«يا قوم أليس لي ملك مصر».. اعرف أسرار الآية 51 وأنهار فرعون الواردة فيها
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
نادى فرعون لعنه الله في قومه فقال: «يا قوم أليس لي ملك مصر»، فما هي أسرار الآية 51 من سورة الزخرف، وما هي أنهار فرعون التي تحدث بها إلى قومه، هذا ما نرصده في السياق التالي.
يا قوم أليس لي ملك مصريقول الحق تبارك وتعالى في سورة الزخرف: «وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51)»، وقد أشار المفسرون إلى معنى وأسرار:«يا قوم أليس لي ملك مصر» فقال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى: ونادى فرعون في قومه قيل: لما رأى تلك الآيات خاف ميل القوم إليه فجمع قومه فقال : فنادى بمعنى قال ، قاله أبو مالك .
وقال: يا قوم أليس لي ملك مصر أي : لا ينازعني فيه أحد . قيل : إنه ملك منها أربعين فرسخا في مثلها، حكاه النقاش. وقيل : أراد بالملك هنا الإسكندرية. (وهذه الأنهار تجري من تحتي) يعني أنهار النيل، ومعظمها أربعة : نهر الملك ونهر طولون ونهر دمياط ونهر تنيس.
وقال قتادة: كانت جنانا وأنهارا تجري من تحت قصوره. وقيل : من تحت سريره. وقيل : ( من تحتي ) أي : تصرفي نافذ فيها من غير صانع . وقيل : كان إذا أمسك عنانه أمسك النيل عن الجري قال القشيري : ويجوز ظهور خوارق العادة على مدعي الربوبية ، إذ لا حاجة في تمييز الإله من غير الإله إلى فعل خارق للعادة . وقيل معنى ( وهذه الأنهار تجري من تحتي ) أي : القواد والرؤساء والجبابرة يسيرون من تحت لوائي ، قاله الضحاك . وقيل : أراد بالأنهار الأموال ، وعبر عنها بالأنهار لكثرتها وظهورها . وقوله : ( تجري من تحتي ) أي : أفرقها على من يتبعني ; لأن الترغيب والقدرة في الأموال دون الأنهار . (أفلا تبصرون) عظمتي وقوتي وضعف موسى. وقيل : قدرتي على نفقتكم وعجز موسى. والواو في (وهذه) يجوز أن تكون عاطفة للأنهار على ملك مصر (وتجري) نصب على الحال منها . ويجوز أن تكون واو الحال، واسم الإشارة مبتدأ ، و ( الأنهار ) صفة لاسم الإشارة ، ( وتجري ) خبر للمبتدأ . وفتح الياء من ( تحتي ) أهل المدينة والبزي وأبو عمرو ، وأسكن الباقون . وعن الرشيد أنه لما قرأها قال : لأولينها أحسن عبيدي ، فولاها الخصيب ، وكان على وضوئه . وعن عبد الله بن طاهر أنه وليها فخرج إليها فلما شارفها ووقع عليها بصره قال : أهذه القرية التي افتخر بها فرعون حتى قال : أليس لي ملك مصر ؟ ! والله لهي عندي أقل من أن أدخلها! فثنى عنانه.
علماء الأوقاف: النداءات القرآنية للنبي حافلة بأسمى معاني التكريم هل الواقع مصدر من مصادر المعرفة؟.. علي جمعة يجيب أسرار قول فرعون:«يا قوم أليس لي ملك مصر»ويقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: يحكي لنا القرآن عن بعض الملوك المتجبرين والفراعنة في الأرض الذين ظنوا أن سلطانهم فوق كل قوة، فقال تعالى: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِى مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [سورة الزخرف: آية ٥١].
وكأن تسلطه على الأرض والماء في بقعة من الأرض يعطيه الحق في استعباد الناس. وقد سعى لاستعبادهم بكل سبيل، ولم يتصور أن يَخْرُجَ موسى وقومه على إرادته وبطشه.
فكل القوانين الكونية أو التوقعات البشرية تُؤَكِّدُ أن فرعون منتصر، فبعد أن تجبر في أرض مصر وتكبر وعلا أهلها وقهرهم حتى أقروا له بالعبودية، لا يمكن لموسى ومن تبعه أن ينجو من بطشه، فضلا عن أن يتحقق له ما وعده الله به، وأنجزه وعده. قال: {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} ولاة وملوكا {وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص:6] نورثهم ملك آل فرعون في الأرض. {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِى الْأَرْضِ} [القصص:7]، ولولا أن تدخلت إرادة الله وقوته فقلبت الموازين وغيرت السنن في اتجاه نصرة الحق ونجاة أصحاب المنهج ما كانت تلك النتيجة.
ولا يمكن لإنسان العصر أن يستقر نفسيا ويأخذ وجهته الصحيحة نحو إنجاز رسالته على الأرض إلا إذا عرف حدوده مع خالق هذا الكون ومدبره، ذلك أن الكون كله شأن من شؤون الله تعالى، {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [سورة آل عمران: آية ١٠٩] فهو تعالى خالق الكون بما فيه الإنسان، وهو الذي ركَّب العقل في الإنسان ليعمِّر به الأرض لا ليدمرها، وليعرف به خالقه لا ليلحد، والإنسان مدعوٌّ أن يضع نفسه في إطار الكون كله وقوانينه المطردة لا في إطار قدرته الخاصة المحدودة، وسيرى أن ليس للإنسان قدرة على توجيه مجرى الحوادث الكونية وفق مشيئته، لأن هذا من شأن خالق الأشياء جميعا ومدبرها، وهو الله.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أنهار النيل تجری من
إقرأ أيضاً:
«وان دعتنا البوارج با نخوض المياه»
بهذه اللهجة كان هذا الشطر ضمن الأبيات الشعرية لأول زامل شعبي استهل به المنشد المبدع عيسى الليث زوامله الجهادية وذلك بعد ست حروب ظالمة خاضتها السلطة الظالمة ضد أنصار الله المجاهدين -آنذاك- حيث سبق هذا الشطر رسائل قوية عبر فيها الشاعر عن جاهزية الناس لخوض ما هو أكبر، ملوحا بأن عامل الخوف ليس له وجود في قاموسهم قائلا:-
(عشقنا للشهادة صير المر حالي—ما بقي شيء نخافه في يدين الغزاة)
(بانخوض المعارك سهلها والجبالي– وإن دعتنا البوارج بانخوض المياه)
فكان ذلك بمثابة مؤشر لحدث متوقع التعاطي معه في المستقبل باعتبار أهمية القضية والمشروع القرآني القائم في مناهضته لدول الغرب الكافر ممثلة في أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل؟
وها هي الكلمات تترجم في الواقع العملي المعاش، حيث بدا اليمانيون أكثر حضورا وضرواة في معركة فاصلة بين الحق والباطل، معركة عرف فيها المؤمن من المنافق والصادق من الكاذب!
معركة شخصت أصحاب المواقف المتواطئة والعميلة على حقيقتهم، حيث أكدت فضح شعاراتهم الجوفاء وسياساتهم الحمقاء الملطخة بالذلة والخنوع والاستسلام والتشبث العقيم بالسلطة.
نعم ها هي المعركة اليوم تتمركز في البحر كعامل أساس كان لا بد منه لخلاص الأمة من شبح الطغيان الإسرائيلي والداعم الأمريكي وكل من لف لفيفهم
معركة هي الأشبه بمعركة الفصل الحاسمة التي أنذرت بزوال فرعون الذي ادعى نفسه إلها على شعب مصر وكان يزعم ويقول (أنا ربكم الأعلى)، بل بلغ به العتو إلى ذبح كل الأبناء المواليد من الذكور بعد أن أخبره أحد المنجمين بأن ملكه سيزول على يد مولود من بني إسرائيل، فبلغ به الأمر في سابقة ليس لها مثيل في بشاعة جرمها أن يقدم على ذبح كل الأطفال المواليد، مثلما يحصل اليوم في غزة.
نعم كان على أم موسى أن تتعاطى مع التوجيهات الربانية لتلقي بمولودها من بعد لحظة ولادته في البحر، ليلتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا وينعم في قصر الظالم فرعون بحياة آمنة وكريمة كحالة استثنائية، إرضاء ونزولا عند طلب زوجة الظالم والمستكبر الجائر فرعون اللعين والذي كانت نهايته مخزية ومدوية وهو يلحق بموسى ومن آمن معه من بني إسرائيل.
معركة فارقة استدعت حضورا كبيرا من التسليم والصبر والتضحية والفداء والإيمان المطلق لله الغالب على الأمر ليسلم الناس شر سطوة الظلم والظالمين ودفع خطر العدو الإسرائيلي والأمريكي.
وما الدور البطولي العظيم الذي يقوم به ولازالوا رجال قواتنا البحرية اليمنية اليوم إلا شاهد على ذلك في سابقة لم تتجرأ القيام بها أي دولة إسلامية أو عربية في استهداف السفن الإسرائيلية أو السفن المتضامنة معها لنجدها تتساقط وتنهار واحدة تلو الأخرى.
عزيمة وإقدام وتضحية واستبسال ومواجهة صارمة وعنيفة مع العدو الإسرائيلي في المنطقة لغرض تحقيق هدف محق وهو أن يتوقف الإسرائيلي عن عدوانه السافر والإجرامي على إخواننا الفلسطينيين ويكون لهم الحق في حصولهم على الماء والغذاء والدواء والأمن والأمان حتى، وإن غض الطرف عنهم وعن مناصرتهم والنظر في معاناتهم للأسف غالبية كبرى من زعامات وحكومات الدول العربية والإسلامية والله المستعان!
وعبر معركة اليوم، معركة البحر الأحمر وبالتحديد (باب المندب)، ستسقط العروش الكافرة والمتواطئة التي لن تعفى عن جرمها وصمتها المهين، في الوقت الذي يحتشد اليمن بأكمله متمنيا حضوره البارز أكثر في المعركة مع العدو الإسرائيلي إضافة إلى ما تحرزه القوات البحرية الصامدة والطيران المسير والقوة الصاروخية من حضور قوي ولافت في المعركة.
معركة بحرية أنهكت العدو الإسرائيلي اقتصاديا، بل أسهمت في لي ذراعه وكسر هيبته ليعرف حجمه وأن ظلمه وطغيانه مرهون بزواله عاجلا أم آجلا.
معركة بحرية جعلت الأمريكي يقف عاجزا وحائرا دون اتخاذ أية عقوبات دولية، فكل ما كان بإمكانه الضغط به على حكومة صنعاء من خلاله هو لازال بأيديهم، كونه الحليف الاستراتيجي لقوى العدوان السعودي الذي لازال رابضا ومتعجرفا حتى يومنا هذا.
معركة بحرية جاءت من رحم المعاناة وضيق الحصار الخانق على شعبنا اليمني الصامد المجاهد، الذي رأى لزاماً على نفسه أن يتحرك مع القضية الفلسطينية وهو لم يتعاف بعد من المحنة والحصار المفروض عليه على مدى تسع سنوات مضت.
معركة بحرية جعلت من حكومة صنعاء اليمن وكل اليمانيين الأحرار دولة رائدة ومحط إعجاب عربي ودولي في مواقفها المشرفة واللائقة تجاه ما تقوم به من ضربات مسددة وفرض سيطرة بحرية بارزة في معركة البحر الأحمر، تلوح بإخماد العدو الإسرائيلي بإذن الله تعالى.
فلله درك يا يمن الإيمان والحكمة، شعب عظيم أذهلت العالم بحضورك البطولي وأرهبت كل طواغيت الأرض وأثبت حضورك ومناصرتك للمظلومين والمستضعفين في كل الأرجاء والقادم أعظم وما النصر إلا من عند الله.