عربي21:
2024-10-06@10:08:40 GMT

من سيفاجأ لو قطعت العلاقات الجزائرية الإماراتية؟

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

المقصود بالطبع هنا هو العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، التي تؤكد الكثير من المؤشرات أنها في أدنى درجاتها، بعد التدهور الكبير الذي وصلته، كما عبرت عنه الصحافة الجزائرية في أكثر من مناسبة، وتعليقات الكثير من المسؤولين الجزائريين، بقيت لحد الساعة ضمن دوائر مغلقة. رغم أن العلاقات الرسمية والشعبية كانت دائما في أحسن أحوالها، شكليا على الأقل، منذ استقلال دولة الإمارات، التي ربط رئيسها الشيخ زايد علاقات متميزة مع الرئيس بومدين في فترة السبعينيات، كما كان الحال مع الملك السعودي فيصل، الذي قربته مواقفه العربية والدولية من الجزائر، لتعرف العلاقات بين دولة الإمارات والجزائر تدهورا في المدة الأخيرة، وصلت إلى حد كيل الصحافة الجزائرية اتهامات خطيرة لهذا البلد، عما قيل إنه تجنيد جواسيس لضرب استقرار الجزائر، كما أكدته زعيمة حزب العمال الجزائري، بعد استقبالها من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.



العلاقات بين البلدين بقيت من دون عمق شعبي، رغم بعض النشاط السياحي، من قبل الجزائريين – وليس الإماراتيين كما كان يفترض – في علاقاتهم بإمارة دبي تحديدا، التي استقطبت جزءا من رجال أعمال جزائريين، حديثي النعمة، من النوع الذي ظهر خلال فترة حكم الرئيس بوتفليقة، الذي زاد فيه منسوب الفساد بشكل كبير، تحولت على أثره دولة الإمارات إلى ملجأ آمن للأموال الجزائرية المنهوبة، لتصبح قبلة مقصودة للأوليغارشية الجزائرية، التي وجدت ما كانت تصبو إليه من تسهيلات مالية غير شفافة، ونمط حياة يومية استهلاكية لم تجدها في الجزائر.

في حين بقيت العلاقات من قبل الطرف الإماراتي محصورة في رجال أعمال -جزء كبير منهم لبناني وغير إماراتي عموما – بعد الاستثمارات الشحيحة المنجزة على أرض الواقع، انتظرها بوتفليقة طويلا، هو الذي عوّل على علاقاته الشخصية والعائلية مع أبناء زايد، الذين ربط معهم علاقات شخصية، حين كان مقيما في أبوظبي عندما كان مغضوبا عليه في الجزائر. استثمارات لم تكن لترضي بوتفليقة، الذي توفاه الله وهو غير راضٍ على الإماراتيين الذين خذلوه وهم يسوفون في المجيء للجزائر، ولا يستثمرون إلا النزر القليل في ميدان الخدمات، كانت في الغالب لصالحهم – موانئ دبي وبعض العقار والصناعات الميكانيكية الألمانية، احتكرها الجيش الجزائري. استثمارات كان قد عول عليها بوتفليقة عند وصوله للحكم كدليل على قوة علاقاته الدولية، التي جاء لوضعها تحت تصرف الجزائر كرئيس جمهورية.

استمرت الأحوال على ما هي عليه وربما أكثر خلال فترة الاضطراب الذي عاشها النظام السياسي الجزائري، أثناء حكم قائد الأركان السابق قايد صالح، الذي انتشر الكثير من الشائعات، في حينها عن علاقات متميزة يكون قد نسجها هو وبعض رجاله المقربين مع الإماراتيين، على خلفية صفقات مالية تكون مرتبطة، حسب هذه القراءة بشراء الأسلحة، التي تميزت الإمارات بتنظيم الكثير من معارضها الدولية، ما أثار الكثير من المواقف المعارضة، التي تم التعبير عنها داخل مسيرات الحراك الشعبي، الذي وجه سهام نقده لدولة الإمارات ولدورها في الجزائر خلال هذه الفترة الحساسة، التي بدت فيها في حالة ضعف وقابلة للاختراق، كما حاولت ان تنجزه السفارة الإماراتية مع بعض الأوساط الإعلامية والجامعية المعربة، اعتمادا على الإعلام الإماراتي الحاضر بقوة، عكس الإعلام الجزائري، الذي لم ينجح حتى الآن في إنجاز أي حضور دولي أو عربي، رغم الإمكانيات البشرية القابلة للتجنيد، لو وجد وضوح الرؤية لدى صاحب القرار السياسي والدبلوماسي.

عدم نجاح الاختراق الإماراتي للنظام السياسي الجزائري، بعد وفاة قايد صالح المفاجئ، هو الذي دفع الإمارات لتعود بقوة إلى علاقتها القديمة مع المغرب، حيث ترتبط النخب السياسية الحاكمة في البلدين بعلاقات شخصية وعائلية وطيدة، بدأت منذ مرحلة دراسة أبناء زايد في المغرب مع جيل الملك محمد السادس، في فترة حكم الملك الحسن الثاني في المدرسة المولوية. زيادة بالطبع على الخيارات السياسية الوطنية والدولية القريبة، التي وطدها المناخ الدولي الجديد، بعد الإعلان عن اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، على خلفية أزمة الصحراء، التي اتخذت فيها الإمارات مواقف مؤيدة للمغرب، بشكل لا لبس فيه، كما أشار إلى ذلك فتح قنصلية في الداخلة، التي سكتت الجزائر عنه رسميا ولم يتحدث عنه إعلامها. الإمارات التي تتميز سياستها الخارجية بتنمر واضح في الملفات التي تهم الجزائر مباشرة، كما هو الحال في دول الساحل وليبيا وتونس لاحقا، زيادة على القضية الفلسطينية بالطبع، التي يتخذ فيها البلدان مواقف في غاية التعارض.

في وقت لم تعد فيه الجزائر لاحتلال مكانتها التي كانت تحتلها على المستوى الدولي، بعد موجة الاضطراب التي عاشتها خلال التسعينيات، والضعف الذي اعترى القوى الدولية الداعمة لها، وشلّ دبلوماسيتها والهوان الذي عاشته في ملف الدخول إلى البريكس. الإمارات التي تكون بعد هذا التقارب مع المغرب قد حلت الإشكال الأساسي الذي كان يعاني منه هذا البلد المتمثل في الموارد المالية، التي يمكن بواسطتها منافسة الجزائر عسكريا، ورصد الدعم الخليجي له في ملف الصحراء، الذي لم تنجح الجزائر في تسويقه عربيا، ما جعلها تلجأ إلى الفضاء الافريقي الذي تملك فيه أوراقا أحسن، تحاول الإمارات اللعب داخله لصالح المغرب كذلك، إذا صدقنا الصحافة الجزائرية، التي تكلمت عن حضور أوروبي ـ استثمارات مالية – لهذه الدولة الخليجية، تحاول أن تجنده لصالح المغرب في ملف الصحراء، المهم جدا بالنسبة للجزائر. ما جعل الجزائريين يخرجون بانطباع غاية في السوء، وهم يعاينون هذا التحرش الإماراتي بهم على صعيد أكثر من ملف، في غياب شبه كلي للعلاقات بين البلدين منذ مدة، بما فيها الشخصي، بين المسؤولين، كان يمكن ان تضع الملفات على الطاولة لإيجاد نقاط التقاء، قبل استفحال الأمور ووصولها الى نقطة القطيعة، كما تشير إلى ذلك بعض المعلومات الإعلامية المسربة التي تتكلم عن تخفيض في التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى حده الأدنى. قد يكون التمهيد العملي للخطوة المقبلة التي لن تفاجئ أحدا، إذا تم الإعلان عنها، لتبقى العلاقات بين البلدين في حالة جمود كأحسن الفرضيات الممكنة.

(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العلاقات الجزائرية الإمارات الجزائر علاقات الإمارات سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بین البلدین الکثیر من

إقرأ أيضاً:

كاتب صحفي: الاستثمارات الإماراتية في مصر تؤكد الثقة المتبادلة بين الدولتين

قال الكاتب الصحفي أكرم القصاص، إن محمد بن زايد آل نهيان زيارة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، أمس لمصر، محل اعتبار وتقدير، بعد أن زار العلمين الجديدة في يوليو الماضي.

وأضاف القصاص خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «صباح الخير يا مصر» المذاع على القناة الأولى والفضائية من تقديم الإعلاميين رجائي رمزي وجومانا ماهر، أن العلاقات المصرية الإماراتية قوية واستراتيجية وتظهر من خلال التعاون والتبادل في المجالات المختلفة.

نقل الاستثمارات إلى مصر من الخارج خطوة لتأكيد الثقة المتبادلة بين الدولتين

ولفت إلى أن زيارة وحضور بن زايد تأتي امتدادًا لعلاقات بدأت مع مؤسس الإمارات الشيخ زايد، متابعًا: «في فبراير الماضي كان هناك صفقة في رأس الحكمة واستثمارات إماراتية ضخمة ولذلك نقل الاستثمارات إلى مصر من الخارج خطوة لتأكيد الثقة المتبادلة بين مصر والإمارات».

العلاقات الثنائية تعتمد على الاستثمارات المتبادلة

وأشار إلى أن العلاقات الثنائية تعتمد على الشراكة والتعاون والأفكار بين الدولتين، فضلا عن أن هناك تنسيق بكل ما يتعلق بالقضايا الإقليمية أو الدولية، وكل ما يخص التحديات المختلفة مثل الحرب على غزة والسعي لوقف إطلاق النار، ومنع اتساع رقعة الحرب إلى إقليمية.

مقالات مشابهة

  • اللجنة الأولمبية الجزائرية تنهي الجدل بشأن إيقاف إيمان خليف مدى الحياة وتجريدها من جميع ألقابها
  • وزيرة الثقافة: إنجازات كبيرة في الصناعة السينماتوغرافية الجزائرية
  • "تريندز": الاستثمارات الإماراتية تنتشر في القطاعات الواعدة للاقتصاد المصري
  • عضو بـ«الشيوخ»: العلاقات المصرية الإماراتية نموذج يحتذى به في التعاون العربي
  • النائب حازم الجندي: العلاقات المصرية الإماراتية تطورت في عهد الرئيس السيسي
  • الأولمبية الجزائرية: الشائعات التي تطارد إيمان خليف لا أساس لها من الصحة
  • برلمانيون: العلاقات الإماراتية المصرية نموذج ريادي للشراكة الاستراتيجية
  • كاتب صحفي: الاستثمارات الإماراتية في مصر تؤكد الثقة المتبادلة بين الدولتين
  • اللجنة الأولمبية الجزائرية تحسم حقيقة إيقاف إيمان خليف
  • «القاهرة الإخبارية»: العلاقات المصرية الإماراتية ذات جذور راسخة واستثمارات واعدة