مآلات الصراع وتحولاته من النخب إلي الشعب
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
عندما نشرت سكرتارية الإيغاد بيان قمة جيبوتي، أصدرت وزارة الخارجية السودانية بيانا تستنكر فيه صدور بيان سكرتارية الإيغاد، و تقول أن هناك فقرات اقحمت في المسودة دون مسوغ، و أخذ فقرة واحدة فقط من رد وزارة الخارجية " الفقرة ت" تصحيح ما ورد بشأن موافقة السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي على لقاء قائد التمرد.
أن خطاب رئيس مجلس السيادة في منطقة البحر الأحمر العسكرية؛ جاء لكي يجيب على العديد من الأسئلة التي كانت تدور عند قطاع واسع من الشعب بالدخول السهل دون مقاومة للميليشيا لمنطقة الجزيرة و عاصمتها " ود مدني" في الوقت الذي يستعد فيه رئيس مجلس السيادة للقاء قائد الميليشيا.. و معلوم بعيدا عن أي تبريرات، أن دخول الميليشيا عسكريا للجزيرة سوف تقوي كروت ضغط الميليشيا.. في الوقت الذي كان يجب أن تقلص فيه كروت ضغطها.. و هذه مسألة محيرة جدا، فكيف تتسق مع عدم توقيع أي اتفاق يضر بالسودان و بالجيش.. تصبح الأسئلة: من الذي يحدد أن الاتفاق يضر أو لا يضر في ظل المتغيرات غير المبررة التي تحدث على الأرض؟ ألا يعتقد القائد العام للجيش أن حالة الإرباك في الشارع التي أحدثتها دخول الميليشيا للجزيرة أن معالجتها تتطلب الأولوية؟ أن حالة الاستنفار الشعبي التي بدأت تنتظم في أغلبية الولايات تتطلب التأييد من قبل القائد؟ أن الإجابة على الأسئلة هي التي تخلق الطمأنينة عند الشعب الذي أعلن تأييده للجيش. و كان المتوقع من قيادة الجيش أن تؤجل اللقاء لما بعد طرد الميليشيا من مناطق الجزيرة حتى لا يصبح هناك رابطا بين اللقاء و الدخول السهل للميليشيا في الجزيرة. أن إعادة العلاقة و اللحمة التي تربط بين الشعب و الجيش، أن لا تقف قيادة الجيش في وجه عملية الاستنفار الشعبي للتلسيح ضد هجمات الميليشيا على قراهم و مدنهم و تسرع بتسليحهم. لكي يبدأ تخلق وعيا جديدا في المجتمع.
أن المتغيرات المستمرة التي تحدثها الحركة العسكرية للميليشيا بدخولها عدد من المدن و القرى، سوف تحدث تغييرا كبيرا في قناعات الشارع على مجريات الحرب. أن سكان العاصمة المثلثة عندما خرجوا من منازلهم كان الهدف إعطاء فرصة للجيش كي يحسم الحرب و يهزم الميليشيا، و لكن دخولها الجزيرة يعني أن هؤلاء سوف يكونوا في حالة مستمرة من النزوح من منطقة إلي أخرى، الأمر الذي فرض تفكيرا مغايرا في الشارع. هذا التفكير المغاير مؤسس على أن يحمل الشارع السلاح دفاعا عن مناطقه، و عن عرضه و ممتلكاته، هذا التغيير سوف يخلق واقعا سياسيا جديدا، لأنه يستدعي قيادات شبابية جديدة تفرزها عملية المواجهة ضد المخططات الخارجية الهادفة إلي توطين عرب الشتات في السودان، و احداث تغييرا ديمغرافية في العاصمة و كل الولايات الأخرى و عواصمها، و هي عملية استعمارية جديدة تواجه البلاد، أن استنفار الشباب ليكونوا جزءا من عملية التصدي بالسلاح لمخططات الميليشيا و الدول الداعمة لها، سوف تتخلق حالة من الوعي الوطني الجديد تتقدم فيه التضحيات و الوطن على المصالح الحزبية و الشخصية الضيقة، و يستدعي تغييرا ثقافيا مصاحبا.
أن عمق الأزمة السياسية التي أفضت إلي الحرب، لابد أن تخلق أهدافا أجتماعية جديدة مسنودة بقطاع واسع من الشباب الذين حملوا السلاح في وجه المخططات المتأمرة على البلاد. هناك من يقول أن حالة الحشد الشعبي سوف تكون بداية لحرب أهلية، و هذا يعد قصورا مفاهيميا عند النخب التي تقول ذلك، حيث درجت النخب تلوي عنق الحقائق بهدف خدمة مصالحها الضيقة. أن حركات التحرر من الاستعمار في القرن العشرين كانت قد طرحت الكفاح المسلح، و اعتبرته أرقى أنواع النضال، لأنه يرتبط بالوعي السياسي و الاجتماعي، و الآن عودة الشباب في ولايات السودان لفكرة الكفاح المسلح للوقوف ضد مخططات التأمر الخارجي، و غزو عرب الشتات للبلاد و اتباعهم من مرتادي الإجرام و السرقة و الاغتصابات أصبح ضرورة. لآن الكفاح المسلح ليس موجها ضد أي مكون أثني في السودان، بل يجب أن يشارك فيه كل أبناء الوطن في كل الأقاليم المختلفة، بهدف إحداث تغييرا جوهريا في البلاد.
أن استنفار الشباب سيكون محكوما بإمرة الجيش و داعما له، و مهمتهم حفظ قراهم و نجوعهم و مدنهم من هؤلاء المرتزق الذين ليس لهم قيم و اخلاقية، أو حتى وازعا دينيا، أن الاستنفار سوف يعجل بعودة الناس إلي منازلهم و مناطقهم في الخرطوم و مدني و كردفان و كل أقليم درافور، هي دعوة لعودة الحياة مرة أخرى إلي السودان، و لكن برؤى و معايير جديدة و مغايرة للتي افضت للأزمة و الحرب في البلاد. و يصبح الحوار الوطني هو الأداة للتفاهم و الاتفاق و ليس فرض الرأى على الآخرين، و الحوار هو الطريق لصناعة الدستور و تأسيس مؤسسات الدولة الديمقراطية و قيام الانتخابات. ان بروز الشباب مرة أخرى على المسرح السياسي عبر الكفاح المسلح ضد مخططات التأمر على الدولة و المرتزقة و مرتكبي الجرائم و السرقات سوف يغطى على النخب، لأن القرار سوف يتحول من ضيق النخب إلي اتساع الشارع الواعي لدوره و مستوعب مطالب و أمال الجماهير. أن حمل السلاح من قبل الشباب بداية لوعي جديد و سودان أمنا مستقرا.. نسأل الله حسن البصيرة
zainsalih@hotmail.com
/////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: رئیس مجلس السیادة وزارة الخارجیة الکفاح المسلح
إقرأ أيضاً:
الخارجية تندد بالجريمة الإرهابية التي ارتكبتها مليشيا الجنجويد ضد مركز إيواء المقرن بعطبرة ومحطة الكهرباء
نددت وزارة الخارجية بالجريمة الإرهابية النكراء التي ارتكبتها مليشيا الجنجويد يوم أمس باستهدافها لمركز إيواء المقرن بعطبرة، وقتل 11 من النازحين من بينهم 4 شهداء من أسرة واحدة، وكذلك قصفها محطة كهرباء عطبرة التحويلية.
وابانت الخارجية في تعميم صحفي لها أمس أن المليشيا الإرهابية استخدمت في هجومها علي المدنيين العزل في عطبرة مسيرات حديثة وفرتها لها راعيتها الإقليمية، مثلما زودتها بالمدفعية الثقيلة بعيدة المدى التي تقتل بها النازحين وتدمر بها المستشفيات والأسواق ومستودعات الغذاء في الفاشر وحولها وأن .
المليشيا الإرهابية لجأت لمثل هذه الأساليب الإرهابية الجبانة، بعد الهزائم المتتالية التي منيت بها في الأشهر الأخيرة في كل مسارح العمليات حيث ظلت تهاجم محطات الطاقة في مختلف أنحاء البلاد، امتدادا لمخطط الإبادة الجماعية الذي تنفذه، لأن استهداف محطات الطاقة، يعني تعطيل محطات المياه والمستشفيات وكل الخدمات الأساسية.
وقالت الخارجية يأتي تصعيد المليشيا لجرائمها ضد المدنيين، بعد أيام بعد تجديد مجلس الأمن بالأمم المتحدة مطالبته لها بوقف هجماتها على النازحين ورفع الحصار عن الفاشر، في تحد للشرعية الدولية واستخفاف باستنكار العالم بأسره لجرائمها ضد الإنسانية وما لم يتخذ المجتمع الدولي ٱجراءات ملموسة لإنهاء إفلات المليشيا الارهابية وراعيتها الاقليمية من العقاب، فإن مجرد المطالبات و الإدانات لن تجدي مع هذه العصابة المتوحشة.
سونا
إنضم لقناة النيلين على واتساب