الجزيرة:
2025-04-18@03:19:11 GMT

نساء غزة يعشن ظروفاً لا تطاق ويعانين فقدان الخصوصية

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

نساء غزة يعشن ظروفاً لا تطاق ويعانين فقدان الخصوصية

تعاني الفلسطينيات من افتقادهن للخصوصية بمراكز النزوح جنوب قطاع غزة المحاصر، وسط ظروف قاسية يواجهنها لتوفير أدنى مقومات الحياة.

وتكون مراكز النزوح عادة مدارس ومؤسسات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تعاني من اكتظاظ شديد يفوق طاقة استيعابها بسبب نزوح السكان إليها من شمال وجنوب القطاع، مما يحول دون قدرة النساء على استخدام دورات المياه، أو النوم وحدهن داخل غرف خاصة.

كما حال استمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم دون دخول المستلزمات الصحية النسوية، الأمر الذي تصفه الفلسطينيات بـ"الكارثي" والذي يتزامن مع غياب المياه اللازم للنظافة والاستحمام وحتى للشرب.

كما تقوم النساء في ظل هذه الحرب بأعمال شاقة لا تتناسب مع طبيعتهن الجسدية، مثل تقطيع الحطب لطهي الطعام، والجلوس أمام النيران التي ينبعث منها دخان احتراق الخشب والأوراق لساعات طويلة في العراء.

ضغوط نفسية

كل ذلك يحدث في ظل ضغوط نفسية تعاني منها الفلسطينيات بسبب الآثار الكارثية لهذه الحرب بدءا من ترك منازلهن، مرورا بفقدان مقومات الحياة، وصولا لفقدان أفراد من عائلاتهن وأطفالهن.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن 1.8 مليون نازح فلسطيني باتوا يعيشون، في مئات مراكز النزوح والإيواء، حياة غاية في الصعوبة.

وقال المكتب في بيان نشره السبت الماضي إن "هذه الأعداد الكبيرة من النازحين يحتاجون لحل جذري لإنهاء معاناتهم المتواصلة، وكلهم بحاجة إلى مساعدات وإمدادات عاجلة على المؤسسات الدولية توفيرها فورا".

وفي 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قالت ريم السالم المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات -في بيان- إن المرأة الفلسطينية تعرضت وعلى مدى عقود لهجوم متعدد الطبقات من التمييز والعنف الفظيع والممنهج بسبب الاحتلال الإسرائيلي، والحرمان من حق تقرير المصير.

وأضافت "الاعتداء على كرامة المرأة الفلسطينية وحقوقها اتخذ أبعادا جديدة ومرعبة" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي موعد بدء الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع، حيث أصبح الآلاف منهن ضحايا "جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي تتكشف".

وتطرقت السالم إلى "الظروف الصعبة التي تواجه الحوامل في غزة مع احتمال الولادة دون تخدير أو تدخل جراحي أو احتياطات صحية".

إلى جانب ذلك، فإن التقديرات حرمت "أكثر من 690 ألف امرأة وفتاة فترة الحيض من الحصول إلا بشكل محدود على منتجات النظافة الخاصة بالدورة الشهرية" وفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان.

خصوصية مفقودة

وفي أحد مراكز النزوح بمدينة رفح جنوبي القطاع، تقف السيدات في طابور بانتظار دورهن لدخول دورات المياه.

سعاد مقبل (43 عاما) التي نزحت من شمال غرب مدينة غزة تصيح بغضب "حتى دخول الحمامات صار يحتاج طابورا!! ألا يكفي ما حدث لنا بغزة، هل يجب علينا أن نتحمل إهانة كرامتنا هنا أيضا!".

وأضافت "لم تعد لدينا كسيدات أي نوع من الخصوصية، فنحن أصبحنا في الشوارع، على مرأى ومسمع الجميع".

وأوضحت أن معاناتهن تتفاقم يوميا في ظل الازدحام الشديد داخل مراكز الإيواء، والنقص الحاد للمياه ونفاد مستلزمات النظافة الشخصية.

وتضيف بحرج شديد "بداية النزوح لم أتقبل هذا الوضع، وكنت محرجة جدا لدرجة منعتني من دخول الحمام لمدة يومين إلى الحد الذي تسبب بآلام شديدة في البطن والكلى".

وتبين أنها تحاول التأقلم مع الوضع الحالي رغم صعوبته بسبب فقدان الخصوصية، وتقول "لم أتوقع في أسوأ الأحوال أن تصل الأمور إلى هذا الحد، العيش في مركز إيواء واستخدام حمامات عامة، وغير ذلك الكثير".

أزمة نظافة

وتقول النازحة نسرين مسعود (35 عاما) إن النازحات يواجهن أزمات عديدة "ونواجه أزمة صحية حقيقية داخل مراكز الإيواء بفعل نقص مستلزمات النظافة والمستلزمات الصحية الخاصة بالنساء".

وتوضح مسعود أن نقص المياه يتسبب أيضا بأزمة نظافة، مما يؤدي إلى إصابة العديد منهن بأمراض نسائية، فضلا عن انتشار الأمراض المعدية.

وبحسب بيان المركز الإعلامي الحكومي في غزة، فإن 355 ألف حالة بين 1.8 مليون نازح داخل مراكز النزوح تم توثيق إصاباتها بأمراض معدية.

وأشارت نسرين إلى أن انعدام خصوصية النساء في مراكز الإيواء يولد لديهن "شعورا بالخوف وعدم القدرة على التصرف بحرية".

ونقلت عن النازحات شعورهن بـ"حرج شديد وتقيد في الأماكن العامة، بينما دفعتهن الظروف المعيشية الصعبة -في ظل انعدام مصادر الدخل ونفاد البضائع من الأسواق- للاقتصاد في استخدام أي مواد أو مستلزمات خشية فقدانها في حال طال أمد الحرب".

ومع بداية الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، أعلنت السلطات الإسرائيلية إغلاق المعابر المؤدية إلى غزة من خلال إسرائيل، لكن بعد ضغوط أممية ودولية سمحت بدخول مساعدات إنسانية محدودة جدا عبر معبر رفح المصري، والمخصص للمسافرين في المقام الأول.

ومنذ اندلاع الحرب المدمرة على القطاع، قطعت إسرائيل إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة، وهم -حسب بعض التقديرات- نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون بالأساس من أوضاع متدهورة للغاية جراء حصار متواصل منذ 17 عاما.

أعمال شاقة

وفي أرض زراعية بمدينة دير البلح وسط القطاع، تجلس النازحة سعاد أبو حصيرة (43 عامًا) أمام فرن مصنوع من الطين تعد الخبز لنحو 35 فردا من عائلتها وأقاربها الذين نزحوا من مدينة غزة بفعل الغارات العنيفة والهجوم البري الإسرائيلي.

وتبذل سعاد -بمساعدة مجموعة فتيات بدت عليهن ملامح الإرهاق- جهدا كبيرا في إشعال النار بالحطب، رغم أنها مهمة الرجال في الوضع الطبيعي.

ويتطلب ذلك قوة في قطع الأخشاب بما يتناسب مع حجم الفرن، وإدخال متواصل لها كي لا ينخفض مستوى النيران، كما أن دخانها يسبب أمراضا في الجهاز التنفسي.

وتخبز هذه النازحة حوالي 100 رغيف من الخبز بشكل يومي لإطعام هذا العدد الكبير من النازحين، وتقول "الحياة هنا صعبة جدًا والوضع لا يطاق، لكننا مجبرون على تحملها وتجرع الألم والمرارة، إلى حين العودة إلى منازلنا".

وتضيف سعاد التي بدت آثار الحروق والجروح واضحة على يديها "كنت صاحبة القرار في منزلي قبل النزوح، في إعداد وتجهيز ما أشاء من الطعام، لكنني اليوم لست صاحبة القرار، إنما أنفذ ما يقرره أصحاب الأرض التي نقيم فيها حاليا".

وتتساءل بصوت متحشرج "متى تنتهي هذه الحرب ونرجع إلى منازلنا مرة أخرى؟ يكفي بهدلة وذلا، والله تعبنا".

ومنذ 80 يوما من الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع والتي خلفت -حتى أحدث حصيلة منشورة الأحد- 20 ألفا و424 شهيدا، و54 ألفا و36 جريحا، معظمهم أطفال ونساء فضلا عن دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة" وفقا للأمم المتحدة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

خريطة مواقف الأطراف في مفاوضات وقف الحرب على غزة

استؤنفت مفاوضات وقف إطلاق النار، من خلال جولة التفاوض الأخيرة في العاصمة المصرية القاهرة، التي اختتمت أول أمس الاثنين بعودة وفد حركة حماس إلى الدوحة للتشاور.

ونرصد في هذا التقرير المواقف التفاوضية للأطراف الأساسية وفقا لسلوكها السياسي وخطابها الإعلامي، وما نشرته وسائل الإعلام من المواقف التفاوضية في الجولة الأخيرة في القاهرة، والجولة السابقة أواخر مارس/آذار الماضي:

الخطاب الإعلامي لحماس يركز على أولوية وقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من غزة مقابل إطلاق الأسرى الإسرائيليين (رويترز) حركة حماس

أولويتها هي وقف الحرب، ومنع حصول الاحتلال على مكاسب كبرى، على صعيد الأرض أو السكان والمستقبل السياسي للقطاع.

وتربط الحركة موقفها من أي اتفاق بوقف نهائي للحرب على غزة، وتضع الإعلان عن وقف إطلاق النار الدائم كأول بنود مفاوضات المرحلة الثانية.

كما تريد حماس اتفاقا فلسطينيا حول مستقبل القطاع، بما يتضمن حكومة وحدة أو لجنة إدارة توافقية بمسمى "لجنة الإسناد المجتمعي" التي تطرحها مصر، وذلك ضمن رؤية سياسية تقبل مرحليا بدولة فلسطينية في حدود الـ67 من دون الاعتراف بشرعية الاحتلال، وتتمسك بالحفاظ على سلاح المقاومة.

ووافقت الحركة على مقترح الوسطاء الذي قُدم إليها بتاريخ 27 مارس/آذار الماضي بأن تكون مدة الهدنة المؤقتة 50 يوما إلى حين التوصل إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار.

إعلان

وتشدد على فتح جميع المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية كافة، وفق البروتوكول الإنساني الذي تم الاتفاق عليه في يناير/كانون الثاني الماضي، والسماح بدخول الكرفانات والمعدات الثقيلة ومواد البناء لترميم المستشفيات.

كما تطالب بإعادة فتح طريق مفترق نتساريم لدخول السيارات من الجنوب إلى الشمال وبالعكس مع بداية المرحلة الثانية من التفاوض، وبأن تفضي المفاوضات إلى الانسحاب الكلي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

وكانت حماس قد وافقت على مقترح الوسطاء بتسليم الأسير الأميركي الإسرائيلي، ألكسندر عيدان، مع بداية اتفاق يعزز فرص التوصل إلى إنهاء الحرب، وذلك قبل إعلان كتائب القسام فقدان الاتصال بآسريه مساء أمس الثلاثاء.

وكانت موافقة الحركة على إطلاق عيدان ضمن نبضة تشمل الإفراج عن 5 أسرى، ثم نقلت القناة العبرية الـ12 عن عائلة أحد الأسرى الإسرائيليين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغهم أن التفاوض في القاهرة يدور حول 10 أسرى.

وكان عرض الوسطاء الإفراج عن 4 إسرائيليين -سوى عيدان- مقابل 150 أسيرا فلسطينيا محكوم بالسجن المؤبد و100 من ذوي الأحكام العالية، على أن تسمي حركة حماس 50% منهم دون اعتراض من الجانب الإسرائيلي، إضافة إلى إطلاق سراح ألفين من الذين أُسروا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول من قطاع غزة.

واشتُرط أن يكون تبادل الأسرى بالتزامن، وأن يتم توزيع الإفراج عن الأسرى على مدار المرحلة الثانية من التفاوض، بمعدل أسير كل 10 أيام.

وعلى أساس هذا الموقف السياسي والتفاوضي يركز الخطاب الإعلامي لحركة حماس على أولوية وقف الحرب، وعدم هيمنة الاحتلال على القطاع بعد انتهائها، وضرورة رفع الحصار، وعدم المساس بسلاح المقاومة.

أولوية الاحتلال الإسرائيلي ترتكز على تقويض المقاومة في القطاع وفرض حقائق جغرافية وديمغرافية جديد (الفرنسية) الاحتلال الإسرائيلي

ترتكز أولوية الاحتلال الإسرائيلي على تقويض المقاومة في القطاع، وفرض حقائق جغرافية وديمغرافية جديدة، بالسيطرة على أجزاء من القطاع على الأقل، والحفاظ على حرية العمل العسكري فيه، مع السعي لتهجير السكان، وإن لم يمكن فتنصيب إدارة تابعة له أو منصاعة لتوجهاته، سواء كانت فلسطينية أو عربية أو دولية.

إعلان

ويماطل الاحتلال عند التفاوض على وقف الحرب، ويطرح صيغا تبقي الباب مفتوحا لاستئنافها، من قبيل الإصرار على دمج مواضيع نزع السلاح وإدارة غزة في بنود المرحلة الثانية من التفاوض.

ولا تقدم إسرائيل خيارا محددا على طاولة التفاوض بشأن مستقبل القطاع، ولكنها تشترط نزع السلاح والتوافق معها بشأنه، ضمن رؤية سياسية لا تقبل بقيام دولة فلسطينية ولا بوجود كيان سياسي موحد في الضفة وغزة. وتراهن على تنفيذ خطة ترامب بالتهجير.

وتسعى إسرائيل إلى تقصير مدة وقف إطلاق النار المؤقت إلى 45 يوما، وتربط إمكانية تمديده بإطلاق مزيد من الأسرى الإسرائيليين، وبموافقة الطرفين، وتشترط ترتيبات لوصول الإغاثة إلى المدنيين فقط.

كما تُخضع حدود الانسحاب النهائي إلى نتيجة التفاوض، وإلى اعتباراتها الأمنية والعسكرية، وتطرح انسحابا تدريجيا إلى الحدود المعتمدة في الهدنة السابقة على مدار فترة المرحلة الثانية من التفاوض.

وفي ملف تبادل الأسرى، تطالب بتسليم الأسير ألكسندر عيدان مع بداية الاتفاق، وأن يكون كبادرة للولايات المتحدة -أي من دون مقابل من الأسرى الفلسطينيين- وبأن تفرج المقاومة عما مجموعه 10 أسرى في بدايات التفاوض، مع تبادل المعلومات من الطرفين بخصوص حالة بقية أسرى الاحتلال، وأسماء أسرى القطاع بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وأن يكون التبادل بالتزامن من دون احتفالات ولا مراسم علنية.

وفي إطار هذا الموقف التفاوضي، تعتمد خطابا إعلاميا يسلط الضوء على موضوع الأسرى كمبرر لاستمرار الحرب، مع إصدار تسريبات متكررة توحي باقتراب التوصل إلى اتفاق، وتربط تعثر المفاوضات بموضوع الأسرى، في سياق الضغط على حماس وسكان القطاع.

إدارة ترامب تدعم الموقف الإسرائيلي بشأن نزع سلاح القطاع (رويترز) الولايات المتحدة

ترتكز أولوية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تسريع إنهاء الحرب بما ينسجم مع الإستراتيجية الأميركية الأوسع ، التي تسعى إلى تحجيم الدور والنفوذ الإيراني في المنطقة وتقويض المقاومة الفلسطينية وتوثيق العلاقة مع دول الخليج.

إعلان

ويرتبط ذلك بتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية للولايات المتحدة، مع اندماج هذا المسعى مع أولوية مواجهة الصعود الصيني، باعتبار إيران حليفا ووكيلا لكل من الصين وروسيا في المنطقة.

وحسب تصريحات صحفية لمصادر أميركية، فإن الرئيس ترامب يرغب في توقف الحرب قبل زيارته إلى السعودية، وإن كان ذلك لا يعني بالضرورة معارضته لأن يستأنف الاحتلال الحرب بعد الزيارة، خصوصا إذا كانت لم تحقق الزيارة ما تصبو إليه الإدارة الأميركية من نتائج الحرب، وعلى رأسها تقويض المقاومة وتهيئة البيئة لتهجير السكان.

وبشأن مستقبل القطاع، رفضت إدارة ترامب بحسب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي برايان هيوز فكرة لجنة المساندة ومشروع إعادة الإعمار العربي.

ويأتي الموقف الأميركي ضمن رؤية سياسية لا تدعم حل الدولتين، بل تضغط للتهجير في غزة وتغض الطرف عنه في الضفة، كما تدعم الموقف الإسرائيلي بشأن نزع سلاح القطاع.

أما في ملف الأسرى، فتصر واشنطن على الإفراج عن الجندي عيدان بأسرع وقت، وكذلك جثث القتلى ممن يحملون الجنسية الأميركية، ويشكل هذا الأمر ذريعة أساسية لانخراط إدارة ترامب بالتفاوض بقوة.

وضمن هذا الموقف السياسي تعتمد خطابا يبرز قضية الأسرى، ويحمل الفلسطينيين المسؤولية عن التصعيد، ويعبر عن الالتزام بحماية إسرائيل.

مصر

تتمثل أولوية مصر في ترتيب الأوضاع في قطاع غزة، بما يمنع التهجير إلى أراضيها، وبما يحافظ على رهانها السياسي في مربع السلام وطرح حل الدولتين كإطار يوفر أساسا نظريا للاصطفاف السياسي المترتب على اتفاقية كامب ديفيد. وفي هذا السياق، ترغب في وقف الحرب، لما لها من تداعيات سلبية على أمنها وسياستها.

وبشأن مستقبل القطاع طرحت فكرة تشكيل إدارة محلية مؤقتة وغير فصائلية بمسمى "لجنة المساندة المجتمعية" التي وافقت عليها حماس -وإن كانت أغلبية أعضائها من المحسوبين على حركة فتح- مع العمل على تمكين السلطة الفلسطينية في قطاع غزة بعد "إصلاحها".

إعلان

وفي ما يتعلق بسلاح المقاومة أشارت في المبادرة العربية إلى أنه مرتبط بقيام الدولة الفلسطينية، ولكنها نقلت إلى حركة حماس مقترحا إسرائيليا يطالب بنزع سلاح المقاومة.

وفي ملف الإغاثة، تدعم استئنافها، إذ يشكل معبر رفح ركيزة لتأثيرها في الملف الفلسطيني.

كما تدعم انسحاب إسرائيل من القطاع، وخصوصا من محور فيلادلفيا، لما يشكله الوجود الإسرائيلي العسكري على حدودها من انتهاك لاتفاقية كامب ديفيد وتهديد لأمنها، خصوصا بعد بروز النزعة التوسعية والعدوانية للاحتلال بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وفي ملف الأسرى، تحرص على لعب دور في تسليمهم بالتزامن، كما في ورقة الوسطاء التي قدمتها يوم 27 مارس/آذار الماضي، بما يعزز مكانتها السياسية ودورها الإقليمي.

وتقدم القاهرة حلولا وسطا بشأن أعداد الأسرى، ويظهر من خلال المواقف ضعف القاهرة كوسيط في الضغط الفعال على الاحتلال عند عدم التزامه بالاتفاقات أو رفضه للحلول الوسط.

عباس يتهم حركة حماس بتوفير الذرائع للعدوان الإسرائيلي (رويترز) السلطة الفلسطينية

أولويتها إيجاد موطئ قدم في الترتيبات الجديدة للقطاع، وتثبيت حضورها ضمن المستقبل الفلسطيني، وذلك بمحاولة التعديل في موقف إدارة ترامب والحكومة الإسرائيلية، بمساعدة أطراف كمصر والسعودية وفرنسا، مع تقديم الاستحقاقات اللازمة لذلك، على صعيد ملاحقة المقاومة، والضغط عليها سعيا إلى انكسارها في المعركة الجارية.

وفي هذا السياق، ترغب في وقف الحرب ضمن ترتيبات تضمن دورها في القطاع ومستقبلها السياسي.

أما الأفق السياسي لها، فيتمثل في السعي إلى إبقاء صفة سياسية وطنية لاستمرارها، من خلال تمديد دورها الأمني ليصل إلى غزة، خصوصا في ظل تآكل دورها وحضورها وشعبيتها في الضفة المرشحة للتهجير.

وعلى هذا الأساس يتم التجهيز لترتيبات جديدة للمجلس المركزي الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير بما يشمل تعيين نائب لرئيس السلطة محمود عباس.

إعلان

وانطلاقا من هذا الاصطفاف تطالب حماس بتسليم الأسرى، وتتهمها بتوفير الذرائع للعدوان الإسرائيلي كما في تصريحات الرئيس عباس.

قطر

تعمل الدوحة -بوصفها وسيطا عربيا في المفاوضات- على بذل كل الجهود من أجل إنهاء الحرب، باعتبارها تهديدا سياسيا وأمنيا على المستوى الفلسطيني والإقليمي. وترى في نجاح وساطتها دعامة لدورها ومكانتها الدولية.

وتدعم توافقا فلسطينيا بشأن إدارة قطاع غزة ما بعد الحرب، وتوفر للمقاومة منصة للتفاوض، وفي أكثر من موقف أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، على أن حل هذه الأزمة يكون بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.

كما تشدد قطر على موقفها "الحازم والواضح ضد تهجير الفلسطينيين"، وعلى أهمية تضافر الجهود لتكثيف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وتُساهم قطر في جهودها ضمن اللجنة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية والإسلامية الاستثنائية المشتركة، والمُكلّفة بمتابعة التطورات في قطاع غزة، وتدعو إلى العودة الفورية إلى التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي.

وأكدت مرارا على أهمية الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق بما يضمن إطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين، وإنهاء الأعمال العدائية بشكل دائم، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

تدافع الأطراف

وختاما، فإن مسار المفاوضات سيعتمد على محصلة تدافع هذه الأطراف سياسيا وميدانيا، ولا ينفك عن مسار التفاوض أو الصدام بين الولايات المتحدة وإيران، وهو ما سيتضح في الفترة المقبلة.

ولا يمكن فصل مسار المفاوضات عن الديناميكيات الكبرى التي تُعيد تشكيل الإقليم. وبينما تشتبك المصالح السياسية والأمنية لكل طرف، تبقى المأساة الإنسانية في غزة العنصر الأكثر إلحاحا من أجل إنجاز اتفاق.

إعلان

وفي ظل هذا التداخل المعقد، فإن مآلات جولات التفاوض ستعتمد على حجم الضغط الدولي، ودرجة صمود المقاومة، ومدى استعداد الأطراف للقبول بحلول جزئية ولو مرحلية، لحين بروز تسويات أوسع في المشهد الإقليمي والدولي.

مقالات مشابهة

  • غزة أنموذجا.. ماذا يعني طبيا فقدان الإنسان أدنى مقومات الحياة؟
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تعرقل توزيع المساعدات بغزة وتجبر 500 ألف على النزوح
  • الصحة النيابية:تعديل لقانون مكافحة المخدرات لحظر المواد التي تدخل في صناعة المخدرات
  • أرقام النزوح ترتفع مجددًا.. نصف مليون فلسطيني يغادرون منازلهم
  • سكان أم درمان يعيشون ظروفا قاهرة بسبب انقطاع الكهرباء
  • خريطة مواقف الأطراف في مفاوضات وقف الحرب على غزة
  • لقطات من داخل كبسولة بلو أوريجين التي حملت إلى الفضاء 6 نساء.. فيديو
  • «صيحة»: توثق اغتصاب «8» نساء واختطاف «25» فتاة بمعسكر زمزم
  • محللون: مقتل الأسير عيدان ألكسندر قد يدفع ترامب للمطالبة بإنهاء الحرب
  • من قاعات المحاكم إلى مخبز في خان يونس.. ماذا فعلت الحرب بسعد الله؟