بين خوفهن من الاغتصاب والحديث عن الانتحار.. ما الذي يحصل للنساء السودانيات؟ (شاهد)
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
غصّت منصات التواصل الاجتماعي، خلال الأيام القليلة الماضية، بمنشورات ومقاطع فيديو تشرحُ ما وُصف بـ"الفجائع التي تعيش على إيقاعها النساء السودانيات"؛ بفعل انتشار عمليات الاغتصاب و"توظيف ذلك كسلاح لإذلال السودانيين وكسر عزيمتهم".
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Hadeel Badwi (@hadeelbadwi) عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Dr.
ومع تسارع رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في كل من السودان وعدد من الدول العربية، خاصة على منصة "تيكتوك"، في تسليط الضوء عن الأحداث الجارية في السودان، حضر الوصف، وغاب المشهد الموثٍّق، من عين المكان، إلّا من بعض الفيديوهات التي تم تداولها على نطاق واسع، توثق للحدث الجلل من من قلب مدينة ود مدني، وهي ثاني أكبر المدن بعد العاصمة الخرطوم، وتعيش ما يوصف بـ"الكارثة الحقيقية التي لا يلتفت إليها الكثيرون".
سودانيات يحكين
رصدت "عربي21" جُملة من التغريدات والمنشورات التي تتحدث عن كون النساء في السودان، تشهد فاجعة، بتن معها إمّا خائفات من الاغتصاب، أو باحثات عن موانع الحمل الطارئة، أو حتى فتوى شرعية تبيح لهن الانتحار. وهو ما دق ناقوس الخطر، عن واحدة من أبشع الأنباء التي يتم تداولها.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Kadia Story (@kadia.hell)
وتفاعل الآلاف من رواد مختلف منصات التواصل الاجتماعي، مع وسم "احموا النساء من الاغتصاب" في السودان، في الوقت الذي أعلن فيه الجيش السوداني، عن انسحاب قواته من مدينة ود مدني، في ولاية الجزيرة، واستيلاء قوات الدعم السريع عليها.
شاركوا ولو بنشر كلمة واحدة، نساء السودان وشعبها السودان لا يستحق هذا التهميش، والله انهم منّا ونحن منهم.
نساء السودان يبحثن عن حبوب منع الحمل بسبب ما يحدث لهم في جرائم من قبل الدعم السريع الوَحشي.#KeepEyeOnSudan - #انقذو_السودان pic.twitter.com/F79ZK0Lih0 — Ahmedöv (@a5medv) December 19, 2023
تابعت "عربي21" عددا من الحسابات السودانية في مختلف منصات التواصل الاجتماعي، ورصدت جُملة من قصص النساء في ود مدني، وبَحثهن عن حبوب منع الحمل أو حبوب الإجهاض، فضلا عن سُؤالهن بخصوص شرعية الانتحار، خوفا من اغتصابهن؛ خاصة على صفحة "احكي" العربية، التي يتابعها مئات الآلاف من الأشخاص، على منصة "انستغرام".
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة احكي (@e7kkyeg)
متخيل احنا وصلنا ليوم الستات فيه بتاخد حبوب منع الحمل عشان عارفين انهم معرضين خلال ساعات لاغتصاب جماعي لو معرفوش يهربو من ايدين مجرمين الدعم السريع
اخبار فوق القدره انك تستوعبها
مابالنا باللي لا حول ولا قوة الا بالله عايشينها دلوقتي #انقذو_السودان — المعتصم بالله ???? (@MoatAwesome_) December 18, 2023 -البنات فى السودان بيدوروا على حبوب منع الحمل علشان "لما" يتعرضوا للإغتصاب من جيش حميدتى!!
-فى السودان اكتر من ٨٠٠٠ بنت اتعرضوا للاغتصاب الجنسى واكتر من ٤ مليون اتعرضت للتحرش!!
لعنة الله ع كل المنظمات الحقوقية من حقوق نساء لحقوق انسان، وحسبنا الله ونعم الوكيل ف كل ظالم مُعتدى. — Mira (@YourFavMurmora) December 19, 2023
نساء كثر وثقن من خلال شَهاداتهن ما تعرّضن له، وتحدّثن عن حالات "اغتصاب جماعي". مؤكدات على أن الأمر لا يرتبط بمدينة ود مدني فقط، بل "كان سلاحا يتم استخدامه في كل المعارك، منذ بداية الحرب الأهلية في السودان التي اندلعت في نيسان/ أبريل من العام الحالي".
نساء السودان يتحدثن عن المعاناة.. أنقذوا السودان! #السودان_خارج_التغطية_الإعلامية pic.twitter.com/pQxK9Bx9eA — يوسف الرحيم (@D1MHMOF4KPr53P9) December 21, 2023
تبادل الاتهامات
في ظل تسارع التفاعل في الفضاء الرقمي، مع نساء السودان، والتأكيد على التضامن معهن، وتوجيه أصابع الاتهام لعدد من الجهات داخل السودان؛ اتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بـ"تنفيذ عمليات اغتصاب الحرائر، وتشريد المواطنين من منازلهم وقيامهم بأعمال بلطجة ضدهم"، وفق بيان للناطق باسم القوات المسلحة السودانية.
منذ ١٥ ابريل ٢٠٢٣ يتعرض نساء السودان إلى اعتداءات جنسية متكررة واغتصاب تحت تهديد السلاح من قبل مليشيات الدعم السريع ، يتم الإغتصاب تحت تهديد السلاح أمام أفراد من أسرهم.#انقذو_السودان#السودان_خارج_التغطية_الإعلامية#الدعم_السريع_مليشيا_ارهابيه
pic.twitter.com/zdo5IAgZBG — حاتم الحسينى الهاشمى (@elhashmy5) December 21, 2023 لما يكون الشعب جاهل وفي يده سلاح تكون هكدا النتيجة اغتصبات نساء واطفال ..؟؟#انقذو_السودان #الأڤنيوز_جاي_الخبر
#احموا_النساء_من_الاغتصاب pic.twitter.com/7pi2dxCpRp — Abdul Salam (@absi_alamari) December 20, 2023
من جهتها، نفت قوات الدعم السريع، في بيان لها، التهم الموجهة إلى عناصرها الذين ظهروا في مقطع الفيديو المتداول لعملية "الاغتصاب"، بالقول إنه "مفبرك من قبل قوات الجيش لإثارة مشاعر السودانيين في محاولة يائسة لكسب التعاطف الشعبي".
لعل ما جعل الأخبار عن النساء في السودان، تتسارع في النشر، خلال الأيام القليلة الماضية، على الرغم من أن الحرب في البلاد قائمة منذ أشهر، تداول الصحافة الدولية لها، من قبيل تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، الذي جاء فيه: "إن النساء والفتيات في السودان تكافح للحصول على وسائل منع الحمل الطارئة وأدوية الإجهاض، وهن في أمس الحاجة إليها".
ملايين النساء حياتهم مهددة بسبب همجية ميليشيات الدعم السريع.
نساء السودان يبحثن عن حبوب منع حمل وحبوب إجهاض بسبب ما يحدث لهم من قبل الدعم السريع.
الاعلام يتجاهل وضعهم كن أنت إعلامهم للعالم لأن النشر من داخل السودان يُشكّل خطرعلى حياتهم.#KeepEyeOnSudan #انقذو_السودان pic.twitter.com/IHL9zLphL6 — حاتم الحسينى الهاشمى (@elhashmy5) December 22, 2023
ونقلت الصحيفة، عن ناشطة سودانية، قولها: "العديد من النساء يلجأن إلى الأساليب التقليدية مثل الغسول المهبلي بالأعشاب، أعرف امرأة تعرضت للاغتصاب من قبل 3 رجال، وهي لا تعرف ما إذا كانت حاملا أم لا، لم تكن قادرة على الحصول على الدواء المناسب".
ما بين البلاغات والفضاء الرقمي
أشارت تقارير لعدد من المنظمات الدولية، بينهم العفو الدولية، وتصريحات لكلٍ من مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، والمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، بأصابع الاتهام، إلى عناصر الدعم السريع، بارتكاب جرائم الاغتصاب، من بينها تقرير "بي بي سي عربي" الذي أورد ثلاث شهادات لنساء اتهمت عناصر الدعم السريع باغتصابهن.
وتقول "وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل": "بلغ إجمالي حالات الاعتداء الجنسي في الخرطوم 42 حالة، وفي نيالا 25 حالة، بينما سجلت في الجنينة 21 حالة عنف جنسي مرتبط بالنزاع، وفيما كانت جُل البلاغات في الخرطوم، ضد قوات الدعم السريع، أفادت كافة الناجيات في نيالا والجنينة بأن "الاعتداءات كانت على يد قوات الدعم السريع".
وتوضح رئيسة الوحدة، سليمى إسحق، بأن "حالات اغتصاب مؤكدة طالت فئات عمرية مختلفة تراوحت بين 12- 56 عاما؛ وأن أغلبهن واجهن الاغتصاب وتبعاته دون عون طبي، أو دعم نفسي، حيث لجأت المصابات للتداوي بالماء والأعشاب، في حين تكتمت العديد من الناجيات عن توثيق حَالتهن خشية الفضيحة ونظرة المجتمع".
وفيما أشارت الوحدة، كذلك، إلى "تنامي ظاهرة الاستهداف العرقي للنساء والفتيات، ما يعد تزايدا نوعيا في جرائم العنف الجنسي المتصل بالنزاع في السودان"؛ قامت منظمة "لا لقهر النساء"، وهي منظمة سودانية مستقلة، بتحميل الحرب الدائرة في البلاد، مسؤولية ما تتعرض له النساء من عنف واغتصاب، داعية بذلك إلى "إلقاء السلاح".
بدورها، أكدت عضو مجموعة محامي الطوارئ، رحاب مبارك سيد أحمد، أن "مجمل ما وُثّق من المجموعة ولجنة الأطباء المركزية ومنظمات مجتمع مدني منذ بداية الحرب في السودان، قرابة 360 حالة اغتصاب في جميع أنحاء السودان".
وأردفت: "تشكل هذه الحالات التي بلّغت عن تعرضها للاغتصاب منذ بداية الحرب، واحد في المئة فقط من الحالات الفعلية، لأن هناك نساء وفتيات كثيرات يخشين التحدث عن تعرضهن للاغتصاب"، موضحة أن هذه "الجريمة موصومة مجتمعيا في السودان، حيث إن السيدات المتزوجات يخشين من انهيار حياتهن الزوجية؛ أما الفتيات، فستكون فرصها في الزواج مستقبلا متأرجحة، كما أن بعض النساء باتت تخشى الاستهداف من الجهة التي اعتدت عليها جنسيا".
ما بين القانون الدولي والمنظمات الدولية
أما في سياق إماطة اللثام عن ما يقوله القانون الدولي عن "جرائم اغتصاب النساء في السودان"، فإنه لا يفرق بين نساء ورجال، بل يفرق بين محاربين ومدنيين، والمرأة في جُل الحالات مدنية وليست محاربة؛ فيما يعتبر اغتصاب النساء إثر ذلك بـ"جريمة حرب"، كما أن هذا القانون لا يجيز لمن يحمل صفة "محارب" اغتصاب النساء أو إلحاق الضرر بالمدنيين.
أعرب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان @volker_turk عن القلق البالغ بشأن التقارير حول تفشي الانتهاكات خلال الأيام الأخيرة في القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في ود مدني، ثاني أكبر مدن السودانhttps://t.co/MSRCjUuP9w — الأمم المتحدة (@UNarabic) December 21, 2023
إلى ذلك، دعا خبراء للأمم المتحدة، كل من القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، إلى "إنهاء انتهاكات القانون الإنساني وحقوق الإنسان"؛ معربين بذلك عن قلقهم بخصوص تقارير تفيد بأن "النساء والفتيات قد تعرضن للاختفاء القسري، وأعمال ترقى إلى الحد الذي أُجبرن فيه على السخرة والاستغلال الجنسي من جانب قوات الدعم السريع".
وكانت، منظمة العفو الدولية، قد أكدت، في تقرير سابق، نشر على موقعها، أنّ "عشرات النساء والفتيات لا تتجاوز أعمار بعضهن 12 عاما تعرضن للعنف الجنسي من الأطراف المتحاربة في السودان بل وتم احتجاز بعضهن، لعدة أيام، وفي ظروف من الاستعباد الجنسي".
تجدر الإشارة، إلى أن الحديث عن تعرض النساء في السودان للعنف الجنسي وخاصة منه الاغتصاب، ليس جديدا، حيث شهدت الحرب التي دارت في دارفور منذ عام 2003 جرائم مماثلة ضد النساء؛ حيث إنه جاء في تقرير لمنظمة العفو الدولية، في شهر تموز/ يوليو عام 2004، أن الحكومة السودانية التي كان يقودها عمر البشير، أطلقت أيدي عناصر الدعم السريع، بدوية على المجتمعات المستقرة في دارفور، أدّت للقتل والاغتصاب.
سبق اغتصاب بنت من النيل الأزرق و كل السودان والعالم عرف ومافي اي جهة رسمية اتحركت ونددت اظن كان الخبر انه الاغتصاب كان من 4 عساكر وفي حالات اغتصابات كتيرة في دارفور نحن اللي كنا بندين الأفعال دي كلها وهسة البلابسة عايزننا نصدق انهم مغبونين #اغتصاب_فتاة_النيل_الازرق اسفة للتذكير — *Maryam* (@merna_2006) June 23, 2023
حينها، اتهم التقرير، الجيش السوداني، بتقديم الدعم لما للعناصر التي عُرفت باسم "الجنجويد" والتي باتت فيما بعد نواة لقوات الدعم السريع. ووفقا للتقرير نفسه، فإن المنظمة أجرت آنذاك عدّة مقابلات مع جُملة من النساء اللاتي قلن إنهن "تعرضن للاغتصاب في الحرب".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية السودانيات ود مدني السودان حقوق النساء ود مدني السودانيات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تمت مشارکة منشور بواسطة التواصل الاجتماعی قوات الدعم السریع النساء فی السودان حبوب منع الحمل نساء السودان من الاغتصاب pic twitter com ود مدنی من قبل
إقرأ أيضاً:
الجنين يتحكم في طبيعة المغذيات التي يحصل عليها من الأم
كشف فريق من الباحثين بجامعة كامبريدج البريطانية النقاب عن آلية مدهشة يستطيع الجنين من خلالها التحكم في طبيعة المغذيات التي يحصل عليها من الأم أثناء فترة الحمل اعتمادا على جين معين ينتقل إليه عن طريق الأب.
وفي إطار الدراسة، التي نشرتها الدورية العلمية "أيض الخلية" (Cell Metabolism) المتخصصة في أبحاث الأيض الخلوي التي تتعلق بعملية تحويل الغذاء إلى طاقة داخل جسم الإنسان، وجد الباحثون أن الأجنة تستخدم هذا الجين للتأثير في جسم الأم من أجل الحصول على مزيد من المغذيات خلال أشهر الحمل.
ويوضح الباحثون أن هذه الآلية، التي تشبه التحكم عن بعد بـ"الريموت كونترول"، تعمل عن طريق إشارات هرمونية تنتقل من الجنين إلى الأم عبر المشيمة من أجل تغيير عملية الأيض لدى الأم وتوفير أفضل فرص النمو بالنسبة للجنين.
ويرى الفريق البحثي أن هذه الآلية التي يصفونها بأنها "معركة من أجل الغذاء" تتم وفق توازن دقيق، نظرا لأنها تنطوي على أهمية بالغة ليس فقط من أجل نمو الجنين، بل أيضا لسلامة الأم وصحتها الإنجابية في المستقبل.
ويؤكد الباحثون أنه في إطار هذه المعركة، يحاول الجنين التحكم بالريموت كونترول في عملية الأيض لدى الأم من أجل الحصول على أقصى استفادة، في الوقت الذي يحاول فيه جسم الأم إحداث نوع من التوازن بين احتياجاته من ناحية، وبين تلبية متطلبات النمو لدى الجنين من ناحية أخرى، ولذلك من الضروري أن تحصل الأم أثناء الحمل على كميات كافية من الغلوكوز والدهون لتلبية احتياجاتها للطاقة والحفاظ على استدامة الحمل ثم الرضاعة لاحقا، مع تعزيز فرصها في الإنجاب مرة أخرى في المستقبل.
إعلانويوضح الباحثون أن المشيمة، وهو عضو يتكون داخل الرحم ويربط بين الأم والجنين طوال فترة الحمل، ويحصل الجنين من خلاله على الغذاء والأكسجين اللازم للبقاء على قيد الحياة والنمو، تلعب دورا رئيسيا في هذه العملية البيولوجية، حيث تفرز هرمونات معينة للتواصل مع جسم الأم من أجل إعطاء الأولوية لنمو الجنين.
إشارات للأموتقول الباحثة أماندا بيري -اختصاصية علوم الأجنة وزميل كلية سانت جون التابعة لجامعة كامبريدج ومِن المشاركين في الدراسة- إن هذا البحث هو "أول دليل مباشر يثبت أن الجين الذي يحصل عليه الجنين من الأب يعطي إشارات للأم من أجل الحصول على المغذيات التي يحتاجها".
ويضيف ميجيل كونستانسيا -أستاذ علوم الأيض الغذائي من معهد "ويلكام إم آر سي" البحثي التابع لجامعة كامبريدج في تصريحات للموقع الإلكتروني "سايتيك ديلي" المتخصص في الأبحاث العلمية- أن "منظومة التحكم بالريموت كونترول لدى الجنين تعمل عن طريق الجينات، ويمكن تشغيلها أو تعطيلها حسب الجينات التي يحصل عليها الجنين من الأب والأم على حد سواء عن طريق ما يعرف باسم التطبع الجيني".
ويقول الباحث كونستانسيا إن "الجينات التي يحصل عليها الجنين من الأب تتسم بالطمع والأنانية وتسعى للتلاعب في الموارد الغذائية بجسم الأم لصالح الجنين، حتى ينمو ويكون في أفضل وضع. ورغم أن الحمل هو عملية تعاونية إلى حد كبير، فإن هناك ساحة كبيرة للصراع بين الأم والجنين، وتلعب المشيمة والجينات المنسوخة دورا رئيسيا في هذا الصراع".
وتبين للباحثين أن الجينات، التي يحصل عليها الجنين من الأب، تهدف إلى تعزيز النمو، في حين أن الجينات التي يحصل عليها من الأم تسعى إلى الحد من نمو الجنين وعدم استنزاف جسم الأم.
وأعربت الباحثة أماندا بيري في تصريحات لموقع "سايتيك ديلي" عن اعتقادها أن "الجينات التي يحصل عليها الجنين من الأم، وتقلل عملية النمو، هي طريقة الأم من أجل البقاء، بحيث لا يستولي الجنين على جميع المغذيات ويصبح كبير الحجم مما يؤثر في عملية الولادة نفسها، كما تعطي هذه الآلية الأم الفرصة للحفاظ على صحتها والإنجاب مرات أخرى في المستقبل".
إعلانوفي إطار التجربة، أوقف الباحثون عمل أحد الجينات المهمة التي تنتقل إلى الجنين من الأب، ويحمل اسم "آي جي إف 2" (Igf2)، وهو الجين الذي يعطي الإشارات لجسم الأم من أجل إنتاج البروتين، ويلعب دورا رئيسيا في نمو أنسجة الجنين بما في ذلك المشيمة والكبد والمخ.
تعطيل الجينويقول خورخي لوبيز تيلو -الباحث بقسم علوم وظائف الأعضاء وعلم الأعصاب بجامعة كامبريدج وأحد المشاركين في الدراسة- إنه "إذا ما تم تعطيل عمل هذا الجين، فإن جسم الأم لا ينتج كمية كافية من الغلوكوز والدهون في الدورة الدموية، وبالتالي لا يحصل الجنين على المغذيات الكافية ولا يستطيع النمو بشكل سليم".
ووجد الباحثون أيضا أن حذف جين "آي جي إف 2" (Igf2) من خلايا المشيمة يؤثر على إنتاج هرمونات أخرى تنظم إفراز الإنسولين في البنكرياس، ويؤثر أيضا على استجابة الكبد والأنسجة المسؤولة عن عملية الأيض. وتقول أماندا بيري "لقد وجدنا أن الجين "آي جي إف 2″ يتحكم في الهرمون المسؤول عن تقليل الحساسية تجاه الإنسولين في جسم الأم أثناء فترة الحمل، أي أن أنسجة الأم لا تستطيع امتصاص الغلوكوز، مما يزيد من كمية المغذيات المتاحة للجنين في الدورة الدموية للأم".
وأشارت أماندا بيري إلى أن الأجنة الذين يعانون من خلل في الجين المذكور قد يعانون من نمو مفرط أو قصور في عملية النمو داخل الرحم، ولكن الباحثين لم يستطيعوا حتى الآن تحديد الجزء المسؤول داخل الجين عن توجيه الإشارات من أجل زيادة المغذيات التي يحصل عليها الجنين من جسم أمه".
وأكدت أن هذه الدراسة "تسلط الضوء على أهمية ضبط عملية تحويل المغذيات من الأم إلى الجنين خلال فترة الحمل من أجل الحفاظ على صحة المولود في المستقبل، فضلا عن الدور الرئيسي الذي تلعبه المشيمة في هذه العملية".