على مدى عقود، واصل الشَّعب الفلسطيني نضالًا طويلًا ومؤلمًا لتحرير أرضه وتقرير مصيره عَلَيْها، وعلى الرغم من محنته وتخاذل المُجتمع الدولي، فهو لا يزال صامدًا في تصميمه على ضمان تحقيق أهدافه الوطنيَّة والحفاظ على حقوقه وأمْنِه.
إنَّ النفاق الدولي، خصوصًا دوَل الغرب، بَيْنَ احتضان أوكرانيا وتجريم المقاومة الفلسطينيَّة تُثير تساؤلات حرجة حَوْلَ مدى اتِّساق وعدالة الروايات الدوليَّة، وتطرح العديد من الأسئلة حَوْلَ السَّبب في وصف أحدهما بالبطولة في حين يصف الآخر بالإرهاب.

فالحقُّ في تقرير المصير هو مبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي، وحقٌّ أساسي من حقوق الإنسان يجِبُ أن يتمتعَ به كُلُّ شَعب كما هو منصوص عَلَيْه في العديد من قرارات الأُمم المُتَّحدة والاتفاقيَّات الدوليَّة، وهو يرتكز على مبادئ العدالة والمساواة واحترام كرامة وحقوق جميع الأفراد والمُجتمعات.
إنَّ معاناة الفلسطينيِّين العميقة وطويلة الأمد قوبلت ـ يا للأسف ـ بصَمْتٍ مزمن من جانب المؤسَّسة الدوليَّة في كثير من الحالات. وقد أسهَم هذا الصَّمْت المطبق، في إفلات الكيان الغاصب من العقاب. وفي المقابل واجه الفلسطينيون التهجير، والاحتلال، والصعوبات الاقتصاديَّة، والقيود المفروضة على حركتهم، والعنف، وكُلُّ ذلك بَيْنَما هم مصممون لِنَيْل حقوقهم في تقرير المصير والاستقلال والحياة الكريمة.
ومن المؤسف أنَّ إحجام المُجتمع الدولي عن تحميل «إسرائيل» المسؤوليَّة عن أفعالها قَدْ سمح لها باستمرار الإفلات من العقاب.
ومع ذلك تطوَّرت قدرة الشَّعب الفلسطيني على الصمود والاعتماد على الذَّات مع مرور الوقت، إذ إنَّهم اعتمدوا تاريخيًّا على الدَّعم العسكري العربي للدِّفاع عن قضيَّتهم، ولكن على مرِّ السنين، شقُّوا طريقهم نَحْوَ الاعتماد على أنْفُسهم في النِّضال من أجْلِ تقرير المصير.
لقَدْ عزَّز نضال الفلسطينيِّين من أجْل العدالة والكرامة والاستقلال شعورًا عميقًا لدَيْهم بالتكيُّف والصمود في وجْه التحدِّيات العديدة الَّتي واجهوها طوال تاريخهم، حيث تُمثِّل عمليَّة اكتساب الحصانة في هذا السِّياق، قدرة هذا الشَّعب المقاوم على التنقل بَيْنَ التضاريس الجيوسياسيَّة المعقَّدة الَّتي يجد الشَّعب نَفْسه فيها، لِيصبحَ أكثر كفاءة في الدِّفاع عن أرضه وحقوقه ومصالحه بالطريقة والاعتماد على الذَّات.
لا شكَّ أنَّ خطورة الوضع الحالي واضحة لأولئك الَّذين يراقبون التطوُّرات الجارية، خصوصًا وأنَّه من غير الممكن لهذا الوضع أن يستمرَّ إلى ما لا نهاية، وأنَّ المُجتمع الدولي هو الَّذي يتحمَّل المسؤوليَّة المعنويَّة واللاأخلاقيَّة عن كُلِّ ذلك.
إنَّ محنة الشَّعب الفلسطيني هي مأساة طويلة الأمد تتطلب اهتمامًا عاجلًا وإجراءات حاسمة. كما أنَّه يجِبُ أن يتمَّ السَّلام العادل والدَّائم، خاليًا من الاحتلال وقائمًا على احترام القانون الدولي. ومن الضروري أن يتصرفَ المُجتمع الدولي باقتناع وتصميم لبثِّ الحياة في هذه الرؤية، وهذا يستلزم إنفاذ القانون الدولي، وتفكيك المستوطنات غير الشرعيَّة، وإنهاء الممارسات الَّتي تديم المعاناة الإنسانيَّة. ومن خلال هذه الجهود المتضافرة فقط يُمكِن للمُجتمع الدولي أن يفيَ بالتزامه بالحفاظ على الهُوِيَّة الفلسطينيَّة والحفاظ على مبادئ العدالة والمساواة وتقرير المصير، بما يضْمَن أن يصبحَ الوعد بالسَّلام العادل والدَّائم حقيقة واقعة للشَّعب الفلسطيني وفلسطين، وللمنطقة بأكملها.

طلال أبو غزالة
كاتب عربي

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ة الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

أنشيلوتي حزين لكنه يثق في العدالة

 أكد كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد بعد معرفته بنبأ محاكمته في الثاني من أبريل (نيسان) المقبل بتهمة التهرب الضريبي في إسبانيا، بزعم امتناعه عن سداد أكثر من مليون يورو، أنه ليس قلقاً ويثق تماماً في القانون والعدالة.

وقال أنشيلوتي "يجب علي أن أذهب للإدلاء بشهادتي الأسبوع المقبل. هذا ليس المكان المناسب لمناقشة الأمر، لكن هناك طعن من النيابة العامة، لأنه كانت هناك قضية سابقة فزت بها"، خلال تصريحات لوسائل الإعلام من مدريد.

وأضاف "إنه طعن الآن لكنني أثق تماماً في القانون والعدالة. لست قلقاً، لكن إذا قالوا لي إنني أتهرب من الضرائب فهذا شيء يحزنني. أثق في القانون وسوف اتوجه للإدلاء بأقوالي بكل تفاؤل".

ويواجه المدرب الإيطالي اتهامات بالاحتيال على الخزانة العامة عبر التهرب من دفع مبلغ 1062079 يورو (حوالي 1.14 مليون دولار) في العامين الماليين 2014 (386361 يورو) و2015 (675718 يورو) خلال حقبته الأولى في تدريب ريال مدريد (من 2013 إلى 2015).

كما تطالب النيابة العامة بمعاقبته بالسجن لمدة أربع سنوات وتسعة أشهر.

ويتهم الادعاء المدرب الإيطالي بارتكاب جريمتي تهرب ضريبي، لأنه على الرغم من وضعه كمقيم إسباني ومقر إقامته في العاصمة، لم يبلغ في إقراراته الضريبية إلا عن إيراداته من العمل الشخصي التي تلقاها من ريال مدريد وحذف من الدخل حقوقه الخاصة بالصورة، "التي كان يدعى أنه نقلها إلى كيانات أخرى".

مقالات مشابهة

  • حركة الفصائل الفلسطينية: ما يشجع نتنياهو على مواصلة جرائمه هو غياب المحاسبة وعجز المجتمع الدولي وصمته المشين
  • حماس تدعو المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال للعودة لاتفاق وقف إطلاق النار
  • حركة حماس تحيي صمود أبناء الشعب الفلسطيني في غزة
  • الخارجية الفلسطينية تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في تنفيذ قراراته ووقف حرب الإبادة
  • تداعيات سقوط نظام الأسد على القضية الفلسطينية.. قراءة في ورقة علمية
  • البرلمان العربي يدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته ضد محاولات تهجير الشعب الفلسطيني
  • سجّانو الموت الحوثيون
  • المقاومة الفلسطينية بين حرب التحرير وتغريدة البجعة
  • أنشيلوتي حزين لكنه يثق في العدالة
  • تقويض الجبهة الداخلية الفلسطينية