تتنافس الدول الكبرى لتوسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، وسط الصراعات الإقليمية والترابطات الاقتصادية المعقدة، وظهور لاعبين عالميين جدد، ويبدو أن المشهد العالمي يمر بتحول زلزالي، ما يثير تساؤلات حول احتمال دخول العالم في شراك حرب باردة جديدة، ولا سيما أن مفهوم الهيمنة قد عاد للتمركز مرة أخرى في طليعة العلاقات الدولية.

تسعى الصين إلى توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط متحدية الهيمنة الأمريكية فيها، ومع تنافس الصين على المزيد من النفوذ الدولي لتصبح أكبر قوة في العالم بحلول عام 2049، عسكرياً واقتصادياً وتكنولوجياً وسياسياً، من المرجح أن يصبح الشرق الأوسط حاسماً، سواء أعطته الولايات المتحدة الأولوية أم لا.

وتشير المؤشرات إلى أن النظام الدولي يشهد مرة منافسة بين القوى العظمى. تواجه الولايات المتحدة، باعتبارها القوة العظمى المهيمنة حالياً، تحدياً متزايداً من الصين، التي دفعها نموها الاقتصادي وتحديثها العسكري إلى صدارة الشؤون العالمية. و تسبب هذا التحول في ديناميات القوة إلى إثارة مخاوف، ما أدى إلى تجديد التركيز على مجالات النفوذ السياسية والاقتصادية، إضافة إلى العسكرية والتكنولوجية.

ومن جانبه، قال المحلل السياسي وأستاذ القانون الدولي، الدكتور جهاد أبو لحية، أن العالم كله مقبل على تغييرات جوهرية في السيطرة والتحكم الدولية، حيث نشهد تكتلا  روسي صيني قويا يوازي التكتل الأمريكي الأوروبي وهذا بدوره يدفع باتجاه إعادة صياغة جديدة للنظام العالمي في السنوات القادمة.

وأضاف أبو لحية في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن حرب روسيا وأوكرانيا شكلت صورة واضحة الملامح حول هذه التغييرات الجيوسياسية، حيث لم تسمح روسيا إلى أوكرانيا بالانضمام إلى حلف الناتو لأنها رأت في ذلك تهديدا كبيرا يعرض أمنها القومي للخطر، لذلك كانت هناك مبادرة منها لتفادي وقوع هذا الخطر، ونتجت عن هذه الحرب المستمرة قيود وعقوبات أوروبية أمريكية على روسيا استفادت منها روسيا بشكل كبير وحولتها لصالحها وصالح تواجدها في العالم ولصالح اقتصادها.

وتابع حديثه قائلًا: “يضاف إلى ما سبق عدوان إسرائيل على قطاع غزة حيث بعيداً عن عدد الشهداء والجرحى والدمار وجرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، فإن هذا العدوان قد أظهر بشكل واضح ملامح هذا التكتل الجديد والذي يعبر عن مدى التنافس بين الدول الكبرى لفرض هيمنتها في الشرق الأوسط حيث  أرسلت منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها حاملات الطائرات والغواصات النووية للشرق الأوسط خوفاً من تمدد حرب غزة إلى أماكن اخرى في الإقليم ، وكذلك ما أفرزته الأيام السابقة من مواقف مضادة في مجلس الأمن الدولي باعتباره أعلى وأقوى منصة دولية ،حيث ترغب كل من روسيا والصين إلى كسر الهيمنة الأمريكية وحلفاؤها على مجلس الأمن وانفرادهم في تحديد مصائر الدول.

ولفت أستاذ القانون الدولي إلى أنه “فضلاً عن الوجود الصيني الكبير في الاقتصاد العالمي حيث باتت الصين الأكبر في العالم من حيث حجم تجارتها العالمية وحجم تواجدها الكبير والمتغلغل في كثير من دول العالم حيث أتت مبادرة الحزام والطريق التي تسمى أيضا بمبادرة “طريق الحرير الجديد” وطريق الحرير البحري كاستراتيجية تنموية تعتمدها الحكومة الصينية وتتضمن تطوير البنية التحتية والاستثمارات في 152 دولة ومنظمة دولية في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وذلك لتعزيز تواجد الصين في هذه الدول وهذا ما أثار حفيظة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها حيث يحاولون التصدي إليه وذلك من خلال إعلان الرئيس الأمريكي بايدن مؤخرا في قمة العشرين في نيودلهي عن ممر جديد يربط منطقة المحيطين الهندي والهادئ بالشرق الأوسط وأوروبا وذلك في تحدي واضح لمبادرة الحزام والطريق الصينية (طريق الحرير)”.

وكشف أبو لحية أنه من المؤشرات التي تشير إلى ملامح النظام الجديد ما حدث في الأشهر السابقة في افريقيا من انقلابات عسكرية ضد الحكومات الموالية للدول الغربية وتحديدا لفرنسا يأتي في سياق التنافس الواضح بين الدول الكبرى لتمهيد الطريق نحو النظام العالمي الجديد حيث يتعرض التواجد الأوروبي وتحديدا الفرنسي في القارة الأفريقية إلى خطر كبير أدى إلى انسحابها من العديد من الدول التي حدثت بها الانقلابات العسكرية والتي أعلن فيها مجالس الثورة الجديدة ميولهم السياسية اتجاه روسيا.

واختتم قائلًا إنه أمام كل هذه الشواهد الكبيرة فإن التوزان الدولي بات معرضاً للخطر البليغ قد ينجم عنه حرب عالمية جديدة وذلك نظراً لأن كل طرف من الاطراف الدولية الكبرى يرغب في مد نفوذه بشكل كبير ليفرض أمراً واقعياً جديداً يجعله في موقف قوي في المرحلة القادمة ،وهذا كله يأتي على حساب الدول الصغرى أو التي لا تملك التواجد في صف الكبار.

صدى البلد

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا تتهم الصين بالتورط عسكرياً في الصراع مع روسيا

رفضت الصين الاتهامات التي وجهتها الخارجية الأوكرانية، بتورط بكين بدعم روسيا عسكرياً، ووصفت الاتهامات بأنها "ممارسات سياسية المضللة وغير مدعومة بالأدلة"، وفقا لما صرح به المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية، غو جياكون.

وأكد غو جياكون أن "الصين تعارض بشدة الادعاءات غير المبررة والمناورات السياسية"، رافضا الضغوط غير الموضوعية على دبلوماسيي البلاد.

وكانت الخارجية الأوكرانية قد استدعت السفير الصيني لدى أوكرانيا على خلفية مزاعم أوكرانية حول وجود "جنود صينيين" في أوكرانيا، وإدعاءات بشأن تورط شركات صينية في تصنيع منتجات عسكرية لصالح روسيا. 

وكانت الحكومة الصينية قد أكدت  سابقا أنها لم تزود أي طرف في النزاع الأوكراني بأسلحة.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن القوات المسلحة الأوكرانية أسرت "مواطنين صينيين"، مضيفاً أن بلاده "تجمع معلومات عن جنود صينيين" وتعتقد أن عددهم "أكبر بكثير".


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند أوكرانيا تتهم الصين بالتورط عسكرياً في الصراع مع روسيا اعتذار غوارديولا لدوكو..كواليس انتصار مانشستر سيتي على أستون فيلا إحصائية مفزعة..لماذا يخشى ريال مدريد من حكم كلاسيكو الكأس؟ نانسي عجرم تتألق بالأسود في حفل أربيل بنزيما يقود الاتحاد نحو المجد..وأرقام تثبت أنه القطعة النادرة التي لا تعوض Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • السيسي: التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي تحتم تكثيف التعاون بين الدول العربية
  • سفير الصين بالقاهرة: الالتزام بالقرارات الأممية فيما يخص القضية الفلسطينية «ضرورة»
  • الأمم المتحدة تحيي اليوم الدولي للتعددية والدبلوماسية من أجل السلام
  • تداعيات معارك ترامب.. الولايات المتحدة تواجه خطر فقدان نفوذها في القارة مع توسّع نفوذ الصين
  • أوكرانيا تتهم الصين بالتورط عسكرياً في الصراع مع روسيا
  • أستاذ علوم سياسية: زيارة ترامب للشرق الأوسط محاولة لتصحيح الخلل في الاقتصاد الأمريكي
  • الصين تتوعد الدول التي تسير على خطى أمريكا لعزل بكين
  • "فولكسفاغن" تعتزم تصدير سياراتها من الصين للشرق الأوسط
  • الأردن: لا استقرار بالشرق الأوسط دون تسوية شاملة للقضية الفلسطينية
  • الذكاء الاصطناعي والبطالة.. هل اقتربت الروبوتات من السيطرة على سوق العمل؟