طريق "دبا- خصب".. شريان حياة
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
راشد بن حميد الراشدي **
مشروع استراتيجي مهم وشريان حياة وأحد أسس التنمية بمحافظة مسندم سوف يتم شقه وسط سلسلة من الجبال والوديان والأماكن الوعرة ليحمل البِشر لأهالي المناطق التي يخدمها هذا الطريق الحيوي والزائرين والذي سيختصر المسافات بين عدد من المدن في مُحافظة مسندم وكذلك عامل الوقت والزمن والأمان والراحة في انسيابية الطريق وسهولة الحركة والتنقل.
عشرون دقيقة ستكون مدة الرحلة بدلًا من ساعات طوال وطرق ذات تضاريس صعبة وبمبلغ 151 مليون ريال تكلفة التصميم والتنفيذ مع مشروع سيخدم التنمية المستدامة والمواطنين في مختلف المجالات وسيخلق فرصاً اقتصادية وسياحية تنموية لأهالي المحافظة من خلال مثل إنشاء مثل هذه المشاريع العملاقة لكي تظل نهضة عُمان متجددة تراعي كل مُحافظات الوطن وولاياتها وقراها لتكون هذه المشاريع منجزا يرتقي بالوطن لآفاق كثيرة تُحققها إرادة الله وتوفيقه وهمة قائد وعزيمة شعب يستحق الخير.
أفراح الوطن تنقلها دعوات الشكر والتقدير لعظم هذا المنجز الذي أفرح أهالي المحافظة خصوصا وأهالي السلطنة عموما فنحن جسد واحد ووطن واحد توحدت رايته على المحبة وأينعت قطافه على المودة والصدق في الأقوال والأفعال فسما الوطن بمعزة أبنائه واعتزازهم به إلى أرقى الأوطان.
اليوم نبارك لأهلنا في محافظة مسندم توقيع اتفاقية البدء في هذا المنجز والمشروع الكبير الذي سيرفد السياحة والاقتصاد بحيوية إنشاء مثل هذه الطرق ويختصر المسافات بين ولايات المحافظة ويربطها بطرق ذات مواصفات عالمية حديثة مما يضيف إلى المحافظة معلما مُهمًا وطريقًا مميزًا تستثمر فيه المشاريع وتختصر متاعبه التي كان يعاني منها المواطن والزائر لمحافظة مسندم ذات التضاريس الجبلية الصعبة.
وفق الله الوطن لاتمام مسيرة العطاء والبناء ومع مشاريع قادمة تحمل الخير والسعادة للوطن وأبنائه الكرام في عهدٍ مُتجددٍ وقائد يلتمس الخير لشعبه ووطن يسعى لبنائه وإسعاده.
مرة أخرى نبارك لأهالي محافظة مسندم هذه البشائر الممطرة بالخير كسحائب المزن المحملة بخيرات السماء ونعم الله وندعو الله أن نرى الطريق وقد اكتملت أركانه ونُفذت تفاصيله.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وأدام عليهم نعمائه وفضائل كرمه وبركاته نعم المولى ونعم الوكيل.
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
القرآن الكريم دستور حياة مثالية 100 %
الحمد لله أننا مسلمون، والحمد لله أن كتابنا القرآن الكريم، ونبينا محمد بن عبد الله، حقيقة المتأمل في قراءة القرآن، تستوقفه كل الآيات التي تناقش الحياة الاجتماعية، والعلاقات بشتى أنواعها سواء العائلية أو السياسية أو الاقتصادية. وأكثر ما ركَّز القرآن على التعاملات بين البشر. لم يترك القرآن جانباً من جوانب الحياة، إلا ووضع له أصولاً وأحكاماً، من اتبعها ربح وسعد، ومن تركها خسر وتعس. والمتدبر للقرآن، المتتبع لسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، يدرك عظمة الدين الإسلامي وسموه الأخلاقي، هو ببساطة دين الأخلاق الفاضلة، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام، موضحاً جانباً من مهمته العظيمة ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وقد كان العرب ذوي أخلاق رفيعة في كثير من تعاملاتهم، فجاء الإسلام متمماً للحسن منها، نابذاً السيئ، واضعاً منهجاً أخلاقياً عظيماً ، ولو توقفنا عند سور و آيات القرآن التي ترسم وتفصل الآداب والأخلاق للمسلمين، لما كفتنا مقالات، لكن لعلنا نقف عند بعض السور ونبدأها (بالحجرات) والتي حوت كماً هائلاً من التربية الدينية العظيمة. بدأت السورة بشرح التأدب مع الله عزَّ وجلَّ ورسوله، ووجوب طاعتهما، والامتثال لأوامرهما. لقد كان تعامل معلم البشرية مع أصحابه وأهله والناس عموماً، مدرسة نهل منها الجميع أحسن الأخلاق. ومازالت الأمة الإسلامية لن تجد موسوعة للأخلاق الحميدة، كأخلاق محمد عليه الصلاة والسلام. فهو قدوتنا، ومسك الأخلاق وعطرها، ويظل القرآن والسنة، دستورنا ومرجعنا كمسلمين، لننهل منه أطيب القيِّم وأنبلها، ولنعيش مع بعض الأخلاق الحميدة في سورة الحجرات. ففيها آية عظيمة، ما أكثر ما يغفل عنها الناس، فيحكمون أحكاماً قاسية تؤدي لقطع حبال المودة، وقد تشتعل الفتن، وقد تؤخذ صور سيئة عن أناس بينما هم مظلومون ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) سمَّى الله من ينقل النبأ (فاسقاً) حتى لو كان صحيحاً، فهؤلاء الذين يحبون نشر الأخبار ونقلها من جهة لأخرى، ليسوا متثبتين، فمعظمهم ينقل ما يسمع بالتناقل، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام ( كفى المرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع). هذه قاعدة أخلاقية هامة جداً (تبينوا)، حتى لا تنتهك العلاقات بالأكاذيب، وسوء الفهم. ومن الأولى بمن يمتهن نقل الأخبار بين الناس، أن يتحرَّى ويدقِّق وينقل ما فيه خير، ويبتعد عن الأخبار التي تشيع الفتنة والبلبلة وتؤلب النفوس. وحري بمن تأتيهم أخبار تزعجهم، أن يتبينوا ويتأكدوا حتى لا يقعوا في الإساءة والقطيعة التي تورث الندم والإثم.
ونأتي لآية عظيمة في السورة -والقرآن كله عظيم- (وإن طائفتين من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين) ويختم عزَّ وجلَّ الآية بمعنى كبير جداً ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون). لن أتوقف عند توضيح هذه الآية، فذلك قد يأخذ من الأحرف مالا يتسع له المجال، لكن في هذه الآية توضيح لأهمية الإيجابية بين الناس بالتدخل بالصلح، وإنهاء الخصومات، سواء بين جماعات أو أفراد. وللأسف نحن اليوم كثيراً ما نجد خصومات تستمر لسنوات بين أهل وقرابة وجيران دون تدخل أحد للإصلاح، ودون تراجع من المخطئ والمسيء. ويذكِّرنا الله في آخر الآية بأن (المؤمنون إخوة) قال الرسول (المؤمن أخو المؤمن لا يخذله ولا يظلمه ولا يحقره). ثم نأتي لآية أخلاقية عظيمة في سورة الحجرات أيضاً (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) تخيلوا المستهزئين باسم (المزح المقيت) إن لم يتوبوا اعتبرهم القرآن (ظالمون). بعض الناس (مازحاً) يحقّر الآخرين، وينبزهم بألقاب لا يحبونها، ويهمز ويلمز عليهم، ويعتبر نفسه خفيف ظل صاحب حضور ممتع، والعكس صحيح عند الله قبل البشر فهو مذنب غثيث.
يا للأسف، أصبح البعض يستخدم مصطلح (طقطقة)، لمضايقة الآخرين، وإزعاج المجالس. ليت هؤلاء يقرأون هذه الآية ويعيدون النظر في تصرفاتهم. ثم تأتي الآية التي تنهى عن سوء الظن البعيد عن الحقيقة، لأنه إثم يجر العداوة والبغضاء، فإن لم يستطع المسلم إحسان الظن فلا ينقاد لسوء الظن دون تأكد وتثبت وفي الآية أيضاً نهي صريح عن التجسس هذا الخلق الذميم، والذي تترتب عليه نتائج سيئة جداً تعصف بالسكينة والحياة الآمنة. وفيها تحذير من الغيبة وتصويرها بشكل مرعب (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه).
أجارنا الله وإياكم من مساوئ الأخلاق والأفعال. ودمتم.
(اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً)