2023.. انتهاكات استثنائية وقبضة حديدية في القدس
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
القدس المحتلة- لم يمرّ عام 2023 على القدس ومقدساتها وسكانها خفيفاً، فمع انطلاقه تولى إيتمار بن غفير حقيبة الأمن في حكومة بنيامين نتنياهو، وبمجرد تقلُده هذا المنصب دفع المقدسيون وما زالوا يدفعون ثمن قراراته التعسفية وتصريحاته المتطرفة.
فبعد أيام من توليه هذه الحقيبة نفذ بن غفير اقتحاما للمسجد الأقصى في جولة استمرت 13 دقيقة وصرّح بعدها "مع كل الاحترام للأردن، إسرائيل دولة مستقلة.
ولم تقف استفزازات بن غفير عند هذا الحد، بل أمر باعتبار الألعاب النارية في القدس مواد متفجرة بحجة أنها تستخدم بشكل غير قانوني تجاه أفراد الشرطة.
وبعد هذا الإجراء، لوحظ اعتقال ومحاكمة مقدسيين وتقديم لوائح اتهام ضدهم لأنهم استخدموا الألعاب النارية خلال المواجهات التي استخدمت فيها الشرطة عُنفا مفرطا بأوامر مباشرة من بن غفير، الأمر الذي أجج ساحة هذه المدينة المقدسة على مدار عام 2023.
إجراءات مشددة يمنع بموجبها غير المسنين من الوصول إلى المسجد الأقصى للجمعة الـ 11 على التوالي (الجزيرة) بالأرقامووفقا لبيانات محافظة القدس-أعلى تمثيل رسمي فلسطيني للمدينة المقدسة- فإن هناك 41 شهيداً منذ مطلع العام الجاري حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم، وتعرض للاعتقال 2612 مقدسياً بينهم 308 أطفال و128 امرأة.
ووفقا للمحافظة أيضا فإن المحاكم الإسرائيلية بالقدس أصدرت 143 أمر اعتقال إداري خلال الفترة ذاتها، و724 قرار إبعاد منها 577 عن المسجد الأقصى الذي اقتحمه حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي 51 ألفا و994 متطرفاً ومتطرفة.
وقد خضع 308 من المقدسيين لعقوبة الحبس المنزلي بينهم أطفال، ونُفذت بمحافظة القدس 292 عملية هدم بينها 73 منشأة اضطر أصحابها لهدمها بأيديهم قسراً تجنبا للغرامات الباهظة التي تُفرض عليهم في حال أقدمت جرافات الاحتلال على تنفيذ عمليات الهدم.
وفي إطار الهدم أيضا، نفذت سلطات الاحتلال 5 عمليات هدم عقابية لمنازل عائلات شهداء وأسرى نفذوا عمليات أدت لمقتل مستوطنين، وكان منزلا الشاب عدي التميمي في مخيم شعفاط أولها، والشاب خيري علقم في حي الشيّاح بالقدس آخرها.
وتندرج عمليات الهدم العقابية في إطار العقاب الجماعي الذي يُتبع في القدس، وتسعى سلطات الاحتلال من خلاله لردع المقدسيين وثنيهم عن أي أعمال تمس بـ "السيادة الإسرائيلية" على المدينة.
وفي إطار العقوبات الجماعية أيضا، شنت سلطات الاحتلال خلال العام عدة حملات ضد الأسرى والأسرى المقدسيين المحررين وعائلاتهم تضمنت الحجز على حساباتهم البنكية ومداهمة عشرات المنازل ومصادرة مصاغ ذهبي وسيارات ومقتنيات أخرى.
وخلال هذه الحملات، طالبت سلطات الاحتلال العائلات المقدسية بتسديد مبالغ مالية ضخمة مقابل رفع الحجز عن الحسابات البنكية، وذلك تنفيذا لقرار وزير الجيش يوآف غالانت بفرض عقوبات مالية على الأسرى المقدسيين وعائلاتهم بحجة تلقيهم مخصصات من السلطة الفلسطينية.
خلال 2023 ارتفع عدد البؤر الاستيطانية بالمدينة المقدسة إلى 79 (الجزيرة) مشاريع استيطانيةوفي ملف الاستيطان، فإن اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء الإسرائيلية صادقت على عدة مشاريع استيطانية منها مسار جديد للقطار الخفيف بالقدس، وتوسعة مستوطنة راموت بإضافة 440 وحدة سكنية جديدة وإنشاء "الحديقة الوطنية" التي ستقام على مساحة 600 دونم من أراضي بلدتي العيساوية والطور وتسمى "منحدرات هار هتسوفيم".
كما تمت المصادقة على مخطط حديقة "وادي مجلّي" التي ستقام على مساحة 720 دونما بين بلدتي بيت حنينا وشعفاط (شمالي المدينة) لصالح مستوطنة "بسغات زئيف".
ويضاف إلى ذلك مشاريع أخرى تنفذ على الأرض حاليا كالشارع الأميركي وشارع النفق وغيرهما.
ولم يتوقف الاستيطان عند حد المصادقة على المشاريع الجديدة، بل امتد هذا العام ليشمل الاستيلاء على منزلين مقدسيين بالبلدة القديمة يعودان لعائلتي صب لبن وإدريس، وبإخلائهما ارتفع عدد البؤر الاستيطانية بالبلدة القديمة إلى 79 بؤرة وفقا للباحث في شؤون الاستيطان أحمد صب لبن.
اعتداءات المستوطنين بالقدس زادت وتيرتها وكذلك المضايقات على وصول المصلين إلى المسجد الأقصى (الجزيرة) أسرلة وتذويبوفيما يتعلق بملف تذويب الهوية الوطنية الفلسطينية بالقدس ومحاولات الأسرلة المستمرة، فإن الحكومة الإسرائيلية صادقت في أغسطس/آب المنصرم على الخطة الخمسية الجديدة التي حملت اسم "تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية والتنمية الاقتصادية لشرقيّ القدس، 2024-2028".
وتهدف الخطة لربط المقدسيين بالمنظومة الاجتماعية والاقتصادية والقانونية الإسرائيلية، وما يتمخض عن ذلك من محاولة السيطرة عليهم وردعهم عن العمل الوطني، من خلال تكبيلهم بالمزيد من الارتباط بالمؤسسات الإسرائيلية المختلفة.
ورغم محاولات التذويب التي تتم عبر سياسة التغلغل الناعم بالمقدسيين، فإنه لا صوت يعلو على سياسة القبضة الحديدية في القدس منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ حولت سلطات الاحتلال مدينة المقدسة إلى ثكنة عسكرية، وأحكمت قبضتها على البلدة القديمة والمسجد الأقصى، واعتدت على كل من حاول الوصول إليهما.
ومع انطلاق الحرب، منعت قوات الاحتلال المقدسيين من الجلوس على مدرجات باب العامود، وتصاعدت الانتهاكات التعسفية بالبحث أهالي المدينة عبر تفتيشهم بشكل مذل وتفتيش هواتفهم بحثا عن صور ومقاطع فيديو تتعلق بالحرب لمعاقبتهم عليها.
كما تصاعدت اعتداءات المستوطنين واستفزازاتهم ضد المقدسيين وممتلكاتهم ومركباتهم، خاصة في الأحياء التي تغلغلت فيها البؤر الاستيطانية.
استهداف التعليم
الهجمة على التعليم والمنهاج الفلسطيني في القدس استمرت خلال عام 2023، ونفذت طواقم بلدية الاحتلال ووزارة المعارف الإسرائيلية حملات دهم لبعض المدارس تم خلالها تفتيش حقائب الطلبة بحثا عن كتب المنهاج الفلسطيني، بينما منع طلبة مدارس الأقصى من دخول بوابات المسجد المبارك بادعاء احتواء حقائبهم على الكتب الفلسطينية.
وفي إجابته عن سؤال ماذا ينتظر القدس عام 2024 على ضوء الانتهاكات التي تعرضت لها المدينة خلال 2023، أجاب مدير مركز القدس للدراسات المستقبلية أحمد رفيق عوض بالقول إن مستقبل القدس مرتبط بمجمل التسويات والجهود السياسية الإقليمية والعالمية من أجل تقديم حل للفلسطينيين.
وحتى يحين تقديم الحل فإن إسرائيل ستعمل على مزيد من التهويد والأسرلة وخنق المقدسيين وطردهم والتضييق عليهم، لكنها لن تتمكن حتما من اقتطاعها أو إقصائها من الصراع لأن القدس قلب الصراع وعنوانه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: سلطات الاحتلال المسجد الأقصى فی القدس بن غفیر
إقرأ أيضاً:
أسرى القدس المحررون.. حكايات وأوجاع
القدس المحتلة – بعد ثمانية أشهر ونيف، تحررت من سجون الاحتلال الطفلة المقدسية روز خويص التي ستنتقل إلى مرحلة الشباب في أبريل/نيسان المقبل، وذلك بعد إدراج اسمها في قائمة الأسيرات اللاتي سيتحررن ضمن الدفعة الأولى من صفقة التبادل التي وقعت بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
اتهمت روز بمحاولة تنفيذ عملية طعن قرب باب السلسلة، أحد أبواب المسجد الأقصى، وبعد سلسلة جلسات في محاكم الاحتلال، طالبت النيابة العامة الإسرائيلية بسجنها لمدة 15 عاما تم تقليصها لاحقا لعشرة أعوام.
لم تكن هذه الطفلة تعاني من أي مشكلات صحية قبل اعتقالها، لكنها تقول إن ظروف الزنازين البائسة التي احتُجزت فيها بطريقة مهينة "كانت كفيلة بإصابتي بجلطة وارتفاع في ضغط الدم نُقلت على إثرهما للمستشفى ومكثت على سرير المرض أربعة أيام لم يقدم لي خلالها العلاج الملائم".
وبعد عودتها إلى السجن، طلبت روز مرارا زيارة الطبيب بسبب آلامها، لكن رد السجانين كان يأتي بتعنيفها ورفض طلبها دائما وإجبارها على العودة إلى الزنزانة.
أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الليلة الماضية عن 16 أسيرا وأسيرة من مدينة القدس، في اليوم الأول من المرحلة الأولى، ضمن الصفقة المبرمة بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي.
والأسرى المحررون هم: آدم الهدرة، وعصام أبو دياب، وفراس المقدسي، وثائر أبو سدرة، وقاسم جعافرة، ومحمود… pic.twitter.com/wqtbVs5Dzf
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) January 20, 2025
إعلان قمع وإهانة"تعامل إدارة السجن معنا كان سيئا للغاية.. كنا نتعرض للقمع المتواصل ولإجراء النقل من زنزانة إلى أخرى بشكل مفاجئ، إضافة لسوء التغذية، وعدم تقديم العلاج للأسيرات المريضات واقتصار الأدوية على نصف حبّة من المسكن"، أضافت المحررة روز خويص.
وعن أقسى ما حرمت منه الأسيرات في السجون الإسرائيلية خلال الحرب، قالت روز "الهواء والضوء"، إذ لا يسمح للأسيرات بمغادرة زنازينهن لرؤية الشمس سوى لساعة واحدة يوميا.
وقبيل تحررهم بيوم واحد، تم نقل 90 أسيرة وطفلا من السجون إلى سجن عوفر غرب مدينة رام الله تمهيدا لإطلاق سراحهم، ومن بينهم روز خويص التي طوت صفحة اعتقالها وفتحت صفحة جديدة في كتاب حياتها الذي كان عنوان آخر فصول الطفولة فيه "الأسر في ظل الحرب".
وكان نصيب القدس من الدفعة الأولى بصفقة تبادل الأسرى 16 أسيرا، هم 7 قاصرين و9 نساء، وبعد تجميع هؤلاء في سجن عوفر تم نقلهم إلى مركز تحقيق المسكوبية في غربي القدس واحتجزوا لساعات طويلة فيه قبل أن توصلهم مخابرات الاحتلال في سيارات خاصة بعد منتصف ليلة الاثنين إلى منازلهم التي تأكدوا من خلوّها من المهنئين.
ومن بين الأسيرات المحررات زينة بربر من حي رأس العامود في بلدة سلوان، وهي ابنة الأسير المقدسي المحرر مجد بربر، الذي قضى 20 عاما في سجون الاحتلال وتحرر في مارس/آذار 2021، ويتهم الاحتلال زينة بالمشاركة في أنشطة طلابية في إطار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وبالتحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
واقتحمت شرطة ومخابرات الاحتلال منزل زينة بربر خمس مرات في اليوم الذي تحررت به، وأفاد شهود عيان للجزيرة نت بأن دوريات من الشرطة والجيش كررت اقتحامها للحي ولمحيط المنزل اليوم الاثنين للتأكد من عدم تردد المهنئين عليه، وضمان عدم إقامة احتفالات ابتهاجا بتحرر زينة.
لقاء الأسيرة المحررة المقدسية زينة بربر من القدس المحتلة بأقاربها بعد الإفراج عنها ضمن صفقة طوفان الأحرار. pic.twitter.com/zkiJLpzib0
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) January 20, 2025
إعلان معظم المحررات موقوفاتوتحررت أيضا المقدسية نوال فتيحة التي كانت تقضي حكما بالسجن لمدة ثمانية أعوام، قضت منها قرابة خمس سنوات بعد اتهامها بمحاولة تنفيذ عملية طعن.
أما بقية الأسيرات المحررات فجميعهن موقوفات وتتهمهن سلطات الاحتلال بالتحريض عبر مواقع التواصل باستثناء أسيل شحادة من مخيم قلنديا والتي اعتقلت قبل أشهر بعد رفعها الراية الخضراء خلال سيرها باتجاه حاجز قلنديا العسكري شمال القدس.
ومن أبرز المحررين القاصرين محمود عليوات الذي اعتقل مطلع عام 2023 بينما كان يبلغ من العمر 13 عاما بعد تنفيذه إطلاق نار في حي وادي حلوة ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى أصيب على إثره مستوطنان مسلحان، وخاض اشتباكا مع أحدهما قبل أن يصاب بالرصاص ويعتقل.
وبسبب صغر سنه، خرج عليوات من المستشفى بعد التعافي من إصابته إلى مؤسسة داخلية تتبع لوزارة الشؤون الاجتماعية الإسرائيلية حتى بلغ من العمر 14 عاما ونُقل إلى السجون، وكان ينتظره حكم بالسجن ما بين 15 و20 عاما، واعتبر مختصون بشؤون الأسرى أن تحرره يعتبر مكسبا كبيرا.
ووفق بيانات لجنة أهالي الأسرى، يقبع في سجون الاحتلال 440 أسيرا مقدسيا بين شاب ومسن، ويضاف إليهم 12 أسيرة تحررت منهن 9، و70 قاصرا تحرر منهم 7.
ويعد الأسير المقدسي وائل قاسم صاحب أطول حكم إذ يقضي حكما بالسجن لمدة 3515 عاما، وأُدرج اسمه ضمن المرحلة الأولى من الصفقة لكن مع نية إبعاده خارج البلاد، كما يقبع في السجون 42 أسيرا مقدسيا محكوما بالسجن مدى الحياة.