مليشيا سورية بنكهة إيرانية.. ماذا تعرف عن فيلق المدافعين عن حلب؟
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
تكثر التشكيلات العسكرية الموالية للنظام السوري وتتنوع مشاربها في سوريا، منذ اندلاع الثورة. وفي ظل التدخل الأجنبي متعدد الجنسيات ضمت سوريا عددا كبيرا من المليشيات الأجنبية وعلى رأسها المليشيات الإيرانية وقد تنوعت هذه المليشيات من حيث الانتشار ومن حيث التبعية.
وظهرت تنظيمات موازية لتلك التي عبرت الحدود وتعمل ضمن تشكيلات مستقلة تربطها مع تلك المليشيات علاقات وثيقة وجميعها تقاتل إلى جانب النظام السوري، وهي متهمة بارتكاب جرائم وانتهاكات كبيرة بحق السوريين.
وكشف معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في مقال له عن معلومات دقيقة حول مليشيا سورية تم تشكيلها في مدينة حلب بعد سيطرة النظام عليها عام 2015، مدعومة بشكل مباشر من الحرس الثوري الإيراني يطلق عليها اسم "فيلق المدافعين عن حلب".
ووفقا للمقالة فإن "فيلق المدافعين عن حلب" يعد وحدة فعّالة تابعة لـ "فيلق القدس - الحرس الثوري الإيراني" في شمال سوريا، وتلعب دورا حاسما في التصدي لأي تحد يواجه نظام الأسد في مدينة حلب وضواحيها.
ملامح سورية
"فيلق المدافعين عن حلب" يتسم بطابعه السوري، حيث إنه يندرج ضمن الفصائل السورية، ويركز بشكل رئيسي على تنفيذ عمليات شبه عسكرية تستهدف أي مظاهر معارضة للنظام السوري في المنطقة.
وتتنوع أهدافه لتشمل ضمان السيطرة الكاملة على حلب وتوسيع نطاق نفوذه ليمتد إلى مجالات إدارة القانون والأنشطة القانونية في المنطقة المحيطة.
ووفقًا للتقارير، فإن تكتيكات "فيلق المدافعين عن حلب" تتبع استخدام وسائل قاسية، مثل الحرق المتعمد والقتل والاعتداءات الجسدية ضد أفراد المعارضة. هذه الطرق تعكس حدة التصدي التي تنتهجها الوحدة لتحقيق أهدافها.
التأسيس والهيكلية
نشأ "فيلق المدافعين عن حلب" في 27 شباط/ فبراير 2017، بعد سيطرة المليشيات المدعومة من "فيلق القدس" على الأحياء الشرقية لمدينة حلب.
يضم الفيلق غالبية المليشيات المحلية التي تلقت دعمًا من الحرس الثوري الإسلامي الإيراني. وتم تشكيله كجزء من استراتيجية توسيع نفوذ النظام السوري في ريف حلب الشرقي على حساب تنظيم الدولة.
ويقوم "فيلق المدافعين عن حلب" بتقسيم مدينة حلب إلى أربعة قطاعات تُعرف باسم "المربعات"، إذ يحظى "المربع الثاني" الواقع في منطقة التلفون الهوائي المركزية، بأكبر نسبة نفوذ.
ويسيطر كل قطاع على هيكل حاكم يدير الشؤون المحلية، وتتمثل السلطة في سيطرتها على قادة المناطق ومجالس الأحياء التي تتكون من أنصار الفيلق.
التمثيل السياسي
يشغل الفيلق دورا مهما في مجلس محافظة حلب ومجلس مدينة حلب، ما يمنحه تأثيرا سياسيا ملموسا. ويتيح الفيلق انضمام المدنيين إلى صفوفه ما يبرز التداخل البارز بين البعد العسكري والمدني في نشاطاته.
ويظهر الفيلق الالتزام بالأبعاد الاجتماعية والثقافية، حيث إنه يدير فعاليات مثل مهرجان "الليالي الساطعة" في حلب بالتعاون مع "مجمع معاد للثقافة والفنون" الإيراني.
ويشرف الفيلق أيضا على نوادي رياضية وبطولات محلية في كرة القدم وكرة الطائرة والشطرنج، ما يظهر جانبا من نشاطاته المتنوعة.
الهدف من تأسيسه
تظهر المعلومات أن الهدف الأساسي لـ "فيلق المدافعين عن حلب" هو تحقيق التأثير والسيطرة على مدينة حلب، على الصعيدين العسكري والمدني.
ويعتبر دعمه الكبير من "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني" مؤشرا على الدور الحيوي الذي يلعبه في دعم المصلحة الاستراتيجية لحكومة نظام الأسد.
تعزز أنشطة الوحدة من قوتها عبر إدارة هيكليات الحكم المحلي وجذب دعم السكان المحليين. ويتم تشجيع المشاركة المحلية في مختلف الأنشطة بهدف تعزيز الدعم والولاء لدى السكان، ما يجعلها الكيان المحلي الرئيسي المكلف بتنفيذ القانون وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
التورط في التهريب
تُشير التقارير إلى أن "فيلق المدافعين عن حلب" يلعب دورا بارزا في تهريب شحنات المخدرات إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة.
يتم ذلك عبر ممرات تقع في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، ما يظهر تورّطه في أنشطة غير قانونية تتسم بالتعقيد الإقليمي.
قيادة الفيلق
يتصدر "فيلق المدافعين عن حلب" قائد إيراني بارز، هو صابر رامين، الذي تولى منصبه في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، ويتقن اللغة العربية، وقد تم اختياره ليكون خلفا للعميد جواد غفاري في "فيلق القدس"، الذي كان قائدا رئيسيا للمليشيات الموالية لإيران في حلب.
تعكس إطلالات رامين في حلب مرحلة جديدة من تعاظم النفوذ الإيراني، حيث إنه أصبح أول شخصية مدعومة من "فيلق القدس" يحتفى بها علنا في المدينة.
الهيكلية والتنظيم
يتميز "فيلق المدافعين عن حلب" بتنظيم هيكلي يختلف عن المليشيات الأخرى المدعومة من إيران في حلب، فهو يضم فصائل متنوعة ويمتلك هيكلية تنظيمية تشبه إلى حد كبير التشكيلات العسكرية النظامية.
تتمثل هذه الهيكلية في وحدات فرعية تدير مناطق نفوذ متميزة داخل المدينة، حيث تخضع كل منها لمربع قيادة منفصل، بما في ذلك المربعات الأول والثاني والثالث والرابع والخامس ومربعات الريف.
من هذه المربعات نجد مثلاً مربع السفيرة ومربع دير حافر ومربع الحاضر. وهناك أفواج تتبع لقيادة الفيلق مباشرة، مثل "فوج السفيرة" و"فوج المهدي" و"القوة 313"، وهي فصائل تابعة لـ "لواء الباقر".
الفيلق والدفاع الوطني
يتعاون فيلق المدافعين عن حلب من كتائب مسلحة مثل "فوج السفيرة" و"فوج الحاضر" و"فوج عزان ويطلق عليها "قوات الدفاع الوطني" التي يدعمها النظام السوري لتشارك معه في قمع الحراك السلمي منذ انطلاق الثورة السورية تم انخرطت في القتال إلى جانب النظام ضد فصائل المعارضة.
إلا أن هذه المجموعات تأسست تباعا في ريف حلب الجنوبي عقب سيطرة النظام عليه في نهاية عام 2015 وتعكس العبارة "قوات الدفاع الوطني" في شعارها الوارد في النصف العلوي منه البعد العسكري لهذه الجماعات.
الفيلق والحرس الثوري
يمتلك "فيلق المدافعين عن حلب" روابط وثيقة مع "الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني، حيث قدم للفيلق الدعم المالي والعتاد والمساعدة اللوجستية.
كما تم إرسال أفراد من الفيلق إلى إيران لتعلم اللغة الفارسية. يُفاد أيضًا أن "الحرس الثوري" الإيراني قد أكد للمجندين أن خدمتهم في الفيلق تُعد استيفاءً للالتزامات العسكرية الإيرانية في "الجيش العربي السوري".
كما يحافظ "فيلق المدافعين عن حلب" على علاقة قوية مع النظام السوري، حيث ينشر بانتظام الدعاية والبيانات الإعلامية الحكومية عبر حسابه على تطبيق "تلغرام".
يظهر زعيم الفيلق، صابر رامين، بانتظام في فعاليات تحت رعاية رئيس النظام بشار الأسد، وشارك في اجتماعات مع مسؤولي حزب "البعث" المحليين.
كما يظهر شعار الفيلق تحالفه المحتمل مع قوات النظام السوري، ويتم تمثيله على علم القوات المسلحة التباعة للنظام في سوريا.
الفيلق والمليشيات الإيرانية
يحافظ فيلق المدافعين عن حلب على علاقات استراتيجية قوية مع "لواء الباقر" وهو مليشيا إيرانية تقاتل إلى جانب النظام السوري، ويتجلى ذلك من خلال التأييد العلني وعبارات التعازي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ودافع الفيلق في سبتمبر 2018، عن "لواء الباقر" بعد حادثة قتل أحد أفراده، مظهرا تقديره لدوره كقوة احتياطية رئيسية في "جيش النظام السوري".
وعملت عناصر "فيلق المدافعين عن حلب" بالتعاون مع سلاح الهندسة التابع لـ"لواء أبي الفضل العباس" عام 2018 في إزالة العبوات الناسفة والقذائف التي أبقتها فصائل المعارضة في حارة الحشكل في حي صلاح الدين في حلب بعد انسحابها من المدينة.
وتظهر علاقة "فيلق المدافعين عن حلب" مع "حزب الله" اللبناني من خلال الدعم الصريح الذي عبّر عنه الفيلق على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الاشتباكات الحدودية بين جيش الاحتلال وعناصر الحزب خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ويحافظ "فيلق المدافعين عن حلب" على روابطه الاستراتيجية مع "لواء القدس". ويظهر التعبير عن الدعم المتبادل على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الاجتماعات الرفيعة المستوى بين قادتهما التواصل الفعّال بينهما.
وفي يناير 2022، نشرت صفحة الجناح السياسي لـ"لواء القدس" صورة للقاء بين صابر رامين ومحمد السعيد، وقد ناقشا قضايا متعددة تشمل "القدس والجولان ولواء إسكندرون" وسبل تحريرها بقيادة رئيس النظام السوري بشار الأسد.
أنشطة الفيلق الأخرى
شكلت الجماعة أيضاً "كتائب سيد الشهداء"، وأغلب أعضائها هم من المجندين الأطفال والشباب وتنشط المليشيا على "فيسبوك" من خلال حسابات متعددة مرتبطة بالمناطق التي تسيطر عليها في حلب كما أنه يتم بث أنشطتها أيضا على حسابات شخصية فردية على "فيسبوك" من قبل بعض أعضائها وسكان حلب أيضا.
تنشط الجماعة على تطبيق "تليغرام"، ولديها قاعدة مشتركين صغيرة تزيد قليلا عن 300 مشترك وتستخدم هذه المنصة لنشر معلومات حول التزامات المليشيا والدعاية للنظام السوري، وتأييد المليشيات ذات الصلة في سوريا والعراق ولبنان.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية النظام السوري حلب الحرس الثوري فيلق القدس حلب النظام السوري الحرس الثوري فيلق القدس المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری الحرس الثوری فیلق القدس مدینة حلب فی حلب
إقرأ أيضاً:
من نظام الأسد إلى علم الاستقلال.. الإعلام السوري يغيّر جلده في ليلة وضحاها
23 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، بدا الإعلام السوري الرسمي في حالة ارتباك عميق أمام الأحداث المتسارعة.
لكن سرعان ما خلع عباءة النظام السابق وتلوّن بألوان علم الاستقلال ذي النجوم الثلاث، الذي بات رمزًا للمعارضة. هذا التحول المفاجئ يعكس طبيعة الإعلام الذي ظل لعقود أداة للدعاية والترويج لسرديات السلطة، قبل أن يتحول بنفس السلاسة لخدمة المنتصر الجديد.
طوال سنوات النزاع، فرض نظام البعث وعائلة الأسد قيودًا صارمة على الإعلام، حيث حوّلوه إلى آلة تسويق سياسي، بينما حُرمت البلاد من صحافة حرة ومستقلة. ومع تفاقم الأزمة، توقفت الصحف الورقية عن الصدور منذ 2020، تاركةً المشهد الإعلامي يقتصر على منصات النظام الدعائية.
لكن مع سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة على دمشق، توقف الإعلام الرسمي فجأة.
وكالة “سانا” لم تنشر شيئًا لأكثر من 24 ساعة، والتلفزيون الرسمي اكتفى ببث مقاطع أرشيفية. وبعد ساعات من الصمت، ظهرت عبارات تمجّد “انتصار الثورة السورية”، مرفقة بدعوات لحماية الممتلكات العامة.
لم يتوقف الأمر عند الخطاب، بل تجاوزه إلى تغييرات مرئية؛ فقد بدّلت وكالة “سانا” شعارها على منصات التواصل الاجتماعي إلى تصميم جديد يحمل اللون الأخضر ونجوم العلم الثلاث. تبنّت الوكالة خطابًا مختلفًا يعكس توجهات السلطة الجديدة، بينما تسارع إعلاميون لتغيير صورهم الشخصية وحذف أي محتوى قد يربطهم بالنظام السابق.
في هذا السياق، سعت وسائل إعلام خاصة كصحيفة “الوطن”، المعروفة بهامش نقدها المحدود، إلى تبرئة نفسها من ارتباطها بالنظام السابق. نشرت الصحيفة تصريحات لمالكها وضاح عبد ربه يؤكد فيها أن الصحيفة “كانت تنفّذ التعليمات فقط”، متعهداً بالعمل تحت مظلة السلطات الجديدة. بينما اختارت إذاعة “شام إف إم” وقف البث مؤقتاً ثم إنهاء عملياتها بالكامل، تاركة موظفيها يواجهون مصيرًا مجهولًا.
هذه التحولات السريعة في المشهد الإعلامي أثارت مخاوف عميقة لدى الصحافيين. بيان وزارة الإعلام الجديدة، الذي تعهد بمحاسبة “الإعلاميين الحربيين”، أثار قلق العاملين في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة التي كانت محسوبة على النظام. فبينما يُطالب البعض بالمصالحة الإعلامية، يرى آخرون أن العدالة يجب أن تأخذ مجراها بحق من تورط في تبرير الجرائم.
وسط هذه الفوضى، بدأ بعض وسائل الإعلام المحلية العودة تدريجيًا إلى النشر، بينما لا تزال مؤسسات أخرى تحاول التكيف مع التغيرات الجديدة. هذه التحولات السريعة تعكس واقعًا إعلاميًا جديدًا في سوريا، حيث يقف الإعلاميون بين مطرقة محاسبة الماضي وسندان التكيف مع سلطة جديدة تُعِد نفسها لبناء خطاب مختلف، وإن كان يحمل في طياته تهديدات مماثلة لما عاشوه لعقود.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts