الخارجية الفلسطينية: "المجازر الوحشية في المغازي والبريج وخان يونس استخفاف بالمقاصد الأممية"
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
دانت الخارجية الفلسطينية الاستهدافات الإسرائيلية الأخيرة لمناطق المغازي والبريج وخان يونس في قطاع غزة، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 130 فلسطينيا غالبيتهم من النساء والأطفال.
تطورات الحرب على غزة وتداعياتها إقليميا وعالميا.. لحظة بلحظة مراسلنا: 80 قتيلا بالقصف الإسرائلي المستمر منذ مساء أمس على مخيم المغازي وسط قطاع غزةوجاء في بيان الخارجية: "تدين وزارة الخارجية والمغتربين المجازر الوحشية التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية خلال الـ 24 ساعة الماضية ضد أبناء شعبنا في مخيمي المغازي والبريج وخانيونس والتي راح ضحيتها أكثر من 130 قتيلا، ولا يزال عدد كبير من القتلى تحت الأنقاض أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن والمرضى".
وأضاف البيان: "هذا العدد من القتلى وقع نتيجة قصف همجي دمر مربعات سكنية كاملة فوق رؤوس ساكنيها، في إعلان إسرائيلي صريح وواضح بتوسيع حرب الإبادة والتدمير الشامل من شمال قطاع غزة إلى وسطه وجنوبه، في جريمة تطهير عرقي عنصرية متواصلة تؤدي إلى تحويل قطاع غزة إلى أرض غير صالحة للسكن، تشمل تدمير المستشفيات والمراكز الصحية واستهداف مدارس الايواء وجميع مقومات الحياة البشرية بما في ذلك الماء والغذاء والكهرباء والدواء والوقود".
كما دانت الوزارة "انتهاكات وجرائم القوات الإسرائيلية وميليشيات المستوطنين وعناصرهم المسلحة ضد المواطنين الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم ومنازلهم ومقدساتهم في الضفة الغربية، والتي كان آخرها هدم المزيد من المنازل والمنشآت وتوزيع اخطارات بالهدم كما حصل في بلدة دير بلوط ويطا، وكذلك استمرار الاجتياحات والمداهمات كما حصل في مسافر يطا وغيرها الكثير".
وأكدت الوزارة "أن إسرائيل تستخف بالإجماع الدولي على وقف حرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين الفلسطينيين ولجم ميليشيات المستوطنين المسلحة، وتتعمد تصعيد مجازرها ضد الشعب الفلسطيني بهدف إفشال المقاصد الأممية والأمريكية التي تقف خلف اعتماد القرار 2720".
وأضافت أن "التصعيد الإسرائيلي الدموي الحاصل يعرقل أية آلية دولية لإيصال المساعدات والاحتياجات الأساسية الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة".
وحذرت الوزارة من إقدام السلطات الإسرائيلية على استبدالها بآليات إسرائيلية عسكرية تفشل الأهداف الحقيقية للقرار الأممي، الأمر الذي يؤكد من جديد للعالم أجمع أنه لا بديل عن قرار أممي يصدر عن مجلس الأمن الدولي لوقف الحرب فوراً بما يضمن حماية المدنيين الفلسطينيين ووصول احتياجاتهم الأساسية.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الأمم المتحدة الاستيطان الإسرائيلي البيت الأبيض الجهاد الإسلامي الجيش الإسرائيلي الحرب على غزة السلطة القضائية القضية الفلسطينية جرائم جرائم حرب جرائم ضد الانسانية حركة حماس حركة فتح سرايا القدس طوفان الأقصى قطاع غزة كتائب القسام محمود عباس واشنطن قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
جرائم الحرب الإسرائيلية.. بين تبرير قتل الفلسطينيين والإفلات من العقاب
يمانيون../
بالرغم من أنهار دماء المدنيين الأبرياء التي سفكتها “إسرائيل” في لبنان وغزة على مدى عام وأكثر، فشل القانون الدولي ومعه الإدانات المتواصلة لمنظمات حقوق الإنسان، في كبح مذابح جيش الاحتلال الإسرائيلي التي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.
أما المشكلة فتكمن، ليس فقط فيما فسّره العديد من الفقهاء الحقوقيين، بأن “فصل القانون عن الأخلاق هو الذي حفّز ووفّر غطاءً لأعمال القتل والمجازر في غزة ولبنان”، بل إن النقاشات حول شرعية تكتيكات “إسرائيل” الوحشية، صرفت الانتباه عن المبادئ الأخلاقية الأساسية ذات الصلة بالحرب، وركزت بدلاً من ذلك على أسئلة مثل المعنى القانوني لمصطلح “الدروع البشرية”.
الأكثر أهمية هنا، هو أن دفاع “إسرائيل” عن فاشية جيشها وإفلاته من العقاب، يمثل أيضاً أحدث مثال على تاريخ طويل من استخدام الديمقراطيات الليبرالية تبريرات أخلاقية مشوهة لجرائم الحرب التي كانت قد ارتكبتها في مناطق مختلفة من العالم. وقد اعتمدت في تبريراتها لأعمالها الوحشية تلك، على القيم الأخلاقية، بدلاً من القواعد القانونية، لتجنب المخاوف بشأن إمكانية إدانتها بجرائم الحرب والمساءلة عنها.
ونتيجةً لهذه السرديات الأخلاقية المضلّلة، استمرت كل من الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي في ارتكاب جرائم حرب دون رادع أو حساب، في الوقت الذي يدعيان فيه امتلاكهما “الجيوش الأكثر أخلاقية في العالم”.
الغرب: تاريخ من عدم المحاسبة على جرائمه
لم تفلح الدول الغربية (التي قدّمت نفسها على أنها النموذج الأرقى الذي يُحتذى به في الالتزام بحقوق الإنسان والقانون الدولي) في حجب حقائق تورطها بجرائم حرب على نطاق واسع، وهو أمر أكدته الشواهد التاريخية بشكل قاطع لا لبس فيه. فعلى سبيل المثال، انخرطت بريطانيا في حملة تعذيب واعتقال في كينيا ضد أفراد من عرقية الـ”كيكويو” في العام 1952. وبالمثل، نفّذت فرنسا “تعذيباً منهجياً” أثناء حربها على الثورة الجزائرية في الخمسينيات من القرن الماضي. أما الولايات المتحدة، فقد شنّت حملة قصف شاملة في كمبوديا خلال حرب فيتنام، وقامت بأعمال قمع بربرية للمدنيين.
صحيح أن هناك اختلافات بين هذه الحالات، غير أن الرواية الأخلاقية التي تتذرع بها البلدان الغربية لتبرير جرائمها الحربية، بقيت قائمة بشكل ملحوظ، ويعود تاريخها إلى قرون مضت. لذا، ومع الأيام الأولى للاستعمار الأوروبي للعالم الجديد، برّرت القوى الاستعمارية الإبادة الجماعية والاضطهاد بحق السكان الأصليين، بالترويج لمجموعة حجج تقول: إن الطبيعة الهمجية للشعوب الأصلية أجبرت الدول المتحضرة على اللجوء إلى مثل هذه الأساليب الوحشية.
وتعقيباً على ذلك، يوضح الباحث الأمريكي دانيال برونستتر كيف أنه بعد حرب الاستقلال الأمريكية، برّر المدافعون عن حروب الإبادة ضد السكان الأصليين أفعالهم بالقول: إن هؤلاء السكان “لم يلتزموا بالقواعد (الأوروبية) للحرب، بل خاضوا حرباً لا رحمة فيها، متجاهلين جميع القيود المتحضرة… وتم تبرير معايير مختلفة عند التعامل مع مثل هذه الشعوب”.
وبحلول القرن العشرين، جرى اللجوء إلى سرد مشابه لتبرير الغزو الأمريكي للفلبين، بعد قيام القوات الأمريكية باضطهاد الجنود والمدنيين الفلبينيين. وعليه، عندما كشف تقرير لمجلس الشيوخ الأمريكي عام 1904 عن أدلة على الاستخدام الواسع للعنف والتنكيل الذي نفذته القوات الأمريكية بحق الأبرياء والعُزّل، ادّعى أعضاء في إدارة الرئيس فرانكلين روزفلت، أن التعذيب “قد يكون مبرراً أحياناً بسبب الانتهاكات المتكررة لقواعد الحرب المتحضرة التي ارتكبها عدو همجي وخائن”.
الأسوأ، أنه جرى تصوير القوات الأمريكية على أنها شريفة. وتبعاً لذلك، زعم الحاكم الاستعماري للجزر والرئيس لاحقاً، ويليام هوارد تافت، قائلاً: “لم تُجرَ حرب أبداً أظهرت فيها القوات الأمريكية قدراً أكبر من الشفقة، وضبط النفس، والكرم، كما كان الحال في الفلبين”.
وبناءً على ذلك، ليس من الغرابة، أن يُلقى باللوم بعد وقوع جرائم الحرب الأمريكية على العدو “الهمجي الفلبيني”، وفي الوقت نفسه، يجري تصوير القوات الأمريكية على أنها نزيهة وبمنتهى الأخلاق، لذلك، كان هذا السرد فعالاً للغاية في خلق الإفلات من العقاب على هذه الجرائم، وبالتالي لم يُسجن أي ضابط أو جندي متهم بالتعذيب في الفلبين، وتم نسيان الأحداث هناك إلى حد كبير.
11 أيلول والمعركة بين “المتحضرين والهمجيين”
مع مطلع الألفية الثالثة، اقتبست واشنطن هذه الرواية، بعدما جاهرت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن بالدفاع عن غزو أفغانستان وتعذيب المشتبه فيهم بالإرهاب، بعد أحداث 11 سبتمبر، ولشرعنة أفعال قواتها الإجرامية، تم إبراز الصراع مع “تنظيم القاعدة” على أنه معركة بين “المتحضر والهمجي”، على حد تعبير المدعي العام آنذاك جون آشكروفت، ثم وصفت مذكرات التعذيب الشهيرة التي أصدرها مكتب المستشار القانوني، هذا الأسلوب بأنه “مرفوض للقيم الأمريكية”، من جهة، لكنها جادلت بأنه قد يكون ضرورياً “لتجنب ضرر أكبر”، من جهة أخرى.
أكثر من ذلك، وفي أعقاب تقرير مجلس الشيوخ لعام 2014 حول برنامج التعذيب هذا، وصف الرئيس باراك أوباما، الذي انتقد أعمال العنف والتنكيل، المشاركين في البرنامج بأنهم ذوو نوايا نبيلة، معتبراً أن “الكثير منهم عملوا بجد تحت ضغوط هائلة، وهم وطنيون حقيقيون”.
المخزي، أن إدارة أوباما قامت بمنع جميع المقترحات للمساءلة المدنية والقانونية، عن المتورطين في برنامج التعذيب، بما في ذلك رفض اقتراح تشكيل “لجنة حقيقة ومصالحة” على غرار جنوب أفريقيا.
“إسرائيل” ومعادلة “الأيادي القذرة والأعداء الهمجيين” لتبرير جرائمها
خلقت “إسرائيل” رواية “الأيادي القذرة والأعداء الهمجيين”، بهدف الإفلات من العقاب أولاً، ولإضفاء الشرعية على جرائم الحرب التي نفذها جيشها ثانياً، باعتبارها خياراً مأساوياً ولكنه ضروري “مفروض على كيان شريف أخلاقياً” رداً على أعمال “بغيضة يرتكبها عدو غير إنساني”.
من هنا، وبمجرد أن أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان سعيه للحصول على أوامر اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير أمنه السابق يوآف غالانت، على الفور وصف حلفاء “إسرائيل” القرار بـ”المعادلة الكاذبة”. ولهذا قال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إن “التطبيق المتزامن لمذكرات الاعتقال ضد قادة حماس من ناحية، والمسؤولين الإسرائيليين من ناحية أخرى، أعطى انطباعاً خاطئاً بالتكافؤ”.
كما رأى الرئيس جو بايدن أن تصرفات المحكمة “شنيعة”، مشيراً إلى أنه “لا يوجد تكافؤ – لا شيء – بين إسرائيل وحماس”. كما أصدرت اللجنة اليهودية الأمريكية بياناً زعمت فيه أن تصرفات خان خلقت تكافؤاً زائفاً بين قادة الكيان وقادة حماس للإبادة الجماعية، واعتبرت ذلك أمر بغيض.
اللافت في الأمر، أن أحد الافتراضات الكامنة وراء تهمة “التكافؤ الزائف” هو أن تصرفات “إسرائيل” في غزة ولبنان لا ينبغي أن تُسمى جرائم حرب بنظر أصدقاء كيان الاحتلال لأن نيته الدفاع عن نفسه فقط. ووفقاً لهذا التوصيف للصراع، فإن “تكتيكات حماس” و”حزب الله” والخطر الوجودي الذي يمثلونه على إسرائيل هو الذي يجبرها على مواصلة القتال.
الأخطر، أن “إسرائيل” استندت إلى هذا المنطق للدفاع بشكل علني عن محارقها في لبنان وفلسطين، لذلك، برّر المتحدث باسم جيش الاحتلال جوناثان كونريكوس، أمر “التجويع” الذي أصدره الوزير غالانت، ومنع فيه توزيع الغذاء والماء على المدنيين في غزة، بقوله: “لدينا مدنيون… أخذهم هؤلاء من غزة… نحن في حالة حرب”.
وعلى المنوال ذاته، دافع غالانت نفسه عن فرض “حصار كامل” على القطاع مستخدماً التبرير الآتي: “نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف على هذا الأساس”.
وانطلاقاً من ذلك كله، أصبح قتل “إسرائيل” لعشرات الآلاف من المدنيين في غزة ولبنان نتيجة حتمية لعمليات المقاومة الفلسطينية واللبنانية وليس دليلاً على نوايا “إسرائيل” الإجرامية.
في المحصّلة:
لا عجب إذاً، وعبر تصوير جرائم الحرب الإسرائيلية “كضرورية”، أن تجذب رواية “الأيادي القذرة والعدو البربري” الدول التي تُسمى ديمقراطية، فتقوم بالدفاع عن الكيان الإسرائيلي، وتبييض سجله، وغسل أياديه من أي مسؤولية عن جرائم حرب ارتكبتها بغزة ولبنان.
الميادين علي دربج