوية، خاصة الصين والهند والدول الخليجية، مثل السعودية والإمارات، في حين يرتقب أن تبقى النسب بالدول الأوروبية وبالولايات المتحدة، عند حدود بين 1 و2 بالمئة، أو أقل في ألمانيا وفرنسا.

التضخم.. "التحدي الأكبر"

وتعرض الاقتصاد العالمي لعدد من الصدمات منذ أوائل عام 2020، مع تفشي فيروس كورونا، وعودة التضخم بعد التعافي من الجائحة، وحرب روسيا ضد أوكرانيا، وارتفاع معدلات الاقتراض والأسعار.

في هذا الجانب، يشير المحلل التونسي، إلى أن مستويات سعر الفائدة "أكثر ما سيؤثر على نسب النمو للعام القادم"، إلى جانب التطورات الجيوسياسية  بكل من أوكرانيا والشرق الأوسط، لافتا أن توسع الصراع بغزة، يمكن أن يلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي، حيث ستؤثر على جهود كبح التضخم.

ومن المتوقع أن تبدأ البنوك المركزية في خفض أسعار الفائدة بحلول منتصف عام 2024، لكن من غير المرجح أن تكون التخفيضات حادة مثل الزيادات التي تمت في الأشهر الأخيرة، وفقا للعديد من الاقتصاديين.

وفي سبتمبر الماضي، توقع صندوق النقد الدولي، مستوى أعلى من التضخم مما كان متوقعا على صعيد السنة الراهنة مع 6.9 بالمئة على المستوى العالمي، والسنة المقبلة مع 5.8 بالمئة.

في هذا السياق، يوضح الخبير الاقتصادي، أن خفض مستويات التضخم، يمثل "أكبر تحد يواجه الاقتصادات العالمية الكبرى وأيضا المتوسطة"، محذرا من أن عودته للارتفاع، وعدم  خفض معدلات الفائدة في النصف الثاني من العام المقبل، قد يتسبب في ركود اقتصادي أوسع، وبالتالي كارثة اقتصادية عالمية.

"تحسن نسبي"

وتكشف تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن تباطؤ النمو المتوقع خلال العام المقبل، سيكون الأكبر منذ 2020، عام الجائحة، وتشير إلى أن أحد العوامل الرئيسية في ذلك يرجع إلى تباطئ أكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين، العام المقبل.

ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 1.5 بالمائة فقط في عام 2024، من 2.4 بالمائة في عام 2023، مع استمرار زيادات أسعار الفائدة التي أقرها بنك الاحتياطي الفيدرالي - 11 منها منذ مارس 2022 - في تقييد النمو.

ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني، الذي يعاني من أزمة عقارية مدمرة وارتفاع البطالة وتباطؤ الصادرات، بنسبة 4.7 بالمائة في عام 2024، منخفضا من 5.2 بالمائة هذا العام.

حربان و50 انتخابات.. مخاوف من "تقلبات اقتصادية عالمية" في 2024 مع استمرار الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة، فإن خطر تصاعد الصراع في الشرق الأوسط هو أحدث أزمة في سلسلة لم يكن العالم مستعدا لها على المستوى الاقتصادي، بعد جائحة كورونا، والحرب الروسية على أوكرانيا. 

أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية بجامعة السوربون بفرنسا، كميل الساري، يرى أن التوقعات الاقتصادية تشير إلى أن البنوك المركزية الأميركية والأوروبية ستخفض تدريجيا من نسب الفائدة، بعد أن بدأت معدلات التضخم والأسعار في الانخفاض.

ورغم مساهمة رفع نسب الفائدة في كبح جماح التضخم الذي وصل مستويات قياسية، يشير الساري في تصريح لموقع "الحرة"، إلى تسببه في إضعاف النمو الاقتصادي، مقدما مثال تراجع استثمارات العقارات والاستهلاك ككل، مع ارتفاع تكلفة القروض.

ويوضح المتحدث، أن الركود كان السمة البارزة لاقتصادات العالم خلال السنة التي نودعها، مع تراجع الاستهلاك وانخفاض استثمارات الشركات، غير أنه يتوقع أن يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى دعم عدد من القطاعات الاقتصادية المتضررة والتي تؤثر في النمو الاقتصادي العالمي.

ويؤكد الساري، أن توجه البنوك المركزية نحو هذه الخطوة، سيسهم في تحقيق "تحسن نسبي" للاقتصادات العالمية، غير أن هذا أيضا يبقى مقرونا بتغيرات أسعار النفط والطاقة التي تظل بدورها "حبيسة المضاربات والأوضاع الجيوسياسية، في ظل النزاع في أوكرانيا والحرب في غزة".

"غيمة إضافية"

وتثير الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة قلقا متزايدا من خطر اتساعها، في وقت لا يزال الاقتصاد العالمي يعاني من تبعات الحرب الروسية الأوكرانية.

وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، في تصريحات بعد هجوم السابع من أكتوبر، إن الحرب "تشكل غيمة إضافية في أفق الاقتصاد العالمي غير المشرق أساسا".

واعتبرت، أن الصعوبة الأساسية للاقتصاد العالمي، تتمثل في التوترات الجديدة التي تضاف إلى "الصدمات الحادة" التي يواجهها في السنوات الثلاث الأخيرة، وقد أصبحت "المعيار الجديد، ما يزيد من هشاشة العالم الذي يعاني أساسا من نمو ضعيف ومن تشرذم اقتصاده"، وفق قولها.

وبالرغم من هذه الأوضاع، تحدث أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، فخري الفقي، عن أن مؤشرات الاقتصاد للعام المقبل، تشير عموما إلى "وضع أفضل من الحالي، خاصة في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة، مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وبريطانيا واليابان والبرازيل وغيرها".

وفيما يخص بالدول النامية ذات الدخل المتوسط والتي يصل عددها إلى 45، يشير المستشار السابق لدى صندوق النقد الدولي، في تصريح لموقع الحرة، إلى أن "الأوضاع ستكون متباينة، بين التحسن البطيء واستمرار التحديات الاقتصادية التي تعرقل تطور بعضها".

أما الدول الفقيرة والأقل دخلا والبالغ عددها 85 دولة، فيقول إنها "ستحتاج إلى دعم من المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي، متوقعا "استمرار تدهور اقتصادها".

ويكشف الخبير الاقتصادي، أن الأداء الاقتصادي العالمي مدفوع بمؤشرات نمو الناتج المحلي الإجمالي بالدول المتقدمة، والتي ستعرف، في العام المقبل، ارتفاعا أعلى من المتوقع لتصل إلى 2.7 بالمئة، وهو رقم يقول إنه "إيجابي، بعد حديث عن ركود قريب من الصفر".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الاقتصاد العالمی البنوک المرکزیة أسعار الفائدة نمو الاقتصاد النقد الدولی العام المقبل خلال العام من المتوقع عام 2024 إلى أن فی عام

إقرأ أيضاً:

الفيدرالي الأمريكي يثبت سعر الفائدة في نطاق 4.25%-4.50%

قرر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اليوم الأربعاءـ تثبيت سعر الفائدة الرئيسي في نطاق 4.25%-4.50% خلال اجتماعه الثاني لعام 2025، في ظل ترقب للقرارات الاقتصادية للرئيس دونالد ترامب.

 وكان البنك قد خفض سعر الفائدة ثلاث مرات في نهاية العام الماضي، ليصل إلى 4.3% بعد أن كان عند 5.3%. 

ووفقا للتقارير فإن هذه الخطوة جاءت بعد زيادة سريعة في أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، ومع تباطؤ نمو الأسعار، أصبح من الممكن للبنك المركزي تعديل بعض هذه الزيادات.

وفي سبتمبر، انخفض التضخم إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات ونصف عند 2.4%، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس.

مقالات مشابهة

  • الفيدرالي الأمريكي يبقي على سعر الفائدة دون تغيير وسط مخاوف من التضخم
  • «الاقتصاد»: استدعاء 235 ألف سلعة ومنتج في 2024
  • الفيدرالي الأمريكي يثبت سعر الفائدة في نطاق 4.25%-4.50%
  • المغرب: البنك المركزي يخفض الفائدة إلى 2.25%
  • خبير استراتيجي: الاقتصاد الأمريكي يواجه تحديات مزدوجة بين خطر الركود وارتفاع معدلات التضخم
  • حروب ترامب التجارية تؤدي إلى تباطؤ النمو العالمي وزيادة التضخم حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية
  • الاقتصاد الصيني يُظهر علامات تحسن رغم تحديات سوق الإسكان
  • منظمة: الحرب التجارية الأميركية تهدد النمو الاقتصادي العالمي وترفع التضخم
  • الأنظار تتجه نحو البنوك المركزية.. أسبوع مصيري لأسعار الفائدة عالميًا
  • استقرار التضخم السنوي في السعودية خلال فبراير عند 2%