حماس ومناورات اليوم التالي للحرب
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
حماس ومناورات اليوم التالي للحرب
السلاح وحده لا يكفي. لا بد أن يكون مصحوبا ببرنامج سياسي قابل للتنفيذ. هذا هو التحدّي الكبير الذي تواجهه المقاومة حاليا.
ما تحقق حتى اللحظة يسمح للفلسطينيين، إذا اتحدوا، بالتحكّم من جديد في مصيرهم، سواء من خلال استمرار القتال أو من خلال التفاوض.
الذين يطالبون "حماس" بالتخلي عن السلاح يرتكبون خطيئة لا تُغتفر.
فمن يتخلَّ عن سلاحه يتخلَّ عن حقّه وأرضه، ويصبح ورقة في مهبّ الريح.
إذا استسلم الفلسطينيون للمخطّط الاستعماري وانخرط بعضهم في تنفيذه، وقبلوا العودة لوضع ما قبل 7 أكتوبر، فسينتهون كأصحاب حقّ، ويفقدون شرعيتهم التاريخية والسياسية، ويصبحون مرتزقة.
* * *
كثر الحديث عن مرحلة اليوم التالي للحرب، خصوصا من الأميركيين والأوروبيين. يريدون معرفة النوايا الحقيقية لإسرئيل من هذه الحرب المفتوحة، رغم أن حكومة تل أبيب لم تخف ذلك. كرّرت عدة مرّات أن عدوانها لن يتوقف إلا بعد القضاء على "حماس" وإرجاع الرهائن والسيطرة الكاملة على قطاع غزّة، وهي أهداف أيدتها ضمنا معظم الدول الغربية. ليس الخلاف بشأن الأهداف، وإنما بشأن اختصار الزمن، واحترام إسرائيل قدر المستطاع القانون الإنساني، من دون المساس بحقّها في الدفاع عن نفسها.
ما تبحث عنه هذه الأطراف هو كيفية التخلص من "حماس" لاعتقادهم أنها "الخطر الداهم الذي يهدّد السلم والاستقرار في الشرق الأوسط". ويؤيدهم في ذلك جزءٌ غالب من الأطراف العربية الوازنة. لقد أثبتت الحرب أن المقاومة أعادت عقارب الساعة إلى الخلف، بعد أن ظن الجميع أن القضية في طريقها نحو التصفية النهائية، فإذا بهم يجدون أنفسهم من جديد أمام حقّ الشعب الفلسطيني في الاستقلال وتقرير المصير.
التآمر على الشعب الفلسطيني مستمر. ستكون المرحلة المقبلة أصعب. سيعمل الخصوم على إضعاف المقاومة بكل الوسائل، من الداخل والخارج. سيسعون إلى تجفيف مصادر التمويل، وتصفية قياداتها السياسية والعسكرية، وتشديد الحصار الأمني والسياسي على عناصرها، وسيفرضون على الجميع عدم التعامل معها بكل حجّة، كونها حركة إرهابية.
سيعملون على تفتيت "حماس" لتصبح مشلولة بمن دون مخالب ولا أسنان تمهيدا لدفن المقاومة، وتوريط السلطة الفلسطينية في أن يكون لها دور غير نظيف في مسرحيةٍ وهمية.
تشعر الدول الأساسية في العالم لأول مرة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، أن إسرائيل رغم الدعم الذي تتلقاه يمكن أن تتحوّل إلى كيان هشّ قابل للانهيار والتفتّت. هذه الرغبة المسعورة لدى الإسرائيليين في التوسّع وضم كل التراب الفلسطيني حولتها إلى عبء ثقيل على حلفائها، وأثارت فيهم مخاوف من احتمال فشلهم في تحقيق ذلك.
هذه الرغبة الشيطانية استفزت حتى آرييل شارون الذي كان يوصف بالجزار، إذ قال مرّة: "الاعتقاد أن وضع مليونين ونصف باستمرار تحت الاحتلال أمر سيئ، لا يمكننا الاستمرار عليه إلى الأبد". استفزّ كلامه معظم الحاضرين في ذلك الاجتماع، من بينهم نتنياهو، إلا أنه أصرّ على اعتبار ذلك خطأ على الإسرائيليين تجنّبه.
يجري الحديث علنا عن دور السلطة فيما بعد الحرب ضمن سياق الترتيبات الأميركية وحتى الإسرائيلية. قد يقع الاعتماد مرحليا على محمود عبّاس، لكنهم أشاروا إلى "العائق البيولوجي"، في إشارة منهم إلى سنه (88 عاما).
هم يريدون قيادة جديدة تتّصف بالعديد من الصفات، أولها الخضوع سياسيا وأمنيا لتل أبيب، فالرئيس بايدن قالها بوضوح: "نحن مستمرّون في تقديم المساعدة العسكرية إلى السلطة حتى تتخلص من حماس". ذلك هو شرط مسبق، لكن نتنياهو أضاف أنه يعمل من أجل "إنشاء جسم فلسطيني حديث، وليس السلطة الفلسطينية".
بقطع النظر عن الصيغ، هم يخطّطون بناء على فرضية أساسية، وهي إلحاق الهزيمة بحركة حماس، واقتلاعها من جذورها. وسيضعون الميزانيات اللازمة لتحقيق هذا الهدف في محاولة منهم طمس ما حقّقته المقاومة بفضل صمودها البطولي.
من الطبيعي أن يشعر الفلسطينيون بأنهم يخوضون معركة وجود، تتجاوز حركة حماس. المسألة أخطر بكثير، فهم حاليا إن استسلموا لهذا المخطّط الاستعماري، وانخرط بعضهم في تنفيذه، وقبلوا أن يعودوا إلى وضعية ما قبل 7 أكتوبر، فسينتهون كأصحاب حقّ، ويفقدون شرعيتهم التاريخية والسياسية، ويصبحون مجرّد مرتزقة.
ما تحقق حتى اللحظة مشأنه أن يسمح للفلسطينيين، إذا اتحدوا، بالتحكّم من جديد في مصيرهم، سواء من خلال استمرار القتال أو من خلال التفاوض، فالذين يطالبون "حماس" بالتخلي عن السلاح يرتكبون خطيئة لا تُغتفر.
فمن يتخلَّ عن سلاحه يتخلَّ عن حقّه وأرضه، ويصبح ورقة في مهبّ الريح، لكن السلاح وحده لا يكفي. لا بد أن يكون مصحوبا ببرنامج سياسي قابل للتنفيذ. هذا هو التحدّي الكبير الذي تواجهه المقاومة حاليا.
*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط في المجتمع المدني
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل فلسطين أميركا حماس شارون 7 أكتوبر السلطة الفلسطينية محمود عباس اليوم التالي للحرب من خلال
إقرأ أيضاً:
مرتضى منصور يرد على محمود عباس ويرفض نزع سلاح المقاومة (شاهد)
لا تزال شتائم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الموجهة ضد المقاومة الفلسطينية؛ خلال خطابه بالمجلس المركزي؛ تثير موجات سخط متعددة؛ كان آخرها للنائب المصري السابق مرتضى منصور، الذي رد عليه بطريقة لاذعة.
وقال منصور في كلمة للصحفيين: "بيقول المقاومة وحماس ولاد كلب طب أنا لو قلت لك أنت ابن ستين كلب بتزعل وتزعل؟ لا الكراهية اللي تزعل، والله العظيم ازاي تشتم الولاد بيقاوموا بيحرروا بلدك".
وأضاف "هذا الرجل يشتم مقاومة تقاتل وتدافع من أجل تحرير بلاده؟! الضفة عندك هناك لا يوجد فيها حماس؛ لماذا تقتل إسرائيل يوميا العشرات وتصادر الأرض هناك؟!".
وأكمل يقول: "أن أوافق أن تسلم حماس سلاحها بشرط؛ أن يخلع نتنياهو ملابسه؛ والمقاومة مش مقبول منها تسلم سلاحها؛ فالاحتلال سيستبيح كل شيء إذا ما حصل ذلك".
مرتضى منصور يفتح النار على ابو مازن.
???? pic.twitter.com/Qqq7LFeKBL — Hanzala (@Hanzpal2) April 25, 2025
وأكدت "أول مرة أشوف حد يقول على الدين بتاعه ما لوش قيمة بنصوصه في القرءان ولا السنة، احنا في مصيبة والله العظيم.. يا عالم يا إسلامي بدل ما احنا بنفكر نغير الدين ونحط نصوص جديدة
وردعا على سؤال حول إصرار إسرائيل على عدم وقف الحرب إلا بتسلم المقاومة لسلاحها، قال منصور أنه يؤيد هذا المقترح لو قام رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتسليم "لباسه".
وبدأ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اجتماع المجلس المركزي، الأربعاء الماضي، بمهاجمة حركة المقاومة الإسلامية حماس، ومطالبتها بتسليم أسرى الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
وعقد المجلس المركزي الفلسطيني، دورته الـ 32 في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، في ظل مقاطعة كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة المبادرة الوطنية، يومي 23 و24 نيسان/ أبريل، لبحث قضايا "مصيرية"، منها مسألة اختيار نائب لرئيس منظمة التحرير.
وشتم عباس حركة حماس خلال كلمة افتتاحية أمام أعضاء المجلس المركزي قائلا: "يا أولاد الكلب سلموا الرهائن وخلونا نخلص"، مشددا على ضرورة وقف حرب الإبادة في قطاع غزة.
محمود عباس على الهواء في مؤتمر المجلس المركزي الفلسطيني :
ياولاد الكلب سلموا الرهائن
وخلونا نخلص . pic.twitter.com/I8aBmUZmLJ — مالك الروقي (@alrougui) April 23, 2025
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" عن عباس قوله: "نواجه مخاطر جمة، هي أقرب ما تكون إلى نكبة جديدة تهدد وجودنا، وتنذر بتصفية قضيتنا الوطنية كلها، تنفيذا لمخططات من صنعوا نكبة شعبنا الأولى، وصولا إلى نكبة عام 1967، وبعد ذلك نكبة الانقلاب عام 2007، الذي استخدمه عدونا لتمزيق نسيجنا الوطني، ولمنع قيام دولتنا المستقلة".