قمم دولية ومبادرات سياسية.. ماذا قدمت مصر لوقف الحرب فى السودان؟
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
في خضم الأزمة الحالية في السودان، كان موقف مصر واضحًا أنه لا بد من حل الأزمة الحالية في السودان، مشيرًا إلى أن الخاسر الوحيد في الصراع الحالي هو السودان وشعبه، داعية جميع الأطراف السودانية لتغليب لغة العقل ووقف إطلاق النار ونصرة الشعب السوداني.
وإيمانًا منها بضرورة حل الأزمة في السودان، استضافت مصر في العاصمة القاهرة في يوليو 2023 قمة دول جوار السودان، حيث شددت القمة، من خلال بيانها الختامي، على الاحترام الكامل لسيادة السودان وأراضيه ومطالبة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بإنهاء الحرب الدائرة منذ أبريل الماضي، والدعوة إلى حوار جامع بعيدًا عن التدخلات الخارجية.
ووفق البيان الختامي للقمة، التي حشدت مصر لها حضورًا دوليًا بارزًا، فإنه تم التوافق على أهمية إيجاد ممرات آمنة وتسهيل مرور المساعدات الإنسانية، وتجنيب المدنيين تبعات الحرب الدائرة.
كما شددت الدول المشاركة على أهمية الاحترام الكامل لسيادة السودان و”عدم التدخل في شئونه، واعتبار النزاع الحالي شأنًا داخليًا”.
كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، في كلمته خلال القمة، إن مصر ستبذل كل ما في وسعها لوقف نزيف الدم السوداني، وأوضح السيسي أنه يتعين على دول جوار السودان توحيد رؤيتها نحو حل الأزمة الراهنة، لافتًا إلى أن الاقتتال الدائر في السودان دمّر البنية التحتية والمرافق الحيوية.
كذلك دعا السيسي إلى الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية حتى التوصل لحل سياسي شامل، مشيدًا بمواقف دول جوار السودان التي استقبلت مئات الآلاف من النازحين، كما طالب المجتمع الدولي بالوفاء بتعهدات دعم دول جوار السودان.
وفي أغسطس الماضي، زار قائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، مصر من مدينة بورتسودان في زيارة هي الأولى له خارج البلاد منذ بدء الحرب ضد تمرد قوات الدعم السريع، لمناقشة سبل حل الأزمة في السودان مع الشقيقة الكبرى مصر.
وأكدت مصر في هذا اللقاء التأكيد على دعم السودان ووحدة أراضيه ورفض أعمال العنف، وكانت الزيارة تعبيرًا قويًا عن دعم الاستقرار ورفض أي حرب تتسبب في معاناة الشعب السوداني.
وانطلاقًا من رؤية مصر لحل الأزمة في السودان ووقف الحرب، أكد وزير الخارجية سامح شكري في أكثر من محفل دولي على أهمية وقف إطلاق النار في السودان.
وخلال مشاركة شكري في اجتماع افتراضي لمجلس السلم والأمن الإفريقي حول السودان، بمشاركة وزراء خارجية وممثلي الدول الأعضاء في مجلس السلم والأمن الإفريقي ودول مجموعة نواة الآلية الموسعة الخاصة بأزمة السودان ومفوض الشئون السياسية والسلم والأمن بالاتحاد الإفريقي وسكرتير عام منظمة الإيجاد- أكد على ضرورة وقف إطلاق النار في السودان وإحلال السلام والهدوء.
وبجانب المبادرات السياسية والدعوات لوقف العنف والحرب، لم تتوان مصر عن تقديم كل أشكال الدعم والمساعدة الإنسانية للشعب السوداني، واستضافة الفارين من جحيم الحرب، لتكون أكبر دولة من دول جوارالسودان في استضافة الفارين من الحرب، حيث تسضيف مصر حوالي 5 ملايين سوداني، وتقدم لهم كل أوجه الدعم والمساندة، ومعاملتهم على قدم المساواة مثل إخوانهم المصريين.
صحيفة الدستور
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: دول جوار السودان فی السودان حل الأزمة
إقرأ أيضاً:
القراءة في عقل الأزمة
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن الأزمات و التحديات التي تواجه القوى السياسية، تعد أهم الاختبارات التي تواجه العقل السياسي، و هي التي تبين إذا كان العقل السياسي سليما قادارا على تجاوزها، أم به من العلل التي تعجزه أن يقدم مبادرات يتجاوز بها هذه الأختبارات، و إذا كان العقل معلولا تجده يبحث عن تبريرات يداري بها هذا العجز.. و علة العقل السياسي ظهرت في أول أختبار مرت به، عندما سلم ذات العقل المعلول قيادة الجيش السلطة طواعية عام 1958م، خوفا من نتائج الصراع السياسي مع الآخرين باعتباره حلا يمكن تجاوزه بدخول عامل جديد في الصراع على السلطة، أهمل العقل دراسة هذه الواقعة و نتائجها إذا كانت سالبة أو إيجابية، ثم تكررت التجربة في 1969م و أيضا إهملت تماما، و أيضا في 1989م، كلها تجارب ماذا كان دور القوى السياسية حيال هذه التجارب، هل استطاعت أي قوى سياسية يسارا أو يمينا كانت، أن تقدم نقدا لهذه التجارب لكي تستفيد منه القوى السياسية الأخرى.. أم أهملت نقد التجارب؟.. الأهمال نفسه يبين أن العقل السياسي في أعمق مراحل الأزمة التي عجز أن يتجاوزها..
إذا عرجنا إلي الشعارات التي ترفعها القوى السياسية بكل مدارسها الفكرية "لعملية التحول الديمقراطي" في البلاد، من هي القوى السياسية التي استطاعت أن تكون مقنعة للشعب بأنها تعد مثالا للديمقراطية داخل مؤسستها أو خارجها من خلال إنتاجها الفكري و الثقافي الذي يقنع الجماهير بأنها بالفعل جادة قولا و فعلا في تنزيل الشعار لأرض الواقع الإجتماعي.. الديمقراطية فكر و ثقافة و قوانين و سلوك و ممارسة يومية و ليست شعارات تزين بها الخطابات السياسية.. و الذي يحصل في الساحة السياسية هو صراع ليس من أجل توعية و تثقيف الجماهير بالديمقراطية، أنما صراع بهدف الإستحواز على السلطة بأي ثمن كان..
الآن هناك البعض يرفع شعار البحث عن " طريق ثالث" رغم أن الذين يرفعون هذا الشعار هم من الذين ظلوا يدعمون " الميليشيا" و هم الذين اقنعوها بأن تقوم بالانقلاب، كما قال قائد الميليشيا أن أصحاب " الاتفاق الإطاري" كانوا وراء اشعال الحرب.. بعض من هؤلاء يرفعون شعار " الطريق الثالث" و لم يعرفوا الآخرين ما هو المقصود بهذا الشعار؟ ما هو التصور " للطريق الثالث" الذي يجب أن يتجاوز الحرب، و أيضا الأزمة السياسية التي تعيشها القوى السياسية، العقل المأزوم هو الذي يعلق انتاجه السياسي بالشعار، و لا يستطيع أن يقدم أطروحات فكرية تخدم الشعار الذي يرفعه، هؤلاء هم الذين عطلوا عقولهم طواعية، و اعتمدوا على شخص واحد يفكر نيابة عنهم، و عندما رحل مفكرهم، و جدوا انفسهم أمام تحديات عجز عقلهم التعامل معها..
أن الذين اعتقدوا أن الأزمة التي تعيشها البلاد أنها بسبب " الكيزان و الفلول" هؤلاء أنواع البعض منهم يحاول أن يغطي علاقته بالنظام السابق في اعتقاد أن تركيزه على ذلك سوف سغطي أفعاله، و البعض الأخر بسبب العجز الثقافي و الفكري الذي يعاني منه، أعتقادا أن التركيز على هذا الخطاب سوف يجعله من الذين يطلق عليهم " قوى تقدمية" رغم أن هذه الثقافة قد قبرت كما قبرت الحرب الباردة، و هؤلاء سدنة الأفكار التي تجاوزتها البشرية في مسيرتها التاريخية.. و أخرين يتعلقون بأهداب الخارج ليشكل لهم رافعة للسلطة، و يعتقدون كلما كانوا اشدا بأسا على الكيزان و الفلول " كانوا مقنعين لهذا الخارج بأنهم رجال مرحلة لهم، و هناك الذين يعتقدون أن " الكيزان و الفلول" جزء من الأزمة التي تعيشها كل القوى السياسية، و بالتالي معالجتها تأتي من المعالجة العامة للأزمة السياسية في البلاد...
أن الحرب التي يشهدها السودان هي أعلى مراحل الأزمة السياسية، و هي أزمة العقل السياسي، الذي بدأ يتراجع منذ أن بدأت القوى السياسية تبحث عن حلول للأزمة داخل المؤسسة العسكرية.. أن تحدث فيها أختراقا لكي تقوم بانقلاب عسكري يسلمها السلطة، و الغريب كل القوى السياسية التي أحدثت انقلاب بواسطة عسكريين عجزوا أن يستلموا منهم السلطة.. و حتى الآن لم يبينوا لماذا فشلوا في ذلك.. ما عدا إفادات الدكتور الترابي لأحمد منصور في " قناة الجزيرة" البقية تعلقت " بالنكران و الهروب" الحرب و فشل نقد السياسسين للتجارب السابقة تمثل أعلى درجات أزمة العقل السياسي، و هناك الأمارات التي تدخلت بشكل سافر في الأزمة لكي تحولها لمصلحتها، و استطاعت أن تتاجر في الاستحوا ز على عقول الأزمة في السودان، لعل تنجح مؤامرتها على البلاد، و من وراءها مثل بريطانيا و أمريكا و الايغاد و الاتحاد الأفريقي و بقية المنظمات الإقليمية.. هل تستطيع القوى الجديدة التي سوف تفرزها الحرب أن تدرك دورها و مسؤوليتها السياسية، و تقدم أطروحات سياسية و أفكار تخلق بها واقعا جديدا، و أيضا تتجاوز بها الأسباب الحقيقية التي أدت للأزمة و تنشل العقل السياسي منها.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com