قد لا نعرف كثيرا من المعلومات عن ملكة كوش العظيمة أمانيريناس التي حكمت إمبراطورية ممتدة في القارة الأفريقية خلال فترة حساسة من الزمان، إلا أنها اشتهرت بأنها تمكنت من الانتصار على إحدى أعظم إمبراطوريات الأرض في ذلك الوقت، وفازت على قيصر روما وحمت بلادها من الاحتلال بعد وقت قصير من احتلال الإمبراطورية الرومانية لمصر.

وعلى الرغم من استمرار نفوذ روما عدة قرون على بقاع واسعة من الأرض، فإن سيادة مملكة كوش أمام هذا الامتداد لم تهتز خلال عهد هذه الملكة الجريئة التي استطاعت أن تحقق ما لم يحققه كثير من القادة الذكور في ذلك الوقت.

أهرامات مروي الشهيرة (غيتي) كنداكة مملكة كوش ذات العين الواحدة

هي الملكة أمانيريناس، الكنداكة (تسمية الحاكمات الإناث بالممالك النوبية) التي حكمت مملكة كوش الأفريقية القديمة وعاصمتها في مروي، الواقعة فيما يعُرف الآن بدولتي السودان وجنوب السودان.

خلال فترة حُكمها، نجحت في قيادة الجيش الكوشي ضد الرومان في حرب استمرت 5 سنوات تقريبا، وهي تعد اليوم من أشهر ملكات مملكة كوش، وعادة ما يُشار إليها في المصادر التاريخية باسم "الملكة ذات العين الواحدة"، لأنها فقدت إحدى عينيها أثناء المعارك.

وُلدت أمانيريناس في فترة ما بين 60 و50 قبل الميلاد، وتزوجت من الإمبراطور تيريكيتاس الذي توفي عام 25 قبل الميلاد في معركة خلال الحرب مع الرومان.

وبعد وفاة زوجها، صعدت على العرش لتصبح واحدة من أبرز الملكات اللاتي تمكنّ من حُكم المملكة الممتد عهدها لأكثر من 3 آلاف عام.

فترة حساسة من تاريخ مملكة كوش

قبل الامتداد الروماني، استفادت مملكة كوش النوبية من تجارة الذهب والثروات الأخرى مع مصر، لكن المشهد السياسي تغيّر عندما استولت القوات الرومانية بقيادة أغسطس قيصر على مصر من مارك أنتوني وكليوباترا.

وخلال فترة حُكم الملكة أمانيريناس، كانت الإمبراطورية الرومانية تتوسع بشكل كبير ومتلاحق، وبلغت أقصى اتساع لها في آسيا وأوروبا حتى وصلت لأفريقيا واحتلت مملكة مصر القديمة، ومنها تطلعت للسيطرة على العديد من المواقع في أفريقيا.

يأتي ذلك بعد أن كانت النوبة السفلى منطقة متنازعا عليها بشدة قبل الاحتلال الروماني واليوناني لمصر. وتوسعت الممالك النوبية والمصرية وتقلصت على مدى قرون، حيث قاتلوا من أجل السيطرة على المعادن الثمينة والحيوانات والعبيد في المنطقة.

الكنداكة أمانيتوري (موقع تاريخ العالم) معارك ضارية رغم عدم توازن القوى

كانت روما قد ضمت مصر كمقاطعة مهمة لمملكتها بعد معركة أكتيوم عام 31 قبل الميلاد، وسرعان ما أصبحت واحدة من أكثر مناطق الإمبراطورية الجديدة أهمية، لأنها زودت روما بوفرة من الحبوب.

وفي تفاصيل المواجهة بين روما ومملكة كوش في عهد أمانيريناس الواردة في المصادر التاريخية، فقد قادت الملكة النوبية جيشا قوامه 30 ألف جندي لمحاربة الرومان، وذلك لوقف زحفهم بشكل استباقي بعد توغلهم في مصر وصولا لأقصى جنوبها.

كان هدف الكنداكة الكوشية من المعركة هو إبعاد الرومان عن مملكتها وطردهم من مدينة أسوان المصرية لضمان عدم المساس بمملكتها وحركات التجارة، فشنّت بجيشها هجوما مفاجئا على القوات الرومانية في جنوب مصر.

ردّ الحاكم الروماني لمصر آنذاك جايوس بترونيوس على الغارات بغزو مملكة كوش حوالي عام 22 قبل الميلاد، وتدمير مدينة نبتة. لكن لم تهتز أمانيريناس لهذه الخسارة، وخرجت بجيشها مجدداً للانتقام، واستمرت الحرب بين الجهتين حتى عام 21 قبل الميلاد.

مفاوضات ومكاسب مملكة كوش

بعد استنزاف كلا الجيشين، أرسلت الملكة النوبية مراسيل لقائد الجيش الروماني للتفاوض، وبالفعل فازت من جانب روما بتنازلين مهمين: الأول كان إلغاء الضريبة على مروي، والثاني هو أن الاحتلال الروماني سينسحب حتى حدود مصر تقريبا ولن يواصل التقدم.

وفي حين أن تفاصيل هذه المعاهدة تظل غير واضحة، تشير الأدلة التاريخية إلى أن مقاومة أمانيريناس أدت إلى مكاسب لمملكتها، رغم بعض الخسائر العسكرية.

وبعد الصراع، تمكنت مملكة كوش بقيادة أمانيريناس من صد الامتداد الروماني، وتجلت سيطرتها على الشروط في كسب احترام امبراطورية روما في محادثات السلام، وزيادة التجارة بين روما ومروي لاحقا.

مدينة قديمة على الضفة الشرقية لنهر النيل في شمال السودان (غيتي) تمثال رأس القيصر

كما استولت أمانيريناس على عدد من التماثيل من مصر بعد الانتصار، من بينها تماثيل لأغسطس قيصر، أحدها ما يُعرف اليوم بـ"مروي هيد" أو "رأس مروي" الشهير الموجود في المتحف البريطاني.

وكان من بين الأدلة الرئيسية على الغارات المروية ضد الرومان العثور على الرأس البرونزي لأغسطس قيصر مدفونا تحت درجات معبد مخصص للنصر في العاصمة الكوشية مروي.

ويشير موقع الرأس الذي تم كسره من التمثال الأصلي ووضعه عمداً عند أقدام المارين بالمعبد، إلى كونه تذكيرا دائما بانتصار الملكة على الحاكم الروماني القوي. كما تم تزيين المعبد في مروي برسومات للسجناء الرومان والملكات النوبيات المنتصرات.

وعلى الرغم من سقوط وانهيار ممالك كوش في نهاية المطاف بحلول عام 350 ميلادي تقريبا، فإن الكنداكة أمانيريناس حفظت إرثها في التاريخ كواحدة من الشخصيات القليلة التي قاومت الحكم الروماني وتفوقت عليه.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

ميلان يعلن مدة غياب لياو

 
روما (أ ف ب)

أخبار ذات صلة 5 مدربين.. «سنة أولى خليجي»! فيوري وأوسيك يجددان «نزال القرن» في الرياض


يغيب الجناح الدولي البرتغالي رافايل لياو أسبوعاً على الأقل عن فريقه ميلان، بعد إصابة تعرّض لها خلال مواجهة فيرونا في افتتاح المرحلة 17 من الدوري الإيطالي لكرة القدم، وفقاً لما أعلن ناديه.
وقال النادي اللومباردي في بيان له «يعاني رافايل لياو من شدّ في العضلة المثنية اليسرى، وسيخضع لمزيد من الفحوص في غضون أسبوع».
وترك البرتغالي الملعب في الدقيقة 31 من المباراة التي تغلّب فيها فريقه بصعوبة على مضيفه فيرونا 1-0، علماً أنه سجل ثلاثة أهداف، وقدم 5 تمريرات حاسمة هذا الموسم.
وانضم بذلك إلى قائمة المصابين التي تشمل الأميركي كريستيان بوليسيك والإنجليزي روبن لوفتوس-تشيك والصربي لوكا يوفيتش.
ولن يشارك لياو في المباراة المقبلة بالدوري المحلي في 29 ديسمبر أمام روما، وقد يغيب عن الكأس السوبر الإيطالية التي تقام في السعودية من الثاني وحتى السادس من يناير.
ويحتل ميلان المركز السابع في الدوري متخلفاً بـ11 نقطة عن المتصدر أتالانتا، ويشعر مشجعوه باستياء شديد من مالك النادي الأميركي جيري كادرينالي ومستشاره زلاتان إبراهيموفيتش وبعض اللاعبين.

مقالات مشابهة

  • الملكة إليزابيث رفضت تصوير لقاء ابنة هاري وميغان
  • وفاة ضابط في الحرس المالي بعد إطلاق النار على نفسه في روما
  • الرئيس الروماني يعين رئيس الوزراء الحالي لقيادة حكومة جديدة
  • «ذئاب روما» يعود بـ «صيد الخماسية»!
  • الدوري الإيطالي.. روما يسحق بارما بخماسية نظيفة
  • روما يضرب بارما بخماسية نظيفة في الدوري الإيطالي
  • الدورى الإيطالى.. تشكيل هجومى لبارما أمام روما
  • مملكة “باشان” والأطماع الصهيونية في سوريا
  • ميلان يعلن مدة غياب لياو
  • اجتماعات روما تناقش آلية دعم «اللجنة العسكرية 5+5»