قصة الكاتب الروائي الفلسطيني غسان كنفاني الشهيرة الصادرة عام ١٩٦٣، التي حوّلها فيما بعد المخرج المصري الراحل الكبير توفيق صالح إلى فيلم سينمائي طويل بعنوان "المخدوعون"، الذي أثار ضجة واسعة في دوائر الفلسطينيين وحفيظتهم بنفس الوقت، فلقد هاجموا الفيلم معتبرين توفيق صالح خائنا للأمانة بتغييره بعض تفاصيل القصة في نهاية الفيلم الذي هو تجسيد حي للمأساة الفلسطينية وتخلي الجميع عنها.
فقد انتهى الفيلم بموت الرجال الثلاثة الهاربين إلى الكويت داخل خزان ساخن جدا، عندما تأخر عليهم السائق أبو الخيزران، السائق العاجز جنسيا نتاج إصابته في أحد الحروب السابقة، وقد تأخر عن الموعد المحدد لتلكؤ موظفي الحدود الكويتية ونهمهم ونميمتهم حول خبر وصول الراقصة كوكب، وبالطبع والرجال الثلاثة يعانون في خزان حار إلى درجة الموت.
الفيلم يجسد معاناة الإنسان الفلسطيني بعد النكبة، بعد عشر سنين من ضياع وتشرذم الفلسطينيين، وتحويلهم إلى مجرد لاجئين لا حول لهم ولا قوة في مخيمات وسط قسوة الطبيعة وتقلباتها
في القصة لم يطرقوا الخزان بأيديهم طلبا للنجدة والإنقاذ، أما الفيلم فقد جعلهم توفيق يطرقون الخزان كمطلب وتصرف بشرى طبيعي، وهذا ما شكّل نقطة خلاف رئيسية بينه وبين كثير من الفصائل الفلسطينية.
ولكن الفيلم أصبح أيقونة سينمائية عن القضية الفلسطينية؛ إن لم يكن أهم الأفلام على الإطلاق بالشأن الفلسطيني بشكل عام.
ولقد حاز هذا الفيلم، وهو من إنتاج المؤسسة السورية للسينما، على العديد من الجوائز عند عرضه بمهرجانات عدة. فقد حصل على جائزة لينين للسلام من مهرجان موسكو عام ١٩٧٣. كما فاز بالجائزة الأولى لمهرجان قرطاج، وكذلك الجائزة الأولى من المركز الكاثوليكي ببلجيكا عام ١٩٧٣، هذا فضلا على احتفاء مهرجان كان السينمائي به، واستقباله بعاصفة طويلة من التصفيق.
وبالطبع الفيلم يجسد معاناة الإنسان الفلسطيني بعد النكبة، بعد عشر سنين من ضياع وتشرذم الفلسطينيين، وتحويلهم إلى مجرد لاجئين لا حول لهم ولا قوة في مخيمات وسط قسوة الطبيعة وتقلباتها.
فيلم "المخدوعون" لتوفيق صالح هو أهم منتج إبداعي تناول القضية الفلسطينية بكثير من التفصيل والتدقيق، وكذلك كثير من الشجاعة، ولا شك أن توفيق صالح قد دفع ثمنها كثيرا
ولهذا قرر ثلاثة أفراد النزوح إلى الكويت من أجل الوصول إلى الحد الأدنى من العيش بكرامة وتحقيق مستوى معقول اقتصاديا، فيتقابلون عند شط العرب في البصرة بالسائق أبي الخيزران ويتفقون معه على السعر، ويكون الاتفاق هو الاختباء في الخزان عند عبور الحدود العراقية، وبالمثل عند عبور الحدود الكويتية. وهو اختباء لا يتعدى الست دقائق، ولكن يبدو أن هذه الخطة اختلفت عند الحدود الكويتية، لطول الإجراءات عند موظفي الحدود وتلكؤهم.
وبالطبع لم يجدهم أبو الخيزران أحياء عند الوصول، فتخلص من الجثث في أقرب صحراء؛ في استعارة مكشوفة وصريحة، معادلة موضوعيا لتخلي الأنظمة العربية عن القضية الفلسطينية والاكتفاء بالتظاهر بالدفاع عن القضية، بينما هم في حقيقية الأمر يدعمون وجودهم ومستقبلهم السياسي الذي يكتسب شرعية أكثر صلابة من ذي قبل.
إن فيلم "المخدوعون" لتوفيق صالح هو أهم منتج إبداعي تناول القضية الفلسطينية بكثير من التفصيل والتدقيق، وكذلك كثير من الشجاعة، ولا شك أن توفيق صالح قد دفع ثمنها كثيرا، ولكن عزاءه في هذا أنه الوحيد الذي قدّم رؤاه بمنتهى الشجاعة والحرية في زمن كثر فيه الجبناء.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني الأفلام معاناة النكبة لاجئين أفلام فلسطين لاجئين معاناة النكبة مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
برلماني: نرفض أي سيناريو لتصفية القضية الفلسطينية
رفض النائب محمد عزت القاضي عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين، مؤكدا رفض مصر لأي سيناريوهات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية سواء من خلال التهجير أو غيرها من الأشياء والأمور.
وقال القاضي، إن مصر لن تألو جهدا في دعم شعوب أمتها العربية والإسلامية لحفظ سيادتها وسلامة أراضيها وستواصل جهودها الحثيثة لخفض التصعيد في المنطقة واستعادة الأمن والاستقرار والسلام من أجل المضي قدما على طريق التنمية والتقدم وبناء مستقبل أفضل للشعوب العربية، مشددا علي رفض أي محاولات من الغرب لتصفية القضية الفلسطينية.
ودعا القاضي أن يقوم المجتمع الدولي بمسؤلياته إزاء ما يحدث، مشيرا إلي ان الأحداث الجارية في المنطقة خير شاهد على ما يعيشه العالم من ازدواجية في المعايير وإفراغ للمبادئ والقيم الإنسانية من معانيها وتهميش لقواعد القانون الدولي".
وتابع: إن ما حدث منذ أكتوبر 2023 تعدى كل الحدود والقواعد الدولية والإنسانية فقد تخطت أعداد الوفيات لحدود غير مسبوقة من الفلسطينيين غالبيتهم من السيدات والأطفال وأصيب أكثر من 107 آلاف معظمهم من السيدات والأطفال، وهو الأمر الذي يتطلب محاكمة نتنياهو بدلا من اصدار تصريحات من ترامب تدعو لتصفية القضية الفلسطينية.
واختتم القاضي تصريحاته قائلة :" لا سبيل سوى دعم المقاومة الفلسطينية والعمل علي توحيد الشعب الفلسطيني لمواجهة أي مخططات من القوي الدولية الاستعمارية .