عصام البشير: دعوة لمواصلة طاحونة الحرب والموت !!
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
في (إفاقة متأخرة) تحدث "مولانا عصام أحمد البشير" ليقحم الدين في هذه الحرب العبثية (وكأنها ناقصة)...!
بعد (غيبة طويلة) خرج الرجل على الناس في (لايف) من (مقر إقامته) ليدعو إلى مواصلة هذه الحرب اللعينة ولم يقل كلمة واحدة عن القتلى الأبرياء أو يترحّم عليهم..!
وهكذا جاءت دعوته بعد أن (اندلق اللبن) وتهدمت البلاد وتم تشريد ستة مليون مواطن.
قال (لا تخذلوا دينكم)..ولا ندري ما علاقة الدين بهذه الحرب "البرهانية الدقلاوية"..؟! هل هذه نسخة آخري من متاجرة الإنقاذ بالدين في صراعها على السلطة والمال ونشب الدنيا..؟! ألا يعلم مولانا من هم الذين يموتون في هذه الحرب..؟! كيف جاز لرجل في هيئة وطيلسان العلماء أن يتحدث بعد كل هذا الموت الأحمر..ولا يترحّم على أكثر من عشرة آلاف روح بريئة أزهقت في هذه الحرب العبثية..؟!
هل هو من أنصار وصف هذه الحرب بالعبثية كما قال البرهان أو أنها حرب كرامة كما يقول الفلول..؟
لقد جعل مولانا في كلمته من هذه الحرب حرب دينية بالكامل وقتالاً في سبيل الله..! وقال مخاطبا أهل السودان: (لا تخذلوا دينكم)..وهو يعلم بطلان هذا التوصيف على حرب تعلو فيها صيحة "الله اكبر" من الجانبين عند كل مقتلة..! هكذا يقدم مولانا بإقحامه الدين في هذه الحرب وقوداً جديدا لها...!
الرجل يعلم حرمة الروح عند خالقها..وهو يكرر ذلك في مطولاته عن الرفق والمرحمة و(الوسطية) والجنوح للسلم ..ولكن من الواضح إن الرجل (مجبور) من جماعته في الحركة وفي التنظيم العالمي للاخونجية ليقول ما قاله..! فقد قام بتسجيل كلمته المحرّضة على مواصلة الحرب بصوت باهت (ومن غير نفس) وكأنه يؤدي واجباً ثقيلاً مفروضاً عليه..ولم ينفعل مع عباراته كما هي عادته..بل بدا جامداً مستعجلاً الفراغ من التسجيل..وهو الذي اشتهر بالاستشهاد والتطويل ورواية الأشعار.. ومن عادة الكيزان ألا يتركون أحداً من جماعتهم من غير أن يعلن مناصرته لهم في (أوقات الزنقة) سداداً للدين القديم ..!
مولانا لم يخالف نهجه القديم في (إيثار السلامة)..وحتى عندما كان يتظاهر بنقد نظام الإنقاذ المُجرم..كان (يضرب على خفيف) في الإطراف التي لا تؤلم..! ولم يستنكر على الإنقاذ قتل الغيلة والإبادة ودفن الناس أحياء ولا الاغتصاب والاحتكار والسرقة وغرس المسامير في الرءوس..حتى تم استيعابه في وزاراتها ومناصبها وريعها..فسكت عن (الخفيف والتقيل)..!
مولانا يناصر الفلول على حساب أبناء وطنه وأرواح بنيه..كل الدنيا تدعو إلى إيقاف الحرب..بداية من ضحاياها إخوته في الوطن..وليس انتهاء بكل (ذي كبد رطبة) ومعهم دول الجوار ومنظمات العالم وهيئاته ووكالاته الإنسانية والأمم المتحدة..(إلا مولانا عصام وإخوته الكيزان)..مع إن مولانا يبدو في صورة المنتمين إلى النطاق الخيري والمنظمات الدعوية السلمية والعمل العام (الناعم)..!
هل أصبح الرجل فجأة من أنصار تسعير الحروب..وقام بتقديم مصلحة التنظيم على مصلحة الوطن وأهله..؟! أين هذا الرجل مما يحدث في أرض السودان الآن من قتل وقصف واستهانة بأرواح المدنيين الأبرياء وهو يدعو إلى حشد المستنفرين ومواصلة طاحونة الموت..؟!
الغريبة أن مولانا لعن من قام بتمويل قوات الدعم السريع..ألا يعلم مولانا من الذي قام بتمويلهم..؟!
إذا كان الأمر (أمر دين) فلماذا يا مولانا لا يتقدم الكيزان وقادتهم الصفوف..أين أبناؤكم وانتم تحشدون الصغار بملابس البيت..بلا تدريب ولا تجهيز ولا حماية..وليس في أيديهم عصا..؟!
هكذا يعود كل من ينتسب إلى الكيزان إلى حظيرة السمع والطاعة وتغييب العقول..مهما أضفى على نفسه من تمويه وتغطية وأزياء تنكرية...! الله لا كسّبكم..!
murtadamore@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی هذه الحرب
إقرأ أيضاً:
الوافي في فكر القذافي”!”
#الوافي في #فكر_القذافي”!”
من قلم د. ماجد توهان الزبيدي
في طقس من مطر المزن المتواصل حوالي الساعة الثامنة من صباح اليوم السبت،تدرّج الكاتب من أحد “معاقله” بحي الشيخ خليل، بمنطقة النزهة ،من مدينة إربد الأردنية، صوب حاكورته بالحي الشرقي متفقداً مزروعاته التي تنعم الآن بماء السماء ،منتعشة،زاهية، زاد إخضرار أوراقها للون الزيتي من الإرتواء،بعد أن اخذت بالرقص والتمايل فرحاً!
جمع صاحب الحاكورة، ماتيسر له أن يجمعه يومياً ،من رؤوس البصل وأوراقها،وأشتال الكزبرة،قبيل تناول وجبة الإفطار،وعرّج في مشواره تالياً على إستراحة صديقه وزميله في هواية زراعة الحواكير البعلية بين عمارات الحي الشرقي من المدينة، تحت هطول مطر المزن الخفيف،في جلسة رائعة تعيد المرء لطبيعة حياة الرعاة الأولى في السهول والبوادي بين الماء والتراب والخضرة والهواء المنعش وأشعة الشمس المتسللة بحياء من بين الغيوم والسحب السوداء، سحب الخير للإنسان والحيوان والنبات والجماد!
سألني صديقي الضابط المتقاعد ،المزارع حالياً سليمان الصمادي (أبو مصطفى) سؤالً مُباغتاً: كم ديناراً كسبت من بيع كتابك الأخير؟!
ـ بعتُ بعشرة دنانير أردنية ،وكلّفني 150 ديناراً!
ضحك ،سائلي ،ثم قهقه عالياً،ثم إستند وقال:” أنا لم أكن لأرضى بأقل من ألفي دينار للكتاب الواحد ، من كتبي التي كنت أنشرها وابيعها”!
وأضاف الرجل: كل كتبي حققت أرباحاً مرتفعة،بسبب بيعي بالجملة لعشرات النسخ لكثير من مؤسسات الدولة ،كالتوجيه المعنوي،ومدارس التربية والتعليم،ومكتبات الجامعات،ومديرية المطبوعات ،والوزارات…..
قاطعته:أنت متخصص في إعداد كتب تاريخية معظمها في الثورة العربية الكبرى ورجالاتها ،وموضوعات قريبة منها ،بينما كُتبي في موضوعات أخرى…
قاطعني الصديق: كتاب واحد أعددته بالإشتراك مع صديق خانني بعد أن خان الأمانة بيننا،إنه كتاب:”الوافي في فكر القذافي”….
قاطعته فوراً:أنا أعرفك من ربع قرن ،هذه اول مرة اعلم فيها انك تهتم بمثل ذلك الفكر في إفريقيا!
عدلَّ الرجل ثانية من جلسته،ثم ازاح كومة من “زنابيط”بصل، بعد ان قسمها بيني وبينه،تمهيداً للإنقضاض عليها في وجبة الإفطار بعد ساعة لاحقة، واخذ بتوضيح الأمر بقوله:
“سيبك من الكتابة والتأليف لأجل العلم والفكر،لأنها لا تطعم خبزاً ،ولا احد من قراء العرب امس واليوم يسأل عنها! وانت تعلم أن معظم زملاءك من الدكاترة وكثير من مُعلّمي المدارس لا يرتادون معارض الكتب الوطنية والعربية،وليس من طبعهم شراء الكتب!لمن تُرهق نفسك وتسهر الليالي، وترتاد المكتبات الجامعية لسنة أو يزيد من أجل تأليف كتاب ثم لا يشتريه أحد؟!
وهنا كان من الواجب أن أصارح صديقي ان كتابي الأخير كان معروضا بسعر علبة سجائر وطنية :ديناران ونصف الدينار(تكلفة الإنتاج)، ولم يُبع منه سوى بعشرة دنانير ،بينما اخذ الحاضرون من معارفي ممن حضر حفل التوقيع حوالي ستين نسخة دون دفع فلسا واحد!من منطلق غياب وجود عادة الدفع للعلم والمعرفة عندهم!في وقت يمسك بعضهم بعلبتي سجائر وبهاتفين خلويين في آن!ويتفاخر بعضهم انه يحرق بين علبتي وثلاث علب سجائر يومياً!
تبسّم صديقي قائلاً:أنا أعلم منك برجالات عربنا!ثم إستدار نحو سيرة الكتاب الذي ألّفه أو أعدّه عن فكر القذافي بمشاركة مع صديق له ،أتفقا ان يحمل الأخير مئات من النسخ معه بالطائرة صوب طرابلس الغرب، لتقديم الكتاب للحكومة الليبية و”اللجان الشعبية الثورية الديمقراطية العربية الإفريقية…”،رحمها الله وغفر لها ، ليعود الرجل ويقول لزميله المؤلف الأول معه أن اللجان الثورية صادرت الكتاب،ولم تمنحه فلساً واحدا!
واضاف صديقي في حديث ضاحك جميل تحت مطر المزن بين حقول حاكورته من الفول والحمص والبصل : كيف لي ان أُصدّق ان كتابا مثل كتابنا “الوافي في فكر القذافي” المليء بالثناء على أُطروحات الرئيس والزعيم العربي الليبي الإفريقي ،وعميد الحكام العرب،وملك ملوك إفريقيا ،وباعث النهر الصناعي العظيم،لا يرجع بأقل من عشرين ألف دولار لكل مؤلف من مؤلفيه؟
أجبته: يارجل :انت شخصياً لو ذهبت مرتدياً بذلةً خضراء وقميصأً أخضر وربطة عنق خضراء، وحذاءً أخضر وجواريب خضراء ،فحسب،لقفلت راجعاً من ثكنة “العزيزية” بعشرة آلاف دولار على أقل تقدير!
هزّ صديقي المكافح ابو مصطفى رأسه علامة على موافقته على رأيي ،ثم قال:لا شيء يفسخ العلاقات بين الأصدقاء سوى الفلوس!سامحه الله! ثم أضاف الرجل:بعد التجربة تبيّن ان كل ماكان القذافي يقوله “طلع صح”!
لم يبدِ الكاتب رأيّأً في الرأي الأخير لصديقه ،لكنّهُ وجههُ للبحث في المكتبات عن كتاب ،ربما يكون شريكه في تاليف كتابهما المشترك “الوافي في فكر القذافي” قد أعدّهُ بعد وفاة الزعيم الليبي ،ووزعه في دول الخليج تحت عنوان” الكافي الوافي في فكّ طلاسم القذافي”!!(12 نيسان /أبريل)