ديسمبر 25, 2023آخر تحديث: ديسمبر 25, 2023

غازي المشعل

ساذج من يعتقد ان الحرب الهمجية الاسرائيلية على قطاع غزة التي ستدخل قريباً شهرها الرابع قد كشفت الاقنعة وازاحت الستار عن مواقف ووجوه وان وراءها تبعات .. ذلك ان جميع الاقنعة باتت مكشوفة ومنذ اعوام عديدة .. والمعادلات واضحة والدلالات بائنة بينونة كبرى كما يقال في عرف القانون .

. وهي ان الشعب العربي في خندق وحكامه في خندق مغاير في التوجه ، وان التخلي العربي عن قضية فلسطين قد حسم منذ عقود وباتت الانظمة تلهث خلف قطار التطبيع طمعاً برضا اليانكي الامريكي ، وحفاظاً على الكراسي وما بعد الازاحة عن الكراسي ، وان النفاق الاميركي الغربي ودعمه اللامحدود لاسرائيل واضح وضوح الشمس ، ويبدو انه لن يتغير في قابل السنين ، ثلاثة اشياء فقط تغيرت واعطت انطباعاً بان الامور بدات بالتغيير نسبياً ، وقد ذكرناهم سابقاً وهي : صمود اهل غزة الاسطوري والمقاومين منهم تحت كل الظروف واقساها واقصاها ، وثانيها هو التحول التدريجي في الراي العام العالمي وبعض المواقف السياسية الرسمية العالمية الخجولة نحو تفهم الحق العربي في فلسطين  مثل اسپانيا وايرلندا وبلجيكا ، وثالثها هو ركوب موجات الحق الفلسطيني وشعبه وحقه في الحياة والحرية من قبل بعض المستعربين والمتاسلمين .

الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مثلاً كان متذبذب المواقف .. مرة استدعى السفير التركي من تل أبيب ومرة هاجم النتن ياهو مع اشارته الدائمة انه ضد عمليات الخطف واقتياد الرهائن.. دون ان ينسى انه عضو في حلف شمال الأطلسي الذي يساند اسرائيل بلا تحفظ .. ولكن اردوغان لم يصل بموقفه الى الحدود الممنوعة والمرسومة له في قطع العلاقات المتميزة مع اسرائيل والحميمة في المجالات الاقتصادية والطاقة خصوصاً.. وقد صمت اخيراً حاله حال بقية الذين يتفرجون على حفلات التدمير والذبح .. الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي كان مشغولاً باعادة انتخابه في فترة رئاسية ثالثة وكان قد ضمنها بنسبة ٩٠ من المائة بضوء امريكي وغربي واسرائيلي ، وبالطبع فهو لم يسمح سوى بفعاليات وتظاهرات بسيطة كتلك التي حصلت في حرم الجامع الازهر او بعض النقابات.. وحتى المؤتمر الذي دعا اليه واستضافه بعد ايام من السابع من تشرين اول / اكتوبر لم يكن سوى لقاء بروتوكولي فج بلا بيان ولا مقررات ولا حضور عالمي مميز ، ودليل احتقار امريكا والغرب للمؤتمر كان ارسال موظفين بسطاء لتمثيلهم في المؤتمر..

لم يحرك ضمير الساسة العرب ان يخرج رؤساء دول وحكومات مثل كوبا وفنزويلا وماليزيا ليقودوا بانفسهم تظاهرات التنديد بالعدوان الاسرائيلي الانتقامي على غزة والمطالبة بوقف عملية الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني .. بل لم يحركهم  ان تقطع دول في امريكا اللاتينية علاقاتها مع الدولة العبرية.. ولم يعر هؤلاء الساسة واعلامهم الرسمي الموجّه ان تقوم دول  مثل تركيا وجنوب افريقيا ومحامون ومواطنون من خارج المنظومة العربية لجمع الأدلة والبراهين على قيام الجيش الاسرائيلي  بجرائم حرب وفق القانون الدولي وتقديمها للمحكمة الجنائية الدولية .. بل ان هناك تعليمات صارمة ابلغت الى وسائل الاعلام في بعض الدول العربية كالخليج ومصر بعدم التوسع في اخبار القصف الاسرائيلي وتدمير البنى التحتية والضحايا المدنيين ، وفي هذا المجال يلحظ المراقب بسهولة ان اعلاماً بعينه يتبع دولاً مطبّعة او سائرة في فلك الولايات المتحدة يسمي ضحايا الصراع بالقتلى كقناة العربية والبي بي سي وكل الاعلام الامريكي والغربي ، بينما هناك اعلام يسميهم شهداء كقناة الجزيرة وبعض الاعلام العراقي .. في حين يقف البعض الاخر في الوسط ويسميهم : ضحايا كالاعلام الروسي وبعض الاعلام المصري !!.

ايران لم تحرك ساكناً سوى التحذير والدعم الاعلامي والرحلات المكوكية لوزير الخارجية حسين عبد اللهيان بين بيروت ودمشق ، وتحريك ادواتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن بدغدغة اسرائيل دون ان يرقى ذلك الى مرحلة الحرب او التحرش او المواجهة المباشرة .. ولا باس بان تردّ اسرائيل على لبنان وامريكا على العراق وسوريا بالنيابة عن اسرائيل .. وليمت من يموت من هذه الدول مادامت النار بعيداً عن طهران .. وها قد انقضى خمسة عشر أسبوعاً ورغم هدنتين هشتين لبضعة ايام الا ان عمليات القتل الاسرائيلية لمن تبقى من اهل القطاع وتهديم ما صمد طيلة اسابيع القصف الذي قدرته اوساط مستقلة بانه كان بحوالي ٤٠٠ الف طن من المتفجرات او ما يعادل قنبلتين من تلك التي القيت على مدينة هيروشيما اليابانية في نهاية الحرب العالمية الثانية ، ان القتل مازال قائماً ويبدو انه لن ينتهي في القريب العاجل لسبب وحيد هو ان كل الذي جرى لا يداري الفضيحة الاسرائيلية والصفعة التي وجهها الفلسطينيون للكيان الغاصب ولن تقبل اسراىيل ولا نتن ياهو حلاً تُرغَم اسرائيل على قبوله .. وفي ذلك ستكون هزيمتها النكراء لان شعارها بعد السابع من اكتوبر كان : حرب بلا حدود لاجتثاث حركة حماس من جذور غزة ..

اشد الامور ايلاماً من العراق هو عدم اهتمام بعض العراقيين المحسوبين على الشيعة بما يحري في غزة وتبريرهم بان هناك العسرات من الفلسطينيين كانوا ممن فجروا انفسهم في العراق ايام مقاتلة الارهاب ، اما الجانب الاخر من العراقيين فهو محكوم بموقف دول الخليج والاهتمام بخليفة الحلبوسي اكثر من الاهتمام بتدمير غزة وابادة الشعب الفلسطيني .. واكبر المواقف وضوحاً وصموداً هو موقف الساسة الاكراد في العراق والمنطقة باعلانهم انهم ينأون بانفسهم عن الصراع الدائر ودعوته الى ابعاد العراق عنه وعن تبعاته ، وهم محقون في ذلك لان لديهم مايكفيهم من مشاكل تتعلق برواتب موظفي الإقليم وحصتهم بالموازنة وتصدير النفط ، اما غير ذلك فليذهب الشعب الفلسطيني الى الجحيم ولتدمر غزة على رؤوس اطفالها ..

اللافت للنظر ان تنظيم القاعدة ، واولاده غير الشرعيين من الدواعش وجبهة النصرة واحرار الشام وغيرها من المسميات لم تدل باي تعليق ولم ترمِ اطلاقة واحدة دعماً للشعب الفلسطيني.. وتلك دلالة واضحة واضافية على ان هذه التنظيمات هي صنيعة غربية وصهيونية هدفها قتل العرب والمسلمين فقط وتمزيق دولهم وجعلهم اسرى للهاجس الامني كما جرى في العراق .

ما لفت النظر هو موقف بابا الفاتيكان الذي لم يدن صراحة المجازر الوحشية الإسرائيلية.. بل انه كان في بعض الأحيان يوحي بادانة الطرف الذي بدأ الازمة الجديدة ، وهو الطرف الفلسطيني وتحميله مسؤولية ماجرى ويجري كما يرى الغرب وامريكا .. ولكنه اي البابا اعتبر ان استشهاد اثنتين من النساء المسيحيات  في غزة جراء القصف الإسرائيلي ارهاباً وصلى من اجلهما واستنكر قتلهما في حين لم نسمع من قداسة البابا ادانة واضحة وصريحة لقتل عشرين الف فلسطيني وجرح خمسة وخمسين ألفاً وتشريد مليونين من منازلهم حتى الان وتدمير القطاع بالكامل .. فهل ان دم المسلمين ازرق ودم غيرهم ارجواني يا قداسة البابا ؟

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: فی العراق

إقرأ أيضاً:

اسرائيل تواصل غاراتها العنيفة على الضاحية الجنوبية وتدعو السكان للاخلاء

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليلة من الرعب، حيث شنّ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات عنيفة على مناطق حارة حريك، الليلكي، والغبيري، بعد ساعات من تنفيذ 12 غارة خلال نهار الثلاثاء. 

اقرأ ايضاًترامب يرشح مؤيدا لتدمير غزة لقيادة الدفاع.. من هو "هيغسيث"؟

ورافق هذا التصعيد العسكري تحذيرات إسرائيلية للسكان بضرورة إخلاء بعض المباني تجنبا لاستهدافها.

أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي بيانا في منتصف الليل، حذر فيه السكان من البقاء في مبانٍ محددة في مناطق الضاحية الجنوبية، مشيرا إلى أنها تحوي "منشآت ومصالح تابعة لحزب الله"، وأن الجيش الإسرائيلي سيستهدفها قريبا. 

الغارة على مبنى دار الحوراء في بئر العبد احدثت دويا كبيرا pic.twitter.com/skoz9fp9CS

— مصدر مسؤول (@fouadkhreiss) November 12, 2024

وأضاف البيان: "لحماية أرواحكم وأفراد عائلتكم، عليكم إخلاء هذه المباني والمباني المجاورة فورا، والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر".

تزامنت التحذيرات مع إطلاق أصوات نيران كثيفة لتنبيه السكان النائمين، وإيقاظهم استعدادا للإخلاء. 

مشاهد لإطلاق النار في الغبيري والضاحية الجنوبية لبيروت الان للاخلاء الفوري pic.twitter.com/LO5WvELfmv

— مصدر مسؤول (@fouadkhreiss) November 12, 2024

وبعد لحظات من اطلاق النار بدأت الغارات، حيث استهدف أحدها مركز دار الحوراء الطبي في منطقة بئر العبد، وسط تحليق مكثف للطائرات المسيرة الإسرائيلية

وكان الجيش الإسرائيلي قد نفذ ظهر الثلاثاء 12 غارة سابقة أحدثت دمارا واسعا


© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)

محرر البوابة

يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة

الأحدثترند أسعار الذهب اليوم في الأردن الأربعاء 13 نوفمبر 2024.. عيار 21 يسجل هذا الرقم "اسرائيل" تواصل غاراتها العنيفة على الضاحية الجنوبية وتدعو السكان للاخلاء ترامب يرشح مؤيدا لتدمير غزة لقيادة الدفاع.. من هو "هيغسيث"؟ محمد التاجي عن خلافه مع محمد رمضان: "الفلوس مش كل حاجة" سعر اليورو مقابل الليرة السورية اليوم الأربعاء 13 نوفمبر 2024 Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • ما هو الدور الذي سيلعبه صهر ترامب في الشرق الأوسط؟
  • مولوي عزى بشهداء الدفاع المدني: الإدانة وحدها لا تكفي..فلتتحرك ضمائر العالم
  • هجوم لبناني على اسرائيل بـ مسيّرات انقضاضية
  • كيف تناولت الصحافة العالمية نبأ قطع تركياعلاقاتها مع اسرائيل؟
  • المسيرات العراقية تهاجم أهدافا حيوية في اسرائيل
  • أمريكا تسرب وثائق سرية لإيران تتعلق بخطط اسرائيل السابقة قبل الهجوم الإسرائيلي الأخير!
  • اسرائيل تقصف الضاحية الجنوبية لبيروت
  • لماذا نجحت أغنية "أنا من غيرك" .. الكلمات وحدها لا تكفي
  • المالية النيابية:موازنة 2024 تكفي لتغطية رواتب موظفي الإقليم للأشهر المقبلة
  • اسرائيل تواصل غاراتها العنيفة على الضاحية الجنوبية وتدعو السكان للاخلاء