أمريكا وفن صناعة الأعداء
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
سيتوقف التاريخ الإنساني الحديث طويلًا عند ظاهرة تُسمى أمريكا، هذه الظاهرة التي حوت وأسست لكل مفهوم وثقافة سلبية عرفها البشر، بدءًا من تعريف الدولة وانتهاء بسلة القيم التي اتفق وتعاقب عليها الإنسان، مرورًا بمفاهيم القانون والعلاقات والصداقات والتحالف بين الشعوب والدول.
أمريكا باختصار شديد، كيان سياسي أسسه المهمشون في أوروبا، أي المغضوب عليهم بلغة القرآن الكريم، فنشأت دولة من الضالين في الأرض. أمريكا دولة أفتتنت بالقوة العارية المنزوعة من أي قيمة إنسانية أو أخلاقية، فأصبحت قوة مادية كبيرة بلا قوة عقلية ولا رشد ولا وازع قيمي، وشكل كل ذلك هوية الدولة الأمريكية.
فئة المغضوب عليهم والذين أصبحوا من الضالين لاحقًا، بسطوا غضبهم وضلالهم على العالم، واعتقدوا أنهم العالم الجديد و"يسوع المُخلِّص" للبشرية بالقوة المفرطة والإكراه والقسرية في التعامل، وأنهم أوصياء على العالم، فنصبوا أنفسهم بدلاء لكل عرف أو قانون ساد بين الناس وتعاقبوا وتعارفوا عليه، حيث أصبحوا هم الشرعية الدولية، وهم قانون القوة، وهم الخصم والحكم في جميع جغرافيات الأرض، وبين كل الشعوب.
حلفاء أمريكا ليسوا كحلفاء العالم المتعارف عليهم، فهم مجرد أدوات وتوابع وعبيد لها، وأصدقاء أمريكا يتم تصنيفهم وفق لغة عنفية متعالية شعارها "من ليس معنا فهو ضدنا"، وكذلك الحال في تصنيف الخصوم والأعداء لأمريكا، في تجلٍ واضح لعقلية البُعد الواحد والتعالي والغطرسة. حتى الغربي الأوروبي والذي يتطابق مع أمريكا في جملة متشابهات ومصالح، تُعامله أمريكا كتابعٍ لها، وكأنها تستدعي تاريخ قسوة أوروبا على المهمشين والمنبوذين الذين شكلوا أمريكا لاحقًا وتنتصر للتاريخ الخاص بها عبر إذلال الغرب وأوروبا على وجه التحديد.
الرئيس الباكستاني الراحل محمد أيوب خان (1969- 1958) حاول فك شيفرة "الحليف" الأمريكي المزعوم، وسبب تعاليه وغطرسته على من يسميهم حلفائه، فكتب كتابه الشهير "أصدقاء لا أسياد"، مخاطبًا العقلية الأمريكية التي لا تشبه عقلية اعتاد عليها الناس، ولكنه فشل في فك هذه الشيفرة والطلاسم وتصويب عقلية حليفه الأمريكي المزعوم وتيقن أنه مجرد "خادم" "للسيد" الأمريكي بلقب حليف.
ليأتي من بعده الجنرال محمد ضياء الحق رئيسًا لباكستان (1988- 1978)، ليقصف أمريكا والمراهنين على صداقتها بمقولته الشهيرة: "من يتعامل مع أمريكا كمن يتاجر بالفحم، ليس له من تجارته سوى سواد الوجه والكفين". والغريب أن قناعة ضياء الحق هذه وتوصيفه قالها قُبيل اغتياله بأسابيع معدودة في حادث طائرة شهير ومشبوه. ثم يأتي الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك (2011- 1981) ليصف من يتحالف مع أمريكا ويرجو عونها بمقولته الشهيرة: "المتغطي بأمريكا عُريان". ولا شك عندي بأنَّ من لم يقولوا ويفصحوا عن علاقتهم بأمريكا كُثر ويعانون بصمت.
قبل اللقاء.. حين قال السيناتور الأمريكي بول فندلي في مقدمة كتابه "من يجرؤ على الكلام": "جميع الدول تمر بمراحل، البدائية ثم التطور فالانحلال، إلا بلدي أمريكا، فقد مرت من مرحلة البدائية إلى مرحلة الانحلال"، استنكر الكثير حول العالم هذه المقولة؛ لأنهم ببساطة لا يدركون معنى الانحلال وبذوره وأشكاله، ذلك الانحلال الذي يتسلل إلى مفاصل الدولة مبكرًا فينمو ويتغوّل ليقضي عليها قضاءً تامًا.
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الممثل الأمريكي ميل جيبسون يصدم العالم: هل حرائق كاليفورنيا مفتعلة عمداً؟
الممثل الأمريكي ميل جيبسون (وكالات)
أدلى الممثل الأمريكي ميل جيبسون بتصريحات مثيرة للجدل، ألمح فيها إلى نظريات المؤامرة حول أسباب اندلاع الحرائق الأخيرة في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا.
وأشار إلى أنه رغم قدرته على تخيل العديد من النظريات الفظيعة، إلا أن السبب الرئيسي لتمدد النيران يبدو واضحًا بسبب نقص المياه والرياح العاتية التي ساعدت في انتشارها.
اقرأ أيضاً لقاء أمريكي ـ سلفي في اليمن وموقف مفاجئ من الحوثيين.. تفاصيل 14 يناير، 2025 شاهد.. ذعر وهروب جماعي في مطار بن غوريون بعد سقوط صاروخ يمني (فيديو) 14 يناير، 2025وأضاف جيبسون تساؤلات حول إمكانية أن يكون هناك من تسبب في تلك الحرائق عمدًا، متسائلًا عما إذا كان مفتعلو هذه الحرائق تصرفوا بمفردهم أم جرى تكليفهم من جهة معينة.
وأردف قائلاً: "من الجنون التفكير بأن هذه الحرائق كانت مفتعلة عمدًا، ولكن هذا ما يبدو عليه الأمر، مما يدفعنا للتفكير في الدوافع وراء ذلك".
واختتم جيبسون حديثه قائلاً: "ماذا يريد هؤلاء الأشخاص؟ هل يسعون لإخلاء المدن من سكانها؟ لا أملك الإجابة، لكن الأسئلة كثيرة وتتطلب توضيحات".