انتهاكات مروعة بحق المدنيين في دارفور.. هل تقود تحقيقات الجنائية الدولية لمحاكمة وإدانة مرتكبيها؟
تاريخ النشر: 15th, July 2023 GMT
ربط بول مرقص، أستاذ القانون الدولي ورئيس منظمة "جوستيسيا" الحقوقية، تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم والفظائع التي ارتُكبت في إقليم دارفور بالأجواء داخل مجلس الأمن الدولي، لكنه أضاف أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أطلق صرخة مدوية بهذا الخصوص.
وقال إن توثيق المحكمة الجنائية للجرائم والفظاعات التي ترتكب ضد المدنيين في دارفور (غربي السودان) وكل ما ينتهك اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 يمكن أن يؤدي إلى محاكمة مرتكبي تلك الجرائم، إذا استمرت الأجواء إيجابية داخل مجلس الأمن الدولي.
وقال إن مجلس الأمن هو الممر السياسي الإلزامي للعدالة الجنائية الدولية، معربا عن أسفه لكون المحاسبة القانونية يجب أن تمر بهذا الباب السياسي.
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أعلن -أمس الخميس- أن المحكمة فتحت تحقيقا جديدا بشأن "جرائم حرب" في دارفور. وجاء ذلك بعد أن كشفت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن أن 87 جثة دُفنت في مقبرة جماعية بمدينة الجنينة مركز ولاية غرب دارفور، تنفيذا لأوامر قوات الدعم السريع.
وحسب الكاتب والباحث السياسي السوداني محمد تورشين، فإن قرار المحكمة الجنائية بفتح تحقيق هو تطور مهم للغاية، يؤكد رغبة المحكمة في إحقاق العدالة في الإقليم السوداني، معربا عن أمله في أن تستجيب السلطات السودانية وتتعاون بشكل جاد مع المحكمة الجنائية.
وتوقع أن الاتهامات الخطيرة التي وجهت لقوات الدعم السريع بشأن فظائع دارفور ستدفع قوى إقليمية ودولية إلى مراجعة موقفها من الدعم السريع التي قال إن الانتهاكات من صميم تركيبتها البنيوية.
وبشأن موقف واشنطن من خطوة المحكمة الجنائية الدولية، أوضحت السفيرة سوزان بيج -نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق- أن الولايات المتحدة الأميركية قدمت الدعم للمحكمة الجنائية.
وأبدت واشنطن في وقت سابق ترحيبها بإعلان المحكمة الجنائية الدولية أن ما شهده غرب دارفور من فظاعات بحق المدنيين سيكون محل تحقيقات ومساءلات قضائية، وحمّلت واشنطن قوات الدعم المسؤولية عن تلك الانتهاكات.
المسؤولة الفرديةوأشارت سوزان إلى أن كل ما يحال إلى المحكمة الجنائية الدولية له علاقة بالمسؤولية الفردية، ومن ثم يكون الحديث عن الأفراد والأشخاص الذين ارتكبوا الفظائع، وأقرت في السياق نفسه بأن بيان وزارة الخارجية الأميركية وجه الاتهام لقوات الدعم السريع بوصفها كيانا وليس أفرادا مسؤولين.
وأضافت أن الجنائية الدولية مبنية على أساس المسؤولية الجنائية الفردية بموجب النظام التأسيسي لها، وعليه لو استمرت التحقيقات والمحاكمة، فستكون الإدانة لأفراد ارتكبوا الجرائم في دارفور وليس لقوات الدعم.
من جهته، يرى مرقص أن ما قالته سوزان صحيح من ناحية المبدأ، لأن نظام روما لعام 1998 الذي أنشئت على أساسه المحكمة الجنائية الدولية الدائمة يلقي المسؤولية الفردية على الأشخاص الطبيعيين وليس على الكيانات، لكن إذا أُدين مسؤولون أو جنود أو قادة، فإن هذه الإدانة تنسحب على الكيان أو المنظمة أو الدولة التي يمثلها هؤلاء.
وعن العوائق التي يمكن أن تعرقل عمل المحكمة الجنائية، قال مرقص إنها تتعلق بتغير المصالح السياسية الدولية المتمثلة في الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، مرجحا أن خطوة المدعي العام للمحكمة قد تحفز المسار السياسي لحل أزمة السودان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة الدعم السریع مجلس الأمن فی دارفور
إقرأ أيضاً:
الحكومة المصرية تقرر رفع الدعم نهائيا عن الوقود نهاية العام بسبب صندوق النقد الدولي
تواصل الحكومة المصرية تنفيذ خطتها للإصلاح الاقتصادي، والتي تشمل رفع الدعم عن المواد البترولية بشكل كامل بحلول نهاية عام 2025، في إطار جهودها لتقليل عجز الموازنة وتحقيق الاستقرار المالي.
وتأتي هذه الخطوة تماشياً مع التزامات مصر تجاه صندوق النقد الدولي، الذي أكد في مراجعته الأخيرة ضرورة إعادة هيكلة الدعم لضمان كفاءة توزيع الموارد المالية.
وأكدت مديرة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، إيفانا هولار، في تصريحات صحفية الأربعاء الماضي، أن التزام مصر الذي تم الإعلان عنه صيف العام الماضي لا يزال قائماً دون تغيير.
وأضافت: "السلطات المصرية التزمت بأن تصل أسعار منتجات الوقود إلى مستوى استرداد التكاليف بحلول كانون الأول/ ديسمبر 2025. هذا الالتزام يظل الأهم لضمان وصول أسعار الوقود إلى مستويات تعكس التكلفة الحقيقية".
وفي هذا الإطار، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على صرف الشريحة الرابعة من قرض مصر بقيمة 1.2 مليار دولار، بالإضافة إلى الموافقة على طلب السلطات المصرية بالحصول على تمويل إضافي بقيمة 1.3 مليار دولار من صندوق المرونة والاستدامة.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن الحكومة تواصل تنفيذ خطتها التدريجية لرفع الدعم عن الوقود بحلول نهاية 2025، مع الإبقاء على بعض أشكال الدعم، مثل "الدعم البيني" بين المنتجات البترولية، لضمان تحقيق التوازن في الأسعار.
وأشار إلى أن السولار وأنبوبة البوتاجاز ستظل مدعومة، مراعاة للفئات الأكثر احتياجاً.
وبحسب بيان رسمي صادر عن البنك المركزي المصري، بلغت الاحتياطيات الدولية نحو 47.39 مليار دولار أمريكي في نهاية شباط/ فبراير 2025.
وأوضح المتحدث باسم مجلس الوزراء، محمد الحمصاني، أن الدولة "مستمرة في جهودها لاستكمال مشروع الإصلاح الاقتصادي"، مؤكداً أن "ترشيد الدعم يأتي ضمن أولويات الحكومة لضمان وصوله إلى مستحقيه".
وأضاف الحمصاني أن عملية رفع الدعم ستتم بشكل تدريجي ومتوازن، مع استمرار دعم بعض المواد البترولية، بحيث يتم تغطية تكلفة بعض المنتجات من خلال تسعير منتجات أخرى، للحفاظ على مستوى أسعار السولار عند حد متوازن، نظراً لتأثيره المباشر على العديد من الخدمات.
وأكد المتحدث باسم مجلس الوزراء أن الحكومة "ستستمر في دعم السولار والبوتاجاز حتى بعد انتهاء العام المالي، لأنهما يؤثران بشكل مباشر على أسعار السلع، خاصة تلك التي تهم محدودي الدخل".
وشدد رئيس الوزراء على أن الدولة تستهدف خفض معدل التضخم إلى 10بالمئة بحلول عام 2026، لافتاً إلى أن "الاحتياطيات الدولارية مستقرة، ما يساعد على تقليل الضغوط الاقتصادية". وأكد أن رفع الدعم لن يكون خطوة مفاجئة، بل سيتم تنفيذه تدريجياً لتجنب حدوث صدمات سعرية كبيرة.
من ناحية أخرى، انخفضت إيرادات قناة السويس، التي تُعد مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية، إلى 931 مليون دولار في الربع الثالث من عام 2024، مقارنة بـ2.4 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام السابق، بسبب اضطراب طرق الشحن البحري عقب اندلاع الحرب في قطاع غزة.
وكان وزير البترول كريم بدوي قد صرح في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بأن مصر لا تزال تنفق نحو 10 مليارات جنيه (197 مليون دولار) على دعم الوقود شهرياً، رغم رفع أسعاره ثلاث مرات خلال العام الماضي.
وسجل معدل التضخم الشهري في الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر 1.4 بالمئة في شباط/ فبراير الجاري، مقارنة بـ11.4 بالمئة في شباط/ فبراير الماضي و1.5 بالمئة في كانون الثاني/ يناير الماضي. وعلى أساس سنوي، بلغ معدل التضخم العام للحضر 12.8 بالمئة في شباط/ فبراير الجاري، مقارنة بـ24.0 بالمئة في كانون الثاني/ يناير الماضي.
يذكر أن الحكومة المصرية قامت قبل نحو عام بخفض قيمة الجنيه بشكل حاد، ورفعت أسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس، ووقعت حزمة دعم مالي موسعة بقيمة 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وجاء قرض الصندوق في أعقاب صفقة استثمارية قياسية مع الإمارات بقيمة 35 مليار دولار.
وعلى مدار السنوات الماضية، واجه المصريون زيادات متتالية في أسعار السلع، خاصة مع رفع الحكومة أسعار الوقود، حيث تم رفع سعر البنزين مرتين خلال العام الماضي.