#سواليف

كشفت وسائل إعلام إسرائيلية وفلسطينية، السبت 23 ديسمبر/كانون الأول 2023، أن #جيش_الاحتلال الاسرائيلي أبلغ #مصر نيته احتلال منطقة ” #محور_فيلادلفيا ” الحدودية بين قطاع #غزة و #مصر، القريبة من #معبر_رفح٬ وبدأ عملية عسكرية هناك بالفعل. 

ونقلت “شبكة قدس” الفلسطينية عن مصادر، قولها إن الاحتلال الإسرائيلي أبلغ مصر نيته احتلال منطقة الحدود في محور “فيلادلفيا” على الحدود بين رفح وقطاع غزة، وطلب من #الجنود_المصريين إخلاء الحدود.

وأضافت الشبكة أن الاحتلال أخبر مصر بأنه “غير مسؤول عن سلامة أي جندي مصري خلال محاولته احتلال الحدود معها، وأن العملية العسكرية في المنطقة مستمرة سواء قبلت مصر أو رفضت”.

ما الذي حدث في محور فيلادلفيا؟

قال موقع “واللا” العبري، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي قام بإدخال العديد من القوات إلى المنطقة الواقعة بين معبر كرم أبو سالم إلى رفح ومحور فيلادلفيا، وقام بمناورة قصيرة، حيث أطلقت #المقاومة النار على القوات الإسرائيلية، وتم الهجوم عليهم. 

مقالات ذات صلة الأورومتوسطي يقدم لمقررين أمميين ومدعي عام الجنائية الدولية ملفًا أوليًا يوثق عشرات حالات الإعدام الميداني في غزة 2023/12/25

وأضاف الموقع العبري نقلاً عن مصادر عسكرية: “تصرف جيش الاحتلال الإسرائيلي (السبت) بطريقة غير عادية بين معبر كرم أبو سالم إلى رفح ومحور فيلادلفيا”. 

في الوقت نفسه٬ نفت الهيئة العامة للمعابر والحدود بغزة، في بيان رسمي، أن يكون هناك أي عملية عسكرية للاحتلال في محور الحدود الفلسطينية المصرية وبالتحديد في ممر فيلادلفيا. وأضافت الهيئة في بيان رسمي: “الجانب المصري نفى لنا أي معلومات لديه عن نية العدو التحرك عسكرياً في محور الحدود الفلسطينية المصرية، وأن كل المعلومات الميدانية عن تحركات عسكرية على الحدود مع مصر انطلاقاً من كرم أبو سالم غير صحيحة”. 

لكن في 10 ديسمبر/كانون الأول 2023، كشف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، خلال حديثه عن “خطته لمستقبل غزة” بعد الحرب، عن نيته “السيطرة على محور فيلادلفيا الفاصل بين غزة والحدود المصرية”٬ وكرر نتنياهو ذلك في تصريحات أخرى بعد 5 أيام٬ رغم تحذيرات القاهرة السابقة من تنفيذ أي عمليات أو أنشطة عسكرية في هذه المنطقة العازلة. 

رغم ذلك٬ فهذا الهجوم ليس الأول من نوعه الذي تشنه قوات الاحتلال على المنطقة الحدودية الفاصلة بين مصر وغزة، لكن تلك الهجمات اشتدت وتيرتها مؤخراً مع مخاوف من اجتياح بريّ للمنطقة٬ عقب ارتفاع وتيرة الهجمات العسكرية على جنوب القطاع. لكن لماذا تسعى “إسرائيل” للسيطرة على هذه المنطقة الحدودية بين أراضٍ مصرية وفلسطينية٬ ومتى تم إنشاؤها؟

جنود إسرائيليون يبحثون عن أشلاء جنودهم قتلوا بانفجار ناقلة مدرعة على طريق محور فيلادلفيا السريع في عام 2004 خلال احتلال قطاع غزة/ Getty  ما هو محور فيلادلفيا الحدودي؟

يعد محور فيلادلفيا (أو صلاح الدين) شريطاً حدودياً ضيقاً داخل أراضي قطاع غزة، يمتد المحور بطول 14 كم على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر من معبر كرم أبو سالم وحتى البحر الأبيض المتوسط.

ووفقاً لأحكام معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979، تم الاتفاق بين مصر و”إسرائيل” على اعتبار هذا المحور منطقة عازلة، كان يخضع لسيطرة وحراسة “إسرائيل” قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة في عام 2005.

وفي العام نفسه وقعت “إسرائيل” مع مصر بروتوكول “فيلادلفيا” الذي سمح للقاهرة بنشر مئات الجنود لتأمين هذه المنطقة٬ كقوة شرطية خفيفة التسليح “لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود”. 

وكان أحد الأهداف الرئيسية من هذه الاتفاقية منع تهريب المواد غير المشروعة (وضمن ذلك الأسلحة والذخائر للمقاومة في غزة)، وأيضاً منع الهجرة بين المنطقتين. وتتكون القوات المصرية الموجودة بموجب الاتفاق على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، من نحو 750 جندياً “متخصصين في مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب”.

خارطة ما يعرف بـ”محور فيلادلفيا” أو محور صلاح الدين بين قطاع غزة ومصر (ترجمة عربي بوست) لماذا تريد “إسرائيل” احتلال إعادة احتلال هذه المنطقة؟

بعد سيطرة حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” على الحكم في غزة عام 2007، أصبح المحور خاضعاً لها من الجانب الفلسطيني، وهو الوضع الذي يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى تغييره في الحرب الحالية، ضمن خطة يسعى خلالها للسيطرة على جميع المعابر البرية الخاصة بقطاع غزة.

وكان الفلسطينيون يلجأون إلى حفر أنفاق تهريب تحت محور صلاح الدين لإدخال وتهريب الطعام والشراب والسلع الغذائية خلال سنوات الحصار٬ وكذلك تهريب السلاح بمساعدة من بعض المصريين على الطرف الآخر٬ حيث ظلت الأنفاق لسنوات، من أهم طرق دخول السلع إلى القطاع.

وفي يناير/كانون الأول 2008، ومع اشتداد الحصار على سكان قطاع غزة من قبل “إسرائيل”٬ قام عدد من المسلحين الفلسطينيين بتدمير أجزاء من الجدار الحدودي مع الشريط الحدودي بالقرب من مدينة رفح. وتدفق على أثر هذا الفعل الآلاف من سكان قطاع غزة إلى الأراضي المصرية؛ للبحث عن الطعام والمؤن. وأفادت وكالة رويترز بأنه منذ ذلك الحين يفكر الجيش الإسرائيلي في استعادة احتلال منطقة محور فيلادلفيا؛ “من أجل السيطرة على كافة حدود القطاع ومنع حماس من إعادة التسلح”.

انهيار الجدار الحديدي بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية عام 2008 وعبور سكان غزة نحو الأراضي المصرية بسبب الحصار/ رويترز تدمير السيسي للأنفاق وبناء جدار فولاذي جديد ليسا كافيين بالنسبة لـ”إسرائيل

لكن بعد انقلاب الجيش المصري على الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي في عام 2013 ووصول الجنرال عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم٬ قرر الأخير على الفور في أكتوبر/تشرين الأول 2014، إزالة المنطقة السكنية بمدينة رفح المصرية لحماية الحدود المصرية٬ و”للحد من خطر الأنفاق الممتدة منها حتى رفح الفلسطينية”، بحسب قراره.

وتم تنفيذ الإزالة على 4 مراحل بواقع 500 متر لكل مرحلة، بدأت من أكتوبر/تشرين الأول 2014 حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2017، ونفذ الجيش المصري حملة كبيرة لحفر قناة عرضية من ساحل البحر شمالاً حتى معبر رفح جنوباً؛ للتأكد من قطع الإمداد عن الأنفاق وتدميرها كلياً.

وبعد ذلك بنى السيسي جداراً فولاذياً؛ لإحكام قبضته الأمنية أكثر على تلك المنطقة٬ في تكريس لمنطقة عازلة موازية على الأراضي المصرية٬ لمنع أي محاولة مستقبلية للتسلل أو تهريب بالاتجاهين٬ ولتأكيد ذلك تم تهجير سكان منطقة رفح المصرية بالكامل وإفراغها من أي سكان مع رفض أي مطالبات بإعادتهم إلى أحيائهم السابقة. 

لكن ذلك لم يكن كافياً لإسرائيل، التي لا تزال تعتقد أن حماس قادرة على تهريب السلاح وكل ما تحتاجه عبر الأراضي المصرية. لذلك تهدد تل أبيب منذ بداية الحرب بإعادة احتلال محور فيلادلفيا والمنطقة العازلة بأكملها٬ رغم أن ذلك لم يكن احتلالاً لأراض فلسطينية فحسب٬ بل سيكون تعدياً أمنياً على مصر وعلى اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب٬ أو سيكون بتنسيق أمني مشترك بين الطرفين بنية تشديد الحصار على القطاع والمقاومة بداخله.

صورة منشور للجيش المصري على فيسبوك تظهر أنفاق التهريب إلى غزة التي يقول الجيش المصري إنه دمرها في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 / فيسبوك “قوات مشتركة

تأتي العمليات العسكرية الإسرائيلية في منطقة محور فيلادلفيا٬ بعد أيام من زيارة وفد استخباراتي إسرائيلي للقاهرة للمفاوضة حول إدارة الدعم الإنساني والإغاثي للقطاع، حيث قالت هيئة البث الإسرائيلية، الإثنين 18 ديسمبر/كانون الأول، إن القاهرة خلال لقاء الوفد الإسرائيلي رفضت نشر قوات مشتركة مع “إسرائيل” على محور فيلادلفيا (صلاح الدين) الحدودي بين قطاع غزة ومصر، وأكدت أن “المنطقة خالية من أي أنفاق”.

وأضافت هيئة البث الإسرائيلية: “أثار قصف إسرائيلي متكرر لمحور فيلادلفيا مؤخراً، المُتاخم للشريط الحدودي بين مصر و”إسرائيل”، حفيظة القاهرة، لا سيما أن المحور يخضع لاتفاقية ثنائية تستوجب الحصول على إذن مسبق قبل تنفيذ أي أعمال عسكرية”.

وتابعت: “تؤكد السلطات المصرية أن إسرائيل قامت بهذه الخطوة دون الرجوع إليها والتنسيق معها، علماً بأن المسؤولين المصريين كرروا خلال لقاءاتهم مع نظرائهم الإسرائيليين ضرورة إبعاد العمليات العسكرية عن هذه المنطقة، جراء تأثيرها المباشر على الوضع في سيناء”.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف جيش الاحتلال مصر محور فيلادلفيا غزة مصر معبر رفح الجنود المصريين المقاومة الأراضی المصریة محور فیلادلفیا کرم أبو سالم کانون الأول هذه المنطقة صلاح الدین بین قطاع قطاع غزة غزة ومصر فی محور

إقرأ أيضاً:

إسرائيل وإدارة الصراع.. كتاب في استراتيجيات نتنياهو ومآلات التسوية

الكتاب: السياسة الإسرائيلية في إدارة الصراع وأثرها على مستقبل التسوية
المؤلف: حمزة إبراهيم محيسن
الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات


يقدم الباحث حمزة إبراهيم محيسن في كتابه هذا تحليلا للسياسة الإسرائيلية في إدارة الصراع مع الفلسطينيين، بشكل محدد خلال الفترة من 2009 إلى 2020، أي الفترة التي شغل فيها بنيامين نتنياهو منصب رئيس الوزراء، قبل أن يعود بعد نحو سنة إلى المنصب نفسه ويستمر فيه حتى اليوم. وأثر هذه السياسة على مستقبل التسوية السياسية للقضية الفلسطينية.

وانطلاقا من زاوية التحليل هذه يتناول محيسن أثر الأيديولوجيا على الفكر السياسي لنتنياهو، والمفهوم الإسرائيلي لسياسة إدارة الصراع، وأهداف نتنياهو من هذه السياسة. كما يعرض أساليب الحكومات الإسرائيلية في إدارة الصراع، ومبادرات ومشاريع التسوية التي استخدمت كآلية لإدارة الصراع. والتي أدت كلها في المحصلة إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، تجعل من إقامة دولة فلسطينية أمرا مستحيلا.

يقول محيسن: إن سياسة إدارة الصراع لم تبدأ في عهد نتنياهو، بل إن مبادئها التوجيهية تأسست منذ العام 1967، فكان ينظر إلى إدارة الصراع على أنها استراتيجية مؤقتة على طريق الحل النهائي، لكن نتنياهو حولها إلى استراتيجية دائمة، تهدف إلى إحكام السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، لمنع أي احتمال للتسوية وإقامة دولة فلسطينية.

وما يجب ملاحظته أن معارضة نتنياهو إقامة دولة فلسطينية لا "يعد مجرد خدعة في سياق مفاوضات تأليف الحكومات، إنما تنم عن موقف أيديولوجي" تربى ونشأ عليه، يعتبر كل حل أو تسوية مع الفلسطينيين تنازلا عن مبادئ اليهودية اليمينية، لذلك فحتى سعيه للبقاء في الحكم هو في جزء كبير منه  أداة للحفاظ على هذه الأيديولوجية وإدامة تطبيقها لضمان الهيمنة على كامل الأراضي الفلسطينية.

يضيف محيسن: إن النموذج الإسرائيلي لسياسة إدارة الصراع هو في الواقع عدم تسوية الصراع، ومن خلال المراوغة يتم كسب الوقت لفرض وقائع جديدة على الأرض خصوصا في القدس والضفة الغربية. هذا عدا عن محاولة فرض شروط جديدة على الفلسطينيين للتسوية، لا يمكن القبول بها "حتى لأكثرهم انحيازا لفكرة التسوية".

إجماع وطني إسرائيلي

في سياق إدارة الصراع يرى محيسن أن الحكومات الإسرائيلية بقيادة نتنياهو استخدمت مجموعة من الأساليب حاولت من خلالها إقناع جزء كبير من الرأي العام الداخلي والخارجي بعدم إمكان التوصل إلى تسوية سياسية مع الفلسطينيين، وأنه لا يمكن حل الصراع في الوقت الحالي. ومن ذلك مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، والادعاء المستمر بعدم وجود شريك فلسطيني، بهدف نزع شرعية السلطة الفلسطينية، وإلقاء اللوم بشكل دائم عليها وعلى رئيسها محمود عباس، ووضع مطالب غير مسبوقة لإظهار وجود فجوات بين الطرفين، وبالتالي عدم جدوى محاولات التوصل إلى تسوية دائمة.

إن النموذج الإسرائيلي لسياسة إدارة الصراع هو في الواقع عدم تسوية الصراع، ومن خلال المراوغة يتم كسب الوقت لفرض وقائع جديدة على الأرض خصوصا في القدس والضفة الغربية. هذا عدا عن محاولة فرض شروط جديدة على الفلسطينيين للتسوية، لا يمكن القبول بها "حتى لأكثرهم انحيازا لفكرة التسوية".أيضا سعى نتنياهو من خلال فكرة "السلام الاقتصادي" الدخول إلى قلب منطقة الشرق الأوسط، باعتبارها مقدمة للعلاقات السياسية مع الدول العربية، وفي الضفة عمل على هندسة العلاقات مع الفلسطينيين بحيث تكون قائمة على الاقتصاد فقط، الذي يستخدم وسيلة للمكافأة على ترك العمل المقاوم، وعقابا في حال العودة إليه، الأمر الذي يجعلهم منشغلين عن أية مطالبات أو طموحات سياسية.

يقول محيسن: إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فترته الرئاسية الأولى كانت "الأكثر تماهيا ودعما لإسرائيل من بين الإدارات الأمريكية السابقة، إذ سارت على خطى سياسة نتنياهو الرامية إلى إدارة الصراع، وأسست مشروعا صريحا لتصفية القضية الفلسطينية مستقبلا عبر صفقة القرن".

ويشير إلى أن كل مشاريع ومقاربات التسوية التي طرحت خلال الفترة من 2009 ـ 2020 استخدمت كآلية لإدارة الصراع واستمرار الاحتلال. إذ يوجد ما يشبه الإجماع الوطني بين "اليمين" و"اليسار" في إسرائيل حول قضايا التفاوض مع الفلسطينيين؛ القدس واللاجئون، والحدود والمستوطنات، بحيث لا يحصل الفلسطينيون في المحصلة على دولة ذات سيادة من أي نوع على أي جزء من أرضهم.

يلفت محيسن إلى أن تصورات نتنياهو للحل بنيت على أساس ما يسميه مصالحه فلسطينية مقابل تسوية إسرائيلية، ويقصد بذلك الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية من قبل الفلسطينيين والدول العربية، كأساس للتوصل إلى حل.  فعلى الفلسطينيين مصالحة المشروع الصهيوني، والاعتراف بشرعية الطرف الآخر، وروايته وحقه التاريخي. وذلك رغم أن التسوية السياسية، بحسب بعض المنظرين، يجب أن تسبق المصالحة وتمهد لها، لا أن تكون مقابلة لها.

أما فيما يتعلق بحل الدولتين فهو تقريبا غائب تماما من الناحية النظرية أو العملية، وحتى عندما ذكره نتنياهو في إحدى خطاباته في العام 2009 فقد وضع عليه استدراكات تجعل من تحقيقه أمرا بالغ الصعوبة، وهذا ما يفسر تصميم الحكومات الإسرائيلية على قضية المفاوضات بدون شروط. وعندما يتم الحديث عن حل الدولة الواحدة فإن اليمين الإسرائيلي لا يتحدث عن الدولة التي يتحدث عنها دعاة الدولة الواحدة ثنائية القومية، بل يقصدون بها دولة تضم الضفة الغربية إلى إسرائيل وتستبعد غزة، لأنه مع وجود أكثر من 2 مليون فلسطيني في غزة لن يتحقق لليهود التفوق الديموغرافي. إنها دولة يوجد فيها حكم ذاتي فلسطيني بصلاحيات محدودة، واستمرار للسيطرة الأمنية الإسرائيلية على المناطق الفلسطينية.

بديل التسوية

حول أثر سياسة إدارة الصراع على قضية القدس يقول محيسن: إن وجهة النظر الإسرائيلية بخصوص القدس تتلخص بأنها بشقيها الغربي والشرقي عاصمة إسرائيل الأبدية، استنادا على مزاعم دينية وتاريخية. وقد لجأت إلى سلسلة من الخطوات الرامية إلى خلق وقائع جديدة في المدينة، بحيث تمنع مستقبلا تقسيمها، وتضمن لإسرائيل تطبيقا عمليا لسياسة تهويد القدس، وتأمين أغلبية يهودية فيها، ونتج عن إجراءات التهويد هذه هدم أحياء عربية مثل حي المغاربة وحي الشرف، وعزل أحياء عربية كاملة في المدينة نتيجة ترسيم حدود جديدة لبلدية القدس، وطرد وتهجير آلاف الفلسطينيين خارج البلدة القديمة، ومصادرة مئات العقارات لصالح المستوطنين، ما جعل الميزان السكاني يميل لمصلحة اليهود، فضلا عن عزل القدس عن بقية مناطق الضفة الغربية وإقامة كتل استيطانية ضخمة.

إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فترته الرئاسية الأولى كانت "الأكثر تماهيا ودعما لإسرائيل من بين الإدارات الأمريكية السابقة، إذ سارت على خطى سياسة نتنياهو الرامية إلى إدارة الصراع، وأسست مشروعا صريحا لتصفية القضية الفلسطينية مستقبلا عبر صفقة القرن".ويشير محيسن إلى ما ذكرته مؤسسة الأقصى للوقف والتراث في تقريرها الصادر في مارس 2009 حول مشاريع تهويد غير مسبوقة في البلدة القديمة، شملت أسوار البلدة وأبوابها وأحياءها، والمحيط الملاصق للبلدة القديمة والمسجد الأقصى.

تنسحب الآثار السلبية لسياسة إدارة الصراع على قضايا أخرى مثل الاستيطان واللاجئين. فقد تعرضت الضفة الغربية لهجمة استيطانية كبيرة، سواء على مستوى عدد المستوطنات أو عدد المستوطنين أو مساحة الأرض المصادرة لصالح الاستيطان، ضمن استراتيجية تمهد لتهويد الأرض وفرض سياسة أمر واقع أمام أية حلول قد تفضي إلى دولة فلسطينية. ويسيطر الاستيطان على قرابة 60% من مساحة الضفة الغربية، حيث أقيمت معظم المستوطنات على خزانات المياه الجوفية، ما حرم القرى والمدن الفلسطينية من مخزون المياه، وأثر سلبا بشكل واضح على الحياة العامة سيما في المجال الزراعي. أما فيما يتعلق بقضية اللاجئين فإن إسرائيل من خلال هذه السياسة دأبت على تقديم مشاريع لتصفيتها داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها، والقاسم المشترك بين كل هذه المشاريع أنها ترفض حق العودة، وتدعو لتوطين اللاجئين في الدول التي يتواجدون فيها، أو في مناطق داخل الدول المجاورة، وذلك لأن إسرائيل تدرك تماما أن عودتهم تعني فقدانها لأغلبيتها اليهودية.

يقول محيسن: إن الواقع السياسي في إسرائيل نتاج تحولات عميقة في فكر المجتمع الإسرائيلي، خصوصا تجاه قضية التسوية، فجاءت سياسة إدارة الصراع كنموذج بديل، وطريقة للهروب من دفع الثمن السياسي للفلسطينيين، وهو ما يمكن اعتباره اعترافا ضمنيا من المجتمع الإسرائيلي وقياداته، بأنهم غير مؤهلين لا سياسيا ولا ذهنيا ولا نفسيا لتقبل فكرة إنهاء الصراع. وعوضا عن ذلك تذهب إسرائيل باتجاه إدارة الصراع على مرحلتين؛ القضاء على فكرة التسوية عبر حل الدولتين، والتأسيس لمرحلة تسوية بعيدة الأجل وعلى المقاس الإسرائيلي، تضمن لإسرائيل مزايا أمنية، وتجعل الاحتلال بلا كلفة.

ومن جهة أخرى فقد عملت سياسة إدارة الصراع على إضعاف الطرف الفلسطيني الذي يؤمن بالتسوية.

 يرى محيسن أنه أمام هذا الواقع لا بد من استراتيجية وطنية تستهدف إنهاء كل ما ترتب على اتفاق أوسلو، ضمن عملية تدريجية مع بناء خيارات بديلة. ويؤكد على ضرورة حصر العلاقات الأمنية مع الاحتلال في المستوى السياسي وإخراجها من أيدي الأجهزة الأمنية، وإعادة النظر في موازنة السلطة الفلسطينية، والعمل على تقليل موازنة الأمن في مقابل تقديم دعم أكبر لقطاعات الصحة والتعليم، لتعزيز صمود المواطنين والمناطق المعرضة للاعتداءات الإسرائيلية. كما يلفت إلى أهمية صياغة برنامج سياسي وطني جامع، تكون ركائز الدولة الفلسطينية والمشروع الوطني فيه ضمن صيغة متفق عليها من القوى والفصائل الفلسطينية كافة. وعدم التعويل على حدوث تحول في السياسة الإسرائيلية نحو فكرة التسوية، لأن النخب اليمينية الحاكمة ماهي إلا تعبير عن خيارات شعبية.

مقالات مشابهة

  • عاجل. إسرائيل تستأنف حربها على غزة بأمر من نتنياهو.. غارات على شمال ووسط وجنوب القطاع
  • عاجل | أكسيوس عن مكتب نتنياهو: إسرائيل استأنفت عملياتها العسكرية ضد حماس في غزة
  • إسرائيل وإدارة الصراع.. كتاب في استراتيجيات نتنياهو ومآلات التسوية
  • بالفيديو .. إسرائيل لم تخسر ومصر خسرت مليارات إعلامي مصري ينتقد الحوثيين بعد الغارات لامريكية
  • إسرائيل لم تخسر ومصر خسرت مليارات.. إعلامي مصري ينتقد الحوثيين بعد الغارات الأمريكية (شاهد)
  • كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» بـذور التطـرف ( 2)
  • فصول من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى».. (1) سليل الإرهاب
  • مكتب نتنياهو: إسرائيل ستواصل محادثات وقف إطلاق النار في غزة وفقًا للمقترح الأمريكي
  • محمد فراج: تغير الموقف الأمريكي بشأن التهجير انتصار للدبلوماسية المصرية والعربية
  • بيت العائلة المصرية بالغربية يوزع« كرتونة المحبة» احتفاءً برمضان والصوم الكبير