جريدة الوطن:
2025-03-16@23:03:59 GMT

الذكاء الاصطناعي.. والعلم!

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

الذكاء الاصطناعي.. والعلم!

يعي الجميع أنَّ هنالك تحوُّلًا جليًّا وأوسع في العلوم في عصرنا، إضافة إلى الجوانب الإنسانيَّة الأخرى، وخصوصًا مع التحوُّل الكبير الَّذي نلمسُه في التكنولوجيا ودخول الذَّكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، وأشهرها القليلة الماضية. وهنا سنلاحظ كيف أنَّه قلَب الطريقة الَّتي يعمل بها النَّاس ويتعلَّمون ويتواصلون اجتماعيًّا.

بل وقَدْ عمل على تسريع وإعادة تشكيل بعض العناصر الأساسيَّة للعلوم. ولعلَّ العِلم باتَ أسرع ممَّا هو عَلَيْه اليوم.
بطبيعة الحال، كانت معرفة العالَم متجذرة في مراقبته وتفسيره. ولكن سنلاحظ الآن أنَّ نماذج الذَّكاء الاصطناعي اليوم تحرف هذا المسعى، وتقدِّم إجابات دُونَ مبرِّرات، حتَّى أنَّها تقُودُ العلماء إلى دراسة خوارزميَّاتهم الخاصَّة بقدر ما يدرسون الطبيعة، والأسباب الصحيحة لتطوُّرها. وهنا قَدْ نتساءل صدقًا إذا ما باتَ الذَّكاء الاصطناعي يتحدَّى طبيعة الاكتشاف تلك؟ وهنا وبعُمق أكبر للمعنى، هل إدخال الذَّكاء الاصطناعي جعل العِلم، في بعض النواحي، أقلَّ إنسانيَّة؟!
كيف لا؟ ونحن نتابع أهمِّية الذَّكاء الاصطناعي لاستخلاص أنماط معقَّدة بشكلٍ مستحيل من مجموعات البيانات الكبيرة بحيث لا يستطيع أيُّ شخص فهمها. وهذه الظاهرة المحيّرة، في الواقع أصبحت مألوفة أكثر منذ إصدار منظومة (الشات- جبت) السنة الماضية، حيث غير برنامج الدردشة الآلي ذلك، وأصبح فجأة في متناول الجميع. وربَّما سترى كيف يقوم ـ إن استطعت القول ـ بتجميع الإنترنت بالكامل. ولكن في ذات الوقت ستعي كيف أنَّه شوّه الكثير من تفكيرنا. نحن لا نفهم بالضبط كيف تحدِّد روبوتات الدردشة المولِّدة للذَّكاء الاصطناعي استجاباتها، فقط أنَّها تبدو إنسانيَّة، ممَّا يجعل من الصَّعب تحليل ما هو منطقي أو جدير بالثِّقة، وما إذا كانت الكتابة، حتَّى كتابتنا، بَشَريَّة بالكامل!
صحيح أنَّ التكنولوجيا أصبحت تعمل حاليًّا على دفع التقدُّم في العديد من التخصُّصات الأخرى، ليس فقط تحسين السُّرعة والنطاق، ولكن تغيير نَوْع البحث الَّذي يعتقد أنَّه ممكن، خصوصًا وأنَّه ـ على سبيل المثال ـ باتَ الباحثون في علِم الأحياء يستخدمون الذَّكاء الاصطناعي المدرّب على البيانات الجينيَّة لدراسة الأمراض النَّادرة، وتحسين العلاجات المناعيَّة بشكلٍ أفضل. بمعنى أنَّ هؤلاء أصبح لدَيْهم الآن فرضيَّات قابلة للتطبيق، حيث كانت ألغازًا في السَّابق!
وهذا حقيقةً يأخذنا إلى منعطف آخر، أجزم أنَّه أكثر حساسيَّة! نحن نعي جميعًا وخلال مراحل تعليمنا، أنَّه لكَيْ تكُونَ قادرًا على فَهْم ظاهرة ما، سواء كانت سلوك خليَّة أو أيَّ نظام آخر، فإنَّ ذلك يتطلب القدرة على تحديد الأسباب والتأثيرات. لكن نماذج الذَّكاء الاصطناعي سنلاحظ أنَّها مبهمة. إنَّهم يكتشفون الأنماط المستندة إلى مجموعات بيانات ضخمة عَبْرَ برمجيَّة تربك أعمالها الداخليَّة التفكير البَشَري. والسؤال الَّذي أطرحه هنا: هل عَلَيْنا أن نفهمَ ما يجري في ذلك الصندوق الأسود لتلك النماذج أو الأنماط بالذَّكاء الاصطناعي حتَّى نتمكَّنَ من معرفة من أين يأتي هذا الاكتشاف؟ هل نحن واقعيًّا مع نَوْع مختلف من العلوم، حيث لا تَكُونُ المعرفة والأفعال الناتجة مصحوبة دائمًا بتفسير؟!
وحتَّى مع هذه البيانات، فإنَّ العالَم الحقيقي يُمكِن أن يكُونَ أكثر تعقيدًا. فمثلًا يستطيع الذَّكاء الاصطناعي أن يقترحَ أدوية جديدة بسرعة، ولكن بشكلٍ أساسي لا يزال يتعيَّن عَلَيْك إدارة عمليَّة اكتشاف الأدوية، وهي بالطبع طويلة، خصوصًا وأنَّ التجارب السريريَّة تستغرق سنوات، وكثير مِنْها لا ينجح. ثمَّ، وكمثال لذلك، تمَّ تقليص عدد كبير من الشركات الناشئة والمبادرات العاملة في مجال أدوية الذَّكاء الاصطناعي. ولعلَّه في المختبر، يُمكِن اختبار التنبؤات الجسديَّة في بيئة معزولة بشكلٍ آمن، ولكن عِند تطوير الأدوية أو العلاج ـ بلا شك ـ ستكُونُ المخاطر أعلى بكثير. لذلك قَدْ أقول بأنَّ هذه الإخفاقات هي، إلى حدٍّ ما، دليل على أهمِّية العِلم والبحث ونجاحهما.
ختامًا، قَدْ لا تغيِّر نماذج الذَّكاء الاصطناعي الطريقة الَّتي نفهم بها العالَم فحسب، بل كيف ندرك الفَهْم نَفْسه. لذلك ربَّما من المُهمِّ أن تكُونَ تلك النماذج الجديدة مبنيَّة على المعرفة بما يُمكِننا الوثوق به، ولماذا، ومتى؟ وإلَّا فإنَّ اعتمادنا على برنامج الدردشة الآلي فقط، أو حتَّى مثلًا التنبُّؤ بالأعاصير باستخدام الذَّكاء الاصطناعي قَدْ يخرج عن نطاق العِلم!

د. يوسف بن علي الملَّا
طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
dryusufalmulla@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: کاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي في يد الهاكرز.. ديب سيك R1 يمكنه تطوير برامج الفدية الخبيثة

كشف باحثو الأمن السيبراني، عن كيفية استغلال نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني من ديب سيك Deepseek-R1، في محاولات تطوير متغيرات من برامج الفدية والأدوات الرئيسية مع قدرات عالية على التهرب من الكشف.

ووفقا لتحذيرات فريق Tenable، فأن النتائج لا تعني بالضرورة بداية لحقبة جديدة من البرامج الضارة، حيث يمكن لـ Deepseek R-1 "إنشاء الهيكل الأساسي للبرامج الضارة" ولكنه يحتاج إلى مزيدا من الهندسة الموجهة ويتطلب إخراجها تعديلات يديوية لاخراج الشيفرة البرمجية الضارة بشكل كامل. 

"مانوس" هل ينافس "تشات جي بي تي" ..تطبيق صيني جديد يثير الجدل بعد " ديب سيك"|ما القصة؟بعد رفضها ديب سيك.. شراكة بين أبل وعلي باباديب سيك R1 يساهم في تطوير برامج الفدية الخبيثة

ومع ذلك، أشار نيك مايلز، من Tenable، إلى أن إنشاء برامج ضارة أساسية باستخدام Deepseek-R1، يمكن أن يساعد "شخص ليس لديه خبرة سابقة في كتابة التعليمات البرمجية الضارة" من تطوير أدوات تخريبية بسرعة، بمل في ذلك القدرة على التعرف بسرعة على فهم المفاهيم ذات الصلة.

في البداية، انخرط ديب سيك في كتابة البرامج الضارة، لكنها كانت على استعداد للقيام بذلك بعد أن طمأن الباحثين من أن توليد رمز ضار سيكون "لأغراض تعليمية فقط".

ومع ذلك، كشفت التجربة عن أن النموذج قادر على تخطي بعض تقنيات الكشف التقليدية، على سبيل المثال حاول Deepseek-R1 التغلب على آلية اكتشاف مفتاح Keylogger، عبر تحسين الكود لاستخدام Setwindowshookex وتسجيل ضربات المفاتيح في ملفات مخفية لتجنب الكشف من قبل برامج مكافحة الفيروسات.

وقال مايلز إن النموذج حاول التغلب على هذا التحدي من خلال محاولة “موازنة فائدة السنانير والتهرب من الكشف”، اختار في النهاية مقاضاة Setwindowshookex وتسجيل ضربات المفاتيح في ملف مخفي.

وقال مايلز: “بعد بعض التعديلات مع ديب سيك، أنتجت رمزا لمفتاح Keylogger الذي كان يحتوي على بعض الأخطاء التي تطلبت تصحيحا يدويا”.

وأضاف أن النتيجة كانت أربعة "أخطاء في إيقاف العرض بعيدا عن مفتاح التشغيل الكامل".

في محاولات أخرى، دفع الباحثون نموذج R1 إلى إنشاء رمز الفدية، حيث أخبر Deepseek-R1 بالمخاطر القانونية والأخلاقية المرتبطة بإنشاء مثل هذا الكود الضار، لكنه استمر في توليد عينات من البرمجيات الخبيثة بعد أن تأكد من نوايا الباحثون الحسنة.

على الرغم من أن جميع العينات كانت بحاجة إلى تعديلات يدوية من أجل التجميع، تمكنا الباحثون من إنشاء عدة عينات، وقال مايلز إن هناك احتمالية كبيرة بأن يسهم Deepseek-R1 في المزيد من تطوير البرمجيات الضارة التي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي من قبل مجرمي الإنترنت في المستقبل القريب.

مقالات مشابهة

  • استشاري: الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات على بعض الوظائف التقليدية
  • بين الابتكار والسيطرة.. هيمنة الذكاء الاصطناعي الصيني
  • البعاتي كانت عيناه تتحركان بشكل آلي (ومخيف نوعا ما)
  • أيام أقل لتدريب الموظفين الجدد بفضل الذكاء الاصطناعي
  • إيران.. إطلاق منصة وطنية لـ«الذكاء الاصطناعي»
  • النمو السريع في سوق الذكاء الاصطناعي يعقّد مهمة المستثمرين
  • الذكاء الاصطناعي في يد الهاكرز.. ديب سيك R1 يمكنه تطوير برامج الفدية الخبيثة
  • الذكاء الاصطناعي والدخول إلى خصوصيات البشر
  • الجديد وصل .. جوجل تتحدى آبل في مجال الذكاء الاصطناعي الشخصي
  • الصين تدخل الذكاء الاصطناعي إلى مناهج الابتدائية