جريدة الوطن:
2025-02-02@03:34:46 GMT

الذكاء الاصطناعي.. والعلم!

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

الذكاء الاصطناعي.. والعلم!

يعي الجميع أنَّ هنالك تحوُّلًا جليًّا وأوسع في العلوم في عصرنا، إضافة إلى الجوانب الإنسانيَّة الأخرى، وخصوصًا مع التحوُّل الكبير الَّذي نلمسُه في التكنولوجيا ودخول الذَّكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، وأشهرها القليلة الماضية. وهنا سنلاحظ كيف أنَّه قلَب الطريقة الَّتي يعمل بها النَّاس ويتعلَّمون ويتواصلون اجتماعيًّا.

بل وقَدْ عمل على تسريع وإعادة تشكيل بعض العناصر الأساسيَّة للعلوم. ولعلَّ العِلم باتَ أسرع ممَّا هو عَلَيْه اليوم.
بطبيعة الحال، كانت معرفة العالَم متجذرة في مراقبته وتفسيره. ولكن سنلاحظ الآن أنَّ نماذج الذَّكاء الاصطناعي اليوم تحرف هذا المسعى، وتقدِّم إجابات دُونَ مبرِّرات، حتَّى أنَّها تقُودُ العلماء إلى دراسة خوارزميَّاتهم الخاصَّة بقدر ما يدرسون الطبيعة، والأسباب الصحيحة لتطوُّرها. وهنا قَدْ نتساءل صدقًا إذا ما باتَ الذَّكاء الاصطناعي يتحدَّى طبيعة الاكتشاف تلك؟ وهنا وبعُمق أكبر للمعنى، هل إدخال الذَّكاء الاصطناعي جعل العِلم، في بعض النواحي، أقلَّ إنسانيَّة؟!
كيف لا؟ ونحن نتابع أهمِّية الذَّكاء الاصطناعي لاستخلاص أنماط معقَّدة بشكلٍ مستحيل من مجموعات البيانات الكبيرة بحيث لا يستطيع أيُّ شخص فهمها. وهذه الظاهرة المحيّرة، في الواقع أصبحت مألوفة أكثر منذ إصدار منظومة (الشات- جبت) السنة الماضية، حيث غير برنامج الدردشة الآلي ذلك، وأصبح فجأة في متناول الجميع. وربَّما سترى كيف يقوم ـ إن استطعت القول ـ بتجميع الإنترنت بالكامل. ولكن في ذات الوقت ستعي كيف أنَّه شوّه الكثير من تفكيرنا. نحن لا نفهم بالضبط كيف تحدِّد روبوتات الدردشة المولِّدة للذَّكاء الاصطناعي استجاباتها، فقط أنَّها تبدو إنسانيَّة، ممَّا يجعل من الصَّعب تحليل ما هو منطقي أو جدير بالثِّقة، وما إذا كانت الكتابة، حتَّى كتابتنا، بَشَريَّة بالكامل!
صحيح أنَّ التكنولوجيا أصبحت تعمل حاليًّا على دفع التقدُّم في العديد من التخصُّصات الأخرى، ليس فقط تحسين السُّرعة والنطاق، ولكن تغيير نَوْع البحث الَّذي يعتقد أنَّه ممكن، خصوصًا وأنَّه ـ على سبيل المثال ـ باتَ الباحثون في علِم الأحياء يستخدمون الذَّكاء الاصطناعي المدرّب على البيانات الجينيَّة لدراسة الأمراض النَّادرة، وتحسين العلاجات المناعيَّة بشكلٍ أفضل. بمعنى أنَّ هؤلاء أصبح لدَيْهم الآن فرضيَّات قابلة للتطبيق، حيث كانت ألغازًا في السَّابق!
وهذا حقيقةً يأخذنا إلى منعطف آخر، أجزم أنَّه أكثر حساسيَّة! نحن نعي جميعًا وخلال مراحل تعليمنا، أنَّه لكَيْ تكُونَ قادرًا على فَهْم ظاهرة ما، سواء كانت سلوك خليَّة أو أيَّ نظام آخر، فإنَّ ذلك يتطلب القدرة على تحديد الأسباب والتأثيرات. لكن نماذج الذَّكاء الاصطناعي سنلاحظ أنَّها مبهمة. إنَّهم يكتشفون الأنماط المستندة إلى مجموعات بيانات ضخمة عَبْرَ برمجيَّة تربك أعمالها الداخليَّة التفكير البَشَري. والسؤال الَّذي أطرحه هنا: هل عَلَيْنا أن نفهمَ ما يجري في ذلك الصندوق الأسود لتلك النماذج أو الأنماط بالذَّكاء الاصطناعي حتَّى نتمكَّنَ من معرفة من أين يأتي هذا الاكتشاف؟ هل نحن واقعيًّا مع نَوْع مختلف من العلوم، حيث لا تَكُونُ المعرفة والأفعال الناتجة مصحوبة دائمًا بتفسير؟!
وحتَّى مع هذه البيانات، فإنَّ العالَم الحقيقي يُمكِن أن يكُونَ أكثر تعقيدًا. فمثلًا يستطيع الذَّكاء الاصطناعي أن يقترحَ أدوية جديدة بسرعة، ولكن بشكلٍ أساسي لا يزال يتعيَّن عَلَيْك إدارة عمليَّة اكتشاف الأدوية، وهي بالطبع طويلة، خصوصًا وأنَّ التجارب السريريَّة تستغرق سنوات، وكثير مِنْها لا ينجح. ثمَّ، وكمثال لذلك، تمَّ تقليص عدد كبير من الشركات الناشئة والمبادرات العاملة في مجال أدوية الذَّكاء الاصطناعي. ولعلَّه في المختبر، يُمكِن اختبار التنبؤات الجسديَّة في بيئة معزولة بشكلٍ آمن، ولكن عِند تطوير الأدوية أو العلاج ـ بلا شك ـ ستكُونُ المخاطر أعلى بكثير. لذلك قَدْ أقول بأنَّ هذه الإخفاقات هي، إلى حدٍّ ما، دليل على أهمِّية العِلم والبحث ونجاحهما.
ختامًا، قَدْ لا تغيِّر نماذج الذَّكاء الاصطناعي الطريقة الَّتي نفهم بها العالَم فحسب، بل كيف ندرك الفَهْم نَفْسه. لذلك ربَّما من المُهمِّ أن تكُونَ تلك النماذج الجديدة مبنيَّة على المعرفة بما يُمكِننا الوثوق به، ولماذا، ومتى؟ وإلَّا فإنَّ اعتمادنا على برنامج الدردشة الآلي فقط، أو حتَّى مثلًا التنبُّؤ بالأعاصير باستخدام الذَّكاء الاصطناعي قَدْ يخرج عن نطاق العِلم!

د. يوسف بن علي الملَّا
طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
dryusufalmulla@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: کاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

"أوبن إيه آي" تتهم شركات صينية بنسخ نموذج الذكاء الاصطناعي الأمريكي

اتهمت شركة "أوبن إيه آي" المالكة لتطبيق "شات جي بي تي" الأربعاء شركات صينية وغيرها بمحاولة نسخ نموذجها للذكاء الاصطناعي، داعية إلى تعزيز التعاون مع السلطات الأمريكية واتخاذ تدابير أمنية.

وأتى إعلان "أوبن إيه آي" بعدما أطلقت شركة "ديب سيك" الصينية الناشئة نموذجاً جديداً للذكاء الاصطناعي يشبه "شات جي بي تي" و"جيميناي" من غوغل وغيرهما، ولكن بجزء بسيط من التكلفة التي تكبدتها الشركات العملاقة الأمريكية، ما أدى إلى تراجع كبير في أسهم شركات التكنولوجيا في وول ستريت في بداية الأسبوع.

عملية "تقطير المعرفة"

وفي مواجهة أداء نموذج الذكاء الاصطناعي لشركة "ديب سيك" رأى خبراء في الولايات المتحدة أنها أعادت ببساطة صياغة النماذج التي تم تطويرها في الولايات المتحدة، مثل النموذج العامل بنظام "شات جي بي تي".
ورأت "أوبن إيه آي" أن المنافسين استخدموا عملية تسمى "تقطير المعرفة"،وتشمل نقل المعرفة من نموذج كبير مُدرّب إلى نموذج أصغر، بالطريقة نفسها التي ينقل بها المعلم المعرفة إلى طلابه.

قنبلة "ديب سيك" ترسل "ميتا" إلى "غرفة الحرب" - موقع 24تعيش شركة ميتا حالة من الأزمة بعد أن أطلقت شركة ديب سيك، الصينية، نموذجاً جديداً للذكاء الاصطناعي بتكلفة ضئيلة مقارنة مع منافسيه.


وقال متحدث باسم شركة "أوبن إيه آي": "نعلم أن الشركات الصينية وغيرها، تبحث باستمرار عن نسخ نماذج من شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية الرائدة"، مسلطاً الضوء على مسائل يطرحها هذا السلوك على الملكية الفكرية بين الولايات المتحدة والصين.
وأضاف "نعتقد أنه مع تقدمنا، من المهم أن نعمل بشكل وثيق مع الحكومة الأمريكية لإيجاد أفضل طريقة لحماية تصميماتنا الأكثر كفاءة من جهود الخصوم والمنافسين لاستخدام التكنولوجيا الأمريكية".

علي بابا تطلق نموذج ذكاء اصطناعي منافس لديب سيك - موقع 24في خطوة مفاجئة، أعلنت شركة التكنولوجيا الصينية علي بابا إصدار نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد كوان ماكس، مؤكدةً أنه يتفوق على نموذج ديب سيك الصيني، وبرامج الذكاء الاصطناعي الأخرى.

 

انتهاك الملكية الفكرية

وقال ديفيد ساكس، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في إدارة الرئيس دونالد ترامب، لقناة فوكس نيوز إن "هناك أدلة واضحة جداً على أن ديب سيك استخلصت المعرفة من نماذج أوبن إيه آي".
وشددت شركة "أوبن إيه آي" على أن مثل هذه الخطوة تتعارض مع شروط استخدام نماذجها، مضيفة أنها تعمل على إيجاد طرق للكشف عن محاولات مستقبلية في هذا الصدد ومنعها.
وتواجه شركة "أوبن إيه آي" التي يرأسها سام ألتمان، اتهامات بدورها بتكرار انتهاك الملكية الفكرية لمبدعين في كل أنحاء العالم، وخصوصاً من خلال استخدام مواد محمية بحقوق التأليف والنشر لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاصة بها.

مقالات مشابهة

  • ديب سيك الصيني يهدد عرش الذكاء الاصطناعي الأمريكي
  • الذكاء الاصطناعي خطر محدق بالكتابة الصحفية
  • بريطانيا تحذر من ديب سيك: لوضع معايير تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل آمن
  • «غوغل» تكشف عن مزايا جديدة بـ«الذكاء الاصطناعي» في خرائطها
  • الذكاء الاصطناعي أولوية وطنية
  • وكيل أعمال سيزار: كايو لعب بشكل جيد ولكن شوي شوي .. فيديو
  • أوروبا تحظر نموذج الذكاء الاصطناعي "ديب سيك"
  • مؤتمر سوق العمل يناقش مستقبل الوظائف في ظل الذكاء الاصطناعي
  • حرب الذكاء الاصطناعي.. وأنظمة الغباء الصناعي!
  • "أوبن إيه آي" تتهم شركات صينية بنسخ نموذج الذكاء الاصطناعي الأمريكي