شاهد: النقش على المعادن ثرات عالمي لا يحظى بالتقدير الذي يستحقه في دول شمال إفريقيا
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
يحافظ حرفيون على فن النقش اليدوي على المعادن بمهارات موروثة عن الأجداد أدرجتها منظمة اليونسكو أخيراً ضمن قائمة "التراث غير المادي"، لكنها لا تحظى "بتقدير كبير" في المنطقة حيث يكافح بعضهم للإبقاء عليها.
يعتمد هذا الفن الحرفي على نحت زخارف بأشكال مختلفة بينها الهندسية والنباتية والفلكية، على معادن النحاس أو الفضة أو الذهب لصناعة أدوات منزلية أو ديكورات أو حلي.
وقد صنفته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) مطلع كانون الأول/ديسمبر تراثاً إنسانياً، في ملف حظي بدعم عشر دول عربية من بينها تونس والجزائر والمغرب.
وأشاد التونسي عماد سولة، أحد الخبراء الثلاثة الذين قدموا الملف، بهذا الإدراج معتبراً أنه "يلزمنا بالحفاظ على هذه المهارة الاستثنائية".
حرفة مهددة بـ"الانقراض"
تعلم الخبير التونسي في هذه الحرفة محمد أمين حطويش (37 عاماً) أصول النقش على النحاس في سن 15 عاماً، قبل أن ينتقل إلى الفضة ثم الذهب، في ورشة عائلية بالمدينة القديمة لتونس العاصمة.
وللتكيف مع المتطلبات الجديدة تعلم النقش باستعمال آلات. ويقول "أخاف على (هذه الحرفة) أن تنقرض. أخشى أن نصل إلى يوم لا نعود نجد فيه أي نقّاش".
أما شهاب الدين بن جاب الله (68 عاماً) فغالباً ما يخصّص وقتاً لتلقين فنه للنساء اللواتي يرغبن في صناعة حلي أو أسرة الأطفال مزينة بزخارف من نحاس، داخل ورشته بدندن غرب العاصمة.
لكنه يرى أن مدة التداريب التي يتلقاها الحرفيون اليوم غير كافية حيث تقلص أحياناً إلى ثلاثة أشهر فقط. وهو درّب مئات الحرفيين خلال 50 عاماً، ويترأس اليوم الغرفة الوطنية للحرف التقليدية.
ويوضح "يلزم عامان على الأقل لاكتساب كل تقنيات النقش"، معرباً عن أسفه لأن مهنته "الغنية جداً" لا تحظى بالتقدير.
ويعود تاريخ النقش على المعادن في تونس إلى القرطاجيين، قبل أن يغتني بتأثيرات الحضارة الإسلامية والثرات الأمازيغي وتقاليد حضارات المتوسط، فضلا عن تأثيرات مشرقية.
ولا يزال في البلاد 439 حرفياً متخصصاً في نقش المعادن، وفق مكتب الحرف الوطني.
"حب الحرفة"
في المغرب، حيث تحظى الصناعة التقليدية عموما باهتمام السلطات وتشكل جزءاً من العرض السياحي للبلاد، يعمل معظم الحرفيين في هذا المجال اليوم في ورش حديثة مثل تلك التي افتُتحت قبل عشرة أعوام في فاس (شمال وسط).
وقبل أن ينتقل إلى إحدى تلك الورش، تعلم إدريس الساخي (64 عاماً) النقش على النحاس منذ صباه وراء أسوار المدينة العتيقة.
اليوم، صار بإمكان الشباب تعلمها في مراكز التدريب المهني التي تقدم دروساً نظرية، وأخرى عملية يشرف عليها حرفيون.
ويقول الساخي، الذي أمضى 50 عاماً في هذه الحرفة، "شباب اليوم محظوظون.. لا خوف على الخلف، لكنني ألح على شيء واحد، يجب أن يحبوا الحرفة إذا أرادوا النجاح".
تستعيد النقوش المستعملة في المغرب غالبا أشكالاً "موروثة منذ قرون، وهي مشتركة مع حرف النقش على الزليج والخشب والجبص"، كما يوضح أحمد الكداري (57 عاماً) الذي بدأ شغفه بهذه الصنعة منذ سنوات الشباب.
لكنّ الحرفيين المخضرمين الذين يحملون صفة "معلم" بإمكانهم إبداع نقوش جديدة "من وحي اللحظة" أو نزولاً عند طلب الزبون، كما يضيف الساخي. وبعضها يحمل توقيع "المعلم" الذي أنتجها علامة على طرازها الرفيع.
على الرغم من التدريب المتاح للشباب الراغبين في تعلم هذه الحرفة، يرى الصانع محمد المومني أن "المشكلة تكمن في ندرة الأشخاص الذين يعرفون كيفية العمل"، مع أنّ هناك "طلباً كبيراً على المصنوعات النحاسية"، بحسب الرجل المقيم في مدينة سلا التاريخية، قرب الرباط.
"لا تشجيع"
أما في ليبيا، البلد الذي غرق في الفوضى منذ سقوط معمر القذافي ومقتله في عام 2011، فيشكو الحرفيون من قلة التشجيع.
ويقول يوسف شوشين لوكالة فرانس برس إن "تطور هذه الحرفة محدود للغاية، الطلب فقط هو الذي يشجع الحرفيين"، وليس السلطات.
ويؤكد الرجل الستيني أن "أغلبية الحرفيين تركوا المهنة" التي لم تعد مربحة.
ويعرب عن حزنه على وضع هذا التقليد قائلاً "لماذا أعلم أطفالي الحرفة.. من دون أن يستطيعوا العمل"، رغم أنه حاول تعليم اثنين أو ثلاثة متدربين شباب.
في الجزائر، ما يزال الطلب مرتفعاً على الأدوات المعدنية المنقوشة، رغم غياب المبادرات الرسمية بهذا الشأن.
تشكل الحلي الذهبية أو الفضية المنحوتة جزءاً من زينة العرائس.
ولكلّ منطقة تخصصها الذي تشتهر به، فتلمسان معروفة بالحلي الذهبية، أما القبائل والأوراس فتعرف بصناعة الخواتم والأساور الفضية المزينة أحيانا بالمرجان.
المجوهرات ومشغولات القطن والحرير.. العمل الحرفي يلتقي مع السلع الفاخرة في مصرقطر: من نسج السدو إلى صناعة السيف.. جهود حثيثة للحفاظ على الحرف التقليدية التي تعكس ثقافة البلدشاهد: صناع منتوجات الفسيسفاء الصدفية في مصر يتناقلون الحرفة جيلاً بعد جيلوقد وقع صانع المجوهرات العصرية وليد سلامي (37 عاماً) في حبّ تلك النقوش الثراتية و"تعلم بمفرده لعامين على الأنترنت"، بعدما لم يجد من يدرّبه.
ويقول "إنها مهنة رائعة، لا نحتاج جذب الزبائن ليشتروا، يكفي أن يروا الحلي".
لكنه يعتقد أن اعتراف اليونسكو بهذا الفن "لن يغير كثيراً" في الوضع، مؤكدا أنه سيكون "فخوراً" أكثر عندما تحظى هذه المهارات "بالاعتراف" في منطقته.
المصادر الإضافية • ا ف ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية تستمر التغطية| مقتل 70 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على مخيم المغازي في قطاع غزة رئيس شركة إنيوس جيم راتكليف يستحوذ على 25% من أسهم مانشستر يونايتد غياب الحماسة ومقاطعة من المعارضة.. تونس تشهد انتخابات لاختيار مجلس ثان للبرلمان سياحة تراث ثقافي تونس حرفة يدوية تاريخ المغربالمصدر: euronews
كلمات دلالية: سياحة تراث ثقافي تونس حرفة يدوية تاريخ المغرب روسيا فلاديمير بوتين إسرائيل غزة حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني عيد الميلاد فولوديمير زيلينسكي الضفة الغربية فلسطين روسيا فلاديمير بوتين إسرائيل غزة حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني یعرض الآن Next هذه الحرفة النقش على
إقرأ أيضاً:
سياسيون لـ "اليوم": قمة "ترامب وبوتين" في الرياض تثبت أن المملكة "محور عالمي للسلام"
أكد سياسيون لـ "اليوم" أن استضافة المملكة العربية السعودية لـ قمة "ترامب وبوتين" التي تجمع الرئيسين الأمريكي والروسي، تعكس مكانتها المتزايدة كوسيط دولي مؤثر، وخاصة التي تستضيفها الرياض للرئيسي الأمريكي والروسي
وأشار المتحدثون إلى أن هذه القمة تمثل لحظة حاسمة لمناقشة النزاعات الدولية، في ظل تصاعد التوترات العالمية.
أخبار متعلقة "الأمن الصناعي".. شروط جديدة لأنشطة تراخيص الوقاية والحماية من الحريقمكة.. نجاح استئصال ورم ضخم يزن 150 جرامًا من رقبة مقيم خمسينيوأكدوا خلال حديثهم مع "اليوم" أن المملكة تسعى إلى تقريب وجهات النظر وتعزيز الحلول الدبلوماسية عبر سياستها المتوازنة، مما يعزز دورها الريادي في تحقيق الأمن والاستقرار الدوليين.دور محوري للمملكة في حل النزاعات الدولية
قال الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي، الدكتور عايد المناع، إن أنظار العالم تتجه نحو العاصمة السعودية الرياض، التي تستضيف قمة تاريخية تجمع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بهدف مناقسة تقريب وجهات النظر.د عايد المناععايد المناع
وأوضح أن هذه القمة تعقد في وقت يشهد فيه العالم تصاعد التوترات الدولية وتفاقم الأزمات السياسية والعسكرية، مما يجعل الحاجة إلى الحوار أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
وأضاف المناع أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، يقود هذه المفاوضات بدور محوري ومتوازن، حيث تسعى المملكة إلى توفير أرضية محايدة يمكن للطرفين من خلالها التوصل إلى تفاهمات تقلل من حدة الصراع وتمهد الطريق نحو حلول عملية ومستدامة.
وأكد أن هذا الدور الذي تتبناه المملكة ليس جديدًا، بل برزت خلال السنوات الأخيرة كقوة دبلوماسية مؤثرة في حل النزاعات وإدارة الأزمات العالمية، وهو ما جعلها وسيطًا مقبولًا من جميع الأطراف المتنازعة.
تجمع تاريخي يشبه قمة "ريكيافيك"
وأشار "المناع" إلى أن هذه القمة تشبه في أهميتها قمة "ريكيافيك" التي عُقدت في أيسلندا عام 1986، والتي جمعت بين الرئيس الأمريكي آنذاك رونالد ريغان، والزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف.
وأوضح أن تلك القمة كانت محطة مفصلية في تاريخ العلاقات بين القوتين العظميين، حيث ساهمت في الحد من التوترات المتعلقة بسباق التسلح النووي ومهدت الطريق لإنهاء الحرب الباردة.
وأضاف: "اليوم، تُعقد قمة الرياض في ظل أجواء مشابهة من التصعيد العسكري والسياسي، في أكثر من منطقة في العالم، مما يجعل نتائجها ذات أهمية كبرى".
وأكد "المناع" أن اختيار الرياض كمكان لهذه القمة لم يكن مصادفة، بل هو اعتراف دولي بالدور الفاعل الذي باتت تلعبه المملكة في السياسة العالمية".
عاصمة القرار العربي
وقال: "نجحت الرياض خلال الأعوام الأخيرة في ترسيخ مكانتها كعاصمة للقرار العربي، وكمركز للوساطات الإقليمية والدولية، حيث ساهمت في العديد من المبادرات التي أدت إلى تخفيف التوترات وحل النزاعات في عدة مناطق من العالم".
وأوضح أنه رغم أن هذه القمة تركز بشكل أساسي على الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن هناك قضايا أخرى قد يتم التطرق إليها مثل الوضع في غزة والتوترات في الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن من بين القضايا التي قد تُثار، مقترح الإدارة الأمريكية بشأن إيجاد حلول لسكان غزة، وهو ما ترفضه المملكة العربية السعودية رفضًا قاطعًا، حيث تؤكد موقفها الثابت الداعم لحل الدولتين كسبيل وحيد لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وفي ختام حديثه، أشار المناع إلى أن هذه القمة تعكس تحولًا في موازين الدبلوماسية العالمية، حيث أصبحت المملكة العربية السعودية مركزًا للحوار الدولي، مما يؤكد أن الحلول الكبرى للنزاعات لم تعد تأتي فقط من القوى التقليدية، بل من خلال أطراف تمتلك القدرة على بناء الجسور وإيجاد التوافقات.
وأكد أنه في حال نجاح هذه القمة في تحقيق تقدم ملموس نحو توافق أمريكي روسي، فسيكون إنجازًا دبلوماسيًا يُحسب للرياض، ويعزز مكانتها كقوة سلام مؤثرة على الساحة الدولية.السعودية ودورها في الوساطة الاستراتيجية
أكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، الدكتور فواز كاسب العنزي، أن استضافة المملكة العربية السعودية لهذه القمة تعكس دورها المتنامي في المشهد السياسي العالمي، وتؤكد مكانتها الرائدة في الوساطة وحل النزاعات الدولية.د فواز العنزيفواز العنزي
وأوضح أن القيادة السعودية، بقيادة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أثبتت قدرتها على بناء الجسور بين القوى الكبرى وتعزيز الحلول الدبلوماسية للأزمات العالمية.
وأشار العنزي إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية تمثل تحديًا أمنيًا معقدًا، والمملكة، من خلال سياستها المتوازنة، قادرة على تقريب وجهات النظر وتعزيز الأمن والاستقرار، مما يجعل هذه القمة فرصة لإعادة تشكيل التوازنات الدولية لصالح السلام العالمي.
المملكة محور عالمي للسلام
قال رئيس مركز المستقبل اليمني للدراسات الاستراتيجية، الدكتور فارس البيل، إن المملكة باتت اليوم محورًا عالميًا للسلام، حيث يعكس انعقاد القمة في الرياض اعترافًا دوليًا بريادتها ودورها المؤثر.المحلل السياسي د فارس البيلفارس البيل
وأضاف أن نجاحها في جمع أهم قوتين عالميتين للتوسط بينهما يعكس قدرتها على إدارة التوازنات السياسية، وهو نتاج رؤية استراتيجية طموحة وعمل دؤوب نقل المملكة إلى مكانة عالمية رفيعة في أقل من عقد، وهو ما يستغرق أجيالًا في دول أخرى.
الثقة الدولية بالرياض كوسيط دبلوماسي
أكد المحلل والباحث في العلاقات الدولية والاستراتيجية، الدكتور معجب الدلبحي، أن القمة المرتقبة بين الرئيسين الأمريكي والروسي تعد خطوة مهمة نحو الحلول السلمية، مشيرًا إلى أن استضافتها في الرياض تعكس الثقة الدولية بقدرة المملكة على تيسير الحوارات وتقريب وجهات النظر.د. معجب الدلبحيمعجب الدلبحي
وأضاف أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أظهر كفاءة استثنائية في إدارة الملفات الإقليمية والدولية، مما عزز مكانة المملكة كلاعب رئيسي في المشهد السياسي العالمي.المملكة ومسارها الدبلوماسي في تحقيق الاستقرار
قال المحلل السياسي حمود الرويس إن "طريق الرياض الدولي للسلام" أصبح خيارًا رئيسيًا لحل الأزمات المستعصية عالميًا، إذ تتمتع المملكة بثقة الأطراف المتنازعة في قدرتها على الوساطة الناجحة.حمود الرويسحمود الرويس
وأضاف أن سجل الدبلوماسية السعودية الحافل، من مفاوضات السلام الإثيوبية-الإريترية إلى جهودها في السودان والصومال والجزائر والمغرب وأفغانستان وفلسطين وسوريا، وصولًا إلى دورها في إطلاق الأسرى في الحرب الروسية - الأوكرانية، جعلها محل احترام عالمي، ورسّخ مكانتها كوسيط موثوق في تحقيق الاستقرار والسلام الدولي.
السعودية والتوازن الاستراتيجي في المشهد العالمي
قال المحلل السياسي سعد بن عمر، إن استضافة المملكة العربية السعودية للقمة التي تجمع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تعكس المكانة القيادية المتزايدة للمملكة على الساحة الدولية.سعد بن عمرسعد بن عمر
وأوضح "بن عمر" أن هذا الحدث السياسي الكبير لم يكن ليتحقق لولا السياسات الحكيمة التي انتهجتها القيادة السعودية خلال السنوات الماضية، والتي ركزت على عدم الانحياز، وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي، والابتعاد عن الصراعات الإقليمية، مما جعلها وسيطًا مؤثرًا في القضايا الدولية.
وأشار إلى أن المملكة نجحت في تحقيق توازن استراتيجي بين القوى العالمية، مما جعلها لاعبًا رئيسيًا في تهدئة النزاعات وإيجاد حلول دبلوماسية تعزز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.