هل يعرف الأردنيون مصلحتهم؟
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
هل يعرف الأردنيون مصلحتهم؟
أحد الأسئلة المسمومة: هل تعتقدون أن الإضراب الأخير الذي نجح تنفيذه تضامنا مع قطاع غزة يمكن أن ينظم لاحقا لأسباب «داخلية»؟
آن لمراكز القرار الحكومي عدم الاسترسال في تبرير عجز المواقف الرسمية العربية بـ«شيطنة» مظاهر التعبير بدلا من شيطنة العدو ومجازره ووكلائه.
من «السميات» التي ترتدي قميص «فضول الدبلوماسيين»: هل تعتقدون أن الأفضل للشعب الأردني أن تتوفر حاضنة شعبية لحركة حماس بنسبة 85% دوما؟
كيف تتصورون أن حكومتكم يمكنها الاستغناء عن «المساعدات الأمريكية والألمانية والغربية» للسنوات المقبلة بسبب تفاعل الشعب المتسرع مع «الإسلام السياسي»؟
نجح الإضراب محليا ليس لأن تلاوين سياسية كانت وراءه بل لأن الإنسان الأردني عموما يشعر بالعجز الرسمي والأهلي عن تقديم أي شيء يحدث فارقا قياسا بحجم المجزرة والجريمة.
* * *
يطرح دبلوماسيون وسفراء أجانب هذه المرة في اجتماعات يقولون إنها بهدف «التحاور والتشاور» في عمان «أسئلة مسمومة». بعض تلك الأسئلة تتقمص حالة «الباحث العفيف» وهي في جذرها غير نزيهة.
ورشة عمل لإحدى السفارات الغربية أحضرت بعض «أصدقائها القدامى» وطلبت منهم الإجابة على أسئلة استبيانية قيل إنها بسيطة وتبين أن معظمها يحاول تحليل وفهم طبيعة العلاقة الأردنية مع قضية فلسطين.
أحد تلك الأسئلة: هل تعتقدون أن الإضراب الأخير الذي نجح تنفيذه تضامنا مع قطاع غزة يمكن أن ينظم لاحقا لأسباب «داخلية»؟.
ثمة نماذج أخرى من تلك «السميات» التي ترتدي قميص «فضول الدبلوماسيين».
هل تعتقدون أن الأفضل للشعب الأردني أن تتوفر حاضنة شعبية لحركة حماس بنسبة 85% دوما؟
كيف تتصورون أن حكومتكم يمكنها الاستغناء عن «المساعدات الأمريكية والألمانية والغربية» للسنوات المقبلة بسبب تفاعل الشعب المتسرع مع «الإسلام السياسي»؟
طبعا لابد من أسئلة مماثلة تطرح في الزوايا والتكايا التي تتلاقح فيها الأفكار مع ممثلي الدبلوماسية الأوروبية حيث توجد طبقة محترفين محلية تلعب، وهي تتحدث باسم الناس، دور «الوكيل والسمسار» المصر على تكريس حبال الود والوصال مع الدول الغربية رغم كل مآسي وكوارث وجرائم غطائها الأخير الممنوح للعدو الإسرائيلي في قصفه الضعفاء في فلسطين المحتلة.
أكيد ثمة أصحاب رأي يمكن الاختلاف معهم بدون علبة اتهامات.
لكن بوضوح القصد من طرح أسئلة خبيثة من هذا الصنف الإيحاء أولا- بأن مراكز السفارات الغربية بيننا تراقب كل صغيرة وكبيرة وتتابع واجباتها وتخطط للتفكير بمراجعات لها علاقة بحقائق ووقائع موقف نبض الشارع الأردني.
وثانيا- الإيحاء بأن على قوى الشارع الأردني أن تتنبه لأن موجات التعاطف الكبير مع المقاومة الفلسطينية والتنديد بالسياسات الأمريكية والغربية ودعم حركات مثل حماس وغيرها يمكنها أن تلحق الأذى لاحقا بالمصالح الاقتصادية للأردنيين.
إن طرح تلك الأسئلة على أردنيين من صنفين الأول «متمكن من إجابة ورد» والثاني»غافل وضعيف» مؤشر على عملية منهجية تتقصد ما يمكن وصفه بعلم الاتصال «تغيير الإطار المرجعي القيمي» للشعب الأردني أو – وهذا الأهم – التلويح بالتهديد وركوب موجة التخويف.
طبعا توحي المسألة ضمنا بأن نشطاء السفارات هنا يحاولون خدمة مصالح ومواقف بلادهم عبر مسلسل «تخويف الأردنيين» من خياراتهم الوطنية وحصرا الفلسطينية مرحليا لا بل يجتهدون في إظهار قدرتهم على «العمل والإنتاج» في عمق المجتمع النخبوي الأردني لتغيير الانطباعات والقناعات أو على الأقل الإيحاء بأنهم «يحاولون ذلك» ولو بصيغة «طهي الحصاة».
الجهل الحقيقي في فهم عقلية المواطن الأردني هو الذي يدفع باتجاه هذا النمط من « التغابي أو التذاكي» بصياغة الأسئلة والادعاء بأنها مطروحة ببراءة بعدما سقطت في وجدان الأردنيين، إثر «أهوال القصف الوحشي» على غزة، كل الأقنعة والاعتبارات الذاتية.
الإضراب الذي التزم به الأردنيون بنسبة كبيرة نجح بكل بساطة محليا ليس لأن بعض التلاوين السياسية كانت وراءه بل لأن الإنسان الأردني عموما يشعر بالعجز الرسمي والأهلي عن تقديم أي شيء حقيقي يحدث فارقا قياسا بحجم المجزرة والجريمة.
وبالتالي لو كان باستطاعة الناس مثلا «التوجه إلى غزة للقتال أو للمساعدة» لأرسلت عشائر وتكوينات الأردنيين عشرات الآلاف من أولادها للتطوع والمساهمة ولما فكر أصغر تلميذ بأي مبادرة لها علاقة بفعاليات لا تعني الكثير بكل حال مثل الإضراب أو التظاهر.
لو وجد الأردنيون دولة عربية أو إسلامية واحدة تستطيع نقل وتأمين تبرعاتهم المادية والعينية للأهل في غزة مع ضمانات لما وجد الملتقى المختص بتنظيم التظاهرات ركابا يستطيع إلحاقهم بفعالياته.
لو قيّض لأي دولة أخرى أن تُحضر «أيتام غزة» أو جرحاها بإشراف الدولة الأردنية لوجدت طوابير الأردنيين على بوابات المساعدة والإغاثة والتضامن، ولتبرعت النشميات بالحلي وبكل ما يملكن مثلا ولباع الأردنيون رغيفهم أو تقاسموه.
لذلك يتجاوب الناس مع المتاح لهم حتى وإن فكر به آخرون أو غرباء أحيانا وأزعم، حتى لا يتحفنا «السفراء إياهم» وعباقرة «الشد العكسي» بحديث مضجر عن «مؤامرات ودسائس»، أن المتاح لتفريغ الإحساس الرهيب بالألم والخوف والميل لتقديم أي شيء كان حتى الآن تعبيرات مثل «مظاهرة… إضراب… مقاطعة منتجات… هتافات وصور لأبو عبيده».
عمليا لو أتحفنا عباقرة السفارات الغربية ووكلاؤهم المحليون بصمتهم لفهمت مراكز القرار بأن تلك المساهمات والمشاركات ليست ولا يمكنها أن تكون يوما موجهة لمناكفة «الدولة أو الحكومة والقرار الرسمي» لأن حجم ومستوى الاحتقان بسبب طبيعة ارتكاب المجازر في فلسطين.
ولاحقا بسبب «حجم الغطاء الأمريكي والغربي» لتلك المجازر هي الأساس في أولا تأزيم الجملة العصبية عند الأردني، وثانيا- اندفاع الجموع بطريقة عفوية وتلقائية نحو «التعبير بالمتاح عن مشاعرها».
أولا وثانيا بكل بساطة قوته عابرة للأخوان المسلمين وماكينتهم ولكل القوى الحزبية، وقد آن الأوان لمراكز القرار الحكومي والرسمي أن تفهم ذلك بدلا من الاسترسال في تبرير عجز المواقف الرسمية العربية عبر «شيطنة» مظاهر التعبير بدلا من شيطنة العدو ومجازره ووكلائه.
*بسام البدارين كاتب صحفي وإعلامي أردني
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الأردن حماس قضية فلسطين الإضراب شيطنة أبو عبيدة الإخوان المسلمين الإسلام السياسي
إقرأ أيضاً:
إضراب شامل في جامعات عدن ولحج وأبين وشبوة (وثيقة)
شمسان بوست / خاص:
أعلنت جامعات” عدن ولحج وأبين وشبوة” عن إضراب شامل عن الدراسة.
وأكدت الجامعات أن عملية الإضراب ستبدأ من يوم السبت القادم.
واوضحت في بيان إنها لن تتراجع عن الإضراب حتى تلبى الحكومة كل مطالبها.
.ونص البيان على الآتي:
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان نقابي لنقابة هيئة التدريس بجامعات عدن ولحج وأبين وشبوة
الزملاء والزميلات في هيئة التدريس بجامعاتنا العزيزة:
ها نحن اليوم نقف في لحظة تاريخية مفصلية، لحظة لن تخفت فيها أصواتنا بل ستعلو وتُسمَع؛ لنطلق هذا البيان الذي يختصر كلماته إيماننا العميق بحقوقنا، وعزيمتنا التي لا تلين؛ من أجل الحفاظ على كرامتنا، بعد أن أصبح من غير الممكن السكوت على ما يعصف بنا من قهرٍ وظلمٍ طال حياة الأكاديميين وأسرهم، بل والشعب بأسره؛ لقد وصلنا إلى نقطة اللاعودة؛ حيث أصبح التردي في أوضاعنا المعيشية يهدد وجودنا الأكاديمي والإنساني٠
الزملاء الأعزاء:
كما تعلمون، فإن مهلة الشهر التي منحناها للحكومة في بياننا الصادر في 28 نوفمبر الماضي كانت فرصة لنا للجلوس مع باقي النقابات والهيئات، وكان هدفنا توحيد المواقف وتنظيم الصفوف لمواجهة هذا التحدي الكبير، واليوم نقف على عتبة مرحلة جديدة، مرحلة من التصعيد النقابي الذي لا رجعة فيه، لقد اوشكت شرارة حراك النقابات العمالية والأكاديمية والهيئات العسكرية والمدنية على الانطلاق، ونحن جزء لا يتجزأ من هذا الزخم النقابي العظيم، نؤكد لكم أننا لن نقبل حياة الذل والإهانة، ولن نقف صامتين أمام الظلم، نحن في هذه اللحظة بحاجة ماسة إلى الوحدة والتلاحم، ولن نتراجع عن مطالبنا إلا بعد أن ننتزعها انتزاعاً، لقد حانت اللحظة التي يجب فيها أن ترفع أصواتنا عالياً؛ لتكون صرختنا في وجه التهميش والإجحاف، وعليه نطالب دول التحالف والحكومة القيام بواجبها تجاه الشعب الذي تجرع مرارة الأوضاع المعيشية الكارثية.
أيها الزملاء الأعزاء،
إن مطالبنا واضحة، ولن تغفل عنها الأنظار وهي:
1) إعادة الراتب إلى البند الأول وصرفه بانتظام نهاية كل شهر مع صرف المتأخرات فوراً.
2) هيكلة المرتبات مع ضرورة إعادة قيمتها بما يعادلها بالعملة الصعبة كما كانت عليه قبل عام 2015م.
3) وضع حلول عاجلة لمعالجة انهيار العملة، وتردي الخدمات.
4) إلزام الحكومة بالوفاء بالتزاماتها كافة تجاه اعضاء هيئة التدريس والموظفين.
5) ضمان حقوق أعضاء هيئة التدريس وموظفي الجامعات فيما يخص التسويات، وحقوق المعينين أكاديميًا والمتعاقدين الإداريين.
6) صرف أراضي هيئة التدريس والموظفين في عصل وعمران، وحماية اراضي الحرم الجامعي.
أيها الزملاء الأعزاء،
إننا اليوم على مفترق طرق، ومن هنا ندعوكم جميعاً إلى أن تكونوا جزءًا من هذا التحول الحقوقي في مسيرتنا فالإضراب هو سلاحنا الذي لا بديل له وعليه، قرر مجلس النقابة ما يلي:
– الإعلان عن بدء الإضراب الشامل ابتداءً من يوم السبت الموافق ٢٨ ديسمبر٢٠٢٤م، مع مراعاة خصوصية الكليات التي لم تستكمل امتحانات الفصل الأول.
– تكليف لجنة التصعيد بالإشراف اليومي على سير عملية الإضراب.
– تكليف اللجنة الإعلامية والناطق الرسمي بالتواصل مع وسائل الإعلام لتوضيح تفاصيل مطالبنا ورسالتنا.
الزملاء الأعزاء،
إن نجاح هذا الإضراب يعتمد على ثبات موقف كل واحد منكم، ويعتمد على وحدتنا وقوتنا الجماعية في وجه التحديات؛ لنجعل من هذا الإضراب ليس مجرد وسيلة ضغط، بل ثورة تعليمية لن تساوم على الحقوق ولا على الكرامة
لنعمل معاً؛ لتكون رسالتنا إلى القاصي والداني أن هيئة التدريس في جامعاتنا لن تُهان، ولن تُسكت، ولن تتراجع عن مطالبها حتى تتحقق.
وستظل هذه اللحظة محطة فارقة في مسيرتنا نحو نيل حقوقنا، فلتكن هذه المعركة معركتنا جميعًا، ولينتصر الحق، نحن في هذه المعركة لا نطلب سوى أن نُعامل بكرامة، وأن نُحسن لأجيالنا القادمة من خلال تعليمٍ عادلٍ وكريم.
صادر عن نقابة هيئة التدريس بجامعات عدن ولحج وأبين وشبوة
الخميس 26 ديسمبر 2024م