الخلافات تنسف قانون استقلالية القضاء والحكومة طلبت سحبه لإعادة درسه بدقّة
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
دخل قانون استقلالية السلطة القضائية في لبنان في مرحلة جمود ومراوحة جرّاء الخلافات السياسية المستفحلة حوله ما استدعى مسارعة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى سحبه من المجلس النيابي، بعد أن كان مطروحاً على جدول أعمال الجلسة التشريعية الأخيرة، لإعادة درسه بدقّة وليكون لوزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى رأي مؤثر فيه.
وكتب يوسف دياب في" الشرق الاوسط": وأوضح سياسي بارز مطلع على المداولات المتعلّقة بهذا القانون، أن «سحبه من قبل رئيس الحكومة مجدداً، سببه أن وزارة العدل ومجلس القضاء لم يطلعا على صيغته النهائية».
وكشف لـ«الشرق الأوسط» أن «البعض يريد إقرار هذا القانون بطريقة بـ(التهريب)، خصوصاً أن هناك معلومات تفيد بأن القانون أحيل على الهيئة العامة حتى من دون إطلاع لجنة الإدارة والعدل على تفاصيله». وقال: «النص واضح، إذ إن المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي، تشدد على أن أي تشريع يخصّ القضاء يجب إشراك مجلس القضاء الأعلى بمناقشته».
وتضاربت آراء القوى السياسية حول الصيغة المثالية لقانون استقلالية القضاء، وتفاوتت بين من يريد انتخاب مجلس القضاء الأعلى بأعضائه العشرة من قبل القضاة كافة، ومن يقترح انتخاب تسعة أعضاء على أن يعيّن رئيس مجلس القضاء وحده من قبل الحكومة. ولمح المصدر إلى أنه «نتيجة هذه التجاذبات طالب رئيس مجلس النواب نبيه برّي بأن يكون المدعي العام المالي (شيعي) عضواً حكمياً في مجلس القضاء، أسوة بالثلاثة الحكميين رئيس مجلس القضاء (ماروني) النائب العام التمييزي ورئيس التفتيش القضائي (سنة)». وعمّا إذا كان بالإمكان الاتفاق على صيغة محددة تنقذ القانون من التجاذبات السياسية، ردّ المصدر قائلاً: «العوض بسلامتكم».
وأشار وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري، إلى أنه سبق له «وقدّم ملاحظاته على اقتراح القانون بالاشتراك مع مجلس القضاء الأعلى، وبعد نقاش مستفيض مع الاتحاد الأوروبي». وقال الخوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «تفاجأت بأن لجنة الإدارة والعدل أحالت الاقتراح على الهيئة العامة للمجلس النيابي من دون تضمينه ملاحظاتنا، ومن دون أن يسمح لنا بالدفاع عن موقفنا». وأضاف وزير العدل: «بصراحة أنا لم أطلب سحب الاقتراح من الهيئة العامة في الجلسة الأخيرة، لأننا كفريق سياسي (التيار الوطني الحر) نقاطع جلسات التشريع، لكن رئيس الحكومة استردّه مجدداً، لكونه يتضمن تعديلات تتعارض مع الملاحظات التي وضعتها مع مجلس القضاء الأعلى والتي نصرّ عليها».
ويتضمّن مشروع استقلالية القضاء، تمكين القضاة من انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى العشرة بمن فيهم رئيس مجلس القضاء، ما يجعل السلطة القضائية بعيدة عن تأثير السلطة السياسية في التعيينات والمناقلات. إلّا أن وزير العدل لفت إلى أن ملاحظاته «ارتأت انتخاب أربعة أعضاء، بالإضافة إلى الثلاثة الحكميين (رئيس مجلس القضاء الأعلى والنائب العام التمييزي ورئيس هيئة التفتيش القضائي، الذين يعيّنهم مجلس الوزراء)، ثم يقوم الأعضاء السبعة بترشيح أسماء ستّة قضاة ممن يتمتعون بالكفاءة والخبرة، فيقوم مجلس الوزراء باختيار ثلاثة منهم يعينون بمرسوم». وشدد الوزير هنري الخوري على أن «اختيار مجلس القضاء بهذه الطريقة يجعل منه مجلساً مثالياً، وتصبح لديه الحريّة الأوسع في إجراء تشكيلات قضائية مثاليّة، وأكثر بعداً عن التأثير السياسي».
ويضع «نادي قضاة لبنان» نفسه في قلب معركة استقلالية القضاء، ومنذ نشأته قدّم هذا المطلب على كلّ المكاسب المادية والمعنوية الأخرى، ورأى أحد أعضاء النادي، أن «الصراع القائم على القانون يقدّم الدليل القاطع على أن السلطة السياسية لن تعترف بالقضاء بوصفه سلطة مستقلّة، بل تريد إبقاءه كياناً طيّعاً للتحكّم به». وإذ أثنى على إعادة سحب القانون من البرلمان لإدخال تعديلات جوهرية عليه، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «أهل السلطة يرفضون منذ سنوات كلّ الصيغ المطروحة التي تحرر القضاء من القيود السياسية، بدليل أنهم رفضوا الملاحظات التي وضعتها لجنة قانونية متخصصة في الاتحاد الأوروبي». وقال عضو نادي القضاة: «سنبقى متمسكين بانتخاب مجلس القضاء بالكامل، وأن تتمتع السلطة القضائية باستقلالية مالية ومعنوية، وألا تبقى التشكيلات القضائية أسيرة مرسوم يوقعه وزراء العدل والدفاع والمال ورئيسا الحكومة والجمهورية».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: مجلس القضاء الأعلى استقلالیة القضاء رئیس مجلس القضاء على أن
إقرأ أيضاً:
البحوث الإسلامية: القضاء العادل والفكر الوسطي أساس استقرار المجتمع
شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد الجندي في الاحتفال السنوي لنادي قضاة البحيرة نيابة عن فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب - شيخ الأزهر، بحضور رئيس نادي القضاة ورئيس نادي قضاة مصر، ورئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، ومساعدوا وزير العدل، ونائب محافظ البحيرة، وبعض رؤساء الجامعات، والقيادات التنفيذية بالمحافظة وكل قضاة البحيرة.
وفي بداية كلمته وجَّه الأمين العام تحية فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب - شيخ الأزهر لقضاة مصر ودعوته لهم بالتوفيق والسداد في أداء واجبهم الوطني لإقامة العدالة في المجتمع، قائلًا: إن قضاة مصر رواسي شامخات وهم ميزان العدل وهذا الجمع الكريم المبارك الذي يجمع بين أهل القانون والقضاء وأهل الفكر والبحث والعلم، يعكس تكامل المؤسسات في خدمة وطننا الحبيب، ولذا أقول بأن مؤسسة القضاء تمثل ركنًا ركينًا في تحقيق العدل وإقامة الحق، وهذا ما أكدت عليه شريعتنا الإسلامية التي جعلت العدل أساس الحكم، وأمرت بإقامته بين الناس جميعًا دون تفريق أو تحيز، فأتى التوجيه الإلهي بقوله سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ).
أضاف الأمين العام أنه في هذا الإطار يأتي دور الأزهر الشريف التاريخي بقيادة فضيلة الإمام الأكبر لدعم قيم العدل ونشر الفكر الوسطي المستنير وإقرار القيم الإنسانية وترسيخ معاني التراحم والتسامح بين الناس جميعا، عبر منهجية منضبطة، ومواجهة حاسمة للفكر المتطرف، وتعزيز ثقافة التسامح والتعايش السلمي، فالقضاء العادل والفكر الوسطي جناحان لاستقرار المجتمع وأمنه.
وأوضح الجندي أن لقاءنا اليوم يمثل نموذجًا لما ينبغي أن يكون عليه التعاون بين المؤسسات المختلفة، فالقضاة يحملون أمانة عظيمة في تحقيق العدل، ونحن في الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية نعمل على بيان المنهج القويم الذي يحفظ للمجتمع تماسكه وقيمه، ويدعم مسيرة الإصلاح والتنمية، سائلاً المولى عز وجل أن يوفقنا جميعًا لخدمة ديننا ووطننا، وأن يحفظ مصرنا الغالية من كل مكروه وسوء.