تستمر الحرب المعلوماتية بين الولايات المتحدة والصين بهدف تسجيل أي تفوق في الذكاء الاصطناعي، حيث يسعى الخصمان إلى الحصول على أي ميزة للقفز إلى الأمام في إتقان التكنولوجيا، التي لديها القدرة على إعادة تشكيل الاقتصادات والجغرافيا السياسية والحرب.

واشنطن تعتقد أن الصين بإمكانها استخدام الذكاء الاصطناعي، لجمع وتخزين البيانات على نطاق واسع

وأدرج مكتب التحقيقات الفيدرالي الذكاء الاصطناعي ضمن قائمة التكنولوجيا الأمريكية التي يجب حمايتها، كما وضعته الصين على قائمة التقنيات التي أرادت من علمائها تحقيق اختراقات فيها بحلول عام 2025.

ويُعتقد بالفعل أن قدرات الصين في مجال الذكاء الاصطناعي هائلة، وأصدرت الاستخبارات الأمريكية مؤخراً تحذيرات جديدة، تتجاوز التهديد المتمثل في سرقة الملكية الفكرية.

U.S. intelligence authorities worry China could harness artificial intelligence to amplify hacking operations and amass Americans’ personal data on a never-before-seen scale https://t.co/wpGJtRXIVR

— The Wall Street Journal (@WSJ) December 25, 2023 سرقة صينية

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في تقرير اليوم الإثنين، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالات أخرى تعتقد أن الصين يمكن أن تستخدم الذكاء الاصطناعي، لجمع وتخزين البيانات عن الأمريكيين على نطاق واسع لم يكن ممكناً من قبل.

وقال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، إن "الصين ارتبطت بعدد من السرقات الكبيرة للبيانات الشخصية على مر السنين، ويمكنها استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم المزيد من عمليات القرصنة".

وأضاف "إنهم يعملون الآن على استخدام الذكاء الاصطناعي، لتحسين عمليات القرصنة الضخمة باستخدام التكنولوجيا الخاصة بنا ضدنا".

ونفت الصين تورطها في اختراق الشبكات الأمريكية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين إن "الولايات المتحدة كانت أكبر امبراطورية قرصنة ولص إلكتروني عالمي في العالم"، رداً على المزاعم بأن بكين اخترقت أنظمة البريد الإلكتروني للعديد من كبار المسؤولين في إدارة بايدن.

"When will we finally secure our government against Chinese cyberattacks?" (@TheHillOpinion) https://t.co/PbeiR7RCUI pic.twitter.com/GivACsCQQV

— The Hill (@thehill) December 22, 2023 حماية الابتكارات

وحسب التقرير، أولى مكتب التحقيقات الفيدرالي في السنوات الأخيرة، اهتماماً بحماية الابتكارات الأمريكية، ويستهدف أن يقدم الحماية بشكل أكثر مباشرة للشركات المصنعة للرقائق القوية القادرة على معالجة برامج الذكاء الاصطناعي، بدلاً من شركات الذكاء الاصطناعي ذاتها".

وقال العديد من المسؤولين الأمريكيين السابقين إنه "حتى لو تمكن المتسللون من سرقة الخوارزميات التي يقوم عليها نظام متقدم اليوم، فإن هذا النظام يمكن أن يصبح قديماً بعد 6 أشهر فقط، بسبب تطورات أخرى تضاف إليه من قبل مطورين آخرين.

قضية لافتة

وفي عام 2022، رفعت شركة "Applied Materials"، الموردة لتكنولوجيا تصنيع الرقائق، دعوى قضائية ضد شركة منافسة مملوكة للصين، وهي شركة "Mattson Technology"، زاعمة أن مهندساً سابقاً في "Applied" سرق أسراراً تجارية من الشركة وأوصلها إلى "Mattson".

وجذبت القضية اهتمام المدعين الفيدراليين، على الرغم من عدم توجيه أي تهم جنائية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

ولا تزال القضية في طور التقاضي. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رفعت ماتسون دعوى قضائية ضد شركة أبلايد، مدعياً أن المهندسين في شركة أبلايد تقدموا بطلب للحصول على براءات اختراع باستخدام الملكية الفكرية التي تم تطويرها أثناء عملهم في ماتسون.

تخوف صانعي التكنولوجيا

ووفقاً للصحيفة، تزايدت المخاوف بشأن كيفية استخدام الصين للذكاء الاصطناعي خلال العام الماضي، لدرجة أن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي وقادة وكالات الاستخبارات الغربية الأخرى التقوا في أكتوبر (تشرين الأول) مع قادة التكنولوجيا في هذا المجال لمناقشة هذه القضية.

وأوضحت أن صانعي تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يشعرون بالقلق، بشأن وصول أسرارهم إلى الصين أيضاً.

ويشعر محللو المخابرات الأمريكية بالقلق منذ سنوات، بشأن مكاسب التجسس طويلة المدى التي يعتقد أن الصين تجنيها، جراء جمع كميات هائلة من المعلومات الشخصية التي تخص مسؤولين أمريكيين ومديري أعمال تنفيذيين.

Chinese national charged with providing hackers with malware linked to OPM breach https://t.co/aKn1wkk7Xe

— WSJ Politics (@WSJPolitics) August 25, 2017

وعلى مدى العقد الماضي، ارتبطت بكين باختراق مئات الملايين من سجلات العملاء من شركة ماريوت الدولية، ووكالة الائتمان إيكويفاكس، وشركة التأمين الصحي أنثيم (المعروفة الآن باسم إليفانس هيلث)، بالإضافة إلى أكثر من 20 مليون شخص شملت الملفات الخاصة بموظفي الحكومة الأمريكية الحاليين والسابقين، وعائلاتهم من مكتب إدارة شؤون الموظفين.

وكانت عمليات القرصنة ضخمة ومتكررة، إلى حد أن المرشحة الرئاسية الديمقراطية آنذاك هيلاري كلينتون، اتهمت الصين "بمحاولة اختراق كل شيء"،  ونفت الصين مسؤوليتها عن تلك الاختراقات.

كنز معلوماتي ضخم

وقال رئيس شركة مايكروسوفت، براد سميث، في مقابلة مع (وول ستريت جورنال): "نعتقد أن الصين تستخدم بالفعل قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي، للاستفادة من البيانات التي حصلت عليها في عمليات القرصنة".

تهديد الأمن القومي

وأشار التقرير إلى أن السلطات الأمريكية تعتقد أن عملاء المخابرات الصينية، يربطون المعلومات الحساسة عبر قواعد البيانات التي سرقوها على مر السنين لتحديد وتعقب الجواسيس الأمريكيين السريين وتحديد المسؤولين.

وقال المستشار العام السابق في مجلس النواب الأمريكي، جلين جيرستيل: "تستطيع الصين تسخير الذكاء الاصطناعي لبناء ملف عن كل أمريكي تقريباً، يتضمن تفاصيل تتراوح من السجلات الصحية إلى بطاقات الائتمان، ومن أرقام جوازات السفر إلى الأسماء والعناوين والأقارب".

وعلى الرغم من القلق جراء الهجمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، إلا أن هذه التكنولوجيا قد تستخدم أيضاً في اكتشاف الهجمات.

وقال سميث: "نعتقد أنه إذا قمنا بعملنا بشكل جيد، فيمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي كدرع دفاعي أقوى من استخدامه كسلاح هجومي، وهذا ما يتعين علينا القيام به".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الصين أمريكا الذكاء الاصطناعي استخدام الذکاء الاصطناعی مکتب التحقیقات الفیدرالی أن الصین

إقرأ أيضاً:

هل تدخل الهند مضمار الذكاء الاصطناعي بعد أن أصبحت مركزا للتكنولوجيا العالمية؟

أحدث "شات جي بي تي" ضجة كبيرة في العالم عقب إطلاقه ودخل مجال الذكاء الاصطناعي دون منافس يُذكر، ولكن شركة "ديب سيك" الصينية أشعلت المضمار من خلال تقديم نماذج عالية الكفاءة بتكلفة بسيطة، ولكن يبدو أن الهند تخلفت عن الركب فيما يخص إنشاء نموذج لغوي خاص بها يُستخدم لتشغيل روبوتات الدردشة الآلية.

وتدعي الحكومة الهندية أن نموذج ذكاء اصطناعي مشابه لـ"ديب سيك" ليس بعيد المنال، فهي تزود الشركات الناشئة والجامعات والباحثين بآلاف الشرائح عالية الأداء اللازمة لتطويره في أقل من 10 أشهر، بحسب تقرير من "بي بي سي".

ويُذكر أن عددا من قادة الذكاء الاصطناعي العالميين تحدثوا مؤخرا عن قدرات الهند، إذا قال سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" هذا الشهر "ينبغي أن تلعب الهند دورا رائدا في ثورة الذكاء الاصطناعي، فقد أصبحت ثاني أكبر سوق لشركة (أوبن إيه آي) من حيث المستخدمين".

وشركات أخرى مثل مايكروسوفت وضعت أموالا طائلة على الطاولة، حيث خصصت 3 مليارات دولار للبنية التحتية السحابية والذكاء الاصطناعي، ومن جهته أشاد جنسن هوانغ من "إنفيديا" بالموهبة التقنية غير المسبوقة في الهند معتبرا إياها عاملا أساسيا في إطلاق إمكاناتها المستقبلية بمجال الذكاء الاصطناعي.

إعلان

ومع وجود 200 شركة ناشئة في الهند تعمل على الذكاء الاصطناعي التوليدي، والذي يُشير إلى وجود اهتمام متزايد من رواد التكنولوجيا بهذا المجال، فإنها تخاطر بالتأخر عن الركب في حالة عدم وجود إصلاحات هيكلية أساسية في التعليم والبحث والسياسة الحكومية.

موقف الهند بين عمالقة الذكاء الاصطناعي

ويقول محلل التكنولوجيا براسانتو روي "تتميز الصين والولايات المتحدة بتقدم من 4 إلى 5 سنوات عن البلدان الأخرى، وذلك بعد أن استثمرتا بشكل كبير في البحث والأوساط الأكاديمية وطورتا الذكاء الاصطناعي للتطبيقات العسكرية وتطبيقات إنفاذ القانون، والآن نماذج اللغة الكبيرة" حسب "بي بي سي.

وأضاف "رغم أن الهند تحتل المرتبة الخامسة عالميا في مؤشر حيوية الذكاء الاصطناعي بجامعة ستانفورد (مؤشر يقيس عوامل مثل براءات الاختراع والتمويل والسياسات والبحث) فإنها لا تزال متأخرة عن الولايات المتحدة والصين في العديد من المجالات الرئيسية.

وبين عامي 2010 و2022 حصلت الصين على 60% من إجمالي براءات الاختراع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، بينما حصلت الولايات المتحدة على 20%، وفي المقابل حصلت الهند على أقل من النصف.

وعام 2023، تلقت الشركات الهندية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي جزءا ضئيلا من الاستثمارات الخاصة التي حصلت عليها الشركات الأميركية والصينية.

وقد خصصت الهند مليار دولار لمبادرتها الحكومية في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالمبالغ الضخمة التي خصصتها الصين والولايات المتحدة، إذ خصصت الأخيرة 500 مليار دولار لمشروع "ستارغيت" (Stargate) لبناء بنية تحتية ضخمة للذكاء الاصطناعي، بينما خصصت الصين 137 مليار دولار لمبادرتها الهادفة إلى أن تصبح مركزا عالميا للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.

الصين والولايات المتحدة تتقدمان من 4 إلى 5 سنوات عن البلدان الأخرى بمجال الذكاء الاصطناعي (شترستوك) تحديات تواجه الهند بقطاع الذكاء الاصطناعي

نجاح شركة "ديب سيك" في بناء نماذج ذكاء اصطناعي باستخدام شرائح أقل تقدما وأقل تكلفة يُعد أمرا مشجعا للهند، حيث يمكنها الاستفادة من هذه التكنولوجيا بتكلفة أقل، ولكن نقص التمويل من القطاع الصناعي أو الحكومي يُشكل عقبة كبيرة، وفقا لرأي جاسبريت بيندرا مؤسس شركة استشارية تُعنى ببناء مهارات الذكاء الاصطناعي في المؤسسات.

إعلان

وأضاف بيندرا "رغم ما سمعناه عن تطوير (ديب سيك) لنموذج بقيمة 5.6 ملايين دولار، فإن هناك دلائل تشير إلى تمويل أكبر بكثير وراء هذا المشروع".

ويخلف تنوع اللغات في الهند تحديا كبيرا في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ إن نقص مجموعات البيانات عالية الجودة والمطلوبة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي باللغات الإقليمية مثل الهندية والماراثية أو التاميلية يعتبر مشكلة رئيسية في الهند.

ورغم جميع مشكلات الهند فإنها تتمتع بمواهب تفوق حجمها بكثير، حيث يأتي 15% من عمال الذكاء الاصطناعي في العالم من هذه البلاد، ولكن المشكلة الكبيرة التي أظهرتها أبحاث هجرة مواهب الذكاء الاصطناعي جامعة ستانفورد، أن أغلبهم كانوا يختارون مغادرة البلاد، ويقول بيندرا معلقا "يرجع ذلك جزئيا إلى أن الابتكارات الأساسية في الذكاء الاصطناعي تأتي عادة من البحث والتطوير العميق في جامعات ومختبرات الأبحاث في الشركات الأجنبية".

ومن جهة أخرى، تفتقر الهند إلى بيئة بحثية داعمة لتشجيع وتطوير الابتكارات التكنولوجية المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، سواء في الجامعات أو في شركات القطاع الخاص.

وكان من المفترض أن تدخل الهند في مشروع يعتمد على الخبرات الخارجية في بنغالورو بقيمة 200 مليار دولار والذي يضم ملايين المبرمجين، ولكنه لم يحقق طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي، لأن هذه الشركات ركزت بشكل أساسي على تقديم خدمات تكنولوجية رخيصة بدلا من الاستثمار في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الاستهلاكية الأساسية.

ويقول المحلل روي "لقد تركوا فجوة كبيرة للشركات الناشئة لتملأها" وأضاف "لا أعتقد أن الهند ستكون قادرة على إنتاج أي شيء مثل (ديب سيك) على الأقل خلال السنوات القليلة المقبلة" وهي وجهة نظر يشترك فيها كثيرون.

ومن جهته، كتب بهفيش أجراوال مؤسس شركة "كروتريم" (Krutrim) وهي واحدة من أقدم شركات الذكاء الاصطناعي بالهند على منصة إكس "يمكن للهند أن تستمر في بناء وتعديل التطبيقات المبنية على منصات مفتوحة المصدر مثل (ديب سيك) كخطوة أولى في مجال الذكاء الاصطناعي".

إعلان

وعلى المدى الطويل، سيكون من الضروري تطوير نموذج أساسي للحصول على استقلال إستراتيجي في هذا القطاع، وتقليل اعتمادات الاستيراد وتهديدات العقوبات، كما يقول الخبراء.

وستحتاج الهند إلى زيادة في قدرتها الحاسوبية وتطوير البنية التحتية اللازمة لتطوير مثل هذه النماذج، مثل تصنيع أشباه الموصلات وهو أمر لم ينطلق بعد، ومن المفترض أن يحدث كل هذا وأكثر لكي تضيق الفجوة مع الولايات المتحدة والصين بشكل ملموس.

مقالات مشابهة

  • «OpenAI» تعلن إطلاق وكيل الذكاء الاصطناعي «Operator» لمشتركي ChatGPT Pro في عدة دول
  • الصين تستهدف مكافحة إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي
  • آيها العلماء: بيومين فقط الذكاء الاصطناعي يحل ما عجزتم عنه لـ 10 سنوات!!
  • آيفون 16 إي .. رهان آبل على الذكاء الاصطناعي بسعر منافس
  • دهب وألماس .. ميار الببلاوي تتهم هذه السيدة بسرقة مجوهراتها
  • إيلون ماسك يتيح نموذج الذكاء الاصطناعي Grok 3 مجانا لمدة محدودة
  • الذكاء الاصطناعي.. قفزة تقنية في العمليات الدفاعية
  • ميار الببلاوي تتهم خادمتها بسرقة مصوغاتها الذهبية في الجيزة
  • ميار الببلاوى تتهم خادمتها بسرقة مصوغات ذهبية من شقتها فى الهرم
  • هل تدخل الهند مضمار الذكاء الاصطناعي بعد أن أصبحت مركزا للتكنولوجيا العالمية؟