إن العزلة الدولية المتزايدة، وتصاعد الانتقادات الداخلية والأسئلة المتعلقة بتجاهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الواضح للمصالح الأمريكية، تجعل الرئيس الأمريكي جو بايدن يغير مساره فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية في غزة، بحسب ألون بينكاس في تحليل بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية (Haaretz).

ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى مساء أمس الأحد 20 ألفا و424 شهيدا، و54 ألفا و36 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

بينكاس تابع، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "في الأسابيع القليلة الماضية، تعرض بايدن لانتقادات متزايدة وتدقيق سياسي بشأن حرب غزة، وخاصة دعمه الثابت لإسرائيل".

وأردف: "إذا قمت بربط عدة نقاط من الأسبوع الماضي، من زيارة وزير الدفاع (الأمريكي) لويد أوستن إلى تل أبيب، إلى مقال توماس فريدمان اللاذع في نيويورك تايمز، إلى امتناع واشنطن عن التصويت على قرار مجلس الأمن بشأن زيادة المساعدات الإنسانية لغزة، فستُظهر الصورة تغيرا تدريجيا في السياسة الأمريكية".

ومنذ اندلاع الحرب، قدمت إدارة بايدن للاحتلال أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى بات منتقدون يعتبرون واشنطن شريكة في "جرائم الحرب" الإسرائيلية بغزة.

اقرأ أيضاً

بايدن ونتنياهو يتوصلان إلى صفقة حول استمرار حرب غزة.. هذه تفاصيله

قنابل تزن 907 كجم

"يتعرض بايدن لانتقادات لأنه يطلق العنان لإسرائيل في قصف غزة عشوائيا، عبر امتناعه عن ممارسة ضغط فعال علىها للموافقة على وقف إطلاق النار أو تغيير أساليب الحرب وتقليص حدتها؛ ولأنه لم يطالب إسرائيل بقوة أكبر بتوضيح نواياها فيما يتعلق بغزة بعد الحرب"، كما زاد بينكاس.

وأردف: "كانت الانتقادات واضحة في الأيام الأخيرة، في البداية جاءت قصتان استقصائيتان رئيسيتان: تقرير نيويورك تايمز عن استخدام إسرائيل قنابل تزن 907 كيلوجرامات في أجزاء من جنوب غزة، حيث طلبت من الفلسطينيين الذين فروا من الشمال أن يبحثوا عن ملجأ".

وتابع: "وقصة نشرتها واشنطن بوست حديث إسرائيل عن أن حماس استخدمت مستشفى الشفاء كمركز للقيادة. ومن المؤكد أن القصتين كان لهما تأثير على المنشقين داخل الإدارة الأمريكية".

بينكاس استطرد: "ثم جاء مقال فريدمان بعنوان "حان الوقت لكي تمنح الولايات المتحدة إسرائيل بعض الحب القاسي". وكتب فريدمان، المؤيد لإسرائيل ولبايدن: "حان الوقت للولايات المتحدة لتخبر إسرائيل أن هدف حربها، المتمثل في محو (حركة) حماس من على وجه الأرض، لن يتحقق".

وشدد فريدمان على أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنامين نتنياهو) يعطي الأولوية لاحتياجاته الانتخابية على مصالح الإسرائيليين.

واقترح أن "يطرح الأمريكيون عرضا على الطاولة: انسحاب إسرائيلي كامل من غزة مقابل جميع الأسرى ووقف دائم لإطلاق النار تحت إشراف دولي، بما في ذلك مراقبون من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) ومراقبون عرب".

و"في اليوم نفسه (22 ديسمبر/ كانون الأول الجاري)، امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على قرار بمجلس الأمن يدعو إلى "وقف مؤقت لأجل غير مسمى" من أجل تدفق المساعدات الإنسانية (إلى غزة)، وإعادة التأكيد على فكرة أن السلطة الفلسطينية ستوسع في مرحلة حكمها من الضفة الغربية إلى غزة"، بحسب بينكاس.

اقرأ أيضاً

فاتورة الهزيمة في غزة.. من يدفعها أولا: بايدن أم نتنياهو؟

دعم غير مشروط

وبعد أسابيع قليلة من هجوم "حماس"، وفقا لبينكاس، "بدأ حلفاء الولايات المتحدة في طرح أسئلة سرعان ما تحولت إلى انتقادات صريحة. كان حلفاء مثل كندا وفرنسا وأستراليا واليابان يشككون في اختلال التوازن الأمريكي والدعم غير المشروط الذي قدمته لإسرائيل".

وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط غزة.

وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1140 إسرائيليا وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

ولفت بيكناس إلى أن "دعم بايدن العميق والعاطفي لإسرائيل، والدمار الواضح الذي أحدثه هجوم حماس، أعقبه قيام الأمريكيين بتقديم مساعدات عسكرية سخية، ونشر مجموعتين هجوميتين من حاملات الطائرات في البحر الأبيض المتوسط لردع إيران وحزب الله (اللبناني) عن تصعيد الصراع، وإثناء إسرائيل ضمنيا عن ذلك".

وتابع: "واقترنت المساعدة المادية بمظلة دبلوماسية واسعة، وفسر العالم ذلك إما على أن بايدن يمتنع عن الضغط على إسرائيل بطريقة مجدية لتغيير ديناميكيات الحرب أو أنه أعطى إسرائيل تفويضا مطلقا في غزة".

وأفاد بأن "ذلك أدى إلى عزلة الولايات المتحدة، ووحدها تقريبا في العالم التي تدافع عن إسرائيل: وهو العكس تماما لما حدث في 2022 في أوكرانيا".

اقرأ أيضاً

3 خلافات بين نتنياهو وبايدن.. غزة تدفع شريكي الحرب نحو صدام

انتقادات داخلية

كما أن "هناك المشهد السياسي الداخلي في واشنطن، وخلافا للحالة في أوكرانيا، توجد معارضة متزايدة وإحباط بشأن سياسة الشرق الأوسط"، كما أردف بينكاس.

وأوضح أن هذه المعارضة "في ساحتين: داخل الإدارة ذاتها وداخل الحزب الديمقراطي (حزب بايدن)، سواء في الكونجرس أو بين الجماعات المنتقدة في الائتلاف الانتخابي الديمقراطي".

ومضى قائلا إنه "توجد القليل من الثقة في نتنياهو داخل الإدارة، ووصلت المشاعر المعادية لإسرائيل بين الشباب الديمقراطيين إلى مستويات خطيرة في ولايات رئيسية".

ويأمل بادين في الفوز بولاية رئاسية ثانية في انتخابات مقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

بينكاس أضاف أنه "يبدو أنه خلال الأسبوعين الماضيين تحقق هذا الإدراك الثلاثي: تموضع أمريكا العالمي، وانتقادات داخلية، وأسئلة متعلقة بتجاهل نتنياهو للمصالح الأمريكية".

اعتبر أنه "من المستحيل أن نتوقع تحولا بمقدار 180 درجة في السياسة (الأمريكية)، وبالتأكيد ليس في ظل ظروف الحرب التي دعمتها واشنطن".

واستدرك: "لكن، إذا نظرت إلى الأدلة والتصريحات وعلامات الضغط في الأيام العشرة الماضية، فمن الواضح أن الأمريكيين بصدد تصحيح المسار".

اقرأ أيضاً

فشل في غزة.. كيف ينقذ نتنياهو نفسه؟ وإلى أين يستدرج بايدن؟

المصدر | ألون بينكاس/ هآرتس- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بايدن مسار الحرب على غزة إسرائيل نتنياهو حماس الولایات المتحدة اقرأ أیضا فی غزة

إقرأ أيضاً:

صحف عالمية: نتنياهو دمّر إسرائيل وعهده المظلم يوشك على الانتهاء

تناولت صحف إسرائيلية وعالمية الخلاف المتزايد بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الشاباك رونين بار، وقالت بعضها إن الحرب دمرت إسرائيل كما دمرت قطاع غزة.

ففي صحيفة هآرتس، كتب يوري مسغاف مقالا دعا فيه الإسرائيليين لعدم اليأس، قائلا "إن عهد نتنياهو المظلم يوشك على الانتهاء رغم حالة الانقسام".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إندبندنت: النظام الدولي يتفكك والتطبيع مع صور الإبادة تهديد للجميعlist 2 of 2محللون إسرائيليون يستبعدون توسيع الحرب أو التوصل لصفقة قريبةend of list

وأشار الكاتب إلى أن مكانة نتنياهو العالمية أصبحت في الحضيض، وشدد على ضرورة ملاحقته وداعميه في كل مكان، بسبب القتل العشوائي المستمر للمدنيين، مضيفا "أنه لم يُدمر قطاع غزة فحسب، بل دمّر إسرائيل أيضا".

وفي "تايمز أوف إسرائيل"، حذّرت أستاذة القانون سوزي نافوت من أن شهادة رئيس الشاباك "تمثل إنذارا خطيرا لمستقبل الديمقراطية في إسرائيل".

وأوضحت أن بار "لم يدافع عن منصبه، بل عن استقلال الجهاز"، وحذرت من محاولات إخضاع الشاباك للولاء الشخصي، واصفة الأمر بأنه "تهديد لسيادة القانون ومؤشر على انزلاق إسرائيل نحو حكم سلطوي وتقويض النظام الديمقراطي فيها".

المديح المنافق

أما صحيفة غارديان البريطانية، فنشرت مقالا للكاتب أوين جونز قال فيه إن البابا فرانشيسكو "تحلى بقيادة أخلاقية لموقفه من الحرب في غزة في زمن لا أخلاق فيه".

إعلان

وأضاف الكاتب أن التاريخ "سيُخلد شجاعة البابا في مواجهة واحدة من أكبر مآسي هذا العصر"، منتقدا موجة الإشادة الواسعة بالبابا فرانشيسكو، التي وصفها بـ"المديح المنافق"، خصوصا من شخصيات ووسائل إعلام كانت متورطة في السياسات التي عارضها البابا.

وفي شأن آخر، لفت تقرير في مجلة "تايم" إلى أن رفض طلب الإفراج المؤقت عن الناشط محمود خليل لحضور ولادة ابنه "يسلّط الضوء على ما يصفه بعض الخبراء بنمط من استخدام فصل الأسرة كوسيلة ضغط على مجتمعات محددة في الولايات المتحدة".

وأشار التقرير إلى أن سلطات الهجرة الأميركية كانت لديها سلطة تقديرية لمنح خليل إفراجا إنسانيا مؤقتا، وقال إنها "ممارسة تُستخدم بانتظام في ظروف مثل الولادات أو الوفيات العائلية، لكنها اختارت منعها عن الناشط الفلسطيني".

نووي إيران ومفاوضات أوكرانيا

وفي ما يتعلق بتطورات المفاوضات النووية مع إيران، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إن معظم الخبراء "يرون أن المقترح الأميركي بشأن برنامج نووي مدني كحل وسط محتمل مع طهران، سيكون أمرا بعيد المنال".

ووفقا للصحيفة، فإن قبول هذا المقترح "سيجعل طهران تعتمد على مصادر وقود أجنبية، في حين سيعمق رفض المقترح مخاوف الغرب من سعي طهران للحفاظ على خيار تطوير أسلحة نووية".

وأخيرا، نشرت مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية مقالا لجاكوب هيلبرون، الذي طرح تساؤلات عن "نية الرئيس دونالد ترامب التخلي عن أوكرانيا"، مشيرا إلى مقترح يمنح موسكو تنازلات كبرى.

وأشار الكاتب إلى أن أبرز هذه التنازلات يتمثل في رفع العقوبات عن روسيا، والاعتراف بسيادتها على شبه جزيرة القرم، ومنع انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

واعتبر هيلبرون أن هذا التوجه "يعكس ضعف واشنطن أمام قوى مثل روسيا والصين، مما قد يشكل سابقة خطيرة في السياسة الخارجية الأميركية". وحذر الكاتب من أن أوكرانيا "قد تكون أولى محطات فشل إدارة ترامب في تحقيق أهدافها الدولية".

إعلان

مقالات مشابهة

  • باراك: نتنياهو يقود “إسرائيل” نحو الهاوية.. وحربنا في غزة عبثية 
  • كدمات زرقاء مفاجئة على الجسم؟.. إليك أبرز الأسباب المحتملة
  • ترامب: طلبت من نتنياهو سلوكا جيدا تجاه غزة
  • زيلينسكي يطالب بضمانات أمنية أمريكية مشابهة لإسرائيل
  • العرب يدعون واشنطن لإنهاء انحيازها لإسرائيل ويرفضون تهجير الفلسطينيين
  • انقسامات وخلافات داخل إسرائيل تهدد نتنياهو
  • صحف عالمية: نتنياهو دمّر إسرائيل وعهده المظلم يوشك على الانتهاء
  • نتنياهو يصر على إبادة غزة "ولو وقفت إسرائيل وحدها"
  • نتنياهو: إيران تمثل تهديداً وجودياً لإسرائيل
  • ديفيد هيرست: حماس لن تأخذ الأموال وتهرب من غزة لهذه الأسباب