التضخم وأسعار الفائدة.. إلى أين يسير اقتصاد 2024؟
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
بغداد اليوم - متابعة
يرتقب أن يتواصل تراجع النمو العالمي، خلال عام 2024 مع استمرار ارتفاع معدلات الفائدة الصادرة عن البنوك المركزية، ضمن مساعيها لكبح نسب التضخم، بحسب تقارير مؤسسات مالية دولية عدة.
ويتوقع أن يتباطأ النمو العالمي من 3.5 بالمئة في عام 2022 إلى بالمئة في عام 2023 ثم 2.9 بالمئة في خلال العام القادم، مسجلا تراجعا ملحوظا عن المتوسط التاريخي البالغ 3.
ورغم من هذا التباطؤ، يرى محللون وخبراء اقتصاديون تحدثوا، أن العام المقبل، سيشهد "تحسنا متباينا" في أداء الاقتصاد العالمي الذي لازال يعاني من تبعات الجائحة والحرب في أوكرانيا، مع تسجيل تراجع في معدلات التضخم العالمي التي ستنتقل من 6.9 بالمئة، خلال العام الجاري، إلى نحو 5.8 بالمئة السنة المقبلة.
في هذا الجانب، يرى المحلل الاقتصادي، إسماعيل بن دويسة، أن التباطؤ المتوقع في نمو الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل، يرجع أساسا إلى ارتفاع سعر الفائدة، بعد أن رفعت البنوك المركزية معدلاته خلال العام الجاري، مشيرا إلى أن موجة انخفاضها لن تسجل إلا في النصف الثاني من العام المقبل، بعد أن تتأكد (البنوك المركزية) من عودة مستويات التضخم إلى المستويات المأمولة، عند 2 بالمئة.
ويؤدي ارتفاع سعر الفائدة إلى انخفاض الطلب على القروض، كما يؤثر على نفقات الاستهلاك والاستثمارات بالنسبة للأسر والشركات.
ويكشف المحلل الاقتصادي، في تصريح صحفي، أن دفع نمو الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل، سيقع على عاتق البلدان الآسيوية، خاصة الصين والهند والدول الخليجية، مثل السعودية والإمارات، في حين يرتقب أن تبقى النسب بالدول الأوروبية وبالولايات المتحدة، عند حدود بين 1 و2 بالمئة، أو أقل في ألمانيا وفرنسا.
التضخم.. "التحدي الأكبر"
وتعرض الاقتصاد العالمي لعدد من الصدمات منذ أوائل عام 2020، مع تفشي فيروس كورونا، وعودة التضخم بعد التعافي من الجائحة، وحرب روسيا ضد أوكرانيا، وارتفاع معدلات الاقتراض والأسعار.
في هذا الجانب، يشير المحلل التونسي، إلى أن مستويات سعر الفائدة "أكثر ما سيؤثر على نسب النمو للعام القادم"، إلى جانب التطورات الجيوسياسية بكل من أوكرانيا والشرق الأوسط، لافتا أن توسع الصراع بغزة، يمكن أن يلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي، حيث ستؤثر على جهود كبح التضخم.
ومن المتوقع أن تبدأ البنوك المركزية في خفض أسعار الفائدة بحلول منتصف عام 2024، لكن من غير المرجح أن تكون التخفيضات حادة مثل الزيادات التي تمت في الأشهر الأخيرة، وفقا للعديد من الاقتصاديين.
وفي سبتمبر أيلول الماضي، توقع صندوق النقد الدولي، مستوى أعلى من التضخم مما كان متوقعا على صعيد السنة الراهنة مع 6.9 بالمئة على المستوى العالمي، والسنة المقبلة مع 5.8 بالمئة.
في هذا السياق، يوضح الخبير الاقتصادي، أن خفض مستويات التضخم، يمثل "أكبر تحد يواجه الاقتصادات العالمية الكبرى وأيضا المتوسطة"، محذرا من أن عودته للارتفاع، وعدم خفض معدلات الفائدة في النصف الثاني من العام المقبل، قد يتسبب في ركود اقتصادي أوسع، وبالتالي كارثة اقتصادية عالمية.
"تحسن نسبي"
وتكشف تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن تباطؤ النمو المتوقع خلال العام المقبل، سيكون الأكبر منذ 2020، عام الجائحة، وتشير إلى أن أحد العوامل الرئيسية في ذلك يرجع إلى تباطئ أكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين، العام المقبل.
ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 1.5 بالمائة فقط في عام 2024، من 2.4 بالمائة في عام 2023، مع استمرار زيادات أسعار الفائدة التي أقرها بنك الاحتياطي الفيدرالي - 11 منها منذ مارس 2022 - في تقييد النمو.
ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني، الذي يعاني من أزمة عقارية مدمرة وارتفاع البطالة وتباطؤ الصادرات، بنسبة 4.7 بالمائة في عام 2024، منخفضا من 5.2 بالمائة هذا العام.
مع استمرار الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة، فإن خطر تصاعد الصراع في الشرق الأوسط هو أحدث أزمة في سلسلة لم يكن العالم مستعدا لها على المستوى الاقتصادي، بعد جائحة كورونا، والحرب الروسية على أوكرانيا.
أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية بجامعة السوربون بفرنسا، كميل الساري، يرى أن التوقعات الاقتصادية تشير إلى أن البنوك المركزية الأمريكية والأوروبية ستخفض تدريجيا من نسب الفائدة، بعد أن بدأت معدلات التضخم والأسعار في الانخفاض.
ورغم مساهمة رفع نسب الفائدة في كبح جماح التضخم الذي وصل مستويات قياسية، يشير الساري في تصريح صحفي"، إلى تسببه في إضعاف النمو الاقتصادي، مقدما مثال تراجع استثمارات العقارات والاستهلاك ككل، مع ارتفاع تكلفة القروض.
ويوضح المتحدث، أن الركود كان السمة البارزة لاقتصادات العالم خلال السنة التي نودعها، مع تراجع الاستهلاك وانخفاض استثمارات الشركات، غير أنه يتوقع أن يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى دعم عدد من القطاعات الاقتصادية المتضررة والتي تؤثر في النمو الاقتصادي العالمي.
ويؤكد الساري، أن توجه البنوك المركزية نحو هذه الخطوة، سيسهم في تحقيق "تحسن نسبي" للاقتصادات العالمية، غير أن هذا أيضا يبقى مقرونا بتغيرات أسعار النفط والطاقة التي تظل بدورها "حبيسة المضاربات والأوضاع الجيوسياسية، في ظل النزاع في أوكرانيا والحرب في غزة".
"غيمة إضافية"
وتثير الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة قلقا متزايدا من خطر اتساعها، في وقت لا يزال الاقتصاد العالمي يعاني من تبعات الحرب الروسية الأوكرانية.
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، في تصريحات بعد هجوم السابع من أكتوبر، إن الحرب "تشكل غيمة إضافية في أفق الاقتصاد العالمي غير المشرق أساسا".
واعتبرت، أن الصعوبة الأساسية للاقتصاد العالمي، تتمثل في التوترات الجديدة التي تضاف إلى "الصدمات الحادة" التي يواجهها في السنوات الثلاث الأخيرة، وقد أصبحت "المعيار الجديد، ما يزيد من هشاشة العالم الذي يعاني أساسا من نمو ضعيف ومن تشرذم اقتصاده"، وفق قولها.
وبالرغم من هذه الأوضاع، تحدث أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، فخري الفقي، عن أن مؤشرات الاقتصاد للعام المقبل، تشير عموما إلى "وضع أفضل من الحالي، خاصة في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة، مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وبريطانيا واليابان والبرازيل وغيرها".
وفيما يخص بالدول النامية ذات الدخل المتوسط والتي يصل عددها إلى 45، يشير المستشار السابق لدى صندوق النقد الدولي، في تصريح صحفي، إلى أن "الأوضاع ستكون متباينة، بين التحسن البطيء واستمرار التحديات الاقتصادية التي تعرقل تطور بعضها".
أما الدول الفقيرة والأقل دخلا والبالغ عددها 85 دولة، فيقول إنها "ستحتاج إلى دعم من المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي، متوقعا "استمرار تدهور اقتصادها".
ويكشف الخبير الاقتصادي، أن الأداء الاقتصادي العالمي مدفوع بمؤشرات نمو الناتج المحلي الإجمالي بالدول المتقدمة، والتي ستعرف، في العام المقبل، ارتفاعا أعلى من المتوقع لتصل إلى 2.7 بالمئة، وهو رقم يقول إنه "إيجابي، بعد حديث عن ركود قريب من الصفر".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الاقتصاد العالمی البنوک المرکزیة أسعار الفائدة النقد الدولی العام المقبل نمو الاقتصاد خلال العام من المتوقع بالمئة فی إلى أن عام 2024 فی عام
إقرأ أيضاً:
عاجل - ما هو مصير سعر الفائدة؟ البنك المركزي يستعد لاتخاذ قرار مهم في اجتماعه المقبل
اجتماع البنك المركزي المصري المقبل غدا الخميس الموافق 21 نوفمبر 2024 يأتي في سياق اقتصادي يشير إلى استقرار نسبي في المؤشرات الرئيسية، مع استمرار نهج تثبيت أسعار الفائدة في الاجتماعات السابقة لهذا العام. حتى الآن، لم تتخذ لجنة السياسة النقدية أي قرارات لرفع أو خفض أسعار الفائدة منذ مارس 2024، حيث تم رفعها حينها بمقدار 600 نقطة أساس.
من المتوقع أن يواصل البنك المركزي المصري سياسته الحذرة ويُبقي على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية في اجتماع نوفمبر 2024، مع تأجيل أي تخفيضات حتى يتم التأكد من استقرار التضخم واستمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية.
التوقعات لقرار الاجتماع المقبلالتثبيت المحتمل لأسعار الفائدة:مع تحسن المؤشرات الاقتصادية، مثل استقرار التضخم عند مستويات أقل من التوقعات الأخيرة (26.5% في أكتوبر)، وارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي، يبدو أن البنك المركزي قد يستمر في تثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية.هذا التوجه يتماشى مع خطط الحكومة المصرية المعلنة لتقليل أسعار الفائدة تدريجيًا إلى 15% بحلول نهاية 2025، ولكن عبر مراحل تتطلب تخفيضًا مدروسًا يتزامن مع السيطرة على التضخم.أسباب تثبيت أسعار الفائدةاستقرار التضخم:
على الرغم من الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود، لم يشهد التضخم ارتفاعًا كبيرًا، مما يعطي مساحة للاستقرار النقدي.
تحسن في السيولة النقدية:
تدفق الاستثمارات الأجنبية، وارتفاع صافي احتياطيات النقد الأجنبي إلى 46.94 مليار دولار، يشيران إلى تحسن الوضع المالي الخارجي.
التزام بجدول تخفيض الفائدة:
الحكومة والبنك المركزي يعملان على تخفيض تدريجي للفائدة ضمن خطة طويلة الأجل لتقليل تكلفة التمويل وتحفيز النمو الاقتصادي.
تجنب تأثير سلبي على الجنيه:
الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة يدعم استقرار الجنيه المصري ويجذب المستثمرين الأجانب للاستثمار في أدوات الدين.
نظرة على القرارات السابقة في 2024:مارس: رفع الفائدة بـ600 نقطة أساس لمواجهة الضغوط التضخمية.مايو، يوليو، سبتمبر، وأكتوبر: تثبيت الفائدة عند مستويات 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض.
وفي مذكرة بحثية حديثة توقعت إدارة البحوث المالية بشركة "أتش سي" للأوراق المالية والاستثمار تثبيت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري أسعار الفائدة في اجتماعها المقرر عقده الخميس المقبل.
وقالت محلل الاقتصاد الكلي بالشركة هبة منير إن مصر شهدت استقرارًا في موقفها الخارجي، بل وتحسنًا في بعض المؤشرات، منها ارتفاع صافي احتياط النقد الأجنبي بنحو 205 مليون دولار على أساس شهري في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 46.94 مليار دولار من 46.73 مليار دولار في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وصعد مركز صافي أصول القطاع المصرفي المصري من العملة الأجنبية 6.0 في المئة على أساس شهري إلى 10.3 مليار دولار في سبتمبر، مقارنة بمركز صافي التزامات للقطاع المصرفي من العملة الأجنبية يبلغ 26.8 مليار دولار في الشهر نفسه من العام السابق.
تداعيات زيادة أسعار الوقودوفي سياق المؤشرات الإيجابية انخفض مؤشر قيمة مبادلة أخطار الائتمان في مصر مدة عام واحد إلى 349 نقطة أساس حاليًا، من 857 نقطة أساس في الأول من يناير (كانون الثاني). وأشارت "أتش سي" إلى أنه على صعيد النشاط الاقتصادي ارتفع مؤشر مديري المشتريات في مصر بشكل طفيف إلى 49.0 في أكتوبر، بعدما سجل 48.8 في سبتمبر، ليظل دون مستوى الـ50.0، مما يشير إلى استمرار حال عدم نمو القطاع غير النفطي في مصر. ومع ذلك، أظهرت المكونات الفرعية لحساب مؤشر مديري المشتريات مؤشرات مختلطة، إذ كان مكونا الإنتاج والطلبات الجديدة فقط السبب في بقاء قيمة المؤشر دون مستوى الـ 50.0 نقطة. وذكرت أن معدل التضخم انخفاض في أكتوبر إلى 26.5 في المئة، أي أقل من التوقعات البالغة 28.5 في المئة، على رغم زيادة أسعار البنزين بنسبة بين 11 و13 في المئة والسولار بنسبة 17 في المئة منتصف أكتوبر الماضي، لكن من المتوقع استمرار الضغوط التضخمية، إذ من المرجح أن يشهد نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري التأثير الكامل لزيادة أسعار الطاقة، علاوة على أن حجم التدفقات المستفيدة من فروق السعار في مصر لا تزال جذابة نظرًا إلى عدم وجود توقعات بتراجع كبير في قيمة الجنيه المصري حتى نهاية العام الحالي وفي عام 2025.