جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-29@21:43:25 GMT

أمريكا وفن صناعة الأعداء

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

أمريكا وفن صناعة الأعداء

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

سيتوقف التاريخ الإنساني الحديث طويلًا عند ظاهرة تُسمى أمريكا، هذه الظاهرة التي حوت وأسست لكل مفهوم وثقافة سلبية عرفها البشر، بدءًا من تعريف الدولة وانتهاء بسلة القيم التي اتفق وتعاقب عليها الإنسان، مرورًا بمفاهيم القانون والعلاقات والصداقات والتحالف بين الشعوب والدول.

أمريكا باختصار شديد، كيان سياسي أسسه المهمشون في أوروبا، أي المغضوب عليهم بلغة القرآن الكريم، فنشأت دولة من الضالين في الأرض. أمريكا دولة أفتتنت بالقوة العارية المنزوعة من أي قيمة إنسانية أو أخلاقية، فأصبحت قوة مادية كبيرة بلا قوة عقلية ولا رشد ولا وازع قيمي، وشكل كل ذلك هوية الدولة الأمريكية.

فئة المغضوب عليهم والذين أصبحوا من الضالين لاحقًا، بسطوا غضبهم وضلالهم على العالم، واعتقدوا أنهم العالم الجديد و"يسوع المُخلِّص" للبشرية بالقوة المفرطة والإكراه والقسرية في التعامل، وأنهم أوصياء على العالم، فنصبوا أنفسهم بدلاء لكل عرف أو قانون ساد بين الناس وتعاقبوا وتعارفوا عليه، حيث أصبحوا هم الشرعية الدولية، وهم قانون القوة، وهم الخصم والحكم في جميع جغرافيات الأرض، وبين كل الشعوب.

حلفاء أمريكا ليسوا كحلفاء العالم المتعارف عليهم، فهم مجرد أدوات وتوابع وعبيد لها، وأصدقاء أمريكا يتم تصنيفهم وفق لغة عنفية متعالية شعارها "من ليس معنا فهو ضدنا"، وكذلك الحال في تصنيف الخصوم والأعداء لأمريكا، في تجلٍ واضح لعقلية البُعد الواحد والتعالي والغطرسة. حتى الغربي الأوروبي والذي يتطابق مع أمريكا في جملة متشابهات ومصالح، تُعامله أمريكا كتابعٍ لها، وكأنها تستدعي تاريخ قسوة أوروبا على المهمشين والمنبوذين الذين شكلوا أمريكا لاحقًا وتنتصر للتاريخ الخاص بها عبر إذلال الغرب وأوروبا على وجه التحديد.

الرئيس الباكستاني الراحل محمد أيوب خان (1969- 1958) حاول فك شيفرة "الحليف" الأمريكي المزعوم، وسبب تعاليه وغطرسته على من يسميهم حلفائه، فكتب كتابه الشهير "أصدقاء لا أسياد"، مخاطبًا العقلية الأمريكية التي لا تشبه عقلية اعتاد عليها الناس، ولكنه فشل في فك هذه الشيفرة والطلاسم وتصويب عقلية حليفه الأمريكي المزعوم وتيقن أنه مجرد "خادم" "للسيد" الأمريكي بلقب حليف.

ليأتي من بعده الجنرال محمد ضياء الحق رئيسًا لباكستان (1988- 1978)، ليقصف أمريكا والمراهنين على صداقتها بمقولته الشهيرة: "من يتعامل مع أمريكا كمن يتاجر بالفحم، ليس له من تجارته سوى سواد الوجه والكفين". والغريب أن قناعة ضياء الحق هذه وتوصيفه قالها قُبيل اغتياله بأسابيع معدودة في حادث طائرة شهير ومشبوه. ثم يأتي الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك (2011- 1981) ليصف من يتحالف مع أمريكا ويرجو عونها بمقولته الشهيرة: "المتغطي بأمريكا عُريان". ولا شك عندي بأنَّ من لم يقولوا ويفصحوا عن علاقتهم بأمريكا كُثر ويعانون بصمت.

قبل اللقاء.. حين قال السيناتور الأمريكي بول فندلي في مقدمة كتابه "من يجرؤ على الكلام": "جميع الدول تمر بمراحل، البدائية ثم التطور فالانحلال، إلا بلدي أمريكا، فقد مرت من مرحلة البدائية إلى مرحلة الانحلال"، استنكر الكثير حول العالم هذه المقولة؛ لأنهم ببساطة لا يدركون معنى الانحلال وبذوره وأشكاله، ذلك الانحلال الذي يتسلل إلى مفاصل الدولة مبكرًا فينمو ويتغوّل ليقضي عليها قضاءً تامًا.

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

قطاع حقوق الإنسان بصعدة: قصف مركز إيواء المهاجرين جريمة حرب تُدين أمريكا أمام العالم

يمانيون../
أدان قطاع حقوق الإنسان بمحافظة صعدة، الجريمة الوحشية التي ارتكبها العدوان الأمريكي باستهدافه مركز إيواء المهاجرين الأفارقة في الإصلاحية الاحتياطية بمدينة صعدة، والتي أسفرت عن سقوط 68 شهيدًا و47 مصابًا في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع.

وأكد القطاع، في بيان صادر عنه اليوم الاثنين، أن قصف مركز الإيواء يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان، وانتهاكًا فاضحًا لكافة القوانين والمواثيق الدولية الإنسانية، التي تحظر استهداف المدنيين والأعيان المحمية.

وأوضح البيان أن مركز الإيواء يخضع لإشراف ومتابعة مباشرة من المنظمة الدولية للهجرة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، مما يجعل استهدافه اعتداءً ممنهجًا ومقصودًا، يكشف تعمد قوى العدوان الأمريكي ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في اليمن.

وحمل قطاع حقوق الإنسان بصعدة الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن هذه الجريمة المروعة، مؤكداً أن استمرار أمريكا في استهداف المدنيين ومراكز الإيواء يفضح الوجه الإجرامي الذي تحاول إخفاءه خلف الشعارات الزائفة لحقوق الإنسان.

ودعا البيان المنظمات الدولية والحقوقية إلى مغادرة مربع الصمت، واتخاذ مواقف حازمة تجاه الجرائم الأمريكية بحق المدنيين، والعمل على مساءلة مرتكبيها أمام محاكم دولية، نصرةً لمبادئ العدالة والإنسانية.

مقالات مشابهة

  • على رأسها الأدوية.. إليك السلع الأساسية التي تركزت عليها الاعتمادات
  • عون: من مصلحة أمريكا أن يبقى لبنان آمنا مستقرا
  • انهيار أمريكا أصبح حتمية تاريخية
  • قطاع حقوق الإنسان بصعدة: قصف مركز إيواء المهاجرين جريمة حرب تُدين أمريكا أمام العالم
  • الأغذية العالمي يعفي ثلث موظفيه حول العالم بسبب تمويلات أمريكا المتوقفة
  • مندوب مصر أمام محكمة العدل: إسرائيل انتهكت كافة القوانين الدولية التي وقعت عليها
  • وزير البلديات: أكثر من 500 ألف فرصة وظيفية في الأنشطة التي تشرف عليها الوزارة
  • العراق بين عقلية الحكم وحكم العقل
  • عضو غرفة الأخشاب: دعم الدولة والمكون المحلي مفتاح اختراق الأسواق العالمية
  • عاجل ـ مستشار الأمن القومي الأمريكي: الولايات المتحدة ليس عليها أن تدفع رسوما لمرور سفنها في قناة تدافع عنها