النفاق الدولي بين احتضان أوكرانيا وتجريم المقاومة الفلسطينية
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
على مدى عقود، واصل الشَّعب الفلسطيني نضالًا طويلًا ومؤلمًا لتحرير أرضه وتقرير مصيره عَلَيْها، وعلى الرغم من محنته وتخاذل المُجتمع الدولي، فهو لا يزال صامدًا في تصميمه على ضمان تحقيق أهدافه الوطنيَّة والحفاظ على حقوقه وأمْنِه.
إنَّ النفاق الدولي، خصوصًا دوَل الغرب، بَيْنَ احتضان أوكرانيا وتجريم المقاومة الفلسطينيَّة تُثير تساؤلات حرجة حَوْلَ مدى اتِّساق وعدالة الروايات الدوليَّة، وتطرح العديد من الأسئلة حَوْلَ السَّبب في وصف أحدهما بالبطولة في حين يصف الآخر بالإرهاب.
إنَّ معاناة الفلسطينيِّين العميقة وطويلة الأمد قوبلت ـ يا للأسف ـ بصَمْتٍ مزمن من جانب المؤسَّسة الدوليَّة في كثير من الحالات. وقد أسهَم هذا الصَّمْت المطبق، في إفلات الكيان الغاصب من العقاب. وفي المقابل واجه الفلسطينيون التهجير، والاحتلال، والصعوبات الاقتصاديَّة، والقيود المفروضة على حركتهم، والعنف، وكُلُّ ذلك بَيْنَما هم مصممون لِنَيْل حقوقهم في تقرير المصير والاستقلال والحياة الكريمة.
ومن المؤسف أنَّ إحجام المُجتمع الدولي عن تحميل «إسرائيل» المسؤوليَّة عن أفعالها قَدْ سمح لها باستمرار الإفلات من العقاب.
ومع ذلك تطوَّرت قدرة الشَّعب الفلسطيني على الصمود والاعتماد على الذَّات مع مرور الوقت، إذ إنَّهم اعتمدوا تاريخيًّا على الدَّعم العسكري العربي للدِّفاع عن قضيَّتهم، ولكن على مرِّ السنين، شقُّوا طريقهم نَحْوَ الاعتماد على أنْفُسهم في النِّضال من أجْلِ تقرير المصير.
لقَدْ عزَّز نضال الفلسطينيِّين من أجْل العدالة والكرامة والاستقلال شعورًا عميقًا لدَيْهم بالتكيُّف والصمود في وجْه التحدِّيات العديدة الَّتي واجهوها طوال تاريخهم، حيث تُمثِّل عمليَّة اكتساب الحصانة في هذا السِّياق، قدرة هذا الشَّعب المقاوم على التنقل بَيْنَ التضاريس الجيوسياسيَّة المعقَّدة الَّتي يجد الشَّعب نَفْسه فيها، لِيصبحَ أكثر كفاءة في الدِّفاع عن أرضه وحقوقه ومصالحه بالطريقة والاعتماد على الذَّات.
لا شكَّ أنَّ خطورة الوضع الحالي واضحة لأولئك الَّذين يراقبون التطوُّرات الجارية، خصوصًا وأنَّه من غير الممكن لهذا الوضع أن يستمرَّ إلى ما لا نهاية، وأنَّ المُجتمع الدولي هو الَّذي يتحمَّل المسؤوليَّة المعنويَّة واللاأخلاقيَّة عن كُلِّ ذلك.
إنَّ محنة الشَّعب الفلسطيني هي مأساة طويلة الأمد تتطلب اهتمامًا عاجلًا وإجراءات حاسمة. كما أنَّه يجِبُ أن يتمَّ السَّلام العادل والدَّائم، خاليًا من الاحتلال وقائمًا على احترام القانون الدولي. ومن الضروري أن يتصرفَ المُجتمع الدولي باقتناع وتصميم لبثِّ الحياة في هذه الرؤية، وهذا يستلزم إنفاذ القانون الدولي، وتفكيك المستوطنات غير الشرعيَّة، وإنهاء الممارسات الَّتي تديم المعاناة الإنسانيَّة. ومن خلال هذه الجهود المتضافرة فقط يُمكِن للمُجتمع الدولي أن يفيَ بالتزامه بالحفاظ على الهُوِيَّة الفلسطينيَّة والحفاظ على مبادئ العدالة والمساواة وتقرير المصير، بما يضْمَن أن يصبحَ الوعد بالسَّلام العادل والدَّائم حقيقة واقعة للشَّعب الفلسطيني وفلسطين، وللمنطقة بأكملها.
طلال أبو غزالة
كاتب عربي
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الفلسطینی
إقرأ أيضاً:
د. محمود المساد يكتب .. بين قانوني الجرائم الإلكترونية، وضريبة الأراضي والأبنية
#سواليف
بين قانوني #الجرائم_الإلكترونية، و #ضريبة_الأراضي_والأبنية.
بقلم: الدكتور #محمود_المساد
مع الترفّع عن اسم القانون الأول الذي يزكم الأنوف، بمجرّد ذِكر اسمه، إلا أنه أشبع بطون طبقة أكلت الأخضر، واليابس من دون رقيب، أو حسيب، وضحكت بعدها أن لا صوت يرتفع معترضا ممن لديهم عقل يفكر، ورؤى واضحة حول سؤال يطرح نفسه: إلى أين المآل؟!!. قانون يُذكي الصّراع الخفيّ بين من يأكل، ويفعل كل ما هو ليس بحق له، أو بين من يفتك في أمانة مسؤوليته، ومن يتجرّع ظلمه؛ لأنه أدمن قول الحق، واستثمر قدراته في التفكير،والتحليل، والوصول للحقيقة.
أمّا القانون الثاني الذي يكشف عن قدرات خارقة لِما ينتجه الفكر المتزلف، خاصة في الأوقات العصيبة التي تتطلب جمع الناس، وتشكيل مجتمع الخليّة المنتجة، فهو ما ينتجه فكر العبث بهدوء الناس وانشغالهم بما يسمّى بعلم القيادة برَصّ الصفوف، ولُحمة المجتمع.
بهذا، يتساوى القانونان بتصديع المجتمع الواحد المتماسك،وخلق مجتمع الأجزاء المتناحرة. وهنا الفائزون الرابحون الذين يدّعون الذكاء، والشطارة وهم حفنة النفاق فقط ، والكسب غير المشروع. وفي الوقت نفسه يختلف القانونان من حيث مصدر الحياة، وجنس المشروعية لكل منهما. فالقانون الأول فاز بالمشروعية كونه كرّس نهج التسلط، والاستعباد لصالح من أوجدوه، ونفخوا فيه الحياة، حفنة النفاق من غير المنتجين، لكن النتيجة لفعله رابح/ خاسر. أمّا القانون الثاني، فلن يجد طريقه للحياة، أو المشروعية:لأنه سيُصيب بمخالبه الجميع، وسيدفع الغني، ولاعب الحبال من المال أكثر بكثير، وربما العكس، حيث يكون القانون الثاني مطلب سواد الناس، فهم بطبيعة الحال لا يملكون أراضيَ، ولا عماراتٍ، ولا مزارعَ، وربما في النهاية حفنة النفاق، قد تنقسم على نفسها، فيصبح لدينا منافقون على درجات: منافق كاسِر، ومنافق شامِل، ومنافق متدرِّب، ومنافق متقلِّب.
يا ناس، يا أبناء جلدتنا، هذا هو الوطن الوحيد الذي نراهن على ديمومته، فلنتّقِ الله فيه، إذ ليس لنا من خيمة تؤوينا غيره…… لنصدقه الأمانة، والحرص، ونصدق قيادته، ففيه الخير الكثير لكل من يعيش على ترابه، ويتنعّم بأمنه وأمانه!!