جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-14@22:53:28 GMT

هل كانت إسرائيل تعرف بهجوم "حماس"؟

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

هل كانت إسرائيل تعرف بهجوم 'حماس'؟

 

مرتضى بن حسن بن علي

 

مع قرب دخول الحرب الإسرائيلية شهرها الرابع، وامتداد حالات العنف والاعتقالات والحصار، وتدمير المنازل، من غزة إلى الضفة الغربية، تتدحرج المأساة الإنسانية، ويتم قصف المنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس، ويقلب فيها النَّاس جوعهم وعطشهم، ويحصون فقد أحبتهم، ويفقدون الأمل في قيام الغرب بالوقوف معهم، أو تخفيف الظلم الذي ألحقه التاريخ بهم لعقود طويلة، كاشفًا بذلك عن "ازدواجية المعايير" عند الدول الغربية الكبرى عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية.

في ظل هذه المأساة الرهيبة تكشف وسائل إعلام مُتعددة، إسرائيلية وغربية، أن نتنياهو وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية كانوا على علم بأنَّ حماس تخطط لشن هجوم كبير، لكن نتنياهو لم يأخذ أية خطوة لمنعه، حتى يتمكن وائتلافه الفاشي من تنفيذ الخطة المُعدة سلفًا لتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية وإسرائيل، وتحقيق حلم إسرائيل بقيام دولة يهودية من النهر إلى البحر، ولا وجود لأي عنصر مسلم أو مسيحي فيها.

ويتفق عدد من المحللين والخبراء، على صعوبة التصديق بأنَّ الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية لم تكتشف استعدادات حماس لشن هجوم كبير؛ لأنَّ قطاع غزة مُحاط بشبكات تجسسٍ تكنولوجيّة وبشريّة متنوعة، كما إن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أظهرت على مدار عقود، قدرة كبيرة على اختراق حركات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عن طريق زرع شبكة واسعة ومحكمة من الجواسيس، ترصد ما يجري في القطاع. هناك يقين بين خبراء الاستخبارات يستبعد أنْ تخطط حماس لعملية بهذا الحجم من دون الكشف عنها وإحباطها.

من جهة أخرى، ذهبت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية المشهورة إلى أبعد من ذلك، وذكرت- استنادًا إلى وثائق سرية- أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية حصلت على وثيقة لحركة «حماس» واقعة في 40 صفحة تتحدث نقطة بنقطة عن هجوم واسع النطاق شبيه بالذي نفذته «حماس». وتتحدث الوثيقة في شكل أكثر دقة عن وابل من الصواريخ، وعن طائرات بلا طيار تدمّر كاميرات أمنية وأنظمة دفاع آلية، يليه عبور مقاتلين إلى الجانب الإسرائيلي بمظلات وسيارات وسيرًا على الأقدام، وهي عناصر كانت في صلب هجوم 7 أكتوبر.

 

كما يتضح الآن استنادًا لوسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية أن الادعاءات الإسرائيليّة بشأن قيام "حماس" بقتل عدد كبير من المدنيين الإسرائيليين كاذبة ومُضللة، وأنّ عددًا كبيرًا من القتلى الإسرائيليين كانوا من ضباط الجيش والأمن والشرطة، وأنّ القاتل الأول للمدنيين الإسرائيليين يوم 7 أكتوبر لم يكن حماس أو الفصائل الفلسطينيّة الأخرى؛ بل الجيش الإسرائيليّ نفسه. وأظهر مقطع فيديو نُشر أخيرًا قيام مروحيات "أباتشي" إسرائيلية بإطلاق النار عشوائيًا على المدنيين الإسرائيليين الذين كانوا يحاولون الفرار، من دون التمييز بين المدنيين الإسرائيليين ومقاتلي حماس. علاوة على أن روايات شهود عيان من المدنيين والعسكريين أكّدت أنّ الغالبية العظمى من الضحايا قُتلوا بنيران الجنود والدبابات الإسرائيليّة وليس من مقاتلي حماس. وقد كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن مقتل إسرائيليين "خطأً بنيران صديقة في بلدات غلاف غزة يوم 7 أكتوبر، وأنه كان هناك عدد محدود (دون ذكر رقم) من الحالات التي تم فيها تحديد المدنيين. وأشارت الصحيفة إلى أنه "بحسب مصادر عسكرية" فإن تجنب الجيش القيام بالتحقيق كان بسبب الظروف غير العادية التي عملت فيها القوات الإسرائيلية.

ومن ناحية أخرى فإن "هداس دغان" الناجية الوحيدة من المنزل الذي قُتل فيه 14 أسيرًا إسرائيليًا من بينهم زوجها من قبل القوات الإسرائيلية يوم 7 أكتوبر، خرجت عن صمتها وصرحت بأن إسرائيل هي التي قامت بقصف المنزل الذي كان يضم الأسرى الإسرائيليين في إحدى المستعمرات، بينما زعمت إسرائيل أن الأسرى تم قتلهم من قبل حماس. وتفيد مصادر عديدة بوجود توجيه عسكري قديم تطبقه القوات الإسرائيلية يسمى "بروتوكول هانيبال"، الذي يسمح باستخدام الأسلحة في حالة أسر أي جندي إسرائيلي لمنع الآسرين من مغادرة الموقع مع الأسير.

تم صياغة هذا التوجيه أول مرة في عام 1986 من قبل بعض الضباط الإسرائيليين الكبار، يسمح للوحدات الميدانية بضرب الأسرى بمختلف أنواع الأسلحة لمنعهم من مغادرة موقع الحدث مع الأسرى، حتى إذا أدى لمقتل الأسرى.فالأسير الإسرائيلي المقتول في اعتقادهم أحسن من الأسير الحي لما يثير من ضغوطات لإطلاق سراحه، ويبدو أنه تم إحياء هذا البروتوكول بعد قيام الفصائل الفلسطينية باسر عشرات الإسرائيليين بعضهم ضباط برتب رفيعة بعد أن قام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق "غادي أيزنكوت" بإلغائه أو تجميده في عام 2016.

وفي مقال بصحيفة "هآرتس"، تساءلت الكاتبة الإسرائيلية نوعا ليمون: "هل قامت إسرائيل بإعادة تفعيل بروتوكول "هانيبال" في حادث احتجاز 15 رهينة إسرائيلية في منزل في مستعمرة بئيري لمنع اختطاف الأسرى، كما صرحت وفقاً لما ذكرته قناة 12 الإسرائيلية بعد الهجوم أنه بعد عدة ساعات من المعارك بين القوات الإسرائيلية ومسلحي حماس، خرج أحد مسلحي حماس من المنزل مع الأسيرة ياسمين بورات وأطلق سراحها، وأضافت أن بورات أبلغت الشرطة الخاصة بـ"مكافحة الإرهاب" عند استجوابها عن وجود نحو 40 من مسلحي حماس و14 أسيرًا في المنزل، وأنه في نهاية المطاف، وصل الجنرال "باراك جيرام لتولي قيادة المنطقة، وعندما علق أحد الجنود على قصف المنزل قائلاً هذا عار، أجابه الجنرال: أعرف. وبعد ذلك أطلقت دبابة كانت متمركزة بالقرب من المنزل قذيفتين على المنزل.

وتساءلت الكاتبة نوعا ليمون: لماذا لا يُنظر إلى هاتين الروايتين اللتين تفيدان بأن قواتنا أمطرت بقذائف الدبابات منزلا كان فيه مدنيون إسرائيليون محتجزون كرهائن، على أنهما حادثتان صادمتان؟ علمًا بأن إسرائيل أعلنت عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي على يد حماس في 7 أكتوبر، كما زعمت أن حركة حماس قامت بفصل رؤوس الأطفال عن أجسادهم في محاولة لتبرير ما تقوم به، وكسب تأييد الرأي العام العالمي عمومًا والرأي العام الغربي خصوصًا. وبالفعل ومن دون التأكد من المزاعم الإسرائيلية، فإن الرئيس جو بايدين وزعماء أوروبيين آخرين قاموا بتكرار نفس المزاعم. وأضافت الكاتبة الإسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي طبق بروتوكول "هانيبال" بغلاف غزة في 7 أكتوبر، داعية إلى تحقيق فوري في هذه الأحداث.

عملية طوفان الأقصى كانت زلزالًا عنيفًا لإسرائيل التي استغلت الفرصة لتوجيه ضربة قاصمة لحركة حماس وبنيتها العسكرية والتنظيمية والقيادية وسحقها وتصفيتها ليكون ذلك درسًا لمن يريد الأذى بإسرائيل، ولذلك استعملت كل الأكاذيب لتبرير ما تقوم به من مجازر. ولكن وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية تقول إنَّ القضاء على حماس لن يكون سهلًا؛ لأنها أنشأت مئات الآلاف من المنشآت العسكرية الخاصة بها، ويختبئ عشرات الآلاف من عناصرها في الأنفاق، وهو ما يعرقل جهود الجيش الإسرائيلي في تنفيذ أهدافه. شوارع غزة ودروبها وأزقتها تحولت إلى متاهة مميتة لجنود إسرائيل، كما إن مقاتلي حماس يقومون بنصب الكمائن للجنود الإسرائيليين، مستفيدين من خبرتهم بالميدان والأرض التي يعرفونها كما لا يعرفها الجيش الإسرائيلي.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي يشن غارات على مواقع لحزب الله جنوبي لبنان

في تصعيد جديد للتوترات على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، شن الجيش الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية على مواقع تابعة لحزب الله في جنوب لبنان. 

ووفقًا لوسائل اعلام عبرية نقلا عن الجيش الإسرائيلي، استهدفت الغارات مواقع عسكرية تحتوي على وسائل قتالية ومنصات صاروخية تابعة لحزب الله، معتبرًا وجود هذه المعدات تهديدًا لإسرائيل وخرقًا للتفاهمات بين البلدين.

ومن الجانب اللبناني، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن الطيران الحربي الإسرائيلي نفذ غارات متتالية على مناطق عدة في الجنوب اللبناني، بما في ذلك تلة زغربن في جبل الريحان بمنطقة جزين، ومناطق بين بلدتي ياطر وزيقين، ووادٍ في بلدة البابلية، ومنطقة مريصع بين بلدتي أنصار والزرارية، ومنطقة الحمدانية بين بلدتي كفروة وعزة. 

وأشارت الوكالة إلى تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي على ارتفاعات منخفضة فوق منطقة الزهراني.
مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في جنوب لبنانحزب الله: لا اتفاق سري مع إسرائيل وعلى الاحتلال الانسحاب من جنوب لبنان

وتزامنت هذه الغارات مع حادثة دخول مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين إلى جنوب لبنان تحت غطاء "زيارة دينية" لقبر العباد، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2000. 

ووفقًا لمصادر رسمية وأمنية لبنانية، نظمت قوات الجيش الإسرائيلي هذه الزيارة، معتبرةً إياها انتهاكًا للسيادة اللبنانية وخرقًا للقرارات الدولية، لاسيما القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ 27 نوفمبر 2024، يسري اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل برعاية أمريكية وفرنسية، وضع حدًا لمواجهات استمرت لأكثر من عام على خلفية الحرب في قطاع غزة. ورغم أن الاتفاق نص على انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، إلا أن إسرائيل أبقت على وجودها في خمس نقاط رئيسية في المنطقة الحدودية اللبنانية بعد انتهاء المهلة المحددة في 18 فبراير الماضي.

وفي 8 مارس 2025، أعلن الجيش الإسرائيلي عن شن غارة جوية استهدفت عنصرًا من حزب الله في جنوب لبنان، زاعمًا أنه كان يعمل على إعادة بناء بنية تحتية إرهابية لتوجيه أنشطة الحزب في المنطقة. 

وأكد المتحدث باسم الجيش أن إسرائيل ستواصل العمل لإزالة أي تهديدات ومنع محاولات إعادة تموضع حزب الله.

وفي المقابل، أفادت مصادر لبنانية رسمية بمقتل شخص وإصابة آخر بجروح خطيرة في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة مدنية على طريق بلدة خربة سلم في جنوب لبنان. ووفقًا لمصدر أمني لبناني، استهدفت الغارة سيارة مدنية بصاروخين (جو-أرض)، مما أدى إلى اندلاع حريق في السيارة، وعملت عناصر الدفاع المدني على إخماده.

وهذه التطورات تشير إلى تصاعد التوترات بين الجانبين، مما يثير مخاوف من اندلاع مواجهات أوسع في المنطقة. المجتمع الدولي مدعو إلى التدخل لتهدئة الأوضاع وضمان الالتزام بالاتفاقات الدولية للحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان.
 

مقالات مشابهة

  • حماس تعلن موافقتها الإفراج عن مجند في الجيش الإسرائيلي وتسليم رفات 4 رهائن آخرين
  • بسبب بعدها.. تحقيق للجيش الإسرائيلي يكشف عن فشل كبير في حماية مستوطنة نير عوز في 7 أكتوبر
  • الجيش الإسرائيلي يقتل ويصيب العشرات بالضفة.. وأنباء عن استئناف مفاوضات غزة
  • الجيش الإسرائيلي: هذا سبب عدم وصول أي قوات إلى "نير عوز" بهجوم 7 أكتوبر
  • القناة 14 الإسرائيلية: استنفار للجيش الإسرائيلي في غور الأردن للاشتباه في عملية تسلل
  • الجيش الإسرائيلي يشن غارات على مواقع لحزب الله جنوبي لبنان
  • الجيش الإسرائيلي يواصل خروقاته لوقف إطلاق النار في قطاع غزة
  • "جيروزاليم بوست": الجيش الإسرائيلي ينشر أجهزة تجسس في غزة
  • حماس تُعقّب على استئناف "الحوثيين" عملياتهم ضد السفن الإسرائيلية
  • ترامب أم نتنياهو؟.. نصف الإسرائيليين يحسمون الجدل حول مصير الرهائن | استطلاع صادم