لبنان ٢٤:
2024-11-19@17:44:15 GMT

طوفان الكرنتينا...لا حساب ولا قصاص

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

طوفان الكرنتينا...لا حساب ولا قصاص

أمام مشهد "طوفان الكرنتينا" تعود بي الذاكرة إلى خبر استقالة ثلاثة وزراء بلغاريين بسبب حادث تحطم حافلة. بالطبع نحن في لبنان لن نطلب المحال بعد هذه الفضيحة التي حوّلت طرقات لبنان إلى مستنقعات. فالمطالبة باستقالة أو بإقالة الوزراء المعنيين بهذه الكارثة أمر متعذّر، إن لم نقل مستحيلًا. الأسباب كثيرة كما هي الأعذار الواهية وتبادل تقاذف المسؤولية بين الوزراء.


في بلغاريا خبر الاستقالة عادي وطبيعي. هناك تُحترم المسؤولية. هناك يُحاسب المسؤولون عن أي خلل يحصل في القطاعات التابعة لهم مباشرة. فحياة الإنسان في هذه "الكواكب"، التي لا تشبه "كوكبنا"، لها قيمة ولها كيانها، وأن أي تهاون من قبل المسؤولين أو أي استهتار أو خفّة تستوجب اتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تكرار أي حادث مماثل، وعدم تعريض المواطنين للخطر أو الأذى، وأن على المسؤول أن يتحمّل مسؤوليته ويقدّم حسابًا أمام شعبه عمّا فعله وعمّا لم يفعله، وهو مطالب بأن يكون على قدّ المسؤولية والمهمة الموكلة إليه.
في لبنان  هكذا حادث يمكن أن يكون خبرًا عادّيًا على مستوى ردّات فعل المسؤولين عنه، الذين ربما يكتفون بقلب الشفاه أو هزّ الكتفين، ولكنه يحظى باهتمام الإعلام الذي أعطاه بعدًا في كيفية تحمّل المسؤولية ومحاسبة المقصرّين والمهملين والمستلشقين بحياة الناس.
 وعلى رغم زحمة الدوافع والمسببات التي تدفع بعض المسؤولين عندنا إلى عدم تحمّل مسؤولياتهم كاملة، فإننا لم نشهد في تاريخ العمل السياسي مسؤولًا واحدًا كانت لديه الجرأة للاعتراف بتقصيره، والذي بسببه قد تكون وقعت كوارث عدّة، وإن لم تكن نتائجها وانعكاس ضررها ظاهرًا للعيان على المدى المنظور، بالمعنى المباشر لكلمة أضرار، منها المادي ومنها المعنوي، إذ غالبًا ما نرى المسؤول يسابق المواطن في التعبير عن استيائه من الحال التي وصلت إليها البلاد. وبدلًا من أن يكون هو المشكو منه يصبح شاكيًا وباكيًا على طريقة "ضربني وبكى سبقني وأشتكى".  
قد نكون من بين المزايدين إذا طالبنا بمحاسبة جميع المسؤولين الذين كانت لهم علاقة من قريب أو من بعيد بكارثة الفيضانات، التي يبدو أن إيجاد حل لها لن يكون في المدى المنظور أو قبل أن يصبح مفهوم المسؤولية شاملًا ومتكاملًا.
ما شاهده اللبنانيون عن بعد، وما عاشه كثيرون منهم عن قرب، أمر لا يصدّق.  
وكيف يمكن أن نصدّق أن المحاسبة آتية، وأن إبقاء الوضع على ما هو عليه لم يعد من الجائز السكوت عنه، ونحن نطوي الأيام تلو الأيام على فراغات قاتلة أقله على مستوى رئاسة الجمهورية. ولا من يحاسب.  
كيف يمكن أن نصدّق أن العدالة ستأخذ مجراها ونحن لا نزال ندور في حلقة مفرغة حول مصير التحقيق في "انفجار العصر".  
كيف يمكن أن نصدّق أن الوضع آيل إلى التحسّن وجنى العمر قد أصبح في خبر كان.
مع كل اتصال اطمئنان نجريه في شكل يومي مع أحد الأقارب أو الأصدقاء في الوطن الأم يتأكد لنا بالعلم اليقين أن اللبنانيين يعيشون ولا يعيشون في وقت واحد. يعيشون لأنهم يعشقون الحياة. ولا يعيشون لأننا نسمعهم يقولون لنا مع كل اتصال: "نيالكم". يا ريت فينا "نهج" لكنا فعلناها من زمان وتركنا الوطن الذي نحبه وسنبقى نحبه على رغم أنف من كرّهونا العيش فيه، مع فائق التقدير لمن لا يزالون يؤمنون بأن لبنان لن يموت وسيعود ويقف على رجليه من جديد، وأنه متجذّر بهذه الأرض التي أعطت قديسين ولن يتركوها أيًّا تكن الصعوبات. وما يعيشه اللبنانيون من محن متلاحقة ليست بجديدة وقد عاشها أجدادهم من قبلهم، ولم يتركوا هذه الأرض المندورة للرب، وفضلوا الاستشهاد على أن يتركوها للغرباء، وكانوا كثرًا.
 فلبنان ببناه التحتية بلد "صيفي" بامتياز. فالمتعهدون على تنوعهم لم يأخذوا في الحسبان أن الأمطار ستكون غزيرة في مواسم الشتاء، ولم يحسبوا أيضًا أن ذمة البعض قد تكون فضفاضة بعض الشيء.  

المصدر: لبنان 24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: یمکن أن

إقرأ أيضاً:

المولوي: الغارات التي تطالُ بيروت إجرامية ولبنان لا يقبل بانتهاك سيادته

قال وزير الداخلية بسّام المولوي، اليوم الإثنين، إن الغارات الإسرائيلية التي تطالُ بيروت "إجرامية"، مشيراً إلى أن لبنان لا يريد الحرب والآمال معقودة على وقف إطلاق النار، وأضاف: "العدو الإسرائيلي يُمعن في تدمير المباني واستهداف المدنيين وهناك مناطق عديدة في بيروت لم تعُد آمنة بسبب الغارات الإسرائيليّة".    وفي حديثٍ عبر قناة "الجديد"، ذكر المولوي أنَّ المسودة الأميركية تؤكد تطبيق القرار 1701، مشيراً إلى أنَّ "الموفد الأميركي آموس هوكشتاين سيزور لبنان والإدارة الأميركية تضغط بكل صدق وجدية للوصول إلى وقف لإطلاق النار"، وتابع: "نعوّل على المجتمع الدولي في مواصلة ضغطه على العدو الإسرائيلي للقبول بتطبيق القرار 1701 الذي يمثل الشرعية الدولية ولبنان يتقيّد به".   وأكمل: "الدولة اللبنانية لا تقبل بإنتهاك سيادتها ونعدّ العدة لانتشار الجيش في جنوب لبنان، والتصعيد الإسرائيلي الأخير هدفه الضغط على لبنان ونحنُ لا نفهم ولا نتفهم خرق إسرائيل للسيادة اللبنانية".   وأضاف: "لا نُفرط بالتفاؤل في ظلّ الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة للبنان وخصوصاً عمق بيروت والمناطق الأخرى، تطبيق القرار 1701 يستوجب وقف الاعتداءات على جنوب لبنان والعدو الإسرائيلي خرق هذا القرار آلاف المرات ولبنان ملتزم بنشر الجيش في الجنوب".   واعتبر المولوي أن أحد أهداف العدو الإسرائيلي هو إحداث فتنة داخلية في لبنان، مشيراً إلى أنَّ هذا الأمر لن يحصل ولا يجب أن يحصل، وأضاف: "اللبنانيون احتضنوا بعضهم وعدد الإشكالات في المناطق خلال فترة الحرب لا تُذكر وجلها كانت بين النازحين حصراً، وتعليماتنا واضحة لسائر الأجهزة الأمنية للسهر على أمن اللبنانيين. كذلك، فإن القوى الأمنية موجودة في المناطق التي لا يزال المواطنون يمكثون ضمنها في جنوب لبنان".   وتابع: "هاجسنا الأول هو الحفاظ على المؤسسات الأمنيّة اللبنانية وهناك عدة اقتراحات قوانين موجودة في البرلمان يجري العمل عليها للوصول إلى اقتراح موحد يحافظ على الجيش وأدائه".   وأضاف: "ليس سراً أنه يجري العمل على التمديد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنيّة وهذا أمرٌ نجده في هذه المرحلة لاسيما الحرب ضرورياً".   وختم: "إن تطبيق إتفاق الطائف يُخرج لبنان من أزماته، وعندما يتوحّد اللبنانيون على فكرة يُكتب لها النجاح، كما أنه لبناء الدولة يجب احتضان كل اللبنانيين وعدم استثناء أي مكوّن لبناني وهذا الوطن لا يقوم إلا على التوافق والتضامن والتماسك والوحدة".


مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: مليونا إسرائيلي أصبحوا يعيشون في مرمى صواريخ حزب الله
  • بيان كتائبي مرتقب عالي النبرة .. لا يمكن السكوت بعد اليوم
  • السفير اليمني لدى مصر يناقش تداعيات إغلاق المدارس اليمنية مع المسؤولين المصريين
  • المولوي: الغارات التي تطالُ بيروت إجرامية ولبنان لا يقبل بانتهاك سيادته
  • ما هي الأهداف التي يمكن لأوكرانيا ضربها في روسيا بعد قرار بايدن؟
  • القصـاص من جانِِ قتــل مواطنا بآلة حادة
  • هل سينجح ترامب في محاكمة المسؤولين عن الانسحاب من أفغانستان؟
  • الدفاع المدني الفلسطيني: سكان شمال قطاع غزة يعيشون واقعًا كارثيًا
  • ” عندما يكون الفن القوة التي تتحكم في التعايش السلمي ونبذ الاعراف البالية “فصلية “
  • بهذه الطريقة وحدها يكون لبنان قويًا