هل تتمدد الحرب ب”البرروة”؟ (2-2)
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
استنكرت قحت في بيانها عقب هجوم الدعم السريع على ود مدني "تمدد الحرب" إليها وإلى غيرها من الجهات من بينها الإضية في كردفان. واستغرب كثيرون صمت البيان المطبق (واستن بسنته بيان تقدم الذي صدر بعده واستنكر تمدد الحرب بغير فعل فاعل). وهذا ما أخذه عليها الناشط الثقافي عمر عشاري القريب منها. فوصف تحرك "الدعم السريع" نحو ود مدني بأنه "بربري وغبي ومتعد مثل انتهاكات صارخة كانت أبشعها عملية الإبادة للمساليت في دارفور".
يقال في السودان للخذول وقت الحاجة "إنه لم يعط الأمر ضحوة"، و"الضحوة" هي نوبة الضحى في دورة الساقية اليومية التي تبدأ بالصباحي فالضحوي فالعشاوي. وتوقع كثيرون من غير أنصار "قحت" لو أعطت الأخيرة الهجوم على ود مدني ضحوتها خالصة مثل ما فعلت الخارجية الأميركية، بل وياسر عرمان الذي هو من نجوم "قحت" اللوامع. ففي الـ16 من ديسمبر ناشد ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، "الدعم السريع" أن توقف تقدمها إلى داخل ولاية الجزيرة والامتناع عن الهجوم على مدينة ود مدني على وجه السرعة. ونبه إلى أن الهجوم على المدينة سيعرض سكانها والنازحين إليها المنهكين إلى انتهاكات لا تتفق مع زعم "الدعم السريع" التي قالت إنها تقاتل لحماية السودان. وتشاءم ميلر من عواقب الهجوم لأن النزوح من المدينة بدأ لدى ذيوع خبر تقدم "الدعم السريع". فخرج، في قوله، "مواطني المدينة وضيوفها من نازحي الخرطوم لا يعرفون إلى أية وجهة يفرون". وخرج ياسر عرمان، من جانبه، بضحوته مستقلاً. فقال إن "الهجوم على ود مدني، التي ضمت النازحين من الخرطوم بجانب سكانها، غير مبرر وانتهاك صريح لحقوق المدنيين وحمايتهم". وهو هجوم، في قوله، سيتكرر فيه سيناريو الخرطوم من النهب الواسع لمال أهلها وعقاراتهم، ودعا إلى وقف الهجوم على ود مدني. وأضاف أن "قضية حماية المدنيين، نفساً ومالاً، أمر لا يحتمل التغاضي أو الصمت عنه، سواء جاء من الدعم السريع أو من الجيش"، وأضاف أن سبيلهم إلى وقف الحرب وتعزيز جبهة وقفها ينحصر في الاحتجاج بصورة واسعة على وقوع مثلها.
إن الموقف المناهض للحرب، طاقة لا غنى عنها لحصر شرورها حتى لو لم يوقفها. وتكمن فاعليته في أن يتعزز بأدوات للتربص بخروق الأطراف فيها، والأخذ بناصية الحياد بين أطرافها، وقول أسأت للمسيء في وجهه. ولم تتوافر هذه الأدوات لـ"قحت" إلى يومنا مع أنها بشرت بذلك في بيانها الختامي لاجتماعها في أديس أبابا في الـ16 من أغسطس الماضي. فدعت إلى ضرورة "إنشاء مرصد مستقل يراقب ويرصد الجرائم والانتهاكات التي حدثت وتحدث في هذه الحرب، وتحديد مرتكبيها، والتوثيق الجيد الذي يسهم في محاسبة المنتهكين وانصاف الضحايا وجبر الضرر".
ولم نر من "قحت" حيال هجوم "الدعم السريع" على ود مدني هذه العزيمة على تحديد مرتكب كبيرة الحرب الذي لم يخف على أحد، بل جاهر بها على رؤوس الأشهاد. فصدر تصريح من الفريق محمد حمدان دقلو، قائد "الدعم السريع"، قال فيه إنه هاجم ود مدني في سياق التزامه بالدفاع عن النفس منذ إعلان الجيش الحرب عليه في الـ15 من أبريل الماضي. وبرر هجومه على المدينة بتوافر "معلومات مؤكدة أن الجيش حشد قوة من عشرات آلاف المقاتلين لمهاجمة قوات ’الدعم السريع‘ في الخرطوم". وبدا أن "قحت" اتفقت معه في تعيين الجيش كالطرف المعتدي الأصلي، فقالت في ختام بيانها عن واقعة ود مدني، "ويتحمل النظام المباد (أي حكومة الإنقاذ وفلولها ممن دفعوا الجيش إلى قتال الدعم السريع للعودة للحكم) وعناصره القسط الأوفر من وزر هذه الحرب، وكل ما ترتب عليها من أضرار وانتهاكات جسيمة منذ اشتعالها. ويتحمل مسؤولية استمرارها والإصرار على إعاقة كل محاولات إيقافها بتقويض وتعطيل منبر المفاوضات في جدة أو الالتفاف على نتائج قمة رؤساء الإيغاد".
سيصعب على الناس تصديق "قحت" في زعمها، وهي تدين الجيش جهاراً في غير ما يتطلب الظرف الذي دعاها إلى إصدار البيان، أنها خرجت لوقف الحرب بلا ضغينة على طرف منها. ويبدو أنها بحاجة إلى مراجعة غير رحيمة لصدقية دعوتها لوقف الحرب من مسافة واحدة من أطرافها إذا كان بيانها حول الهجوم على ود مدني الذي رأينا "دغمسته" هو مبلغ علمها وهمها من وقف الحرب.
المز
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش (شاهد)
اعترف قائد "قوات الدعم السريع"، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الجمعة، بخسارة قواته مناطق لصالح الجيش السوداني في العاصمة الخرطوم.
ودعا حميدتي قواته في فيديو مسجل، إلى عدم الالتفات إلى المواقع التي استعادها الجيش وسيطر عليها مؤخرا.
وقال: "إلى كل القوات في كل المحاور، يجب عدم التفكير في ما أخذه الجيش منا في القيادة (وسط الخرطوم) وسلاح الإشارة (بمدينة بحري) وبلدة الجيلي (شمال الخرطوم) ومدينة ود مدني (عاصمة ولاية الجزيرة)".
ودعا حميدتي قواته إلى عدم النظر إلى ما خسروه أمام الجيش بل التركيز على ماذا يريدون السيطرة عليه.
وأضاف أنه قواته قادرة على طرد الجيش من الخرطوم مرة أخرى كما فعلت من قبل، على حد قوله.
#السودان | فيديو ???? | خطاب جديد لـ حميدتي :
سنطرد الجيش مرة أخرى وسبق أن طردناهم من الخرطوم في مناطق كثيرة.
الغربال «ناعم» وستتمايز الصفوف.
حقق جنودنا الآن أربعة انتصارات في أم درمان وهناك مناطق محددة سنقوم باستلامها.#برق_السودان pic.twitter.com/3Srd5DENIu — برق السودان???????? (@SDN_BARQ) January 31, 2025
وتأتي تصريحات حميدتي عقب انتصارات حققها الجيش خلال الأيام الماضية بفك الحصار عن قيادة الجيش وسلاح الإشارة، واستعادة السيطرة على معظم مدينة بحري شمالي الخرطوم ومدينة أم روابه بولاية شمال كردفان.
ويخوض الجيش و"الدعم السريع" منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين الأشخاص إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.