الخليج الجديد:
2025-04-24@08:02:51 GMT

هل يعرف الأردنيون مصلحتهم؟

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

هل يعرف الأردنيون مصلحتهم؟

هل يعرف الأردنيون مصلحتهم؟

أحد الأسئلة المسمومة: هل تعتقدون أن الإضراب الأخير الذي نجح تنفيذه تضامنا مع قطاع غزة يمكن أن ينظم لاحقا لأسباب «داخلية»؟

آن لمراكز القرار الحكومي عدم الاسترسال في تبرير عجز المواقف الرسمية العربية بـ«شيطنة» مظاهر التعبير بدلا من شيطنة العدو ومجازره ووكلائه.

من «السميات» التي ترتدي قميص «فضول الدبلوماسيين»: هل تعتقدون أن الأفضل للشعب الأردني أن تتوفر حاضنة شعبية لحركة حماس بنسبة 85% دوما؟

كيف تتصورون أن حكومتكم يمكنها الاستغناء عن «المساعدات الأمريكية والألمانية والغربية» للسنوات المقبلة بسبب تفاعل الشعب المتسرع مع «الإسلام السياسي»؟

نجح الإضراب محليا ليس لأن تلاوين سياسية كانت وراءه بل لأن الإنسان الأردني عموما يشعر بالعجز الرسمي والأهلي عن تقديم أي شيء يحدث فارقا قياسا بحجم المجزرة والجريمة.

* * *

يطرح دبلوماسيون وسفراء أجانب هذه المرة في اجتماعات يقولون إنها بهدف «التحاور والتشاور» في عمان «أسئلة مسمومة». بعض تلك الأسئلة تتقمص حالة «الباحث العفيف» وهي في جذرها غير نزيهة.

ورشة عمل لإحدى السفارات الغربية أحضرت بعض «أصدقائها القدامى» وطلبت منهم الإجابة على أسئلة استبيانية قيل إنها بسيطة وتبين أن معظمها يحاول تحليل وفهم طبيعة العلاقة الأردنية مع قضية فلسطين.

أحد تلك الأسئلة: هل تعتقدون أن الإضراب الأخير الذي نجح تنفيذه تضامنا مع قطاع غزة يمكن أن ينظم لاحقا لأسباب «داخلية»؟.

ثمة نماذج أخرى من تلك «السميات» التي ترتدي قميص «فضول الدبلوماسيين».

هل تعتقدون أن الأفضل للشعب الأردني أن تتوفر حاضنة شعبية لحركة حماس بنسبة 85% دوما؟

كيف تتصورون أن حكومتكم يمكنها الاستغناء عن «المساعدات الأمريكية والألمانية والغربية» للسنوات المقبلة بسبب تفاعل الشعب المتسرع مع «الإسلام السياسي»؟

طبعا لابد من أسئلة مماثلة تطرح في الزوايا والتكايا التي تتلاقح فيها الأفكار مع ممثلي الدبلوماسية الأوروبية حيث توجد طبقة محترفين محلية تلعب، وهي تتحدث باسم الناس، دور «الوكيل والسمسار» المصر على تكريس حبال الود والوصال مع الدول الغربية رغم كل مآسي وكوارث وجرائم غطائها الأخير الممنوح للعدو الإسرائيلي في قصفه الضعفاء في فلسطين المحتلة.

أكيد ثمة أصحاب رأي يمكن الاختلاف معهم بدون علبة اتهامات.

لكن بوضوح القصد من طرح أسئلة خبيثة من هذا الصنف الإيحاء أولا- بأن مراكز السفارات الغربية بيننا تراقب كل صغيرة وكبيرة وتتابع واجباتها وتخطط للتفكير بمراجعات لها علاقة بحقائق ووقائع موقف نبض الشارع الأردني.

وثانيا- الإيحاء بأن على قوى الشارع الأردني أن تتنبه لأن موجات التعاطف الكبير مع المقاومة الفلسطينية والتنديد بالسياسات الأمريكية والغربية ودعم حركات مثل حماس وغيرها يمكنها أن تلحق الأذى لاحقا بالمصالح الاقتصادية للأردنيين.

إن طرح تلك الأسئلة على أردنيين من صنفين الأول «متمكن من إجابة ورد» والثاني»غافل وضعيف» مؤشر على عملية منهجية تتقصد ما يمكن وصفه بعلم الاتصال «تغيير الإطار المرجعي القيمي» للشعب الأردني أو – وهذا الأهم – التلويح بالتهديد وركوب موجة التخويف.

طبعا توحي المسألة ضمنا بأن نشطاء السفارات هنا يحاولون خدمة مصالح ومواقف بلادهم عبر مسلسل «تخويف الأردنيين» من خياراتهم الوطنية وحصرا الفلسطينية مرحليا لا بل يجتهدون في إظهار قدرتهم على «العمل والإنتاج» في عمق المجتمع النخبوي الأردني لتغيير الانطباعات والقناعات أو على الأقل الإيحاء بأنهم «يحاولون ذلك» ولو بصيغة «طهي الحصاة».

الجهل الحقيقي في فهم عقلية المواطن الأردني هو الذي يدفع باتجاه هذا النمط من « التغابي أو التذاكي» بصياغة الأسئلة والادعاء بأنها مطروحة ببراءة بعدما سقطت في وجدان الأردنيين، إثر «أهوال القصف الوحشي» على غزة، كل الأقنعة والاعتبارات الذاتية.

الإضراب الذي التزم به الأردنيون بنسبة كبيرة نجح بكل بساطة محليا ليس لأن بعض التلاوين السياسية كانت وراءه بل لأن الإنسان الأردني عموما يشعر بالعجز الرسمي والأهلي عن تقديم أي شيء حقيقي يحدث فارقا قياسا بحجم المجزرة والجريمة.

وبالتالي لو كان باستطاعة الناس مثلا «التوجه إلى غزة للقتال أو للمساعدة» لأرسلت عشائر وتكوينات الأردنيين عشرات الآلاف من أولادها للتطوع والمساهمة ولما فكر أصغر تلميذ بأي مبادرة لها علاقة بفعاليات لا تعني الكثير بكل حال مثل الإضراب أو التظاهر.

لو وجد الأردنيون دولة عربية أو إسلامية واحدة تستطيع نقل وتأمين تبرعاتهم المادية والعينية للأهل في غزة مع ضمانات لما وجد الملتقى المختص بتنظيم التظاهرات ركابا يستطيع إلحاقهم بفعالياته.

لو قيّض لأي دولة أخرى أن تُحضر «أيتام غزة» أو جرحاها بإشراف الدولة الأردنية لوجدت طوابير الأردنيين على بوابات المساعدة والإغاثة والتضامن، ولتبرعت النشميات بالحلي وبكل ما يملكن مثلا ولباع الأردنيون رغيفهم أو تقاسموه.

لذلك يتجاوب الناس مع المتاح لهم حتى وإن فكر به آخرون أو غرباء أحيانا وأزعم، حتى لا يتحفنا «السفراء إياهم» وعباقرة «الشد العكسي» بحديث مضجر عن «مؤامرات ودسائس»، أن المتاح لتفريغ الإحساس الرهيب بالألم والخوف والميل لتقديم أي شيء كان حتى الآن تعبيرات مثل «مظاهرة… إضراب… مقاطعة منتجات… هتافات وصور لأبو عبيده».

عمليا لو أتحفنا عباقرة السفارات الغربية ووكلاؤهم المحليون بصمتهم لفهمت مراكز القرار بأن تلك المساهمات والمشاركات ليست ولا يمكنها أن تكون يوما موجهة لمناكفة «الدولة أو الحكومة والقرار الرسمي» لأن حجم ومستوى الاحتقان بسبب طبيعة ارتكاب المجازر في فلسطين.

ولاحقا بسبب «حجم الغطاء الأمريكي والغربي» لتلك المجازر هي الأساس في أولا تأزيم الجملة العصبية عند الأردني، وثانيا- اندفاع الجموع بطريقة عفوية وتلقائية نحو «التعبير بالمتاح عن مشاعرها».

أولا وثانيا بكل بساطة قوته عابرة للأخوان المسلمين وماكينتهم ولكل القوى الحزبية، وقد آن الأوان لمراكز القرار الحكومي والرسمي أن تفهم ذلك بدلا من الاسترسال في تبرير عجز المواقف الرسمية العربية عبر «شيطنة» مظاهر التعبير بدلا من شيطنة العدو ومجازره ووكلائه.

*بسام البدارين كاتب صحفي وإعلامي أردني

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الأردن حماس قضية فلسطين الإضراب شيطنة أبو عبيدة الإخوان المسلمين الإسلام السياسي

إقرأ أيضاً:

أسئلة حقيقية ومغالطات

 

الذين يفْرطون في الامتثال للفقاعة “الإسرائيلية” الكبرى، ويرونها مطلقة القدرة وصنو القدر، وغير المقتنعين بموتها يوم السابع من أكتوبر، سؤالٌ واحدّ قد يجردهم من سيوف أوهامهم الوقحة، وهو كم من الأيام تستطيع “إسرائيل” الصمود والبقاء دون الدعم الأمريكي والغربي؟ دون جسور الإمداد اليومية العسكرية والسياسية والمالية والقانونية.

وإذا كان هذا السؤال افتراضيًا، وقد يُعتبر مخرجًا ملائمًا للمتهربين من وقائع الأشياء وحقائق الأمور، هناك الكثير من الأسئلة الواقعية والحاضرة، ولا تزال الوقائع ماثلة أمامنا جميعًا، ومن أمثلة تلك الأسئلة، هل مطلق القدرة المنتصر متى أراد، يقوم بإقالة كل أركان حربه، وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية؟ بل إنّ هذا يدخل في قاعدة “الهزيمة يتيمة وللنصر ألف أب”، وهؤلاء المقيلون والمقالون كلهم أيتامها.

وكذلك من أمثلة تلك الأسئلة، هل استطاع هذا الكيان مطلق القدرة إخضاع حركة حماس وفصائل غزة؟ وإجبارهم على التنازل والاستسلام، رغم بشاعة جرائمه ورغم ترسانته العسكرية التي لا تنضب، مقابل مجتمعٍ أعزل إلّا من بعض فصائل تمتلك ما تيسّر من أسلحةٍ تكاد تكون أسلحةً فردية، وهل استطاع تحرير أسراه بالقوة العسكرية؟ وهل استطاع تدمير الأنفاق؟ وهل تحققت له أهدافه المعلنة من الحرب؟

وأسئلة أخرى عن مطلق القدرة صنو القدر، هل استطاع إعادة كل مستوطنيه إلى الشمال؟ رغم أنّ الحرب في لبنان توقفت، والتزم حزب الله باتفاق وقف النار والقرار الأممي 1701، فلا زالت نسبة عودة المستوطنين في حدودها الدنيا، وهل استطاع إقناع مستوطنيه بأنّ الجيش قادر على حمايتهم؟ والإجابة ما زالت بالنفي.

وأسئلة أخرى كذلك، من قبيل هل استطاع الكيان المؤقت إعادة تشغيل ميناء “إيلات”؟ بل هل استطاعت البحرية الأمريكية فتح طرق الملاحة أمام السفن “الإسرائيلية”؟ وهل استطاعت أمريكا أصلًا تأمين سفنها الحربية والمدنية في البحر الأحمر؟ وهل سيستطيعون ذلك مستقبلًا؟

ولكن، هناك نوعٌ من الأسئلة يثير قريحة أولئك الموحدين بألوهية صنو القدر، وتداعب مشاعرهم الجياشة تجاه أربابهم، من أمثلة هل دمرت “إسرائيل” غزة واغتالت كل قادة حماس عسكريًا وسياسيًا في الداخل والخارج؟ هل استطاعت تدمير جنوب لبنان واغتيال قادة الصف الأول لحزب الله؟ هل توغلت في الأراضي السورية واحتلت واعتقلت وقتلت؟ وهل تدمر في اليمن؟ أوليس قلب أمريكا في “إسرائيل” وعقل “إسرائيل” في البيت الأبيض؟

أولم يطبّع العرب جميعًا، منهم سرًا ومنهم المجاهر؟ ألا ترى أنّ العالم مجتمعًا يحابي “إسرائيل” ويعاملها باعتبارها فوق المساءلة، وأنّ القانون الدولي والمؤسسات الدولية في خدمتها، كأنّها أُسست لها حصرًا ولحمايتها؟

هناك أسئلة حقيقية، وإجاباتها حقيقة ماثلة، وهناك أسئلة هي مجرد مغالطات منطقية، لإثارة الشبهات والتشويش على الحقائق والوقائع، وتنطلق من تجييش العواطف واللعب على غريزة الخوف، وتستخدم الإيحاءات للتأثير في الوعي الجمعي، وإجباره على التخلي عن حريته وقيمته.

وبالعودة للسؤال الافتراضي الأول، إنّ “إسرائيل” ماتت يوم السابع من أكتوبر، بدليل أنّها لا تستطيع الصمود أيامًا معدودة بعيدًا عن أجهزة التنفس الأمريكية، وبالتالي فهذه حربٌ أمريكية من ألفها إلى يائها، وعليه فإنّ هذه الحرب لن تنتهي قريبًا، وهي جولةٌ في صراعٍ ممتد مع الهيمنة الأمريكية، وهذا الصراع ليس بلا أثمان، ولكن الأثمان الثقيلة دول، إلّا لمن أراد أن يدفعها وحده فيستسلم.

 

مقالات مشابهة

  • أسئلة حقيقية ومغالطات
  • محمد مفقود... هل من يعرف عنه شيئاً؟
  • الباطرونا تشيد بصدور قانون الإضراب بعد 62 عاماً من الإنتظار
  • نقابة CDT ترفض قانون الإضراب لأنه يفتقد للشرعية مطالبة بإعادته إلى مؤسسة الحوار الاجتماعي
  • حماس: المعتقلون الأردنيون عبّروا عن ضمير الأمة وندعو للإفراج عنهم
  • العاهل الأردني يحذر من خطورة التصعيد في الضفة الغربية وانتهاك المقدسات
  • العاهل الأردني يحذر من خطورة استمرار التصعيد في الضفة الغربية
  • ‏العاهل الأردني يحذر من خطورة استمرار التصعيد في الضفة الغربية والانتهاكات للمقدسات
  • دعاء سورة قل هو الله أحد.. ردده ولن يعرف الفقر والنكد عنوانك
  • الشباب لا يعرف الفوز على «هلال» جيسوس!