منذ يومين قالت الإيكونوميست إن الرئيس السيسى يبدأ فترة رئاسية جديدة، وحول مصر ثلاث حروب مشتعلة فى الجنوب حيث السودان، وفى الغرب حيث ليبيا وفى الشمال الشرقى حيث غزة، المتابعون قالوا إن المجلة العالمية ليست دقيقة؛ لأنها أغفلت أن مصر يحيط بها خمس حروب وليس ثلاث فقط.
ففى منابع النيل حيث إثيوبيا هناك حرب منتظرة مع إثيوبيا، بغض النظر عن الطريقة التى سنخوض بها الحرب، وفى البحر الأحمر هناك حرب منتظرة حول باب المندب أيضًا، بغض النظر عن الطريقة التى نخوض بها الحرب، والمعنى أن مصر محاصرة بحزام من النيران تقف داخله صامدة، وأن هذه النيران اشتعلت بفعل فاعل لا بفعل القضاء والقدر، فالوضع فى ليبيا لم يكن يمكن أن يصل لهذه الدرجة من الخطر لولا أن هناك من سعى لإسقاط الدولة الليبية فى ٢٠١١، ولولا أن قوات حلف الناتو قصفت الشعب الليبى وقتلت حاكمه دون محاكمة ودون سند من شرعية، والوضع فى اليمن شبيه لدرجة كبيرة ،فحتى ٢٠١١ كانت هناك دولة، وكان هناك نظام.
وكانت هناك عيوب أقل بكثير من عيوب الوضع الحالى على كل الأصعدة، الأمر نفسه ينطبق على السودان جنوبًا، حيث ثمن سقوط الدولة أعلى بكثير من ثمن تحمل عيوب بقائها، فى أقصى منابع النيل أيضًا كان هناك من موَّل وخطط وشجع إثيوبيا على المضى فى غيها وعدم التفاهم على مواصفات فنية لعمليات الملء، ومازال هناك من يشجعها ويعقد معها صفقات السلاح، أما فى غزة فهى قضية ممتدة منذ أربعينيات القرن الماضى والطرف الذى يساند إسرائيل فيها ليس بعيدًا عن الحروب الأربع الأخرى التى تخوضها مصر، لكل هذا علاقة أكيدة بالوضع الداخلى فى مصر، فالصمود وسط طوفان الدمار الذى اجتاح المنطقة منذ ٢٠١١ لم يستدع فقط رؤية نافذة للقوات المسلحة المصرية، ولا تدخلًا لحماية الدولة والشعب، مما كان يخطط لمصر؛ ليجعل مصيرها شبيها بمصير الدول المجاورة لها والمحيطة بها..
استدعى الأمر أيضا أن تتسلح مصر استعدادًا لما هو قادم، وقد أثار هذا موجات من الهجوم أحيانًا والنقاش أحيانًا.. الهجوم كان مصدره لجان الإرهاب الذين يسوءهم أن تستعد مصر لمواجهة أعدائها، والنقاش كان مصدره بعض حسنى النية، الذين تساءلوا كيف نشترى السلاح وحالتنا الاقتصادية لم تتحسن بعد؟ استدعى الأمر أيضًا نزول الدولة لميدان الاستثمار لتأمين المال الكافى لشراء السلاح، وأبدى البعض اندهاشه بعد عقود كاملة كانت الحالة فيها أقرب للهدوء والاعتماد على رفع كفاءة السلاح القديم، وكان بعضه من الذى استخدمه رجالنا فى حرب أكتوبر -١٩٧٣، لكن الحقيقة أن أعظم ما قامت به مصر كان الاستعداد منذ عشر سنوات للحظة الحالية، حيث تخيم أشباح الحرب العالمية على المنطقة، وحيث الجميع ضد الجميع والجميع مع الجميع، من أجل اللحظة التى تشتعل فيها الأمور فى البحر الأحمر، استعدت مصر وأسست الأسطول العسكرى الجنوبى للبحر الأحمر، ومن أجلها اشترت أقوى فرقاطة حربية ألمانية فى العالم، ومن أجلها عقدت صفقة طائرات جديدة مع إيطاليا، وربما هناك صفقات أخرى فى الطريق.. الأمر ببساطة أننا نحتاج سلاحًا يكفى للانتصار فى خمس حروب، وما يثير الفخر أننا قادرون على شراء هذا السلاح فعلًا واستخدامه؛ للحفاظ على مصالحنا وأمننا القومى.
وائل لطفي – صحيفة الدستور
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
هل تفعل واشنطن ما يكفي لمساعدة السودان؟
تشهد نهاية العام 2024 تقديم الولايات المتحدة لمساعدات جديدة للسودان قد تخفيف معاناة سكانه، في وقت تعيش فيه البلاد أزمة إنسانية كبيرة وحادة وصفت بأنها قد تتجه نحو الكارثة في السنة المقبلة، الدبلوماسي الأميركي السابق، مدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون، قال إن هذه المساعدات "غير كافية" على الصعيد الإنساني.
وقال المرصد العالمي للجوع، الثلاثاء، إن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى خمس مناطق ومن المرجح أن يمتد إلى خمس مناطق أخرى بحلول مايو.
وأضاف هدسون أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن لم تستخدم الأدوات السياسية المتوفرة لواشنطن لوقف الحرب، ولم يوجه الرسائل الصحيحة للأطراف المتحاربة أو للقوى الأخرى في المنطقة.
وذكر أن الرؤساء الأميركيين السابقين استخدموا نفوذهم الدبلوماسي للتأكد من وجود تحالف دولي لإرساء السلام في السودان، وهو ما لم تفعله الإدارة الحالية.
وعزى هدسون ذلك إلى عدم إعطاء السودان أي أولوية ضمن أولويات واشنطن، على الرغم من انخراط واشنطن بشكل أكبر سابقا رغم التحديات التي تواجه الولايات المتحدة.
ويواصل الطرفان المتحاربان في السودان في تعطيل المساعدات الإنسانية اللازمة للتخفيف من وطأة واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العصر الحديث.
وذكرت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن ظروف المجاعة تأكدت في مخيمي أبو شوك والسلام للنازحين داخليا في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بالإضافة إلى مناطق سكنية وأخرى للنازحين في جبال النوبة.
وخلصت اللجنة أيضا إلى أن المجاعة، التي كُشف عنها لأول مرة في أغسطس، لا تزال مستمرة في مخيم زمزم بشمال دارفور.
المجاعة "تتمدد" في السودان.. وتوقعات كارثية في 2025
كشفت منظمة عالمية تُعنى بقضايا الأمن الغذائي، في بيان الثلاثاء، عن وجود المجاعة في 5 مناطق على الأقل داخل السودان، ومن المتوقع أن تواجه 5 مناطق إضافية المجاعة بين ديسمبر 2024 ومايو 2025.
وتتوقع اللجنة، التي تتألف من خمسة أعضاء وتدقق وتتحقق من وجود المجاعة، امتداد المجاعة إلى خمس مناطق أخرى في شمال دارفور بحلول مايو، وهي أم كدادة ومليط والفاشر والطويشة واللعيت. وحددت اللجنة 17 منطقة أخرى في أنحاء السودان معرضة لخطر المجاعة.
وتشير تقديرات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن نحو 24.6 مليون شخص، أي حوالي نصف العدد الكلي للسودانيين، في حاجة ماسة إلى مساعدات غذائية حتى مايو أيار، وهي زيادة كبيرة عما كان متوقعا في يونيو عند 21.1 مليون خلال الفترة من أكتوبر حتى فبراير.
وأدت الحرب الأهلية التي اندلعت في أبريل 2023 إلى تراجع إنتاج المواد الغذائية ومعدلات التجارة فيها ودفعت أكثر من 12 مليون سوداني إلى ترك منازلهم، مما جعلها أكبر أزمة نزوح في العالم.
ونهبت قوات الدعم السريع إمدادات غذائية إنسانية وأخرى تجارية ووضعت عوائق أمام الزراعة وحاصرت بعض المناطق، مما أدى لارتفاع تكلفة التجارة وأسعار المواد الغذائية. كما تمنع الحكومة وصول المنظمات الإنسانية إلى بعض أجزاء البلاد.
الحرة الليلة