لبنان إلى مرحلة خطرة بعد أسابيع؟
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
كتب طارق ترشيشي في "الجمهورية": يقول سياسي مطلع على الموقف الأميركي أن ليس هناك من ارتباط سياسي أو عسكري بين لبنان وغزة، وأنّ الحرب التدميرية التي تشنّها اسرائيل على قطاع غزة لا تمنعها من شنّ حرب انطلاقاً من الحدود اللبنانية الجنوبية.
على انّ السياسي نفسه المطلّع على الموقف الاميركي، يكشف أنّ ما لا يُقال، أو ما يُبحث تحت الطاولة، هو أنّ عدم السماح لـ«حزب الله» بالانتشار العسكري جنوب نهر الليطاني، انما يعني في المقابل اعترافاً بدوره ونفوذه في شمال الليطاني، أي أن ليس هناك من هدف أو محاولة لاجتثاثه مثلما حاولت اسرائيل ان تفعله ضدّه في حرب 2006.
ويقول السياسي المطلع على الموقف الاميركي في هذا السياق، إنّ الإسرائيليين الذين يتجاهلون خروقاتهم للقرار 1701 لا يتحدثون عن السلاح البعيد المدى والصواريخ الدقيقة والمسيّرات التي يمتلكها «حزب الله»، ويرون انّه في حال قبل بتنفيذ هذا القرار فإنّ احداً لن يعترض على وجوده ونفوذه اينما كان في لبنان وحتى خارج لبنان. لكن السياسي نفسه يلاحظ انّ الحزب «غير مقتنع حتى الآن بجدّية التهديد الإسرائيلي بالحرب عليه وعلى لبنان، فهذا التهديد كان خمسة موفدين نقلوه، وكان آخرهم وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، التي نقلت الى المسؤولين اللبنانيين الذين التقتهم «تهديداً إسرائيلياً صريحاً» بشن الحرب. ولكن الحزب يعتقد أنّ هذا التهديد هو من باب التهويل ولأسباب داخلية في إسرائيل، وهنا مكمن الخطر»، في رأي هذا السياسي، الذي يضيف «أنّ مكمن الخطر هذا هو أن يخطئ أي طرف التقدير لتكون النتيجة كارثية. إلاّ انّ أحد أسباب عدم شن إسرائيل الحرب على لبنان حتى الآن هو الموقف الأميركي الرافض لها، ولكن عند هدوء الحرب في غزة وانتقالها إلى مرحلة جديدة تتمثل بتمشيط المواقع الفلسطينية المحاصرة بالتزامن مع إدخال إمدادات إنسانية إلى غزة، وكذلك مع دخول الادارة الأميركية في معركة انتخابات الرئاسية، فإنّ لا شيء يمكن ان يمنع اسرائيل من شن هذه الحرب، لأنّ قدرة واشنطن على منعها ستكون ضعيفة، وعلى عكس ما يمكن أن يعتقد «حزب الله»، فأنّ هذه الحرب إن شُنّت عليه قد لا يجد تعاطفاً وتضامناً خارجياً معه بالحجم الذي يلقاه الفلسطينيون الآن في ضوء حرب غزة، بل على العكس، فإنّ الضغط الديبلوماسي والشعبي في أوروبا ومجمل الغرب سيكون لمصلحة إسرائيل وبنسبة أقل بكثير من غزة.
ويخلص السياسي المطلع على الموقف الاميركي من سرد مجمل هذه المعطيات، ليعود إلى الحديث عن الاستحقاق الرئاسي من زاوية التمديد سنة لقائد الجيش العماد جوزف عون وتداعياته على هذا الاستحقاق، فيتوقع في لحظةً ما أن يبادر رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بعد طول رفض وعدم قبول، الى تأييد ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، هادفاً الى إفقاد التمديد لقائد الجيش «محتواه الرئاسي»، وذلك لإدراكه انّ وصول فرنجية الى رئاسة الجمهورية لا يشكّل تهديداً لمصالحه السياسية والرئاسية الراهنة والمستقبلية، وانّ الخطر الفعلي على هذه المصالح يكمن بوصول قائد الجيش الى قصر بعبدا «كونه يستند إلى أرضية واسعة مسيحية وغير مسيحية»، حسب السياسي ايّاه، الذي يخلص إلى القول إنّ التمديد لقائد الجيش «يشكّل العامل الأساسي لدعم وصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: على الموقف
إقرأ أيضاً:
التمديد الثاني لقائد الجيش حتمّيٌ
يوم توافق رئيس مجلس النواب نبيه بري مع نواب "الجمهورية القوية" على التمديد للقادة الأمنيين وتمّ تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزاف عون لمدة سنة لم يكن أحدٌ يتصوّر أن لبنان سيتورط في حرب غير الحروب السابقة. ولم يكن أي من المسؤولين، وبالأخص في قيادة "حزب الله"، يتوقع أن تتمادى إسرائيل في عدوانها الوحشي بهذا الشكل غير المسبوق، إذ لا يمرّ يوم إلاّ ويسقط عشرات الشهداء من أهل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق أخرى يلجأ إليها النازحون كبلدة علمات في منطقة جبيل مثلًا. ولم يكن أحد يتخيّل أن تطول هذه الحرب، وهي تقترب إلى أن تطوي يومها الخمسين من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر حلّ ممكن ومتاح بغير الشروط الإسرائيلية، التي يتم تسريبها من حين إلى حين، والتي لم يتبلغها لبنان رسميًا لكي يبنى على الشيء مقتضاه، مع العلم أنه لا يمكن القبول بها مهما اشتدّت الضغوطات، ومهما كابر جميع المتورطين في هذه الحرب، التي تزداد كلفتها الباهظة يومًا بعد يوم.
ويعتقد المراقبون أن الحرب، وإن بدت من دون أفق محدّد، ستنتهي في يوم من الأيام. فلا إسرائيل قادرة على الاستمرار في مقارعة المجتمع الدولي والامعان في تحدّيه، ولا "حزب الله" قادر على التعايش مع هذا الواقع التدميري والتهجيري على رغم كل الكلام الذي يصدر عن مسؤوليه، والذي يصبّ في خانة رفع المعنويات. وبانتهاء هذه الحرب، عاجلًا أم آجلًا، على أساس القرار 1701، سواء أكان معدلًا أو بصيغته القديمة، فإن مسؤولية الأمن في جنوب الليطاني سيتولاها الجيش بالتنسيق والتعاون مع قوات "اليونيفيل، بعد أن يتم رفده بالمزيد من العناصر ومدّه بما يحتاج إليه من معدّات وآليات تمكّنه من فرض الأمن في هذه المنطقة، التي ستشهد حتمًا عودة أهاليها إليها على رغم أن معظم منازل "قرى الحافة" قد انهارت بفعل ما تعرّضت له من قصف تدميري هائل.
ولكي يستطيع الجيش أن يفرض سلطة الدولة وحدها دون سواها على تلك المنطقة يحتاج إلى أمرين يكمّل أحدهما الآخر بما يتناسب مع دقة المرحلة، التي تمرّ بها البلاد، وهي من أخطر المراحل في تاريخها. الأمر الأول هو أن يُعطى الجيش صلاحيات استثنائية لممارسة دوره على أكمل وجه. وهذه الصلاحيات لا يمكن أن تُعطى إن لم يسبقها توافق سياسي يقرّ بأن تُطلق يد الجيش الوطني لإعادة الأمن والاستقرار إلى هذا الجزء الجريح من الوطن، والذي لا يزال ينزف.
ولكي يستطيع الجيش القيام بما هو مطلوب منه وبما يُنتظر منه من مهام أساسية في بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وبالأخصّ في المنطقة الجنوبية، التي تحتاج أكثر من أي منطقة أخرى إلى من وما يساعدها لاستعادة أمنها وراحة أهلها، لا بدّ من أن تكون قيادته متعافية، من حيث الشكل، إذ لا يعقل أن توكل إلى هذه المؤسسة الوطنية كل تلك المهام الكبيرة من دون أن تكون قيادتها مكتملة المواصفات من حيث تراتبية المسؤولية الإدارية. وهذه المسؤولية تحتمّ على جميع القوى السياسية التوافق على التمديد الحتمي لقائد الجيش، لأن لا بديل متاحًا أمامها سوى هذا الخيار في ضوء استحالة تعيين قائد جديد بالأصالة، ولأن البدائل الأخرى لم ينجح تسويقها قبل سنة من الآن فكم بالحري اليوم.
لذلك فإن التمديد للعماد عون هو الخيار الوحيد المتاح والممكن في هذه الظروف الصعبة حتى ولو لم يستطع مجلس النواب أن يلتئم لألف سبب وسبب فإن آلية التمديد لرؤساء اللجان النيابية قد تنطبق على أي قرار آخر، وبالأخص على مسألة التمديد بكل مندرجاته القانونية والدستورية.
فما يصحّ هناك يصحّ هنا. وما كان جائزًا بالأمس هو أكثر الحاحًا اليوم. المصدر: خاص "لبنان 24"