باعة يفترشون الأرض، مشترون يُقبلون على الشراء، سلع معروضة بأسعار تقل بوضوح عن المتعارف عليه في السوق.. هي مواد غذائية منتهية الصلاحية أو تكاد.

مشهد صار مألوفا في أجزاء من اليمن، حيث بات تأمين الطعام اليومي صعبا بسبب ظروف الحرب وارتفاع الأسعار وشح فرص العمل.

يبيع أحمد سلعا غذائية أوشكت صلاحيتها على الانتهاء في مدينة لحج بجنوب اليمن، ويصف سلعته بأنها "غذاء الفقراء الذين ليس عليهم انتظار معجزة تُسقط على منازلهم أموالا يشترون بها الدقيق والزيت بأسعاره المرتفعة".

ويقول إن ما يعرضه من غذاء تقترب صلاحيته من الانتهاء يساعد بأسعاره الزهيدة الأسر الفقيرة على شراء حاجياتها المهمة من أساسيات عيشها.

يحصل أحمد على بضاعته من تجار الجملة في المحافظة ويبيعها في السوق، مؤكدا أنها تخفف قدرا من العبء عن كاهل الفقراء غير القادرين على شراء المواد حديثة الإنتاج بأسعارها المرتفعة.

ويضيف قائلا لـ"وكالة أنباء العالم العربي" إن بضاعته تلقى رواجا حتى أن المعروض منها لا يلبي الطلب أحيانا، "فنحن نبيع هذه المواد بربع قيمتها في المحلات التجارية".

وتمتد طويلا المواد الغذائية المعروضة وسط الشارع الرئيسي في لحج التي يسكنها مئات من النازحين والفقراء الذين يقبلون على شراء هذه السلع بما فيها القمح بأنواعه وزيوت الطهي والبقوليات، فضلا عن المنظفات وغيرها.

وشهد اليمن موجة نزوح واسعة منذ اندلاع الحرب بين جماعة الحوثي وقوات الحكومة المعترف بها دوليا في 2014 والتي لا تبدو لها نهاية في الأفق. وأجبرت الحرب أكثر من 4 ملايين يمني على النزوح عن ديارهم وتسببت في انهيار الاقتصاد المحلي وفي غلاء معيشي لا يحتمله كثيرون.

لا سبيل للشراء من المحال

ولدى خروجها من سوق المواد الغذائية المهربة والمنتهية الصلاحية في قلب مدينة مأرب وسط اليمن، قالت أم محمد التي كانت تحمل على رأسها كيسا من الدقيق إنها تأتي إلى هذه السوق يوميا لشراء حاجتها بسعر بسيط.

وقالت إنها اشترت نصف كيس من دقيق القمح بمبلغ 7 آلاف ريال يمني (28 دولارا تقريبا)، في حين يبلغ سعر الدقيق ذاته في المحال التجارية أكثر من 20 ألف ريال. وذات الفرق تجده في بقية المواد السلع التي تشتريها.

ولا تعلم أم محمد سبب اختلاف أسعار السلع بين المحال التجارية وسوق المواد الغذائية التي قاربت على الانتهاء، ولا تعلم أن ما تشتريه من مواد ربما تكون صلاحيتها انتهت فعلا، ولم تبدِ أي قلق بعدما علمت، وقالت "مفيش معنا فلوس كتير نشتري من المحال التجارية. احنا فقراء ونازحين ولا معنا شيء".

ويؤدي عدم استقرار سعر صرف الريال مقابل الدولار لتخزين تجار المواد الغذائية كميات ضخمة من السلع خوفا من الخسارة، مما يؤدي بدوره إلى تلف الكثير منها إما بسبب انتهاء تاريخ الصلاحية أو بفعل التخزين السيء مع انقطاع الكهرباء وغلاء أسعار المشتقات النفطية في الأسواق، وفقا لمدير الرقابة بمكتب وزارة الصناعة والتجارة في محافظة لحج حمدي غانم.

وقال غانم لـ"وكالة أنباء العالم العربي" إن التجار يعرضون المواد الغذائية التي قاربت صلاحيتها على الانتهاء للبيع بأقل الأثمان للحصول على جزء من القيمة الأساسية للسلع تلافيا للخسائر الكبيرة، مشيرا إلى أن ذلك أمر قانوني ولكن "إذا كانت المواد الغذائية قد انتهت تماما فهي مخالفة وممنوعة".

وأضاف أن بعض تجار الجملة من "ضعاف النفوس" استغلوا بالفعل ضعف الرقابة وغيابها خلال السنوات الماضية في مرحلة حرجة تمر بها البلاد من حرب وانهيار اقتصادي أدى الى غياب الكثير من المؤسسات الحكومية الحيوية في المحافظة.

ولا تخلو أي محافظة من محافظات اليمن تقريبا من أسواق لبيع المواد الغذائية التي قاربت صلاحيتها على الانتهاء، أو حتى المنتهية الصلاحية والفاسدة، وسط الجوع والفقر المستشري والغلاء المعيشي، خاصة المواد الغذائية الأساسية مثل القمح وزيت الطبخ والبقوليات وغيرها.

ويقول الصحافي الاقتصادي وفيق صالح لـ"وكالة أنباء العالم العربي" إن هذه الأسواق ينشئها تجار الجملة للمواد الغذائية في اليمن بعد تكبدهم خسائر كبيرة خلال السنوات التسع الماضية بفعل انقطاع الكهرباء الذي أوقف أجهزة التبريد داخل المخازن وأدى إلى تلف الكثير من المواد الغذائية.

ومن أسباب ظهور هذه الأسواق أيضا عدم استقرار سعر الصرف منذ اندلاع الحرب، وكذلك إقبال المواطنين الكبير عليها لرخص أسعارها.

ويشير صالح أيضا إلى ضعف القوة الشرائية الذي يؤدي إلى مضي فترة صلاحية هذه المواد وهي لا تزال في مخازنها.

"مستوى الجوع غير مسبوق"

ويقول برنامج الأغذية العالمي إن نحو 21.6 مليون شخص بحاجة للمساعدة الغذائية باليمن، وإن 17 مليونا يواجهون انعدام الأمن الغذائي، فيما يعاني 3.5 مليون امرأة وطفل دون الخامسة من سوء التغذية الحاد.

ويضيف البرنامج الأممي أن الوضع الإنساني في اليمن هش للغاية وأي انقطاع في الإمدادات الحيوية مثل الغذاء والوقود والأدوية من شأنه أن يقرّب الملايين من الموت، مؤكدا أن مستوى الجوع الحالي في اليمن "غير مسبوق ويسبب معاناة شديدة لملايين الناس".

ويعد معدل سوء تغذية الأطفال في اليمن من أعلى المعدلات في العالم، والوضع الغذائي آخذ في التدهور. وأظهر مسح حديث أن ما يقرب من ثلث العائلات تعاني فجوات في وجباتها الغذائية وأنها نادرا ما تستهلك أطعمة مثل البقوليات أو الخضار أو الفاكهة أو منتجات الألبان أو اللحوم.

ولا تزال معدلات سوء التغذية بين نساء اليمن وأطفاله من بين أعلى المعدلات في العالم، حيث تحتاج 1.3 مليون امرأة حامل ومرضع و2.2 مليون طفل دون الخامسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: المواد الغذائیة على الانتهاء فی الیمن

إقرأ أيضاً:

شعبة المواد الغذائية: 50 جنيهًا انخفاضًا بسعر البيض المحلي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن حازم المنوفي، عضو شعبة المواد الغذائية، انخفاض سعر البيض المحلي ليصل إلى مستويات البيض المستورد من تركيا، حيث سجل سعر طبق البيض المحلي اليوم 150 جنيهًا.

وأكد عضو شعبة المواد الغذائية، أن هذا الانخفاض جاء نتيجة لتحسن الإنتاج المحلي وزيادة المعروض في الأسواق، بالإضافة إلى استقرار أسعار الأعلاف.

 وأوضح أن هذا التوجه يسهم في تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، ويخفف العبء عن الأسر المصرية التي تعتمد بشكل كبير على البيض كمصدر غذائي رئيسي.

وأشار إلى أن هذه الأسعار قد تسهم في تقليل الفجوة بين الأسعار المحلية والمستوردة، مما يعزز تنافسية السوق المصري.

يأتي هذا في إطار جهود الحكومة لتوفير السلع الأساسية بأسعار معقولة للمستهلكين وضمان استدامة الإنتاج المحلي.

مقالات مشابهة

  • ضبط كميات من أصباغ المركبات منتهية الصلاحية في شمال الشرقية
  • ضبط أدوية وأسمدة ومبيدات زراعية منتهية الصلاحية بأمانة العاصمة
  • تموين العامرية تضبط أعشاب منتهية الصلاحية وسجائر مجهولة المصدر وتصرف غير قانوني في الدقيق المدعم
  • شعبة المواد الغذائية: 50 جنيهًا انخفاضًا بسعر البيض المحلي
  • ضبط 5720 عبوة سلع غذائية ومنظفات منتهية الصلاحية بالفيوم
  • ضبط 254 عبوة مواد غذائية منتهية الصلاحية بكفر الشيخ
  • ضبط 254 عبوة مواد غذائية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر بدسوق
  • ضبط مواد غذائية منتهية الصلاحية وأخرى مجهولة المصدر في كفر الشيخ
  • ضبط 185 عبوة بويات ودهانات منتهية الصلاحية بالفيوم
  • سلع منتهية الصلاحية.. ضبط 250 مخالفة تموينية خلال حملة تفتيشية بالمنيا