أكد الشاعر السوري الدكتور محمد فياض أن أهم ما يميّز القصيدة هو ما يمسّ واقع الشاعر؛ فلا ينبغي أن يكون الشاعر في وادٍ وواقعه في واد آخر، وأن الشعر والنثر بحران بينهما برزخ لا يلتقيان إلا من حيث أنهما صنعة أدبية، ومضيفاً أن للبيئة تأثيراً كبير ً بلا ريب؛ من النواحي كلها؛ العاطفية والاجتماعية والمادية والمعنوية؛ وأكثر أشعاري منبعثة من واقع عشته (معاينة أو معاناة)، فالشاعر ابن بيئته.

وأضاف في تصريح خاص لـ24، حول رأيه بقصيدة النثر، حيث أنه يكتب الشعر الفصيح والغنائي: "الشعر والنثر بحران بينهما برزخ لا يلتقيان إلا من حيث أنهما صنعة أدبية؛ وإلا فلكلٍّ سماته وخصائصه؛ لذلك لا أرضى أن يُخلَط بينهما! قائلاً: "لا أحبِّذ تسمية النثر بالقصيدة؛ وإلا فهي لا تدخل عندي في باب (قصيدة) ولا في باب الشعر أصلًا إلا مجازًا!
ولا أرى تسمية النثر بـ(قصيدة) إلا عجزًا أو تجاوزًا لما هو معهود في هذا الفن".
وقال: "كنت أنصح مَن يستشيرني فيما يكتب (رجلًا أو امرأة) أنَّ موهبته (النثر) مثلًا وليس الشعر؛ فأقول له: لا تزهد بها ولا تكلّف نفسك ما لم تُؤتَ فتخسر الأمرَين معًا، وقد سمع النصيحة بعضهم فأبدع؛ وأعرض بعضهم فضاع ولم يوفَّق لفنٍّ منهما".

واقع الشاعر

وعن أبرزسمات القصيدة المميزة برأيه يضيف: "هي القصيدة التي تتميز بأمور أهمها، قناعة الشاعر بما يكتب، وصدقه فيما يكتب، وإخلاصه لما يكتب (لغة وبلاغة وإبداعًا)،
هذا من حيث التميّز الحقّ، أما من حيث التميّز البلاغي واللغوي فقط؛ فلا يشترَط الأمران الأولان، وأهم ما يميّز القصيدة عندي هي ما يمسّ واقع الشاعر؛ فما ينبغي أن يكون الشاعر في وادٍ وواقعه في واد آخر".
وينصح الدكتور محمد فيّاض أصحاب المواهب الشعرية قائلا: "لا بد من متابعة القراءة في هذا الفن، وعدم الانقطاع عنه ما استطاع الشاعر، وأنصحه بالجمع بين مطالعة الشعر القديم والحديث؛ وأن لا يقتصر على نوع واحد من الشعر، وكذلك أنصحه بقراءة كتب الأدب؛ فهي تنمّي موهبته بشكل بديع، وقبل ذلك كله القرآن الكريم.
ومن وهبه الله هذه المنّة عليه أن يكون أول أخلاقه التواضع؛ من حيث عَرْض شعره على الكبار من أهل هذه الصنعة؛ وأن يكون له مرجعية في ذلك حتى يشتد عوده.
وأن لا يتعجّل في النشر قبل أن يعيد النظر مرّات فيما يكتب،
وأن يترك ما يكتب فترة ثم يعود إليه؛ ليجد نفسه أمام إبداع أفضل مما كتب من قبل."
وبالنسبة لأهم الموضوعات التي يتطرق لها فيَاض في أشعاره يقول: "أحب كتابة الوجدانيات والحِكَم، ثم موضوعات عامّة؛ كالتعليق على أمر أعجبني من أي نوع كان؛ في شخصية أو طعام أو شراب أو لباس، حتى في فنون الدعابة مع ما يعرِض لي في حياتي، وما أشبه ذلك، ثم المديح الصادق الذي ليس فيه شطط ولا خروج عن الحقيقة.

 ابن بيئته

وعن تأثير البيئة المحيطة عليه يوضح: "كان للبيئة وما زال تأثير كبير بلا ريب؛ من النواحي كلها؛ العاطفية والاجتماعية والمادية والمعنوية؛ وأكثأشعاري منبعثة من واقع عشته (معاينة أو معاناة)، فالشاعر ابن بيئته؛ وأكثر أشعاري من هذا النوع؛ خاصة حينما شرعت في السفر؛ فكان لتأثيره النصيب الأكبر في ذلك، أما من حيث النشأة والتكوين؛ فالشخصية التي كان لها الفضل الأكبر في صقل موهبتي الشعرية، أولهم من حيث التشجيع والإعجاب والثناء هو أبي رحمه الله، وأخي الشقيق وهو شاعر كذلك، ومن الناحية العلمية والأدبية فهو أستاذي (الدكتور محمد علي سلطاني) رحمه الله؛ كان له الفضل الأكبر في تشجيعي وتنمية موهبتي؛ من حيث اهتمامه وتقديره وتعاهده شعري أول ما عرضته عليه، وأهمّ ما كان يميّز هذا الأستاذ الكبير هو تواضعه لطلابه؛ في توجيههم الصحيح القويم.
أقول هذا لأني أول ما عرضت بيت شعر نظمته وأنا ابن 15 ربيعًا على أستاذٍ لنا؛ فكان تفاعله معي غير مرضيّ؛ ولولا لطف الله لكرهت الشعر والأدب من تلك الساعة؛ لكن لله في ذلك حكمة فله الحمد.
ثم أصدقائي الذين كانوا معي في الدراسة؛ والمذاكرة معهم في الأدب والشعر، وما يكون في ذلك من مسامرات وتبادل آراء في هذا الشأن".

يشار إلى أن للشاعر فياض أكثر من 6 مؤلفات مخطوطات بانتظار الطباعة والنشر يوما ما . 

 

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة سوريا أن یکون ما یکتب فی واد من حیث فی ذلک

إقرأ أيضاً:

مؤمن الجندي يكتب: بين الثواني والسراب.. موعد مع المجهول

في زوايا الحياة التي تنقلب فيها الأقدار، حيث تتماوج الأرواح بين طيف الأمل وظلال الشقاء، ينبثق الوفاء كنسيم يهب دون أن يُرى، كما لو أنه وعدٌ غامض مكتوب في سجلات الزمن.. أيامنا بين يديه كريشة في مهب الريح، يوم لك، يوم عليك، لا شيء ثابت إلا تقلبات القدر، ولا شيء يستمر سوى لحظات الوفاء التي قد تشرق في لحظة ثم تختفي في أخرى، تلك هي حكمة الحياة، أن نُعطي وفي صمت نتلقى، أن نكون أوفياء لذكريات لا نملكها، وأن نُحسن للآخرين رغم أن غدًا قد يخبئ لنا ما لا نعلمه.. في هذه المساحة الغامضة، حيث تتراقص الأقدار في دورتها الأبدية، يكون الوفاء هو النور الذي نستدل به في عتمة الأيام، رغم أن الأقدار قد تلعب بنا كما تشاء.

مؤمن الجندي يكتب: رهبة الضوء الأخير مؤمن الجندي يكتب: صلاح والحمار

توالت الأيام ونحن نسمع عن قصص نجاح اللاعبين الذين صعدوا من أحياء فقيرة أو من قرى نائية ليتألقوا في الكرة المصرية، لكن الحزن الذي حل علينا بفقدان لاعب كرة القدم محمد شوقي، لاعب كفر الشيخ، الذي سقط في الملعب وتوفي إثره، يعيدنا جميعًا إلى السؤال الأهم: هل نحن قادرون على الوفاء لأولئك الذين يحملون أحلامًا على أكتافهم؟

محمد شوقي، الشاب الذي لم يتجاوز عمره الثلاثين، كان مثالًا للاعب الملتزم والمحب للعبة.. وفقدانه المفاجئ ألهمنا جميعًا بالتفكير في دور المجتمع واللاعبين أنفسهم في تكرار هذا المشهد الأليم، الذي يفتح جرحًا عميقًا في قلوب محبي كرة القدم.. لكن ما يلفت الانتباه في هذا السياق هو أننا لا نحتاج فقط إلى مناقشة فقدانه، بل إلى تحديد الطريقة التي سنتعامل بها مع هذه المواقف في المستقبل، وخاصة تجاه عائلات اللاعبين وأسرهم.

الوفاء للأبطال المجهولين

في كل مرة نذكر فيها محمد شوقي، نذكر شابًا وقف في الميدان وواجه المخاطر بجرأة، لكنه كان يعول أسرة وأحلامًا تنتظر تحقُّقها.. إن خطواته كانت مسعى لتحقيق رغبات أسرة، ورسم أمل على وجوه محبي الرياضة من بلدته، وهذا يجعل الوفاء له ولأمثاله ليس مجرد واجب عاطفي، بل مسؤولية اجتماعية ملحة.

إن الوفاء الحقيقي لا يتمثل في كلمات العزاء التي نلقيها فقط، بل في الأفعال التي تُترجم تلك الكلمات إلى واقع.. يجب أن يكون للمجتمع الرياضي سواء كان من خلال الأندية الرياضية أو المؤسسات الشريكة أو حتى الأفراد، دور محوري في دعم أسرة الراحل محمد شوقي، وتوفير كل ما تحتاجه زوجته وطفله المنتظر من رعاية.. أما الدور الأكبر هو لوزارة الرياضة والجهات المنوط بها خلق مظلة أمان تضمن للرياضيين حياة كريمة بعيدًا عن تداعيات الفقدان.. فشوقي ليس الأول ولا الأخير!

أقول بكل أمانة، ينبغي أن تكون هناك آلية لضمان أن يكون لنا جميعُا من الوزير للغفير في الوسط الرياضي، دور فاعل في هذه الأوقات الصعبة.. قد يكون ذلك في شكل صندوق تضامني يتم إنشاءه لدعم أسر الرياضيين الذين يتعرضون لحوادث مميتة، أو اتخاذ خطوات لتأمين مستقبل أطفال هؤلاء اللاعبين الراحلين.

وحتى مع تكرار مثل هذه الحوادث في البطولات المصرية، يجب أن يُنظر إلى ذلك من منظور المصلحة العامة، بحيث يصبح دعم أسر اللاعبين جزءًا من العقد الاحترافي ذاته كمثال، على الأندية المصرية أن تبذل المزيد من الجهد لتوفير التأمينات الصحية والمالية التي تغطي كل لاعب ولا بد من الاستعانة جهاز صدمات القلب (AED) كأداة أساسية للحفاظ على حياة اللاعبين.. هذا الجهاز، الذي يُعتبر من الضروريات في مواجهة حالات السكتة القلبية المفاجئة، بات ضرورة لا غنى عنها داخل الأندية الرياضية.. فالوفاء يكون في ضمان أن لا تُترك أسرة اللاعب لمواجهة الحياة بمفردها، وأن تُمنح فرص أكبر لبقية اللاعبين في مصر خاصة "الغلابة" ليعرفوا أن المجتمع وراءهم في كل خطوة، وأنهم ليسوا مجرد أرقام على القوائم.

فكل لاعب هو أكثر من مجرد لاعب؛ هو إنسان له أحلامه وأسرته، وهو جزء من مجتمع يستحق الدعم والتكريم، وأمامنا اليوم فرصة لرد الجميل لشبابنا المبدعين في الملاعب، ولعل ما حدث مع محمد شوقي يكون بداية لثقافة جديدة من الوفاء المجتمعي، التي تضمن لكل لاعب مصري أن يعيش بكرامة، حتى في أصعب اللحظات.

وفي ختام هذه الرحلة بين ظلال الأقدار وأشعة الوفاء، يبقى لنا أن نتذكر أن الحياة ليست سوى لحظات تتنقل بين أيدينا كالغبار، لا نملك منها سوى ما نقدمه للآخرين.. يوم لك ويوم عليك، لكن الوفاء لا يعترف بالزمن، ولا بالمكان، بل هو فعل نبيل يبقى حتى عندما تختفي الأسماء وتذبل الوجوه، فلنكن أوفياء في العطاء، في الفعل الصادق، في الكلمة التي تُقال، وفي القلب الذي لا يعرف الخيانة.. فلا يغرنا ما نملك اليوم، لأن الغد يحمل معه ما لا نعلمه، ولكني أؤمن أن الوفاء هو وحده الذي سيظل باقيًا، فلتكن رسالة اليوم أن الوفاء ليس خيارًا، بل هو القوة الحقيقية التي تحفظ لنا إنسانيتنا، وتبقي على روحنا حية، حتى في مواجهة أقسى التقلبات.

للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا

مقالات مشابهة

  • مهرجان العين للكتاب.. أدب الرحلة في الإمارات بين الشعر والنثر
  • الشاعر السعودي فيصل العتيبي لـ24: الفوز في جائزة "كنز الجيل" فخر وشرف
  • عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعراء في زمن السيولة التواصلية؟
  • محمد أنصاري: الدولة كرست كل جهودها لتنفيذ خطة تنمية غير مسبوقة لتعمير سيناء
  • تجربة بدر بن عبد المحسن في "العين للكتاب"
  • بدر بن عبد المحسن.. تجربة متفردة توجته بلقب أمير الشعر العربي
  • مؤمن الجندي يكتب: بين الثواني والسراب.. موعد مع المجهول
  • المولد وأبو شوصاء يلتقيان حكام القدم
  • راغب علامة ونجله يلتقيان محمد صلاح في دبي – صورة
  • وفاه نجل وكيل وزارة التعليم بأسيوط وإصابة خاله إثر مشاجرة بينهما بمركز البدارى